كتب الباحث محمد رضا أسدي وهو أستاذ مساعد في حقل الفلسفة في جامعة العلامة الطباطبائي عن صدر المتألهين الشيرازي ونشر البحث في كتاب دراسات الاستراتيجية في العتبة العباسية المقدسة, وعنوان البحث مقارنة موضوع ومنهج وغاية الفلسفة بين نظرية صدر المتألهين ومارتن هايدغر، في هذه الضيافة نسلط الضوء على ملا صدرا وهو صدر الدين محمد بن إبراهيم القوامي الشيرازي الملقب بـ"صدر المتألهین" من أكابر الفلاسفة الإسلاميين وحكماء الشيعة، حيث جمع بين فرعي المعرفة النظري والعملي فينسب إليه نهج الجمع بين الفلسفة والعرفان والذي يسمى بمدرسة الحكمة المتعالية. ولد في مدينة شيراز جنوب غرب إيران عام 980 هـ، وهو أهم فيلسوف إسلامي بعد ابن سينا.
اشتهر باسم "ملا صدرا"، وحصل لاحقًا على لقب صدر المتألهین لنهجه في الفلسفة، الذي كان مهتمًا بالإلهيات وركز على الشواهد الباطنية العرفانیة.
من تلاميذ مير داماد وبهاء الدين العاملي، وتلميذه الشهير هو الفيض الكاشاني.
انتقل إلى أصفهان فحضر عند فقيه عصره الشيخ بهاء الدين العاملي المعروف بالشيخ البهائي ودرس العلوم النقلية ونال على أثرها درجة الاجتهاد، وكان سنده في العلوم العقلية، وحضر بعد ذلك مجالس السيد محمد باقر الحسيني الملقّب بـميرداماد وبقي عنده أعواماً عديدة، كما استفاد أيضاً من أبي القاسم الفندرسكي وهو من علماء الميتافيزيقيا والقياسات بأصفهان. وتُقارن حياة صدر الدين الشيرازي حكومة شاه عباس الصفوي (1629 م).
ينسب إليه نهج الجمع بين الفلسفة والعرفان والذي يسمى بالحكمة المتعالية. وكان طرح صدر الدين الشيرازي متطوراً جداً مما صعُب على معاصريه أن يقبلوه، فتلقى منهم صنوف المضايقات بسبب ذلك، فما كان منه إلا أن هجر القوم إلى القرى النائية منقطعاً إلى الرياضة الروحية حتى تجلّت له العلوم الباطنية، توفي سنة 1050 هـ في البصرة أثناء طريقه للحج.
وكان ملا صدرا شابا ذكيا تعلم جميع التعاليم المتعلقة بالأدب الفارسي والعربي وفن الخط إلی جانب التخصصات الأخرى کالفقه والشريعة الإسلامية والمنطق والفلسفة واكتسب بعضًا من هذه المجالات المعرفية ولكنه أثبت أنه أكثر ميلًا إلى الفلسفة وبالأخص التصوف.
صدر المتألهين هو من بين الفلاسفة الذين تحدثوا بشكل مختلف في عصر الفكر الفلسفي في العالم الإسلامي وطرحوا أسئلة جديدة. تعتبر أعماله أكثر من خمسين، وعلى أساس تيار فكري مستمد من كل منها، يمكن تصنيفها إلى مجموعتين رئيسيتين، واحدة من العلوم السردية، والأخرى من العلوم الفكرية.
ومن بين هؤلاء نذكر ما يلي: الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة، مفاتح الغيب، أسرار الآيات، شرح أصول الكافي (شرح لعمل الكليني أصول الكافي)، المشاعر (في علم الوجود)، عقاد النعيمين (في المعرفة النظرية والحقيقية وعلم التوحيد)، رسالة في الوريدات القلبية (سرد موجز للمشكلات الفلسفية المهمة، نوع من قائمة الإلهام الإلهي الذي كان له في حياته)، رسالة في الحشر (حول نظرية قيامة الحيوانات والأشياء في الآخرة) و ميزات وخصوصيات الفلسفة لصدر المتألهين آراء فلسفية سلسة وجميلة، ولديه اختصاصات فذة لا نظير لها، أي لا يوجد نظير للخصائص الفلسفية للملا صدرا بين الفلاسفة الإلهيين، وهي خصائص لم تجتمع في أي فلسفة أخرى.
المبدأ الأساسي لفلسفته هو أصالة الوجود.
أدت نظريته عن كيفية المعاد الجسماني إلى الجدل.
كتب ملا صدرا بعض الأعمال المتعلقة بتفسير القرآن وتفسير المبادئ الكافية بالإضافة إلى الأعمال الفلسفية، وكان مؤسس مدرسة الفلسفة المؤثرة المعروفة باسم الحكمة المتعالية التي هي ثالث مدرسة فلسفية رئيسية في الإسلام.
عرّف نظامه الفلسفي في كتاب "الحكمة المتعالیة في الأسفار العقليّة الأربعة" المعروف بالأسفار
هذا العمل هو أهم أعماله وأكثرها تأثيرًا.
شرح العديد من فلاسفة الشيعة اللاحقين فلسفته مثل ملا هادي السبزواري والعلامة الطباطبائي.
سار أكابر الفلاسفة بأجمعهم على طريقة الملا صدرا، إذ كانت فلسفة صدر المتألهين والحكمة المتعالية هي الخط الأساسي لهم جميعاً.
تتلمذ على يده كثيرون، من أبرزهم: الشيخ محمد محسن، المعروف بـالفيض الكاشاني, والشيخ عبد الرزاق اللاهيجي, والشيخ حسين بن إبراهيم التنكابني، غاية الفلسفة عنده هي الوصول للسعادة وإيصال النفس الإنسانية للكمال، وتشتمل الإنسانية على قوتين نظرية وعملية، فأن فلسفة الحكمة النظرية تتكفل بإيصال القوى العقلية والنظرية للإنسان للكمال لأما فلسفة الحكمة العملية والأخلاق تتكفل بإيصال القوى العملية للإنسان للكمال، تأملنا في مادة الحكمة المتعالية فوجدنا أن الأستاذ الباحث استطاع أن يبسط المادة ليعطيها طابع الشمولية وإلا فهي تحتاج إلى قراءة متخصصة ليس مكانها صدى الروضتين، يريد الفيلسوف الملا صدرا أن يصل بنا إلى أن أحكام الشريعة والدين الحقيقي لا
تتعارض مع التعاليم اليقينية والضرورية وهو يعتقد أن حقيقة الوجود هو الله تعالى، معرفة الله سبحانه تعالى ومراتب وجوده وصفاته وأفعاله تعتبر من أفضل العلوم الالهية عنده.
فهو يرى لمعرفة الحق تعالى أو حقيقة الوجود طريقين أولا يجب أن يقوما على البرهان العقلي وثانيا لا يمكن سلوك هذين الطريقين دون القيام بتهذيب النفس، لا بد من الاستفادة من الحس والتجربة والشهود والعقل، ملاحظة عالجها الباحث في الهامش ، معرفة الله والعلم بالمعاد ومعرفة الدين ليس من العلوم التي يمكن الحصول عليها دون تهذيب النفس لنأخذ ما يهمنا من الملاحظات الواردة في البحث مثل معرفة الله سبحانه هو الوصول للسعادة في الدنيا والآخرة، ويجب على الفلسفة ألا تتعارض مع الدين ، يجب أن تتناغم معه والميزان الحاسم في مسار المعرفة هو تهذيب النفس، يعرفنا الباحث بان الهاجس الرئيسي يتمثل في الوصول للكما، صدر المتألهين فيلسوفا عارفا ، يسعى للشهود العقلي للوصول إلى الحقيقة ويجهد نفسه للوصول إلى الشهود القلبي، وعنده الفلسفة تنقسم إلى نظرية وعملية والغاية الوصول إلى السعادة في الدنيا والآخرة