لازلت قابعاً في مكاني ..شاهداً على قسوة زماني .
سراج أنا ملتصق في جداره ..معلقاً بمسمار عمري ، عبثاً كنت أحاول أن أضيئ أركان داره ..والدار تتجلى بفيوضات انواره .
وكل الكون يشع من سنا وجوده..جميل المحيا ، حسن القامة ، فريد في نسيجه ، وحيد عصره في تكوينه ، رجل تزاحمت السجايا في شيمه ، جلال وهيبة ، صفاء سريرة ..
اكتحل دين الله بوجوده ، بعد أن رَمْدِها بالهادي والده ..
يالبهاء طلعته ، اقترنت بشمائل النبين صفاته ، فتعددت مواهبه ، تقطر بالندى يمينه .
كثيراً ماكنت أ سمع أنين صدره ..يذكر باباً ضلعاً ومسمار ، ينوح لعليل خيام ونار ، مصاب وبلاء ، يعيش أهوال كربلاء .
فأنوح لنوحه ، والحرف على شفتي يتحير ، ودمعي بأهاتها تتعثر .
حبيس بيته ، جليس داره ، ممنوع من لقاء شيعته ، يراقبون خطواته ، يحسبون انفاسه.
غلوا الحق وصفدوا الكلمات ، فزمجرت أعاصير حقدهم ليقتلوك ..وتحت مراجل غيهم اوقدوا نار غلهم ، ولأنك سراج أهل الجنة فأبوا إلا أن يوتروك .
لم يمهلوه ..ومن ذعاف سمهم سقوه ، يلوكه الألم ، تعتصر شغاف قلبه مخالب الفراق..يتنفس ألماً ويزفر حسرةً .
تأججت ناري ونزلت دمعة قلبي قبل جفني ..أسفاً عليه وتحنناً له .
ثاني شباب الأئمة بعد جده الجواد .
إيه يا أبا محمد : تُقرب صغيرك إليك ، تودعه أسرار الإمامة .
يسقيك ماءً ليرويك ، ونظرات عينك تناديه : ولدي يامهدي ، أنت البقية من اهل بيتي .
تصدع كبدي وحبيب القلوب يتوسد الفراش وعيناه في عيني ولده على مضض يودعه ..
فكان الفراق كالعلقم في طعمه ..فذبلت تويجات روحه ونحلت بتلات عمره ،
وكأني بمولاتي نرجس (عليها السلام) بلهفة وتوجع تحن إليه ، تضم مسبحته تناجيها.. لا زالت تحتفظ بدفئ أنامله..وتاج الإمامه يشكو حاله ، يذرف حسرته .
ومحرابه ظل واجماً لايدري مايقول !
كأنه في خفاء يناديني ، أواسيه ويواسيني .
والصدى صار له ضجيج ..
فياروح ما اجفاك كيف تستقرين وأنتِ بعيدة عن مولاكِ .
فقررت أنا السراج أن أُطفئ جذوتي ، لِأُعلنَ الحداد على مصيبة مولاي الحسن العسكري (عليه السلام).