بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
قرآننا عزنا وشرفنا
ليس من شك أنّ خروج الحسين (عليه السلام) وثورته وقيامه لا يشبه خروج طلحة والزبير؛ لأنّه لم يرتبط بعهد بيعة ثمّ نقضه، ولا تشبه خروج وثورة الخوارج؛ لأنّه لا يكفّر المسلمين، ولا يبدئ أهل القبلة بقتال كما كان يصنعون، وإنّما الذي تبنّاه من نشاطات وأهداف هو الأمور التالية :
١ ـ العمل السرّي بين الأمّة لنشر الأحاديث الصحيحة التي عمل النظام الأموي على طمسها وإماتتها في المجتمع، وكان آخر نشاط في هذا الصدد هو المؤتمر السرّي الذي عقده في موسم الحجّ قبل موت معاوية بسنة، وسيأتي الحديث عنه.
٢ ـ كسر الطوق الاجتماعي والسياسي المفروض على الأحاديث النبويّة الصحيحة بالمبادرة إلى التحديث بها علناً من قبل الحسين (عليه السلام) بعد موت معاوية؛ لإسماع مَنْ لم يسمعها، وتذكير مَنْ كان قد سمعها ثمّ تناساها صاحبها خشية أن تناله أعظم العقوبة بسببها. وهذا الهدف يناسبه أن يمارسه الحسين (عليه السلام) في بقعة يتواجد فيها المسلمون من كلّ الأطراف ، وليس مثل مكة بلد في هذه الصفة ؛ إذ هي قبلة المسلمين جميعاً، ومهوى أفئدتهم في موسم العمرة والحج.
٣ ـ إفهام المسلمين جميعاً أنّ السلطة الأموية مصمّمة على قتله؛ لأنّه مصمّم على عدم الاستجابة لسياستها في كتمان الحقّ بل مصمّم على توعية الأمّة بأحاديث جدّه (صلى الله عليه وآله) فيه وفي أبيه (عليه السلام)، وفي بني أميّة وفي أحكام الإسلام التي غيّروها، ثمّ يعرض عليهم أن يحموه وتُحمى عملية التبليغ عن جدّه. وليس من شك أنّ أفضل مكان يستطيع الحسين (عليه السلام) فيه أن يلتقي بأخيار المسلمين من كلّ الأقطار هو مكّة، وبخاصة في موسم العمرة والحج.
٤ ـ أن تتوفّر له حماية أولية تسمح له أن يمارس في ظلّها حركته التبليغية المعلنة في مرحلتها الأولى ريثما يحصل على أنصار في بلد يتبنّى نصرته وحمايته. وقد تمثّلت هذه الحماية ببني هاشم ؛ [حيث هم للحسين (عليه السلام) في هذه المرحلة كما كان آباؤهم للنبي (صلى الله عليه وآله)من قبل].
٥ ـ أن يهاجر إلى بلد النصرة والحماية ؛ ليقوم بتوعية أهله بأحاديث النبي (صلى الله عليه وآله) الصحيحة وإقامة العدل فيهم، ثمّ جهاد السلطة الأموية وتطويق سياستها الضالّة الظالمة ومن ثمّ الإطاحة بها. وقد تمثّل هذا البلد بالكوفة، حيث وجد فيها أنصار للحسين (عليه السلام) قادرون على حمايته ويقاتلون دونه، كما وجد للنبي (صلى الله عليه وآله) من قبل أنصار في المدينة حموه وقاتلوا دونه.
٦ ـ باعتبار الأخبار الإلهية بواسطة النبي (صلى الله عليه وآله) أنّ الحسين (عليه السلام) سوف يستشهد في خروجه ذاك ، وهو أمر معروف عند الأمّة ، وقد أخبر به الحسين (عليه السلام) في مواطن عدّة ، فهو (عليه السلام) لا بدّ أن يُطلع خواص أصحابه على خطّته ، ويعهد إلى بعضهم بمواصلة تنفيذ ما بقي منها. وسيأتي الحديث عن هذا الجزء.
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين