إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

كربلائيات

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كربلائيات


    تاريخ الدوائر الحكومية في مدينة كربلاء المقدسة
    كل حديث يدور عن كربلاء فيه طراوة ونداوة في ألسن الشهداء، وجميل أن تسمعَ احد الشهداء وهو يحدثك عن معالم زمانه، يقول أحدُهم: كان هناك في زماننا نظام اجتماعي جميل، حيث يتم لكل مهنة اختيار رئيس لها، فهناك كان رئيس (الصيّاغ) ورئيس العطارين، ورئيس البقالين، ورئيس التجار... وكانت مهمة هذا الرئيس أن يكون بمثابة (حلّال العقد) لكل مشكلة أو خلاف لأصحاب المهنة الواحدة، بما يخص حرفيات المهنة.
    صرت أرتاح كثيراً لوجود الشيخ الوقور صديق جدي، لكونه يعرف ماذا يريد أو ما الذي ينفعني. فعقب وهو ينظر لجدي: في العهد العثماني كان هناك رئيس التجار، ويدعى السيد حمودي السيد سلطان نصر الله. فسألته: ألم تكن لهم دائرة أو غرفة كما يسمونها التجار؟ فأجاب: لا يا بني نحن نتحدث في العهد العثماني، بينما الغرف التجارية تكونت في العهد الملكي، وغرفة كربلاء أسست عام 1952م.
    قلت لجدي: لقد ذكر الباحث السيد سلمان هادي آل طعمه بأن شعار هذه الغرفة كان مأذنتين والقبة، وأما مكانها على ما أتذكر في سوق النجارين، وانتقلت إلى مقابل مدرسة خديجة الكبرى محل عباس الوكيل، وبعدها في بستان (ضوي) ثم بناية التأميم، ويقال: كان لها بناية في ساحة مابين الحرمين...
    ثم تشعبت أحاديث الشهداء لتأخذ عدة مناحي سردية منها وجدانية عبارة عن ذكريات، والذي استوقفني فعلاً هو كثرة المديريات التي كانت موجودة في كربلاء، فمثلاً ذكر أحد الشهداء: إن دائرة الري مستقلة عن دائرة الزراعة.
    فقال الجد: يا بني كانت هناك فعلاً دائرة للري، تقع في شارع كان يُسمى شارع الكمرك القديم، وهو قرب السراي، وكانت عبارة عن بيت صغير يسمى دائرة ري وجدول الحسينية، أتذكر إنها انتقلت إلى خلف دائرة سراي الحكومة، وتطورت بعض الشيء، وغيّروا اسمها إلى ري وبزل كربلاء، ومهمة هذه الدائرة في مشروع مبازل الحسينية وبني حسن، وتم في حينها وضع ناظم على صدر نهر الحسينية، وتوسيع الجدول والحسينية، ورفع الترسبات، وبناء عدد من النواظم والقواطع وإرواء مساحات واسعة من الأراضي الزراعية والبساتين المنتجة للفواكه والحمضيات.
    قلت: ياجد وما عمل دائرة الزراعة؟ فابتسم الجد وقال: مديرية وقاية المزروعات هذا هو أسمها القديم؛ لأن مهمة هذه المديرية تنحصر في مكافحة حشرة دوباس النخيل والجراد، وبعد ذلك تطورت هذه الدوائر فصار لها قسم الإرشاد الزراعي، وقاية المزروعات والتربة والبيطرة... قلت: ياجد بودي أن أعرف بداية هذه المديرية في كربلاء؟ فابتسم وقال: لم أكن أعمل مديراً لهذه المديرية يوما، لكن الذي أعرفه أنها تشكلت في أوائل الثلاثينيات.
    فعقب أحد الشهداء ليقول: وكان موقعها في محلة العباسية الغربية في دار صغيرة... وأكمل شهيد آخر: انتقلت بعدها إلى بناية البلدية والتي هي المصرف الزراعي، وبعدها انتقلت إلى حي الحسين. قلت: هل كان هناك كوادر تخصصية مثل خريجي الدراسات؟ فعقب صديق جدي الشيخ الوقور قائلاً: أول مدير خريج تولى إدارة هذه الدائرة في كربلاء متخصص في دراسة البيئة هو السيد (جعفر الصافي)...
    يقرؤون في عيني الفرحة، فحقاً هناك أشياء كثيرة أجهلها، رغم أني سمعت أو قرأت عن بعض منها، وهنا أجدها حية تنبض أمامي بالوجود، وأشعر أنهم يريدون أن يقدّموا لي كل ما يمكن تقديمه عن مدينتهم، وهم يعرفون من زمن غير زمانهم، ويعرفون أن مثل هذه الأحاديث أصبحت تمثل التراث.
    قال أحد الشهداء: أتعرف موقع دائرة إحصاء كربلاء؟ قلت: لا... فقال: في محلة العباسية الغربية، خلف سراي الحكومة. قال شهيد آخر: سرعان ما انتقلت إلى شارع الإمام الحسين.
    قلت: قبل العيادة المركزية، لكني أجهل طبيعة عمل دائرة الإحصاء؟ فأجابني الشيخ الشهيد صديق جدي: كل الأعمال الإحصائية مثل تعداد عام للسكان، وإحصاءات زراعية وصناعية وإنشائية... ثمة مسألة تحزنني كثيراً، وقد لاحظها جميع الشهداء فسألوني: ما بك؟ قلت: أيها الشهداء، إنكم تتحدثون عن كربلاء البيئة، والناس، والحياة، والدوائر الرسمية وغير الرسمية وضمن أزمنة مختلفة، كل شيء فيها يزيدني إحساسا بعراقية هذه المدينة وهويتها العربية، فلماذا يشيعون عن تداخل إيراني في هذه المدينة، وكأنها بمعزل عن العراق؟!
    فقال الجد: يا بني كربلاء ملتقى الهويات؛ فمثلما هناك إيرانيون كان أيضاً هناك هنود وباكستانيون وأتراك... فهل تعرف يا بني من بنى مستشفى الحسيني بكربلاء؟ فقال الأتراك: يا بني وكان إسمه (غربا خستخانه سي) وهذا أسم تركي يعني (مستشفى الغرباء).
    قلت: ياجد جاء في (كربلاء في الذاكرة) إنها قد هدّمت في أيام (التسويق).
    فعقب الجد: نعم وقد أعيد بناؤها على يد الحاج (علي أكبر المعمار) من الطابوق والجص والنورة... وكانت (الكور) التي يحرق فيها الحجر داخل كربلاء؛ كورة حمام المخيم، وحمام الكبيس في باب الطاق.
    قال أحد الشهداء: كان المستشفى جميلا جداً تزدهي فيه النقوش البديعة وتزين جدرانه، وكان يحتوي على عدد من الحمامات؛ ثلاثة حمامات للرجال، وثلاثة للنساء، وقاعة كبيرة تحتوي على غرف الإداريين، وفي ظهر المستشفى كان هناك مطبخ. قلت: ياجد أنا أتذكر أنه كان يقع على نهر صغير في حي البلدية مستشفى أتذكره، كان كبيرا وفي مقدمته حدائق.
    قال: يا بني أنا أحدثك في بداية الثلاثينيات حيث تم فيه بناء المستشفى عام 1931م وبعد هذا كان هناك العديد من المستوصفات، واحد في بستان شمس الدولة، والثاني في سوق قبلة الحسين عليه السلام، ثم أسس المستشفى الحسيني على أرصفة تبلغ 42 ألف متر مربع، ولكربلاء ثلاثة مستشفيات كبيرة؛ الحسيني، والثاني في الهندية (طويريج)، والثالث في عين التمر.​
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X