رينيه ديكارات في العتبة العباسية المقدسة
تراب علي
إصدار المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية في العتبة العباسية المقدسة
(دراسات نقدية في أعلام الغرب) مقاربات نقدية لنظام ديكارت الفلسفي.
قدم الدكتور محمد حسين كياني سيرة ذاتية لديكارت جاء فيها.
عالم رياضيات وفيلسوف فرنسي، درس في مدرسة دينية تسمى (اليسوعية)، قرأ الأدب والمنطق والأخلاق والرياضيات وما بعد الطبيعية، دعته ملكة السويد ليدرس الفلسفة في بلاطها، كان الجو لا يناسب صحته فأصيب بالتهاب رئوي أدى إلى وفاته.
يشير كتاب (الموت السري الغامض لرينيه ديكارت) للبرفسور (تيودور ايبيرت) أستاذ الفلسفة في أحدى الجامعات الألمانية ترجم عام 2011م تحت عنوان (لغز موت ديكارت) التقرير الطبي الذي كتبه الدكتور السويدي (فان ولين) عقب الحادث مباشرة يثبت أنه مات مسموما بحمض الزرنيخ) دس له من قبل كاهن كاثوليكي (فرنسوا فوغيية).
ودراسة الدكتور (إتيان جلسون) فيلسوف لاهوتي فرنسي من أبرز فلاسفة القرن التاسع عشر في أوربا، وقد ميز بنقده المعمق لفكر الحداثة وفلسفتها، ويرى أن ديكارت يؤمن بأن الله سبحانه هو الذي خلق العالم وخلق فيه الحركة.
ذكر الأستاذ محمد عبد الله موضوعا مهما عن أدلة ديكارت على وجود الله سبحانه، لديكارت مذهب فكري وعلمي دقيق وعميق أراد من خلاله إثبات وجود الله سبحانه يستند إلى العقل فقط أثبت أن النفس محل اليقين والصدق وما ينفع الناس من أفكار، الكثير يردد قاعدة ديكارت (أنا أفكر، إذا أنا موجود) ويفسر بأنه قيل لمجرد الشك وهو سطحي، هو أساسا كان ينطلق لبلوغ اليقين.
الشك هو شعور بالنقص الإنساني وليس تكاملا (الله سابق لذاتي) هو يرى أن الله متكامل لا متناهي، ويوضح (لوكنت خالق نفسي لما شككت في أمر، أو رغبت في أمر، الله الذي منحني كل وجودي يمتلك العظمة لنفسه، وهو علّة وجوده أيضاً؛ أي أنّه علّة ذاته
استخلص فكرة الله سبحانه من فكرة الله ذاتها، ديكارت تجاوز كل معرفة غير يقينية بالتأصيل لمنطلقات منهجية، منهج يؤطر العقل ويجعله يعمل بشكل فعال، وفي موضوع بعنوان الأدلة العقلانية على وجود الله عند ديكارت للأستاذة (فوزية حيوح) قراءة في منهج الشك عند ديكارت هدفه تحرير شك إرادي حر يهدف إلى هدم كل العقائد السابقة، يستعيد من خلاله العقل مكانته كأداة التفكير الحر والممنهج، ويرى الدكتور (كامل محمد عويضة) في كتابه (ديكارت) الشك مظهر من مظاهر النقص، والفكرة كيف يستطيع أن يكتشف الناقص نقصه دون معرفة الكمال المطلق، الكمال الناقص مهما أتسع هو محدود هذه الفكرة لم يصنعها في نفسه إلا موجود كامل الاقتناص
وهذا الوجود اللامتناهي هو الله سبحانه، ونجد أن الأستاذ صالح حسن زاده في موضوعه "رؤية ديكارت للإله" المنشور في مجلة الاستغراب العدد 24 أن الفلسفة واللاهوت كانت هي من مصادر رؤية ديكارت حول الله سبحانه، لقد سمحت يقينيته الرياضيات في مجموعة من التحولات العلمية لديكارت بتحقيق وبحث كل ما يرد على ذهنه بواسطة المنهج العلمي / الرياضي الخاص، هناك مجموعة تباينات في تفسير رؤية ديكارت إلى اللامتناهي، كل حسب رؤيته في تفسير الاتجاه الاستدلالي لأثبات الذات اللامتناهية، منهم من يرى أنه ينطلق من اللامتناهي الله سبحانه لاكتشاف الإنسان ومنهم من يرى أنه ينطلق من النفس الإنسانية الفردية لأثبات الذات الالهية، ديكارت في حقيقة الأمر يعمل على بيان الله من أجل الحصول على العلم اليقيني، ونبذ المعرفة الاحتمالية، بمعنى أنه يبدأ من التفكير ليصل إلى الله الموجود ليبحث في مفهوم الله سبحانه تعالى، فهو يرى أن الله سبحانه جوهر كامل ولا متناه ويتصف بجميع الكمالات
قرأت اعتراضات الفيلسوف النرويجي الملحد استاذ تاريخ الفلسفة في جامعة أوسلو في كتابة موجز تأريخ الفلسفة فكان اعتراضا عاجزا عن فهم الأمور،
أجمل ما أمن به ديكارت تجاوز أذهان لمعترضين فهو يرى أن التساؤلات ليس من اختصاص الإنسان لأن عقله عاجز، الإيمان من قاده إلى خلود الروح ووجود الله سبحانه، ويرى جورج برشيني وهو كاتب سوري علماني له عدة كتب مطبوعة في موضوعة (إثبات وجود الله عند ديكارت) عالم يبحث عن الله بحدس باحث وببصيرة داخلية إلى الإيمان، ويرى أيضا أن ديكارت يثبت وجود الله من خلال وجوده هو، قدم الكاتب المحامي إبراهيم أسامة العرب في موضوع أنا أفكر إذا أنا مؤمن، يقول الفيلسوف ديكارت في بحثه عن الأدلة والبراهين العقلية لإثبات وجود الله سبحانه أنا أفكر إذا أنا موجود، نحن لسنا بحاجة إلى أن ننتظر الموت حتى نرى حقيقة ما يجري حولنا، لكي نفكر أين كنا من قبل؟
وإلى أين نذهب؟ ومتى.؟ ولماذا عند المصائب والامراض الشديدة نستغيث بالله سبحانه لإنقاذنا؟ ولماذا عندما يحين أجلنا أو يقترب منا نبدأ بمحاسبة انفسنا؟، ولماذا عندما ينقطع رزقنا فإننا تلقائيا ندعو الله عزوجل؟،
كما أننا لسنا بحاجة لأن نكون أذكياء لننظر حولنا نرى حجم الكون، وكحصيلة لهذا الاستعراض
الفكري الشيق نرى أن لا عناء في نقض أقاويل الملحدين بشرط أن نذكر أن من الواجب علينا اعتبار أذهاننا أشياء متناهية ومحددة واعتبار الله سبحانه موجودا لا متناهيا ولا سبيل إلى الإحاطة.