( علي حسين الخباز )
القراءة فعل فكري يتداخل في مفاصل المنجز لمعرفة ما يفصح عنه النص في مستويات المنظومة الفكرية، والبحث في مرجعياته وما ينبثق عنها مجموعة من التصورات.
وعند قراءة كتاب (الكذب عند الأطفال) للمبدع جواد الشبوط نجد التأثير المعرفي في قيمة السلوك الانساني بصياغات الاثر الوراثي (حياتي – اجتماعي) مثلما شخص في مقدمة الكتاب الدكتور مصطفى نعيم الياسري مجموعة من الرؤى والمفاهيم التي تتأمل في مكونات الفعل الأول، مرحلة الطفولة هذا الواقع المعقد الذي احتل كما يرى المؤلف الشبوط أهمية اجتماعية، تواشجت حضارياً باعتبار العناية بالطفل شأناً اجتماعياً، والقدرة الابداعية في اثارة فعل التنبيه الجمعي؛ كون مرحلة الطفولة هي التي تحدد ملامح شخصية الانسان وخصائصه الجسمية والعقلية الانفعالية والاجتماعية وأسباب الاهتمام الملموس في قضية التأثر عند الاطفال سلباً أو إيجاباً، وهذا الذي يجعلنا أمام حقيقة جوهر العلاقات والتفاعلات الأسرية الدافئة، اساس استقرار المناخ الاسري.
كان سعي الكاتب هو تحديد انماط سلوك الكذب لدى الاطفال، والأسباب والدوافع بأسلوب بسيط كي يصل الى الناس، انتقائية تبحث عن العفوية وما اسماها الفطرة النقية.
يقدم الكاتب الشبوط الرؤى اضافة الى وجهة نظر، اذ يقدم الافكار بوضوح الى متلقيه، فهو يرى أن الكذب والخداع صفة اكتسابية وهو عرض ظاهري لدوافع قوى نفسية، هروب من المسؤولية او لبحث الاخفاق.
يسعى الكاتب الى الارتكاز على الوعي الثقافي، وفنية المسألة مهمة، فقد يلجأ بعض الاباء الى وضع الابناء في مواقف تجعلهم يكذبون، ولكي نعالج الظاهرة علينا ان نتفهم اسبابها وابعادها ونوازعها ليتوهج الموضوع بمنفعة حقيقية.
علماء النفس قسموا الكذب الى كذب خيالي يظهر النزعة عند الاطفال ومحاولة انتزاع اعجاب الاخرين، وهناك كذب دفاعي للتعتيم، وكذب اجتماعي ومبالغة وكذب مكانه انتقاص الاخرين، يكون هذا الوصف الظاهري موضوعياً ومعرفياً لدى الناس، لكن حضور النص بمحموله الوصفي يجعلني امام اضطراب اسري وشعور بالنقص والتميز بين الابناء أو استخدام الاسلوب الصارم والقاسي، ورغبة لفت الانظار والهرب من المسؤولية ومن المؤثرات الاجتماعية واستدرار عطف او كراهية والتقليد والمحاكاة لبعض ما يعرف في وسائل الاعلام المختلفة.
ويرى الدكتور مصطفى أن الكاتب سلط الضوء على اهمية تأثر البيئة المحيطة، ولم يغفل دور الاسرة والأقران ووسائل الاعلام في تعزيز سلوك الكذب.
والكاتب يرى أن اكثر اساليب المعالجة نفعا هي افهام الطفل ومناقشة الفرق بين الكذب والصدق، ولقد نهى عنه الله سبحانه تعالى واعتبره من كبائر الذنوب، وبتشخيص نبي كريم (ص): "إن الكذب يهدي الى الفجور" ولابد من توجيه عقليته الى محبة الصدق والإنسانية والمروءة،.. وهذا الامر يتطلب توفير القدوة الصالحة وعدم الاعتماد على الردع.. نعم إنه كتاب في غاية الاهمية.
أعجبني
تعليق