قال الحاج: الدهر يا بني يسمى عند الكثير الزمان، هل توقفت يوما عند هذه المفردة لتعرف معناها ومعنى هذا الاختلاف؟ قلت ياحاج: فعلا استوقفتني الكثير من المفردات بحكم تعاملي الاعلامي، لكن لاوقت لدي للتبحر فيها، وخاصة عندما اعرف القصد المؤسس لهذا الاختلاف، فعلي اولا مثلا معرفة المعنى الاول (الدهر) وتعني مجموعة غير محدودة من الايام...
قال الحاج معقبا ومشجعا: جيد ولدي، والمعنى الثاني؟ قلت: اما الزمان فتعني مرور الليالي والايام. تركت الحاج يصيح: رائع رائع وانشغلت في مرجع مازلت استذكره... عقبت: والازهري في (البينة) يقول: الدهر ويسمونه العرب الزمان.. قال الحاج: اطلاق الدهر على الزمن مجاز للاتساع حيث يرى الحكماء: ان الدهر امتداد باطني للزمان، بينما الزمان مقدار حركة الفلك. قلت: حاج حبذا لو توضح لي ما القصد؟ اجابني: القصد واضح يا بني؛ فالزمان عبارة عن متجدد معلوم يقدر به متجدد آخر موهوم.
ابتسمت في وجهه فسألني: ها هذه لم تفهمها، فأومأت برأسي: اي نعم. قال: جميل رجل مثلك ويقول لا ادري دون مكابرة... يا بني الدهر مدة الأشياء الساكنة، والزمان مدة الأشياء المتحركة... أطرقت برأسي الى الارض: يا إلهي كم المسألة محرجة، فقلت: حاج ما هذا؟ استغرب ما الامر يا بني؟ قلت: لا ياحاج يبدو انك عبأت لي الثقيل لتودعني به. فضحك وقال: اين انت والوداع فما زلنا في منتصف الطريق يا بني، طيب الزمان كتعريف هو مدة الاشياء المحسوسة، والدهر يعبر عن مدة الأشياء المعقولة.
نظر إلي فرأى ابتسامة الحيرة على شفتي، القضية ليست بالسهولة التي سيتصورها القارىء وهو يتأمل داخل رسم الحرف وشكله، ويستطيع ان يتأمل كل خوافيه، ويتأنى بالقراءة كي يستوعب الموقف... هنا عندي استقبال الكلمة، دفق سرعان ما تأتي الجملة الثانية، فتحتار اين تضع جهد التركيز فيما راح أو فيما بين يديك او عند الآتي بعد ثواني؟ هي ورطة مثلما عنونتها صحت يا جد: اختلف الحوار ولم اعد افهم شيئا!!! قال: اعطني برهة كي أوضح لك الامر، البعض يسمي الدهر العصر، وهو تعبير لكل مختلفين (شتاء ـ صيف) (ليل ـ نهار) فقال تعالى: (والعصر ان الانسان لفي خسر) قيل العصر هنا (الوقت) ويقولون اهل العصر ويعنون الزمان.