تويت
في احدى الزوايا رأيت ظل فتاة يُخيطها الشجى، تُغمرها الهمموم وتلتهم عينها الهالات السوداء..
وبالقرب منها قريناتها يضحكن ويلعبن ..
اما هي فقد اختارت من العزلة صديق لها واحتضنت صخرة بالقرب من قبرها ووضعت رأسها المثقل عليها، وسقت جفاف رمالها بدموع الحسرة والانين...
اقتربت منها بخطوات ثقيلة..
فقد انتهكني الوصب وغزاني الأرق واكمل ما تبقى مني التعب من المشي بين القبور..
نظرت إليها فسحرني جمالها واريج نسمات الهواء التي تتمايل هياماً بها، والغضاضة تُسيطر عليها إلا ان جمالها كان واضح كشروق الشمس في كبد السماء..
وبينما كُنت سارحة في جمالها وحدت حزنها الذي جعلت له بريق آخر..
فاجئني صوتها الندي فقالت لي من أنتِ..؟
-أنا عابرة أبحث عن بهجتي بين طيات الرمال..
-وانتِ من وما هذا الحزن الذي يستدير حول وجنتيكِ الصغيرة...؟!
ولماذا لا تلعبين مع قريناتكِ..؟
-لم يتركوني استريح فقد مزق نحيبهم مُهجتي..؟
من هم وما السبب..؟
انهم يرثوني لا بل يمزقوني ..
دموع والدتي تمزق اوردتي، وصراخ شقيقاتي يغزو وتيني...
وانا بهذا العناء لا استريح...
الفقد ليس بالامر السهل، انهُ كالداء، الذي تُزيده الايام مرارة
العيش معه كالعيش مع بتر احد الاعضاء..
لا الحياة مع النقص، والا الموت بالأمر السهل.. أننا نحتظر..
-ولكن أريد أن استريح..
ليدعوا لي..
ليتصدقوا..
ليتذكروني ويترحمون علي..
روحي تحتاج السلام فقط السلام..
هل تستطيعين ان تدوني كلماتي لهم..؟
-سوف احاول ان ابعث لهم كلماتكِ لعلهم بحالكِ يرأفون..
-اخبريهم بإن روحي وحيدة واطلبهم الأنس والسلام.
نهضت ونفضت بقايا التُراب العالق على عبائتي..
(لا البكاء يسعف الاحياء، ولا الحنين يُعيد الراحلين أين المفر..؟)
كيف تضمد الام جِراحها النازفة..؟
كيف يصمت الأب آنين فؤائده..؟
كيف يتكأ الأخ وخلفه فجوة عالقة..؟
كيف تخطو الاخت وسندها قد دُفن..؟
كيف تُهدأ الزوجة لهيب أضلعها..؟
وكيف يضمدون الأطفال نزيف اوردتهم..؟