إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

المشغل النقدي (3) قراءة في حركة الأدب النسوي

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المشغل النقدي (3) قراءة في حركة الأدب النسوي


    ليس شرط نقد هذا المشغل النقدي ليفتش بين النصوص بحثاً عن خلل يعتاش عليه، ولا هو أساساً بناقد يبحث في منهجيات النقد ليقوّم ما حيل عنها، وإنما هو مشروع قراءة لنصوص كاتبات بمستويات متنوعة منهن المدركة للفعل التدويني الفكري اليقيني والجمالي، ولديهن ثراء انتاج إبداعي، ومنهن ما زلن يبحثن عن النضج عبر كل منجز، المشغل النقدي في نسخته الثالثة لتعزيز رؤية التلقي والبحث في فاعلية البنية التدوينية لثمان كاتبات يرسمن حضورهن الابداعي.
    **
    النص: (نساء عظيمات من وحي القوة)
    الكاتبة: فاطمة النجار
    الكاتبة (فاطمة النجار) قدمت تجربتها بموضوع (نساء عظيمات من وحي القوة) رسمت المبدعة النجار جوهر البعد عند السيدة الزهراء (عليها السلام) عبر عبادتها المقترنة بمواجهة الظلم، وعدم الاستكانة والرضوخ للذلة، تبرز هويتها العبادية أولاً، والميزة الاخرى تعبر عن دورها القيادي للمرأة، والوجهة الاخرى هي مدى استيعابنا للمعنى الايماني الذي يبعد عنها الخوف.
    والشخصية الثانية هي السيدة زينب (عليها سلام الله) لتخط موقف المواجهة مشروعا تربويا يعمق مواقف الشجاعة والإيمان في قلب ابنتها، فعاشت نفس المواقف، وقدمت نفس القوة في المواجهة ونفس الصبر، وانتقت بدقة من خطاب الرمزين ما يدعم سبل المواجهة، وتجمع هذه الصور في قدرة امرأة معاصرة تحمل ذات الهوية، وقدمت للمواجهة الصبر نفسه، وهذا يمنحنا مفهوما متطورا يكشف مديات الانفتاح على الزمن، فالموقف البطولي لا يحدد بزمن المواجهة.
    عبرت الكاتبة فاطمة النجار عن هذه الرؤى بلغة شعرية جملت بها جملها المميزة مثل: (طيب ذراعها بعود العفة، عنبر الحياة، سيف قوتها) وكنت اتمنى ان لا تستخدم مفردة التوق سلبياً ( شاهرةً سيف قوتها وإرادتها بوجه التَوَق والهوى الدنيوي)، فهي مفردة مضيئة ولها مشاعر شفافة.
    احتوى النص على قيمة ابداعية عبر مفهوم تلاحم الأزمنة.
    **
    النص: مشاركة العقول
    الكاتبة: صباح جاسم
    واختارت الكاتبة (صباح جاسم) في موضوع مشاركة العقول اسلوب التضاد بين المنع والحث وبين الجبن وتضادها الحزم وبين الكذب وتضاده صدق التجربة، واستشهدت بقول النبي (ص) والإمام علي (عليه السلام) في موضوع التشاور وآراء الارث المقدس على تجاوز اصحاب الصفات السلبية: كالجبان، والبخيل، والحريص بمعناه السلبي. اوصى امير المؤمنين (عليه السلام) بعدم استشارة الكذاب، وفي مساحة النقيض الايجابي نجد النصيحة باستشارة اصحاب الصفات الايجابية كالعلماء وأصحاب التجارب وأهل الحزم، اختارت الكاتبة في موضوعها الصغير الحجم ما عمق خطابها بالمفاهيم الاخلاقية وأعطت الرأي وصاغت المعنى المعاصر.
    **
    النص: (سطوع أقمار ثلاثة)
    الكاتبة: هناء الخفاجي
    واستخدمت الكاتبة (هناء الخفاجي) في نصها المعنون (سطوع أقمار ثلاثة) الأسلوب القصصي البسيط (الحكاية) سلطت أضواء السرد بكشف معرفي في حياة ثلاثة من رموز أئمتنا أئمة الخير والسلام (عليهم سلام الله)، وهذا السرد النقدي يشكل نزعة تعبيرية ووعي يقيني، يعزز الدور الايماني بدءاً من مفهوم الزيارة وإعطاء الروح والفاعلية لهذه الزيارة؛ كونها هدية نجاح.
    واستخدمت الفعل الدلالي لقدرة الزيارة على التغلغل الى جوهر الفعل الحياتي العائلي، فأصبح لدينا وعد ونجاح ومكافأة فكانت الزيارة، استفادت من التماثلات الدلالية: الشوارع المزينة بالورد والزينة، ومزدحمة بالزائرين، الى التجلي عبر الاسلوب الاستفهامي التحاوري: لماذا الاحتفال؟ ليكون الجواب احالة تاريخية تسلط الضوء على ولادة الامام الجواد (عليه السلام)، وسرد تاريخية الولادة، وصاغت من هذا الجواب حراكاً كبيراً داخل النص اختزل، فصارت الحوامل السردية مسنداً لحمل أبعاد البنية التاريخية للرمز بكل تفاصيل حياته ومميزاتها، فهذه القيمة الروحية مثلت المعنى الدلالي لوجود المعصوم مع خصوصية كل واحد من تلك الرموز الثلاثة التي حملت العنونة مداليلهم، لا يكتفي الابداع بالسرد التأريخي لتسليط الضوء على حياة الأئمة (عليهم سلام الله)، وإنما لابد أن يمس الواقع عبر موحياته تربوياً، فورد السؤال:ـ لماذا لا ندرس حياة أهل البيت (عليهم السلام) في مناهجنا الدراسية.
    هنا يتجلى المستوى البنائي الدلالي لينفتح على الواقع السياسي والاجتماعي لهذه المشكلة الأولى، والتي هي ضاجة بالحراك الحدثي، ويفتح أسلوبية التحاور الاستفهامي للولوج الى اشكالية سياسية ثانية، وهي معاصرة مقرونة بالدلالات عن عدم وجود ضريح للإمام الباقر (عليه السلام)، جوهر الاشكالية لتقدم من خلالها معنى المعنى موضوع منقول في اغلب مرجعياته، لكن تركيبة البنية النصية الحكائية لارتقاء هذا المعنى كان هو حصيلة الابداع لمنجز المبدعة هناء الخفاجي.
    **
    النص: (زبور الحركة الرسالية)
    الكاتبة: منتهى علي الكريطي
    قدمت الكاتبة (منتهى علي الكريطي) مع موضوع (زبور الحركة الرسالية) صيغة تقريرية ابتدأت بالإخبار مثل: مارس، ورسم.. وفعل التضليل الاعلامي وما حمله من تخزين مضموني أضاء عوالم النص.. الامام زين العابدين (عليه السلام) ملك الأثر اليافع في التأثير على الجماهير بما تميزت به شخصيته من ذكاء، وبالمقابل لم يتخلَ النص عن وجود عمل تضادي سلبي جاد، يشتغل على ابعاد هذا التأثير عن طريق التضليل.
    نحن لا نريد اعادة المرتكز السردي، بل نتحدث عن دلالات الفكرة المتعلقة بسرديات الحدث النصي والتي تحمل مستويات من الافصاح، وهو ناتج من نتائج حملات التضليل، زراعة التجهيل بالدور الحقيقي الذي يقوم به الإمام السجاد (عليه سلام الله)؛ لكونه الممثل الشرعي للإمامة والعصمة، فكانت الكاتبة المبدعة تقرأ المستند النصي قراءة منفتحة منذ العنونة ورمزية الزبور كتاب من كتب الله المقدسة، فقد عبرت بهذه الكناية عن روح المواجهة، وكانت كنية أساليب التضليل بالمتردية، ومثل هذه المفردات تعد نفحات تأثيرية تعطي الرأي وتكشف المؤثر الشرعي للواقع، مقابل زراعة التضليل، هنا نجد زرع المحبة في نفوس الناس، ومقابل عملية التجهيل الأموي، نجد بث الوعي ورسم جوهر نظرية نهضوية متكاملة للثورة عبر ما قدمه من منجز عمل تنظيري.
    **
    النص: (ابن الخيرتين)
    الكاتبة: ايمان كاظم الحجيمي
    الارتكاز على بنية الأصول التكوينية (الهامش الحياتي) لمسيرة إمام معصوم تمنحنا قيمة المدرك الايماني، وبهذا تكون الكاتبة المبدعة (ايمان كاظم الحجيمي) في موضوع (ابن الخيرتين) قد سجلت حضور الزهو المقدس الذي عبرت عنه بالقمر المنير، والينبوع المعرفي، وأنهار علم، تلك قيم شاملة في خصوصيتها معنى الانتماء الروحي. من الطبيعي ان تكون المعلومات مستقاة من مرجعيات معينة، لكن يبقى الاسلوب التدويني التوصيلي له خصوصيته عند كل كاتب وكاتبة، فلو تمعنا في النص لوجدنا هناك مناطق تأويلية كثيرة مثل مصطلح (الفراغ الكوني) وقصدت الكاتبة الفترة التي تلت واقعة الطف، ومقتل سيد الشهداء الحسين (عليه سلام الله) وهناك معنى يتجاوز حروف الجملة يمكن قراءته، ويعني أن وجود الحسين (عليه السلام) كان رشاداً سماوياً كونياً خلق مقتله هذا الفراغ الكوني المهول والتأمل في جملة تخص يزيد (لعنه الله): (اوجس الخوف) كنت اتمنى ان لا تستخدم مفردة (أوجس) وإنما ممكن ان تقول: تحسس الخوف، او هلع خوفا..؛ وذلك لأن جملة اوجس الخوف تخص حياة نبي الله إبراهيم قال الله تعالى: (فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً) (الذاريات: 28).. يعني أحسّ في نفسه خوفاً منهم، مفردة الخوف تعطينا دلائل كثيرة، أولاً أن وجود الحسين (عليه السلام) كان مصدر خوف دائم لعرش أمية، ومقتله كان مبعث راحة، ووجود البديل الالهي السجاد (عليه السلام) أعاد لنفوسهم الخوف.
    أعطتنا الكاتبة ايمان الحجيمي متسعاً للقراءة والتأمل.. بعد رجوعه الى المدينة لم يكوّن جيشا ليزيح به حكومة يزيد، بل أسس بنياناً علمياً، هذه هي رسالة إمام معصوم الى العالم أن حصنوا دولكم وشعوبكم بالمعرفة، فهي الوسيلة الافضل للحفاظ على هوية امة، ـوالخطاب المباشر يعبد ارضية التواصل مع الرمز المقدس ليركز الولاء كقيمة جمالية.
    **
    النص: (آَهٌ لِرُزئِكَ أَيُّها المَسْجُون)
    الكاتبة: نرجس مهدي
    صاغت الكاتبة المبدعة (نرجس مهدي) من هذا الخطاب المباشر مسنداً للتوغل الشعري داخل سردية التخاطب، وهذه الشعرية قادرة على تصعيد روحية المعنى، ليجعل من السجن صومعة وللقضبان حنين، ويغسل الدمع سجادة الصلاة، وعملية تخييل عالية تعمق حيثيات الواقع التاريخي، فيصبح الخطاب عبارة عن سيرة ذاتية، ويكون المحتوى التدويني إضاءة لحياة المعصوم.
    استثمرت الكاتبة نرجس مهدي الكتابة بأسلوب التحاور الانسني لتبتعد به سطوة المنقول والتحاور الانسني هو محاورة متخيلة بين جدران السجن التي تسأل والأصفاد التي تجيب كأنها محاورة بين انسانيتين ومن خلال هذا المرسل الانسني ينفتح النص على كشف الواقع المؤذي الذي كان يعيشه الرمز الكاظم (عليه السلام)، والجهد الانسني شمل المحاورة بين القيود والسجن الذي اعتذر للإمام (سلام الله عليه) عن سوء الضيافة، وضمنت الكاتبة المبدعة جملها بشعرية عالية مثل: (عيوننا على جسر التوق والوصل منتظرة.. عجل فدتك النفوس قبل ان نصبح نعشا على باب سجن الدنيا).
    **
    النص: (طفل افضل)
    الكاتبة: سماء صلاح
    نحتاج دائماً الى لغة مرنة قادرة على اعطاء الكد النفعي مع خلق مساحة جمالية، وكلما توغلنا داخل المنهج التعليمي والتثقيفي المعاش، احتجنا اكثر الى تلك المرونة التي تحمل الكثير من اساليب جذب المتلقي وخاصة في المواضيع التربوية الصارمة، والكاتبة (سماء صلاح) قدمت موضوعها (طفل افضل) مفاهيم معلومة المصدر ترتكز على جواذب المرجع المعلوماتي التربوي، تلك حسنة عندما يكون الموضوع انتقائيا يوصل رسالة تربوية متخصصة.
    والكاتبة سماء صلاح ترى ان التخطيط والعزم والثبات مع اللين والمرونة الاساس التربوي الصحيح، والكلمة الطيبة إرث ينتقل منا الى الابناء، والعمل على بناء شخصية الطفل تحتاج الى استقلالية واعتماد على النفس وإظهار المحبة، وهناك بعض النصائح المهمة التي اوردتها الكاتبة سماء، نجد أن هناك ميلا منها لدخول العوالم الثقافية التربوية، ونحن في المشغل النقدي نريد لها ان تتوهج ابداعيا لنبشر العالم بولادة كاتبة مبدعة اسمها سماء صلاح.
    **
    النص: (رسالة الى السندي)
    الكاتبة: آمنة خيون هاشم
    تستطيع الشعرية رفع الحواجز الزمانية من خلال تقسيم هذا الواقع الى واقع نصي موجود على الورقة فقط، وواقع تاريخي جرت فيه الاحداث الواقعية، ونص (رسالة الى السندي) للكاتبة المبدعة (آمنة خيون هاشم) يحتوي الكثير من لغة الشعر بحماس وجداني كاشف لأحداث الواقع التاريخي، فالرسالة من الكاتبة الى آخر سجان كان في حياة امامنا الكاظم (عليه السلام)، وكل ما يدور في الواقع النصي له اثر مرجعي، فقدمت الكاتبة سيرورة متخيلة وعوالم مجازية استمد جماليته من دلالات (النور يحارب الجور ويتحدى كل سجون الشر) شكلت قيمة نصية، فدار الاشتغال في منطقة شعور المتلقي، نص مفتوح على المستوى التعبيري اختصاب المعنى عبر توقيعات سردية سريعة مثلاً: (ما هو ذنبه يا أعداء النور؟ ايها الظلام لن تحجب القمر.. سجنك صار هو السجين).. نص رائع اعتمد على توسيع منطقة التخييل في احداث الواقع المرجعي. قدم المشغل النقدي لجريدة صدى الروضتين ثمان تجارب متباينة الاهمية، ارتكز بعضها على المنقول والبعض الآخر على خرق المنقول، واغلب الكتابات كان طابعها الجرأة الادبية الايجابية وشعرية عالية متقنة، ثمان تجارب تتنامى، وسنرى يوما ثمارها تتدلى من رياض العتبة العباسية المقدسة؛ لتكون قادرة على تبني مشروع نهضوي نسوي ثقافي، يمثل الصوت النسوي المؤمن، وليصل الى العالمية بعون الله تعالى.
    النص: (نساء عظيمات من وحي القوة)
    الكاتبة: فاطمة النجار
    سيّدة رسمت من المرأة أبهى وأجلّ صورة للقوة مكللةً بالقدرة على إثبات الذات والإتيان بحقّها وحقّ من له حقّ عليها، ولو كلّفها ذلك حياتها أو أمنها.
    أبت أعظم نساء العالمين أن ترتصف مسار الحياة آخذة من المحراب ركناً لها، بل بزغ نور حضرتها ساطعاً على الكون عندما انبرت قائلةً:
    (فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين، ألا وقد أرى أن قد أخلدتم إلى الخفض وأبعدتم من هو أحق بالبسط والقبض، وخلوتم بالدعة ونجوتم بالضيق من السعة، فمججتم ما وعيتم، ودسعتم الذي تسوغتم، فإن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعاً، فإن الله لغني حميد).
    أجمل من هذه المثل مثال يضرِب أجل صورة لقدرة المرأة على إقرار ذاتها، وإدامة حضورها وسط معترك الحياة، لم الضعف؟ وكيف الضعف؟ وقد نقش التاريخ أسماء نساءٍ جليلات تصاغر كلّ عظيم عند نهضتهن أمام هسهسة الحق.
    أمّ عظيمة أخرى، هي من نسل فرقدين صدحت بالحق حين قالت: (الحمد لله الذي أكرمنا بنبيّه محمد (ص) وطهرنا من الرجس تطهيراً، وإنما يفتضح الفاسق ويكذب الفاجر، وهو غيرنا والحمد لله)، فبهذه الكلمات وما سبق أو تلى من أمثالها كشأن من تسلّحت بالسلاح الزينبي الفاطمي، وطيّبت ذراعها بعود العفة وعنبر الحياء، ونزلت لساحة الحياة شاهرةً سيف قوتها وإرادتها بوجه التَوَق والهوى الدنيوي، فسطّرت بذلك أبهج مرأى ومظهرٍ لها.. بعد أن سكنت تلك الأصوات الطاهرة جاءت من تحمل ذات التعفف في سواد عباءتها والحشمة في رقي أفكارها, فلملمت بين ثنايا هذه العباءة المجملة بقوة توكلها على الله تعالى لتعيد صدى المكرمات بهذا الصدى لصوت الصديقة الطاهرة وابنتها العقيلة الكبرى، تقمصت بجوهرها ادواراً مماثلة لما مارسته أعظم نساء العالمين، ففندت ما تسطّرت في الأذهان من تعريف ركيك للمرأة ودورها وما تمارسه من مهام في زوايا الحياة.
    تركت في كلّ معلم من معالم التكامل الإنساني بصمة بقيت أبداً تحاكي وتذكر العالمين بعظمتها وعظمة أثرها، وشاء ربّ العالمين أن تنغلق أبواب عمرها الشريف كما السيّدتين الزهراء وزينب (عليهما السلام) وما تبعهنّ من مجاهداتٍ عظيمات أبين إلّا أن ترتفع رايات الحق والعدل على أيديهنّ.
    فلتمشي القوارير على خطى وأثر من خاطت اسمها على صفحات التاريخ بخيوط العشق الإلهي مسجلة رواية الخلود والسرمدية لذاتها ولمواقفها وابتاعت دنياها بأخراها.
    النص: (مشــاركةُ العقـول)
    الكاتبة: صباح جاسم
    قال الرسول الأكرم (ص): (يا علي، لا تشاور جباناً فإنه يضيق عليك المخرج، ولا تُشاور البخيل فإنه يقصر بك عن غايتك، ولا تشاور حريصاً فانه يُزين لك شرّها).
    وعن الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام): (لا تستشر الكذاب فإنّه كالسراب يُقرب عليك البعيد ويبعد عليك القريب).
    وكذلك عن أمير المؤمنين (عليه السلام): (خيرُ من شاورت ذوو النُّهى والعلم وأولو التجارب والحزم).
    وبين المنع والحث على المشاورة باعٌ طويل من الخبرات والمهارات التي من الممكن للإنسان أن يحصل عليها خاصة اذا كان ذا بديهة وتقبل للرأي الآخر.. فمشاورة الناس مشاركة لعقولهم وأفكارهم. قد نرى المشكلة من جانب مظلم، ونحن واقعون بحبالها، لكن يراها حاذق البصيرة والبعيد عن أجواء حزنها بشكل آخر.. ولهذا نحتاج للمشاركة بالآراء البناءة، لتعمير الأسس الرصينة، سواء على مستوى العمل الاجتماعي او الفردي.
    ولا ننسى أن لدينا فئة الكبار بالعمر وذوي الأفكار المتكاملة منهم، ومالهم من نظرة متسامحة وواسعة عن الحياة؛ لما لهم من عمر وتجارب طويلة فيها.. ونقول من الجميل أن يكون الانسان مشاوراً للآخرين بالأمور المهمة بين الحين والآخر.. لكن من السيء أن يكون مترددا ومنتظراً لرأي الجميع بكل خطوة وكلمة يقولها..!! لأن ذلك قد يبعده عن النجاح أشواطاً.
    النص: (سطوع أقمار ثلاثة)
    الكاتبة: (هناء الخفاجي)
    اصطحب أبو أحمد عائلته إلى زيارة العتبات المقدّسة إيفاء بوعده لأولاده الثلاثة الذين وعدهم بهدية جميلة مكافأة لهم على نجاحهم في المدرسة، فكانت محطتهم الأولى زيارة الإمامين الكاظمين) عليهما السلام) في بغداد، وعندما وصلوا إلى المراقد المقدّسة وجدوا الشوارع مزيّنة بالورود والشموع ومزدحمة بالزائرين، فسأل أحمد ذو العشر سنين والده: أبي أرى الناس مبتهجة وتوزّع الحلوى، هل اليوم عيد؟ ابتسم الأب وقال: وُلد الإمام الجواد في اليوم العاشر من شهر رجب، وهو تاسع الأئمة الاثني عشر، تولى الإمامة بعد وفاة والده الإمام الرضا (عليه السلام).
    اشتهر بالفطنة والذكاء والنبوغ المبكّر، فكان على حداثة سنّه يحاور ويناظر العلماء في ذلك العصر، وما رآه أحد إلّا وأعجب به وبغزارة علمه ومعرفته، رُوي أنه أجاب عن ثلاثين ألف مسألة غامضة، ممّا يدل على عبقرية منقطعة النظير على الرغم من قصر عمره، مات وهو شاب في الخامسة والعشرين من عمره الشريف حتى قيل فيه:
    كأنّ الخمسة العشرين عاماً.. حياة معمّر صلب القياد
    اتصف (عليه السلام) بأخلاقه العظمية وسخائه وكرمة، فلُقّب بالجواد وباب المراد، وأصبح ضريحه المبارك الذي بجوار جدّه الإمام الكاظم (عليه السلام) قبلة يؤمها آلاف المسلمين يومياً من جميع أنحاء العالم؛ للتبرك، وطلب قضاء الحوائج بإذن الله تعالى.
    فقال محمد: أعجبتني كثيراً صفات الإمام وأخلاقه يا أبي، لِمَ لا ندرس عن حياة أهل البيت (عليهم السلام) في مناهجنا الدراسية؟ قال الأب: بسبب تعاقب الحكّام الذين يُضمرون العداء لأهل البيت (عليهم السلام) والذين منعوا ذكر سيرتهم العطرة في المناهج الدراسية، حتى إنّ السنوات الماضية شهدت اعتقال الأشخاص الذين يمتلكون مثل هذه الكتب، فذكرهم يُرعب أعداءهم.
    فقالت الأم: وكذلك وُلد في هذا الشهر ولده الإمام عليّ الهادي، وكذلك الإمام محمّد الباقر (عليه السلام)، فقالت نرجس بنت الثامنة: لماذا سُمي بالباقر؟ أجابتها: لأنه كان يبقر العلم بقراً، أي يُظهره وينشره، فكتب الفقه والتفسير والحديث مستفيضة بأحاديثه وآرائه، فهو من أهل بيت زُقّوا العلم زقاً، واغترفوا من منبع واحد كتاب الله (عز وجل) وسنّة نبيّه (ص)، كما كان من أعظم الناس عبادة، وأجمعهم لمكارم الأخلاق.
    فقال أحمد: لكني بحثت في الانترنت عن صور لضريحه فلم أجده، قالت بحسرة: روحي له الفداء، إنه مدفون مع أئمة البقيع المظلومين، تحيط بهم أسلاك شائكة، فلا يُسمح ببناء أضرحة لهم، ولا بزيارتهم إلّا عن بعد.
    محمد: وهل الإمام الهادي مدفون معه؟ الأم: لا ليس معه، إنما هو في سامراء، وسنذهب إلى زيارته إن شاء الله تعالى.
    **
    النص: (زَبُورُ الحَرَكَةِ الرِّسَالِيَّة)
    الكاتبة: منتهى علي الكريطي
    مارس الاعلام الأموي الدور التضليلي، ورسم الكثير من صور مضللة لإبعاد التأثير العام للإمام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام)؛ لما يملكه من أبعاد تأثيرية في قيادة الشعب، ولما تتميز به شخصية الإمام (سلام الله عليه) من ذكاء متوقد جعل مسيرته الثورية متوخية الحذر، مع الوسائط المعاشة، فأدى دوره القيادي المعارض للحكم بروية وخفاء، ولهذا نجد الكثير من الناس وعبر التواريخ، يجهلون سمات الدور الحقيقي الذي مارسه والمؤثر في الواقع الاسلامي، فهو الممثل الايجابي الشرعي لعهده الذي استُخلف فيه بعد استشهاد أبيه الإمام الحسين الشهيد (عليه السلام)، حمل رسالة كبيرة سعى فيها إلى تغيير أنظمة الحكم، او لنقل مواجهتها، وفضح أساليبها المتردية، وتحجيم دورها؛ سعياً لبناء الأمّة الإسلامية وحضارتها، وزرع حبّ الحرّية في نفوس جماهير الأمّة، وبث في الأمّة روح الدين التي ترفض الطواغيت، والعمل من أجل إنقاذ الإنسان من براثن الظلم والعبودية، فأدعية الصحيفة السجّاديّة هي من أساسيات الفكر الثوري؛ لأن الأمّة الإسلامية بحاجة إلى نظريّة متكاملة للثورة، والإمام (عليه السلام) بيّن هذه النظرية ليس في الصحيفة السجّاديّة فحسب، وإنّما كان الإمام ذاته زبوراً ناطقاً.
    فقد قام في حياته بتربية الآلاف من الناس، وبذل كلّ جهوده للوقوف على رأس هرم الحركة الرسالية التي تتكوّن أركانها من مجموعة أنشطة مختلفة تلبي احتياجات المجتمع كافة في الفقه، والعلوم، والسياسة، والمعرفة، والتعايش السلمي، والنمو الاقتصادي، والتوعية الدينيّة الصحيحة التي ترتقي بالمجتمعات نحو حياة كريمة وعزيزة.
    كان (عليه السلام) يعدّ المجموعة القادرة على القيام بالدور الموكول إليها، في منتهى الدقّة والدراية، وكان قادراً على تربية رجل للحركات السرّية، وآخر للعلنية، وآخر في الزهد والتقوى وهكذا.. وكيف لا يكون كذلك؟ وهو سليل النبوّة والبيت الطاهر الذي خصّه الله تعالى بخصوصية الطهارة، والعلم، والزهد، والتقوى، والمعرفة، لقد استطاع الحفاظ على هرم الحركة الرسالية بكلّ دقة وذكاء، وتبلورت فيه كلّ صفات القائد القدوة، والمنقذ الحقيقي للأمة الإسلامية في ذلك الوقت وإلى الآن.
    **
    النص: (ابنُ الخِيَرَتَين)
    الكاتبة: ايمان كاظم الحجيمي
    قمر منير أضاء بنوره أفق الكون، واتسع علمه ففاض ينابيعَ معرفةٍ، وأنهارَ علمٍ صافٍ ينهل من سلسبيلها عشّاق أتمّوا العهد لسجادهم، قمر شعبان وربيع الزمان علي بن الحسين (عليه السلام) ذاك الإمام الذي وُلد في بيت النبوة؛ ليتمّ الإمامة ويحفظ رسالة جدّه رسول الله (ص) من أرومة زكيّة وأصل طاهر، فهو من نسل الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) سيّد شباب أهل الجنّة، ومن رحم سيّدة اختارها الله تعالى لتحتضن الروح الطاهرة، فخصّها لتكون ملكة النساء، لُقّب مولودها الإمام زين العابدين (عليه السلام) بابن الخيرتين، عاصر جدّه أمير المؤمنين (عليه السلام) وعمّه الحسن (عليه السلام) ، فاكتسب من صفاتهما، وتحلّى بخصال أهل البيت (عليهم السلام) في مجانبة الحقّ والثورة على الباطل.
    بعد الفراغ الكوني الذي خلّفه الإمام الحسين (عليه السلام) باستشهاده، قُدّر للإمام زين العابدين (عليه السلام) أن يرافق السبايا من كربلاء إلى الكوفة ثمّ إلى الشام، فكان لسان الحقّ الذي نطق به في خطبته التي وقعت كوقع السيف على أعناق الباطل، ولشدّة ما أرهب صدى خطابه وما أوجس من خوف في نفس يزيد (لعنه الله) فقد عجّل بإخراج الإمام والعيال من الشام.
    قام الإمام (عليه السلام) بعد رجوعه إلى المدينة المنوّرة بتأسيس بنيان علمي معرفي للمذهب اشتمل على كتب أثرت المكتبة التاريخية بتراث فكري منهجي حيث كان للصحيفة السجّاديّة ورسالة الحقوق الأثر البالغ في تصحيح مسار الفكر الإسلامي، والحفاظ عليه من طغاة العصر.
    كان (عليه السلام) هزيل الجسد من شدّة ورعه، وكان له عدّة ألقاب عُرف بها، وارتبطت بعبادته، ومنها السجّاد؛ لإطالته في أثناء السجود لله تعالى، استمرت علومه السجّاديّة بعد وفاته بتكوين فكر عقائدي لكلّ طالب معرفة، واستمرت كمعين لا ينضب من علم يشتمل على علاقة العبد بالله تعالى، وحقوق الخالق على خلقه.
    **
    النص: (آَهٌ لِرُزئِكَ أَيُّها المَسْجُون)
    الكاتبة: نرجس مهدي
    سيدي..
    من نور وجودك شع ضياء الدنيا.. وبفضلك أضحى سجنك صومعة للعبادة والتفرّد بمحبوبك الذي طالماً ناجيته، حنّت إليك قضبان السجن المتآكلة، وتصدّعت أكثر عندما كانت ترى دموع عينيك التي كنتَ تغسل بها سجّادة صلاتك المعراجية، وتصعد بها إلى جنان الخلد، فتعطّرها بأنفاسك الملكوتية العطرة.
    تحدّثت جدران السجن إلى بعضها وتساءلت: أما آن لهذه الدموع أن تنشف؟ أما آن للآهات أن تهدأ؟ أما آن للآلام أن تسكن؟ أجابتها قيود المِعصمين وأصفاد القدمين: ماذا تقول أيها الجدار؟ أنت بعيد ولا تعرف معنى الأنين، أنا مَن يعايش هذا الحزن والأنين والآلام، فبكلّ حركة يقوم بها ابن جعفر فإنّي آلمه بقوة، وأبكي حنيناً وآسفاً عليه، وتلك الدموع هي قطرات من دمه الطاهر الذي يتساقط من معصميه وقدميه، قيّدوه؛ لأنّ الظلام لا يحبّ النور، تحدث السجن إليه واعتذر، إذ احتوى برعماً محمّدياً، واستضافه بهذه الاستضافة غير اللائقة لمقام ابن الزهراء (عليه السلام)، هوّن عليه الإمام، وكأنه (عليه السلام) يقول: السجن هذا عندي روضة من رياض ربّي؛ لأن القلب مفعم بحبّ مَن لا يعشق سواه وأصبّر روحي؛ لأن الفرج قريب..!
    فقد بشّر ابن سويد الشيعة بالفرج والخلاص، فقد كان ذلك الفرج لحجة الله تعالى، ألا يوجد لنا نحن مثل ابن سويد يبشّرنا بالفرج؛ لكي تُجلى القلوب به، فعيوننا على جسر الشوق والوصال منتظرة، عجلّ فدتك النفوس قبل أن نصبح نعشاً على باب سجن الدنيا.
    **
    النص: (طفل أفضل)
    الكاتبة: سماء صلاح
    إنّ الأساس في التربيّة الصحيحة هو التخطيط والعزم والثبات مع اللين والمرونة والتوافق الأسريّ، فغرسها سيؤدي الى جني ثمار التربية، والكلمة الطيبة تنفعنا وتنفعه فهو سيحمل نفس العبارات ويتم بناء شخصيته تبعاً لهوية التعامل، فلابد من الحرص على بناء شخصية سليمة وقوية من خلال خلق الاستقلاليّة والاعتماد على النفس إيكاله ببعض المسؤوليات؛ ليشعر بأهمية دوره في الأسرة، وأهميّة إنجازه لتخطي كل المشاعر والمشاكل التي يمرّ بها.
    وهناك مسألة مهمة وهي إظهار المحبة، فشعور الطفل بالمحبة يزيد من ثقته بنفسه، ويشعره بالأمان، ويحفزه بصورة دائمة ليتمكن من إخراج كل الطاقات الكامنة في تنمية مواهبه، وعلى تقضية الوقت بما يحبه ويزيد من قوّة شخصيته وشجاعته، ويمنح الحريّة، منح الطفل حريته مع الوعي بالحدود، على ان لا تتعدّى على الآخرين، توجيه علاقاته مع أصدقائه مع الحرص على امتداحه؛ لتعزّيز مفهوم الثقة بالنفس لديه، وتحفيزه على اعتزازه بشكله وشخصيته وعائلته، وتعليمه الصلاة، وزرع مبادئ الدين السمح والأخلاق الفاضلة كالتسامح، والصدق والأمانة فيه.. والأخذ برأيه وتعويده على اتخاذ القرارات والتعبير عن الرأي بشجاعة؛ كي يشعر بأهميته في العائلة.
    الإجابة عن كل أسئلته لو كانت كثيرة ومزعجة، فهو لديه رغبة في معرفة كلّ شيءٍ يدور حوله.. سرد القصص له ليستمتع بها ويتعلم منها.. تشجيعه على قول كلمة لا للخطأ، ونعم للصحيح.. وتشجيعه على الدعاء وطلب كلّ ما يتمناه من الله (عز وجل).
    **
    النص: (رسالة الى السندي)
    الكاتبة: آمنة خيون هاشم
    النور يبيد الظلام مهما كان حجمه، ويحارب الجور، ويتحدى كل سجون الشر، فكف عن عذابه وقل لسلاسلك الحديدية اللعينة أن لا تجرح يديه ورجليه..
    لقد كسرت قلوبنا.. فتمهل عن أذاه
    هو كاظم غيظه وغضبه، وصابر عليكم، وحليم بكم..
    أيها السندي.. ألم يرق قلبك عليه..
    ألا شعرت بقلبه الرّؤوف؟
    ألم تر سموّ أخلاقه ومرونته؟
    هو وصيّ الأبرار، وإمام الأخيار، ووارث السكينة والوقار والحِكَم والآثار..
    ألم تره يُحيي اللّيل بالسّهر إلى السّحر بمواصلة الاستغفار؟
    هو حليف السجدة الطويلة، والدموع الغزيرة، والمناجاة الكثيرة..
    ألا تعلم... وألم يعلم هارونك انه الوارد على جدّه المصطفى وأبيه المرتضى وأمّه سيّدة النساء بإرثٍ مغصوب، وولاءٍ مسلوب، وأمرٍ مغلوب، ودمٍ مطلوب، وسمٍّ مشروب؟
    فما هو ذنبه يا أعداء النور؟
    ما ذنبه سوى عصمته ونوره الساطع على الظلامات، وعلى الجارية التائبة؟
    كما كان الجمال والعفة ذنب يوسف..
    أيّها الظلام..! لن تحجب القمر..
    فهو يزداد نوراً وإشعاعاً كلّما ازداد اللّيل ظلاماً..
    ألا ترى أن سجنك صار هو السجين.. سجنك لا يقدر أن يحبس النور بداخله
    هو الذي شاءه الله تعالى أن يبعد عتمة عروشكم عن الدنيا
    ليملأ الارض محبة وسلاماً..
    وانت ايها السندي تبقى مجرد لعنة ابدية في فم التواريخ..
    ***​
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X