جميع الذين كتبوا عن الإمام الصادق عليه السلام اتفقوا على أن المرحلة التي عاشها الإمام الصادق عليه السلام تعتبر من أصعب المراحل التاريخية في نواحيها السياسية والفكرية والاجتماعية، ونحن نمر على المعنى ونقرأ كتاب الآثار الفكرية لمدرسة الإمام جعفر الصادق عليه السلام، نجد أن هناك مفردة (مدرسة) والمدرسة تعني لنا في هذا المرور هي ليست نتفا عن السيرة أو جمع بعض المفردات الكلامية لتصور لنا معنى امتلاك الإمام عليه السلام للتعبير، كلمة مدرسة أجملت لنا القوة التأثيرية القادرة على التقويم السلوكي العام والتثقيف بنشر فكر الإسلام من أجل النهوض بالمجتمع، ومفردة مدرسة التنوع المعرفي العقائدي والسياسي يتحول ذلك الحوار إلى مدرسة تمنحنا الجو العام لمنطق الصراع في زمن الإمام جعفر الصادق عليه السلام بانه ليس صراع سلطة وقيادة بل المشكلة في المفاهيم، أي أن الأمة الإسلامية تداخلت مع الامم الاخرى، الفارسية، اليونانية، الرومانية، واتشرت حركات تغيرية، صارت المشكلة أكبر من قضية العبادة، وصار الأمر بحاجة إلى تأسيس مدرسة، دراسة (الاستاذ مسلم خليل سداوي) أعدت لتكشف عما أخفاه بعض المؤرخين، عن حراك الإمام الصادق عليه السلام في مشروعه ومدرسته الأخلاقية الشاملة، في زمن كاد الحكم الأموي يقضي على جميع المفاهيم الإسلامية لدعم كيان سياسي، ومن شؤون هذه المدرسة التصدي للأفكار التشككية، التي طرحت نفسها على الساحة وهذا المسار يعده الباحث سداوي مسار جديد لا يشبه مسار الإسلام في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، تعريفا لمنهجية البحث بين الوصفي والتحليلي واحيانا تجد المحيط الدلالي، هذا ما صرحت به المقدمة, لكننا نجد أن استخدام الوصف التحليلي يتزامن معل المنهج الاستقرائي من قراءة الأحداث قراءة استنباطية، ربط البحث منهجية مدرسة الإمام جعفر الصادق بالفكر في القرآن الكريم يدعوانه إلى إطلاق العقول والدعوة للتفكر والتدبر والتبصر والنظر والتذكر والتفقه، مدرسة الإمام الصادق عليه السلام دعت لتحرير الفكر من الجمود والركود والجهل، وكل مؤسس مدرسة يعمل على حصانة مدرسته من الثقافات الدخيلة، والمدرسة تحتاج لقراءة كل تجربة كي تتفادى مثل هذه الأفكار، تحصن المدرسة جمهورها بإعلان الحرب على الغلاة ومحاربة الكذابين وتنوع العلوم فقه / قرآن / حديث / طب / كيمياء / جامعة متعددة المعارف، وهذا التنوع ولد أثر مفارقات العصر التي أوجدت مشاكل عديدة أثقلت كاهل كل مسلم، اصطدمت بأمور محدثة، تصدى لها الإمام عليه السلام بالحوار والنقاش، نتحدث بالتفصيل
(أولا)، أن أصول الحضارة الفكرية وجذورها ترجع إلى مدرسة الإمام جعفر الصادق عليه السلام، تتسم بالشمولية وتنوع المعارف،
(ثانيا) إن دور الحوار الذي اتخذه الإمام عليه السلام، كان له الأثر الأكبر في بناء الوحدة الإسلامية، وكان إيمان وعلم والتزام الإمام عليه السلام بالحوار أساسا لا يصال المفهوم الإسلامي الصحيح،
(ثالثا) أن ميزة الإمام عليه السلام كان مديرا منظرا وهو القائد، قام بقيادة فعلية لمدرسة الثقافة، ومن منجزات هذه المدرسة، إعداد النخبة الصالحة، فبعد انبلاج جامعة الكوفة تخرج منها رجالات من خيرة المفكرين، وصفوة الفلاسفة وجهابذة العلماء،
(رابعا) ركزت مدرسة الإمام الصادق على رفض الظلم والطغيان لكونه ضروري للإصلاح المجتمع، فكانت حركة معارضة وهذه المعارضة ليست لأجل كرسي وسلطان، بينما الفكرة رفض الظلم، رفض إعانة الظالم، أي لم يمارس السلطة لكنه يمارس أسلوب البناء السياسي، فكان يأمر أتباعه بمقاطعة الحاكم والسلطة عند النزاعات،
(خامسا) ترسيخ مظلومية الحسين عليه السلام، ومفهوم الحركة الإصلاحية، الصادق عليه السلام بثورة ثقافية إصلاحية والحسين ثار من أجل الإصلاح، والحث على الاحتفاء بمظلومية الحسين عليه السلام، ناقش البحث قضايا مهمة مثل تخصص الإمام عليه السلام بالثورة العلمية ورفض الفرص الكثيرة التي أتاحت له الثورة، التحليل في هذه المسألة أخذنا الباحث إلى أمور كثيرة مثل رفض الإمام الصادق عليه السلام لثورة أبو سلمة الخلال وعدم نصرة بعض الانتفاضات الشيعية، يستنتج لنا البحث أن تلك العروض التي قدمت للإمام لم تكن واقعية ولا جدية، الخلال رجل سياسي غير موالي وغير مخلص وإنما كان احتياجه للإمام الصادق عليه هو تكتيك ومناورة سياسية يحصل من خلالها على تأييد الشيعة وبعد الثورة سيكون مع الشيعة حساب آخر، ومتابعة الأحداث ستبرز لنا تشخيص الإمام عليه السلام واضحا، وهو لا يعد أهل الثورات من رجاله وكل منهم يثور لنفسه وقد تكون سلطته اسوء من السلطة نفسها، يشخص وقت التحرك وساعة الصفر ـ الأمور لم تكن مهيأة للعمل العسكري لا ماديا ولا معنويا، والنتيجة التي أدت إلى هلاك الخلال والخرساني ولا يستبعد أن دس له من قادة الثورات الشكلية لتوريط الإمام عليه السلام في سياسة هو في غنى عنها، الاهتمام بمدرسته أولى، أهل تلك الثورات أصحاب مصالح وغايات دنيوية لا يمكن أن يتنازلوا عنها، وهناك نظرة مستقبلية تحرك الإمام سيحمله مسؤولية أي انحراف سياسي، زعماء الكيسانية وعبد الله بن معاوية دعوا لأنفسهم محمد ذي النفس الزكية قام بثورته مدعيا أنه صاحب الحق، ودعا الناس لنفسه، وهذا لا يعني أن الإمام كان يفضل الراحة والجلوس، كان يدعو للالتزام بالموازين الشرعية, وثورة الإمام الحسين عليه السلام ، كانت هي بداية الانطلاق لنشر الوعي الإسلامي، أجمل مزايا هذا البحث هو ترك مساحة لإعطاء الرأي عبر التشخيص الدقيق ، فكان للبحث بصمته وتوقيعه وهويته رغم تعدد المصادر والاعتماد على بعضها الباحث يرى أن الإمام الصادق عليه السلام هو الذي أعطى لنهضة الحسين عليه السلام بعدها التاريخي وعمقها المعنوي في نفوس المسلمين.