هل أسأل وتجيبين
أم أسكت وتتحدثين ؟
فأنا من عالم الذر أختنق..
وروحي بنار الخيام تحترق،..
ونظري ليوم الطفوف يخترق..
أريحيني..
تحدثي..
وشمري عن نفسك الألام والحسرات..
وانفضي عٌنِکِْ غبار حًقُبً آالٱهات.. انطقي.. بلسانك ألفصيح..
فانتِ بالأصل عربية القريحة..
ودمعتك على وجنتيك جرية....
تحدثي يا أيتها المغبوطة على مر الدهور..
لقد كنتِ على ظهر السقاء..
تتمايلين.
وبين جميع القرب تختالين..
فأين الخيلاء ذاك..
وأين آلَزهِوُ وُآلَأيـــــــّآمِــــــــ ثًــــــــلَكَ؟
بالكاد وجدتك بعد تٌلَکْ آلَسِنِيَنِ..
آشـــــــرحيَ مًآجّرى..
بعد رمي عينك بسهم الغدر ذلك..
تأوهت..
وندبت..
وتحشرجت ألف مرة قبل أن تبوح الكلمات..
ترقرقت من عين جرحها الشجون..
وأحسست من كلماتها ألم المتون..
بصوت الجراح نطقت:
يتلألأ الماء في جوفي وبين أنامله..
له طعم الإباء...
لون الوفاء..
عطر مداراة الأطفال والنساء...
وعذوبة كفالة الحوراء...
لم أتذوق في حياتي كلها، أعذب من ماء يديه...
تلامس شغاف قلبي حرارة قلبه....
وأنظر لعينيه... فأذوب عشقاً لجمال محياه.. وقوة زنديه..
من مثلي و يحملني قمر العشيرة على كتفيه..
نهر الفرات هناك ينظر ويتحسر...
لكنه بغصته يستعبر.. وأمواجه تلطم وجه بعضها..
وكأنه يعرف ماسيجري....
كم اغتال جرف الماء على الطرف الآخر..
اختارني.. ولم يخترك..
داسني بقدميه..
وصفحتي عكست صورته على وجهي..
كم تنورت أمواجي..
واهتزت وربت.. اسقطت قطراتها على كفيه تتوسل وتتسابق الى الوصول الى تشققات شفتيه....
لكنها....
لم تصل...
وقد خاب ظنها.
رماها على وجهها..
ونادى بالهيهات أن يطفئ لهيب قلبه..
وقلب أخيه وعياله يتلظى عطشاً...
فتح فوهتي..
وملئني حتى وصل الماء الى أخر انفاسي..
انطلق يحميني بين ذراعيه..
يضمني..
وكأنني كنز ثمين يريد إيصالي بأمان الى المخيم..
هناك ينتظرني كل الاطفال..
وعيونهم شاخصة تترقب القمر أن يطل عليها ..
ولكننا لم نصل..
سكتت القربة وساد الصمت..
ناديتها: تكلمي..
اها هنا تسكتين؟؟!
رمونا بسهام الغدر تلك..
يدافع عني يفديني بجسده..
بيديه بصدره..
الى أن اغتالني السهم ووقع في عيني..
فاضت دمعاتي الواحدة تلو الاخرى..
أُحاول إغماض جفني..
حتى لا ينسكب الماء..
لكنني أحسيت بقطرات نزلت على عيني دافئه..
لم تكن قطرات ماء..
بل قطرات دم..
دققت النظر..
واذا السهم نابت في عين القمر...
آه....
وا ويلاه...
هناك كادت روحي أن تخرج من فوهتي ومع القطرات...
زاد نزف الماء مني..
لا ادري حزناً على عينه؟
او على كفيه؟
أم على إنكسار قلبه؟
لم يستطع أن يفدي الماء بقربتي..
تحير واستعبر..
ونادى أخاه كي يحضر..
ولوداعه الأخير هذا، فؤادي في ذهول...
ألقلب الكفيل
أذوب وأتجمر؟!
أم لقلب سيد الشهداء أغتم وأُسَعَر؟!
وأنا بينهما لا إدري لمن أنظر..
للشمس أم القمر؟
أرى نكبة زلزلة زلزالها..
وفي كربلا أخرجت اثقالها..
أتركيني لأحزاني...
أنعى بدوراً ظلت على الرمضاء في البر..
وأبقى على مدى الدهور بغصتي
ألف وأقبر...