( سرديات الحكمة بين الاستفهام والامر )
تتميز مجموعة معشوقتي للشاعر عبد الرزاق الياسري بانها تعبر عن شاعرية موقف ورؤى وأفكار استطاعت خلق تاثيرية كبيرة عبر تمسكها بشعر الحكمة لكونه الأقرب جماليا للتعبير عن سرديات التاريخ المعبرة عن المشاعر ـ لتوقظ الاحاسيس عبر دلالات الحكمة ومعانيها ،
( كم من غني اغتنى من ربّه
امسى كأنخ لم يكن ، او يملك ) ص5
والحكم لها مقدرة تقود الى صلف دلالات تنفتح على جميع المواضيع التي ينشدها الشاعر لينطلق منها ليعزز مكانته عن المتلقي ويلبي المشاعر
( قطع الوصال لرحمها ما بينها
من أجل درهم للشقيق تضيعه !)ص7
ولج الشاعر عبد الرزاق الى القصيدة عبر منظورين الأول القيمة المضمونية العالية المترسخة في مفهومها الوعظي بما تمتلك من اثارة ، فهو مثلا يقول
( وكأنك المعبود في الدنيا وما
تدري الممات بأي امر يطرق !) ص33
يرتبط المعنى الوعظي الحكمي بوجدانية المتلقي ولها القدرة على الاستهلال لكونها تمتلك المقدرة على صنع الخاتمة
(فحذار من طبع اللئيم وغدره
فهو الخؤون بطبعه الميال ) ص56
اما المنظور الثاني هو سبل كتابة الموعظة وشكلها الاسلوبي فهو يرتكز على الأسلوب الاستفهامي لتكون قناة توصيل للموعظة ويستخدم اغلب أدوات الاستفهام
( هل تدري ان القدس في ذراته
يجري بامر مثلما تجري السواقي )
أسئلة الاستفهام معظمها يأتي لمعاني مجازية أخرى واستخدام أسلوب الاستفهام يجسد الومضة الشعورية فيكون وسيلة من وسائل اتساع المعنى واثرائه
(أتقصد كل دار للفناء
ونرجو منه تأتي بالدواء
وتنسى باب ربّك ذي الجلال
وما أعطاك في أهل الكساء!)ص23
الأسلوب الاستفهامي يدفع الجملة للاشتغال الكلي للجملة للتجلي فهي تحرك المشاعر وتنوع سردية العرض الجملي
(فالى متى تبقى هنا
تدعو دعائك بالجليل
والله قال بامره
إن كنت حقا كألاصيل !
ان تنصروني إنني
أنصركم النصر الجميل ) 44
والاستفهام مصدر يبحث عن التصور وبعضها يختص بطلب التصديق
( هل هو الموت على قارعة الطريق ؟
ام انه الحريق ؟
أم انه الرغبة والشوق الى رفيق )ص104
المهم ان في سردية الشعر ان تحمل ابعادا دلالية مختلفة ليؤدي وظائف دلالية وجمالية وتحفل بمجموعة من الدوال الرمزية ومنها فعل الامر الذي هو أسلوب بغوي يطلب به الامر من المامور فعل شيء وياتي من التنبيه
(اذ أنني اخشى الاله وبطشه
فتبينوا في أمركم وتحركوا
صزب المعالي من شريعة احمد
من قبل ان يأتي الحساب فتهلكوا ) ص6
صياغة فعل الامر أسلوبا يتوائم والأسلوب الوعظي الحكمي
( اجعل قرينك في الحياة مصاحبا
للخير في كل الأمور وتائبا ) ص21
وفعل الامر يمنح القصيدة عنصر التشويق والاثارة وفاعلية الجرس الخطابي
( يا شعب انهض من سباتك وانتفض
فالنوم قد طال الكرامة بالمرض )ص54
وبعد عرض شواهد من المضمونين المضموني والشكلي عبر الاستفهام والفعل الامري هناك أساليب أخرى لتركيز الأسلوب الوعظي والحكمة ارتكزت على الذروة في منح القصيدة هويتها الوعظية ومضات قادرة على بعث المؤثر الجمالي
(سلام على حجر تفجر بالغضب
سلام على الأطفال مأذنة البلاد !)ص65
سعينا في هذه المتابعة ان نقدم الف ياء المجموعة مع المباركة لهذا التميز المبدع