أيها الناس سأقوم بتولّي الحكم بعد وفاة أخي الذي تقدّمني لحكم دولتنا الفتية تلك الدولة التي لم نحصل عليها عفوا وإنما استولينا عليها قهرا، ومن أجل ذلك سأقتل كل من يعترض طريقي وحتى ولو اشتباهًا، سأخذ البريء بجريرة المذنب، وسأقتل على أقل تقدير بعض الألاف لايهمني عدد الأبرياء مادمت قائمًا على بناء دولتنا الفتية، وربما سيدخل أحدكم إلى قصر الحكم ويجدني أو يجد أخي (الوديع) قد افترش الدماء والجثث ووضع الخدم الخوان أمامه ليتغدى ويأكل بنهم وشهية على مرأى بعض القادة والضيوف الحاضرين فليس هناك مايزعجني أو يزعج الحاضرين أو يزعجكم أنتم.
وقد تجدونني غدرت بأقرب المقربين لي من ولد عمومتي أو من غيرهم الذين أوصلوني إلى ما أنا عليه الآن، أرجو إن لاتستغربوا ذلك فهذا جائز في قواميس الملك عقيم،
ومأمول منكم إن لاتعيروا أي اهتمام لسجوني وطاموراتي حتى وإن هدمت بعضها على رؤوس ساكنيها، فذبحهم على النطع يأخذ بعض وقتي الثمين وقد يشْحذ في قلوب محبيهم شيء من الحنق والحقد علينا ،
والمدارة في هذه الأمور من شيم أهل المكر الغدر،
ويقينًا أنكم لاتعترضون لو نال سيفي بعض رجالات دينكم بل تعذرونني لوساوس التآمر والثورة التي تعتمل في رأسي وتمنعني رقادي.
يا أحبائي سوف أعوضكم عن الملل الذي قد يُصيبكم أو يُصيب أجيالكم لما سوف ينقله لهم التأريخ عني،
سأبني مدينة لتكون عاصمة لحكمي ومقرًا لجندي، وقطعًا تعلمون أن ركائزها واسطوناتها لاترتكز إلا على الرؤوس والجماجم،
وفي قادم القرون ستكون لاجيالكم وعهدي بهم إن لاينسوني من صالح الاحترام والتبجيل والذكر والتماثيل.
مع يقيني إنه لايوجد مسوّغ شرعي أو عقلي أو قانوني يعفيني من جرائمي مهما عوضت من مباني أو قدمت من معاني أو طرت بصيِت بلادكم إلى سماوات المجد فالدماء الحمراء لاتمحوها زرقة السماء بل يمحوها اختلال العقول، وتقلّب الموزاين، وتشويه المبادئ،