ي
آفاق التجربة الدلالية..
يرى بعض النقاد أن النثر هو الأدب النقيض للشعر على أساس أن للشعر قدرة تحطيم اللغة العادية دون النثر، وإعادة بناءها الجملي في المرتبة المتدنية من الشعر، ولكن هذا الرأي أصبح غير مجدٍ أمام ما حققه النثر من قفزات..
نوعية قربت خطواتها عبر الشعرية باستخدامها التكثيف، وخرق قانون اللغة، واكتساب صفة الشعر الشعري بما انجزه من انزياحات وتنوعات اسلوبية مرتكزة على الدلالية، بل نحن نرى أن النثرية أقرب الى اكتساب الشعرية من خلال تخلصه من معرقلات الاسترسال الشعري: كالوزن والقافية والنظم، ومن ثم الميل الموجود في النثرية الرسالية وهو الميل الى المضمونية، واحتواء الأحاسيس الإنسانية.. وبالنسبة للنثر تعد من الطاقات الفكرية والدخول الى بنية النص التعبيري الدلالي.. اليوم تحتفي صدى الروضتين بمجموعة من الأديبات الكاتبات التابعات الى مفردات العمل التثقيفي لقسم الشؤون الفكرية والثقافية في النثر، ارتكزن على تعدد الموجهات الأسلوبية التي رسمت علاماتها دلالات فكرية لها حراك انساني مثقف اكتسب الرؤية الواعية...
أولاً/ قراءة في نص (الإمام الحسين (عليه السلام).. وأبواب الثورات الكبرى)
الكاتبة/ مديحة الربيعي
الكاتبة المبدعة مديحة الربيعي في بدء استهلالية تبين للمتلقي ماهية عروض التدوين، والمحافظة على تعدد القراءات والرؤى الفكرية التي تتعاطى مع نهضة الحسين (عليه السلام)، وتبدأ بتقسيم هذه الأصناف، فمنها ما يترك الفكر جانباً، ويقدم النهضة الحسينية، بما منحت العالم من شعور بالألم والفاجعة، وأسلوبية التدوين المصائبي لا يعتمد على ابراز القضية الفكرية، بل على حضور الأحاسيس، لكن الألم هو أيضاً معنى صوري للأحداث، حيث هناك الضرب والطعان والسلب والسبي والقتل.
وترى الكاتبة الربيعي أن فعالية التأثير فاعلية آنية غير قادرة على خلق معايشة فكرية، والقسم الثاني تجدد يعتني بمقومات تحرر الثورة؛ بسبب ادراكه لهذه النظم الفكرية التحررية اللازمة لصناعة ثورة، وهي بذلك تكون وكأنها غير معنية بالقيم الوجدانية.. وتنظر الى القيمة السياسية دون ارتباطها بالرسالة السماوية.
والقسم الثالث الذي صنعته الكاتبة هو الذي يتماهى مع الثورة، وترى الكاتبة أن هذا الصنف هو الذي يدرك ما معنى جهاد النفس، ويتعامل معها كثورة تحررية تتغلب على النوازع الانسانية، لتحطم عروش الطغاة، وقيمة هذه التضحوية هو ارتباطها الأسمى بالمثل السامية.. وتطلق الكاتبة دعوتها المبدعة لكل من تؤمن بتلك الثورة أن تؤمن بمرتبة الصنف الثالث، وهو طريق السائرين على درب الحسين (عليه السلام)، وضرورة القيم التضحوية السامية.
النص/ (الإمام الحسين (عليه السلام).. وأبواب الثورات الكبرى)
الكاتبة/ مديحة الربيعي
ينقسم الناس في التعاطي مع ثورة الحسين (عليه السلام) الى أكثر من صنف: الأول يتعامل مع الثورة وجدانياً, ويتعاطف مع ما يعرف بألم الضحية, ومقدار معاناة الحسين (عليه السلام), وما لحق به من أذى, كضرب وطعن, وتقطيع أوصال، وسلب الجسد الشريف, وقتل الأبناء والأصحاب، وسبي النساء والأطفال, وتلك عاطفة عابرة تنتهي مع نهاية شهر محرم.
القسم الآخر يتعامل مع الثورة عقلياً, ويدرك النظم الفكرية التحررية, اللازمة لصناعة ثورة, تحسب نتائجها مسبقاً بين ربح وخسارة, فهو يتعامل مع مقومات التحرر, دون الأخذ بنظر الاعتبار الجانب الوجداني, ومقدار الصبر والتضحيات وضريبة الدم, عندئذ ستحسب نتائج الثورة طبقاً لمقدار الربح والخسارة, ولن يكون هناك مجال للعطاء إلا في حد معين.
الصنف الثالث يتعاطى مع الثورة وجدانياً وفكرياً وعقائدياً, وهؤلاء هم نخبة السائرين على نهج الحسين (عليه السلام), فهذا الصنف يدرك معنى صناعة الثورة الخالدة, التي تكسر كل قيود الضعف الانساني والغرائزي، وبوادر تلك الثورة جهاد النفس، وتحطيم كل الأصنام, القائمة في أعماق النفس البشرية, وتلك المرحلة الأولى لصناعة الحرية.
السلطة صنم, والمال صنم, وحب الشهوات صنم, وكل شخص أسير لما تهوى نفسه عبد لا يملك مقاليد الحرية, تحركه الأهواء كيفما تشاء, فمتى ما تحرر من تلك القيود واقتلع معابد الأصنام من قرارة نفسه, تمكن من الوصول لأرقى مراتب الحرية, وهي التغلب على النفس والشيطان, وتلك ثورة أولى تفتح أبواب الثورات الكبرى, وتحدد مصير الشعوب, وتحطم عروش الطغاة.
عندما يملك الإنسان زمام نفسه, لن يرضى أن يكون عبداً لأي سلطة أخرى, سوى السلطة الالهية, وسيفتح أبواب العطاء على مصراعيها, فيقدم النفس والمال والولد والأمثلة على ذلك أكثر من أن تورد, والحر الرياحي خير دليل على ذلك, عندما عاش صراعاً للحظات بسيطة بينه وبين نفسه, وسرعان ما حسم أمره, وتفوق على نفسه والتحق بركب الخلود, وتجاوز معنى الربح والخسارة, وأدرك معنى العطاء دون حدود, ففاز فوزاً عظيماً.
ونحن على أعتاب الثورة الحسينية الخالدة, دعوة لكل من يؤمن بتلك الثورة التحقوا بركب الصنف الثالث, من العارفين بنهج سيد الشهداء, والسائرين على دربه، وتذكروا أنه قدم الأهل والمال والولد؛ لأجل الرسالة المحمدية, والحفاظ على الصلاة, والالتزام بتعاليم الخالق, ففي آخر لحظات حياته الشريفة يناجي ربه: (تركت الخلق طراً في هواكا), فقد ترك الدنيا بما فيها من أجل لقاء الخالق, وقدم القرابين واحداً تلو الآخر؛ ليرفع الأذان في المساجد.
بعد هذا كله.. لا يمكن أن تختزل تلك الثورة المباركة في إقامة الشعائر, وتقديم الطعام والشراب, دون إدراك معنى تلك الثورة, فالأحرى بالزائرين الالتزام بالصلاة, والإكثار من ذكر الخالق, وتحري الإخلاص في كل عمل.
أما المؤمنات بثورة سيد الشهداء (عليه السلام)، فيكفي أن نذكر زينب (عليها السلام) وستصل الرسالة على أكمل وجه للعارفين بالحسين وأهل بيته (عليهم السلام)، لنتخذ من ثورة أبي الأحرار نهجاً إنسانياً متكاملاً, كما هو دائماً, صلاة, وعفو, وإصلاح، ومراعاة حرمات الطريق, وحجاب، وحلم، وأدب, وسائر معاني الارتقاء بالنفس؛ إكراماً للتضحيات الجسام لسيد الشهداء (عليه السلام), فالحسين ثورة مستمرة, وليس ذكرى ثورة.
****
ثانياً/ قراءة في موضوع (قدمت كربلاء فالكائنات عزاء)
للكاتبة المبدعة (أمل الياسري)
بدأت الكاتبة استهلاليتها بعملية جذب ارتقائي مبدع، بدأته بشهادة رجل سياسي، يدرك على الأقل معنى القيم التضحوية، فهو لم ينظر الى مسألة الحسم العسكري، وإنما نظر الى قيمة التاريخ التي خلدت التضحية وتناميها العجيب الذي استطاع أن يخلد شعارا بشعار الحسين المدوي (هيهات منا الذلة).
استمدت الكاتبة من الموروث السياسيي قصة زعيم لا يهمنا منه سوى ما استوعبه من درس انساني واع من نهضة الحسين الفكرية، والحديث عن آفاق التجربة الدلالية، نلاحظ أن مرتكزاً مثل هذا سيأخذنا الى أفكار المسكوت عنه.. مثلاً.. ألا يشعر الانسان بحسرة أن يعي أجنبي لا علاقة له بالدين أبعاد ثورة الحسين (عليه السلام)، ويجهلها الكثير ممن يدعي الاسلام ديناً، وينصب نفسه داعية دين ودولة.
يتجسد وعي الكتابة عند الكاتبة (أمل الياسري) هو تمكنها من السيطرة على أكثر من مسرى قصدي في آن واحد، فهي استشهدت بقول الزعيم الفيتنامي لتصل صلب موضوعها، الذي ينظر الى تفاوت الجيشين، من المؤكد أنه سيفكر بأن الحل العسكري الوحيد لإنقاذ الموقف هو فرض التراجع والانسحاب والاستسلام، فاستحدثت في موضوعها بعض الجمل المعبرة عن صلابة الموقف الحسيني مثل (السخاء الحسيني، عرش الشهادة الأبدي)، ومن ثم تحويل هذه الرؤية الى تاريخية، رؤية الواقع الذي افرز صلابة الواقعة في موقف المرجعية، وأبطال الحشد.. منطلقة من اتحاد الصرخة بصرخة اصحاب الحسين، الذي هد عروش الطغاة، وصرخة ابطال الحشد الجهادي الذي يقض مضاجع الدواعش، فنجد أن قوة الموضوع تكمن في استخراج الموقف الثوري المعاش من رحم الموقف التاريخي.. هذه هي لغة التجربة الساعية لتفجير البنية الشعرية في خضم الموقف كمعالجة من معالجات البناء التدويني.
النص/ (قَدمِتْ كربلاءُ فالكائناتُ عزاءُ..!)
الكاتبة/ أمل الياسري
(أنظروا أيها الجنود الشجعان، وأنتم في خنادقكم، الى ذلك الرجل الشرقي المسلم، الذي زلزل الأرض تحت أقدام الطغاة)، عبارة أطلقها الزعيم الفيتنامي الأصل (هوشي فنه)، مخاطباً جنوده في معاركهم، ضد القوات الأمريكية الغازية، مذكراً إياهم بالإمام الحسين (عليه السلام)، حيث افتتح عصراً جديداً لدى المسلمين، بشعاره المدوي: "هيهات منا الذلة".
فرض التراجع والانسحاب، كان أهم ما يريده الطاغية الأموي يزيد الفاسد، فأعوانه المارقون، كانوا يعدون مسيرة الحسين (عليه السلام) خروجاً على خليفتهم البغيض، وبما أن (مثلي لا يبايع مثله)، فقد خاض الإمام معركة الحق والكرامة، ضد الباطل والذل، فجلّ ما أراده هو إصلاح أمة جده (ص).
صرحٌ عملاق من السخاء الجهادي، بالنفس، وبالإخوة، والعيال، والأصحاب، والانصار، (رضوان الله تعالى عليهم أجمعين)، كلهم نسجوا بقيادة الغريب العطشان، ملحمة الطف الأليمة، فباتت عالمية الوجود، إنسانية البقاء، والناس تستلهم الدروس والعبر، على مر العصور والدهور، من مناهل كربلاء المقدسة، معلناً انتصار الدم على السيف، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
قدمت كربلاء الحسين (عليه السلام) هذا العام، وعراقنا يشهد أنواعاً من الكائنات النورانية، المجاهدة ضد الإرهاب، المتمثل بأحفاد يزيد عليه اللعنة، وعلى رأس هؤلاء الأحرار، المرجعية الرشيدة التي واكبت العزاء الحسيني، طيلة سفرها الخالد، فكانت ترحل قوافل الحشد المقدس، ليحتفلوا بحياتهم الأبدية مع الإمام الحسين (عليه السلام)؛ دفاعاً عن الأرض والعرض.
عرش الشهادة الجهادي، الذي تزعمه سبط المصطفى الإمام الحسين (عليه السلام)، في واقعة الطف، لم يكن وليد الصدفة أبداً، بل إن حديث فاجعة النواويس، أو نينوى، أو كربلاء، كان خبرها معروفاً، في جميع الأديان والطوائف، وما مسيرات العزاء المليونية في العالم أجمع، إلا دليل أن الدماء أريقت، والكرامة انتصرت.
كائنات علوية حسينية، صارخة نادبة، فدماء النصر اقتربت، وفوز بالنعيم سيسجل لهذه الثلة المؤمنة، التي أسقطت عروش الطغاة الأمويين بمظلوميتها، وهي نفس صرخات الحشد الجهادي الذي يقض مضاجع الدواعش في أيامنا، فهم رجال لا تلهيهم الحياة الدنيا عن السعادة، في وجودهم مع أنصار إمامهم الحسين، وأخته العقيلة الحوراء (عليهما السلام).
ما أروع الإعلام الحسيني النابض، بالكرامة والإصلاح، إنه الإعلام الزينبي، الذي اختاره البارئ (عز وجل)، لعقيلة الطالبين الحوراء زينب، وابن أخيها الإمام السجاد (عليهما السلام)، لوجودهما في معركة الإيمان كله على الكفر، فاستعملت السيدة العالمة، أفضل ما في يديها من أسلحة، مكنتها من قلب المعركة لصالحها، فانتصر الحق، وقضي الأمر.
العراقيون يستقبلون شهر الحزن والعزاء، ملبين نداء: (لبيك يا زينب)، وهم كأنصار العقيدة الحسينية الشامخة، كلما قدمت كربلاء إليهم، تراهم يجددون عهد الولاء لأبناء البتول (عليهم السلام)، في ساحات الجهاد الكفائي، مطلقين صيحتهم: (أبد والله يا زهراء ما ننسى حسنياه)، لذا كلما جاء محرم الحرام، هتفت الكائنات: عزاء... عزاء.
****
ثالثاً/ قراءة في موضوع (الاعلام بين التوجه والتضليل)
للكاتبة/ إيناس محمد حسين
لغة سردية هادفة، تجسد وعياً يقوده رأي خاص للكاتبة يمثل مستوى النضوج، وعلاقة النص بالتلقي على مستويات مختلفة من القبول، فهي اشتغلت على حيثيات عرض الواقع، وكأنها تكتب عرض حالة الوطن ومعاناته.. مثلاً ابتلاؤه بالحرب النفسية والإعلامية التي تعرض لها، وتتأسف لكون الظروف المحيطة بأوضاع العراق ساعدت في نمو واتساع مخاطر هذه الحرب.
كنا نود ونتمنى أن تدخل صلب الموضوع؛ لتوضح لنا كيف ساعدت هذه الظروف وماهيتها، وما الذي تريده من خلال هذا الموضوع.. وفي محور آخر تقول الكاتبة ايناس محمد حسين: حتى بتنا لا نفهم اين هي الحقيقة؟ بينما نحن نؤمن بأن جميع القوى التي صورت او تصور قابلا من تصورات لا تستطيع ان تقضي على مدركات هذا الشعب، والحرب القائمة هي قامت ضد وعي الشعب العراقي الذي لم يتقبل يوما كل اغراءات التطبع والتطبيع التي نجحت في بعض الدول العربية.
لكن في العراق، كان وعي الشعب العراقي في غاية قوته، مع ما أوصلته الحروب المستمرة التي انهكت البلد.. وفي معنى آخر تقول: ولماذا اصبح العثور عليها في الاخبار والكتب ووسائل الاعلام، صعبا لدرجة كبيرة؟ نرى ان الحقيقة المؤمنة لا تمنحها وسائل الاعلام، فالتيه الحقيقي هو طلب البحث عن الحقيقة في اعلانات منطفئة، وترى أن كل مواطن يحتاج أن يضع لنفسه جهاز تحكم خاص يحدد به وجهته ليدرك عراقيته، وهذا برأينا هو حل ارتكازي مهم ومحصن ذاتي لابد من تشجيعه وتطويره.. وبهذا الوضع يستطيع أن يدرك بوعيه الحقيقة.
وعملت الكاتبة على تحفيز الوعي الوطني، واليقظة ضد زراعة الطائفية، والانتباه لزراع الفتنة.. كانت حسنة الموضوع اولا التركيز على وحدة الوطن والدفاع عن العراق الموحد، وضرورة الانتماء الى الهوية الوطنية.. وفي الخاتمة نجحت الكاتبة في الحصيلة السردية لتطالب بوقفة اعلامية وطنية لمواجهة الاعلام المنحرف، وهذا هو الوجود المعنوي لنجاح الموضوع.
النص/ (الإعلام بين التوجيه والتضليل)
الكاتبة/ إيناس محمد حسين
يعيش العراق وأبناء شعبه منذ فترة طويلة حرباً نفسية وإعلامية كبيرة، وخطورتها تزداد يوماً بعد يوم.. وللأسف ساعدت كل الظروف المحيطة بأوضاع العراق في نمو واتساع مخاطر هذه الحرب، حتى تكالبت علينا الأعداء، وخاصة الحرب الإعلامية المضادة لبلدنا، وهناك من القوى ما تستطيع أن تصور لك الشمس ظلاماً بما تمتلكه من أدوات وتكنلوجيا متطورة.. حتى بتنا لا نفهم أين هي الحقيقة؟ ولماذا أصبح العثور عليها في الأخبار والكتب ووسائل الاعلام صعباً لدرجة كبيرة؟
يحتاج كل مواطن أن يصنع لنفسه جهاز تحكم خاص يحدد فيه وجهته؛ ليخرج نفسه من كل النزاعات والحروب الاعلامية؛ ليدرك أين هي الحقيقة، ويجب أن يذكر نفسه أنه عراقي سواء أ كان مسلماً أو مسيحياً أو ايزيدياً أو صابئياً.. فكل هؤلاء هم أبناء الوطن الواحد، ولهم حقوقهم المتساوية مع الجميع، ولايصح أن نقسم المناطق بطوائفها، ولا المحافظات، حتى لا تتشظى الولاءات، وننغمس في صراعات لا نهاية لها.. فالتفرقة والمسميات الطائفية هي أمور دخيلة على أبناء وطننا الأصلاء الطيبين.. لكن للأسف هناك قوى تعمل على زرع الفتنة بين أبناء الوطن الواحد.. قوى كبيرة لاتتمثل فقط في شخص، أو أفراد، أو مسؤولين كبار، أو دول، أو قنوات إعلامية كبيرة، ووسائل تواصل وتخريب اجتماعي.. بل كل ذلك معاً، ونضيف لهم ضعاف النفوس الذين يروجون لهذه الأفكار، ويدعمونها لمصالح مادية، وتحزبية، وإقليمية، وطائفية.. فالموصل، والأنبار، وصلاح الدين جزء من العراق، مثلما هي البصرة، والنجف، وكربلاء.. والمتطوعون من رجال الدفاع المقدس عن الوطن، هم أبناء هذه الأرض الذين يدافعون عن العراق، فهم يمثلون العراق، ويدافعون عن أعراضهم سواء كانوا من الشيعة أو السنة.. والاعلام يفترض أن يوجه المواطنين الى ضرورة التوحد في اتخاذ القرار، وضرورة التكاتف جيشاً وشعباً قلباً وقالباً.. كلنا عراقيون نحب هذا الوطن وننتمي إليه، ونقف صفاً واحداً في حربنا ضد الارهاب.
والجيش لن يكون منتصراً إلا بوحدة أبناء شعبه، ووعيهم بأهمية هذا الدور الذي يلعبه الاعلام في التفريق بينهم، وكيف يجب التصدي له بكل شجاعة.. إن حرب الاعلام أخطر من حرب داعش.. وإذا لم تكن هناك وقفة لمواجهتها، سيزداد الوضع سوءاً – لا سمح الله - أكثر مما هو عليه الآن...!
****
رابعاً/ قراءة في خاطرة بعنوان (رسالتي اليك يا حسين)
للكاتبة اللبنانية المبدعة: رجاء بيطار
قبل الدخول الى استقراء الملامح العامة لهذه الخاطرة، علينا أن نقول: ان تجربة الكاتبة رجاء بيطار الابداعية أكبر من أن تحتويها خاطرة وعودة نفسية لموضوع معنوي، فهي حاولت ان تدفع باتجاه المد الشعوري المتسع؛ لاحتواء الشغف الانساني، ويتم ذلك بلغة منفتحة على العديد من الصياغات الاسلوبية لتكامل البنية المعنوية للنص:
أولاً: ارتكزت على خبرتها بادارة نسقية الافعال، فابتدأت بأفعال مضارعة من اجل بعث الاستمرارية، فابتدأت بأفعال المضارعة: (يرفرف/ يمتد/ تتلوى/ نلتقط..).. الخ.
ثانياً: اعتمدت على علامات الاستفهام التي تفتح المعنى الى رؤى تعبيرية لإغناء المساحة المتاحة للسرد من أجل شد الانتباه على الحدث، ومتابعة الاجوبة بما تمتلك من فسحة سردية: (وهل؟/ فيم؟/ بأي؟ ماذا اقول بعد؟ وماذا اكتب؟)
ثالثاً: ترتكز على علامات التعجب، ساعية لتنبيه المتلقي من خلالها، وشد كذلك التركيز على الموقف المعنوي.. ما أحلى الفناء فيك يا حسين..!/ يا حسين مدد... الخ.. ومن تلك العلامات التعجبية، ما يتواءم مع الجمل الاستفهامية، فتقترن العلامة الاستفهامية مع علامات التعجب.
رابعاً: ارتكزت اللغة الدلالية على مفهومي اللازمة لخلق نسيج صوتي يوائم بها وحدة الموضوع، وهذه اللازمة مثل تكرار (يا حسين) في بداية بعض الجمل وبنية التكرار للتوكيد، ومع هذا قادرة على تعميق التأثير، وصناعة جرس موسيقي يسترسل الجمل بقوة مثل: (ولكن/ حسب/ اجل/ ولو/ ...).. الخ... مع استنطاق اللغة الدلالية من خلال رسم ملامح الاستثناءات بقوة بعض من لغة المصطلحات مع وجود طول غير مبرر لاحتياج النص الى تكثيف.
على كل حال.. اشتغلت الكاتبة في نص نثري شاعري بأحاسيسها ومشاعرها الجياشة للرمز الحسيني، وفيه الكثير من البؤر الجمالية العالية القيمة: (واني لم افهم معنى هذه الدمعة إلا حين اذرفها بحرقة وحنين.. ذلك انها فطرة من عطاء الاله يجود بها على من منّ عليه بهداه).
النص: رسالتي إليك.. يا حسين..
الكاتبة: رجاء بيطار
يرفرف الفؤاد بين الأضلع، وأنا أخطّ العنوان..!
فرحاً؟ أجل... ولكن أكثر من ذلك... إكباراً وإجلالاً، وربما وجلاً وحياءً... أن تخطّ يميني لمثل هذا الاسم العظيم... وهل في الأسماء ما يدانيه عظمة وكمالاً وجمالاً..؟!
ويمتد اهتزاز الفؤاد إلى العين، فتتلألأ وتجول في فضائها نظرة حالمة عاشقة ودموع.. وإلى الأنامل، فتمتد وتتلوى لتلتقط القلم وتعانقه وتعتصره، وتنبثق من خفقة القلب وقطرة الدمع، ونقطة الحبر.. كلمات حبذا لو تعبّر عن اليسير مما هناك.
ولكن الحيرة تلجلج الحروف، فبمَ أبدأ؟ بأي نداء؟!
لقد استهلك البشر منذ فجر الأنبياء كل الألقاب والصفات، كلها تحاول أن تشتمل عليك، أن ترسم طيفاً من ألوان عظمتك... شعاعاً من وهج أنوارك..!
شهيد أنت..؟! سيد الشهداء؟! بل إن الشهادة حرف من كتاب قدسك، ذاك الكتاب الذي قال فيه الباري (عز وجل): ((وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرضِ مِن شَجَرَةٍ أَقلَامٌ وَالبَحرُ يَمُدُّهُ مِن بَعدِهِ سَبعَةُ أَبحُرٍ ما نَفِدَت كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيز حَكِيم)) (لقمان/27).
عظيم أنت؟! سيد العظماء؟! بل إن العظمة تذوب وتضمحل كما الجليد تحت ضياء شمسك الباهرة التي لا تضاهيها شمس في الدنيا ولا في الآخرة..!
ولكن، ما لي كلما رصفت الصفات وحاولت أن أملأ بها هذا الفؤاد الخافق والعين الدامعة والأسطر المتأرجحة المنتظرة، أمضي متعطّشة إلى المزيد؟! تماماً كما يقف الملهوف على درب الفراق الطويل، يعدو ويعدو ولا يرى إلى الوصول من سبيل، حتى يأتي صاحب الدرب إليه، فيفيض من حنانه ودفئه اللامتناهي عليه... وينتشله من هوة الضياع والفناء إلى قمة الفناء فيه حتى الفناء.
وما أحلى الفناء فيك يا (حسين)..!
ما أحلى الفكرة حين تشرق قسمات حسنك بين ثناياها..!
أجل يا (حسين)..!
لم يجرؤ الحُسن بأن يكون لك اسماً، حتى تصاغر (حسيناً) بين يديك..!
يا (حسين)..!
لقد كلَّت الأوصاف وتهاوت الكلمات عند تراب قدميك...
لا وصف يفيك ولا حرف يرتقي إليك، سوى ما قاله الباري (عز وعلا) فيك: أنت سبط الرسول، شبل المرتضى وقرة عين البتول، أنت صنو المجتبى... سيد شباب أهل الجنة كإياه... ريحانة المصطفى كإياه..!
التحفت كما الخمسة الأطهار كساء خاتم الأنبياء..!
يا "حسين"..!
ولكن ما لي وللوصف جزءاً، طالما أن القلب عابق بكُلّك الذي لا يُوصف..!.
قد طفحت شرايينه وأوردته لتملأ الكيان عشقاً، مع كل خفقة تضخ الدم في كل خلية وذرة وجزيء ونفس يصعد ويهبط ويردّد: يا "حسين"..!
وأحاول أن أقول: "مولاي"
فأضعف وأتلجلج، وتنزلق الكلمة عائدة إلى أعماقي، ولو استطعت محوها عن القرطاس لفعلت:
وهل أنا جديرة بأن أكون أمة في فناء عظمتك؟! بل يكفيني شرفاً أن تقبلني غباراً يتطاير في فضائك، فيلامس وهج فيضك الذي لا ينضب، ولا أطمع في المزيد.
ولأن الكلام والخطاب يقصر عن المراد... اسمح لي بأن أناجيك بلا ألقاب، لأفضي إليك بهذه الهمسات:
تعلمت يوماً أن ذكرك يحيي القلوب، وأن الدمعة التي تذرفها عيون الخاطئين لتوبتهم هي على عظمتها أحقر شأناً من الدمعة التي تُذرف في سبيلك....
وظننتني فهمت ما تعلمت، ولكنني أدركت بعد حين أنني لا يمكن أن أفهم حقاً إلا عندما أعيش الكلمات، وأنني لن أفهم معنى هذه الدمعة إلا حين أذرفها بحرقة وحنين، ذلك أنها قطرة من عطاء الإله، يجود بها على من منّ عليه بهداه...
أجل... فإن ذكرك حين يسكن القلب يحييه، وحين يعطّر الروح يسمو بها إلى عليين، وحين يشرق على ظلمة النفس يبدّد العتمة وينشر النور والضياء.
وإن لاسمك الفعل نفسه، ولعشقك فعل أكبر.
وللدمعة المترقرقة من عين تسبح في فضاء ذاك العشق، وللآهة المتصاعدة من صدر يتنفس ذاك العشق، وللصرخة المتفجرة من بركان يغلي بذلك العشق، وللجسد الذي يطاوع الدمعة والآهة والصرخة، والروح التي تهيم بذلك العشق... فيثور ويثور... ويبحث عن السبيل بعد السبيل، والخِيَرة بعد الخِيَرة؛ ليصل إلى المعشوق الأخير، الذي تصب في بحر عشقه كل الينابيع والجداول والأنهار، لتنطلق هدّارة متدفّقة لا تنثني حتى تفي بالنذر والثأر، وتبرّ بالوعد والعهد: "إن العهد كان مسؤولا".
وينطلق النداء حقاً حقاً: "يا... حسين"
من مهجة الصاحب (عج)الفيّاضة، يروي بها ظمأ السنين..
من مدمعه الذي ما فتئ يبكي بدل الدموع دماً على مدى السنين..
من كفه المعطاء الشاهرة سيف الفاروق الاعظم والصدّيق الأكبر، الذي تنتصب شفرتاه في وجه الباطل منذ فجر الحق، ينعكس على صفحته البرّاقة شعاع تلك الشموس التي أراد الظلم أن يطفئها، فاختزنتها رحم الأيام لتلدها في زمن واحد، دفعة واحدة، تطفئ بها عيون الحاقدين.
ومن شعاع تلك الشموس حين تتراءى، تنبثق الفكرة:
إن ذا الفقار كان ولا يزال، سيفاً بحدين؛ لأنه خلق ليقهر الباطل مرتين... مرة بيد "أبي الحسنين" ومرة بيد "ناصر الحسين".
أحد حديه يميت والآخر يحيي..! أحدهما يضع والآخر يرفع..!
وترتفع راية الحمد لتلف رأسك المضمخ بنجيعك المقدس، وترتسم فوق الأحرف الخالدة الموسومة على خضرتها الندية، قطرات وردك التي لم تزل ندية، وتلوّن الربيع بالورد لتكتمل الصورة.
وإذا نداء الصاحب يدوي بين المشرق والمغرب:"لبيك يا...حسين"
وتزهر الدنيا ربيعاً ووروداً... ويتحول الرأس فوق الرمح، راية الحمد، نوراً, ويسطع إلى عنان السماء ذاك النداء: "يا....حسين!"
يا...حسين! رسالتي إليك، نغمة أبثها في معزوفة مناجاة العاشقين، تحدو لقوافل الراحلين إليك عبر كربلاء.. نسمة أطلقها لتنطلق مع رياح الثائرين، وتنشر قلوع المراكب المبحرة نحوك عبر فرات من دماء..!
أتراها تصل إليك؟! أنت الذي حنوت وتحنو بدموعك ودمائك، حتى على الأعداء..!
ماذا أقول بعد؟! بل ماذا أكتب؟! فالقلب يأبى التوقف عن الخفقان، والفكر يزدحم بالأفلاك لا تكف عن الدوران, والكف متململة تترجم نشيد الروح، والقلم منطلق كالفرس الجموح..! رويدكِ رويدك... يا كل أدواتي وحروفي، وكلماتي وهمساتي، فللحديث وللمناجاة بقية، وعما قريب ننطلق من جديد، لنتابع المسير...
فلنضع الآن الرحال، ولنسترح قليلاً ها هنا، بين الفرات وكربلاء... وغداً نتابع المسير
بسم العلي القدير.. قل هو الله أحد... ألله الصمد،
يا...حسين !... مدَد!...
****
خامساً/ قراءة في نص نثري بعنوان (المرأة وصراع المساواة بالرجل)
للكاتبة المبدعة المهندسة سلاهب طالب الغرابي
تتمحور نصوص بعض الاخوات الاديبات الكاتبات على تحديد علاقة الواقع النصي بالواقع الحياتي عبر فهم قائم على مكونات الرؤية.. ونموذج تجربة الكاتبة سلاهب ترتكز على منافسة حضارية مع الشائع الاعلامي في قضية المرأة ودعابة المساواة مع الرجل..! لتكشف عن المساحة المخدوعة اثر حشو ثقافي مرعب، وقفت بوجهه الكاتبة بثقافة هذه الكاتبة التي رفضت الارتكاز على مقالة تقليدية في موضوعها؛ كونها لا تريد ان تعبر عن احساس انثى بليدة تبحث عن المساواة أو تقف ضدها، بل هي اعتمدت افكار متباينة لأشخاص مجربين من الكتاب والنقاد، الوعي الندي الذي يعكس مناقضة الوعي ليعبر عن مدارك روحية قدمت به نقاشاً فكرياً وفنياً قائماً على التأمل مبتدئة بتعريف المساواة.
ومن ثم تناولت العديد من الآراء المتباينة، وترى عدم جواز المساواة.. اجمل المواضيع تلك التي تحمل آراء قناعة مستندة على رؤية معبرة، وتذهب الكاتبة الى كشف سلبيات معتقد ارسطو وفرويد، ونشعر نحن كمتلقين بأن هذا الكشف يقوم على مسند دلالي كبير يغرف من بحر المسكوت عنه، وكأنها تريد أن تقول: إن كنتم تبحثون عن الرأي العلمي والنظرة العلمية العلمانية، لتعرفوا منها معنى قبول المساواة، فهذا أرسطو وأمامكم فرويد الذي كان له أسوأ رأي في المرأة..! الكتابة وعي ورؤية.. وهذه الكاتبة أكدت حضورها الفاعل داخل موضوعها.. وهذا بطبيعته يجمل مستويات المستوى الابداعي النسوي.. ويقدم أدباً ومثقفاً واعياً يعرف قيمة دوره في الحياة.
النص/ المرأة وصراع المساواة بالرجل
الكاتبة/ م. سلاهب طالب الغرابي
كثيراً ما سمعنا عن إطلاق عنان حرية المرأة تحت عنوان حقوق المرأة المسلوبة الحقوق..! ويجب أن تثبت دورها بكل المجالات كما في المقالات في عالم الانترنيت وفي بث برامج خاصة في الفضائيات للمساواة تسير ضمن مسار دون نهاية.. وهذا مخالف للأديان جميعها، وسأتطرق هنا للجواز العلمي والاجتماعي وفق مصادر تخص هذا البحث اقتبست منها الخلاصة، فما اخترته ليس بمقالة تقليدية نابعة عن احساس لأنثى، ودت أن تكتب إما مع المساواة او ضدها، بل هي مجموعة أفكار متباينة لأشخاص ثبتوا جدارتهم لفترة ليست بالقصيرة..
لنعلم أولاً ما المقصود بالمساواة هو تمثيل الشيء بذاته، لا بما يشبهه، فمن السهل نرى ولداً يشبه أبيه بشكله، إلا انه لا يصح مساواته معه، فلكل منهم ذات مستقل .
شعار المساواة هو مساواة المرأة من حيث الحقوق والواجبات بالرجل.
نلاحظ من يقول بأن المرأة لا تقوى على ما تطالب به؛ لأنها رقيقة وخير دليل ما قاله الرسول محمد (ص): رفقاً بالقوارير.. فإذا كانت المرأة كالقارورة من حيث ضعفها فكيف ستقوى على ما يتعرض له الرجل بأي مكان وزمان .
ومنهم من يقول: قد تمكنت المرأة من أن تثبت مكانة لها بالمجتمع بعدما كانت مهمشة وسابقاً موؤودة.. فهل مطالبتها بالمساواة نابعة من حب التمرد بداخلها؟
كما قال الإمام علي (عليه السلام): لا تطيعوهن بمعروف حتى لا يطمعن بمنكر.
فلا يجوز مساواة المرأة والرجل في كل المجالات، فلكل منهم كيان وتركيب كما لا يجوز بذات الوقت ان نستبعد المرأة عن أي دور في الحياة كما كان معتقد أرسطو أو فرويد الذي كان ينظر للمرأة كالأفعى إن لم تسحق رأسها انقلبت عليك...! فكما توجد من يمكنها ضميرها لتخون، فبالمقابل الرجل أيضاً بمقدوره أن يخون، ومن الخطأ سكب كأس سلبيات الشخصية فقط بدلو المرأة؛ لأن الرجل ليس بملاك.
وقد انقسمت الآراء من حيث منح مطلق الحرية للمرأة كما منحت للرجل، فوجدنا من أيّد ذلك دون وضع أي حاجز لتعزيز مكانة المرأة، ولاحظنا من رفض ذلك بشدة مثلما عبر عن رأيه غرباتشوف قائلاً: كثيراً مَن ناشدوا بحرية المرأة على مر التأريخ وعندما مُنحت الحرية للمرأة نتج جيل فاشل ثمرة حرية أمه..؛ لكون الأم تلعب دوراً هاماً في منح الحنان والعاطفة لأطفالها، فإذا اصبح كلا الوالدين مشغولين بأعمالهم خارج المنزل، فمن لهذا الجيل..؟
ويوجد مَن يقول: موقف المرأة يطغى عليه العاطفة، وموقف الرجل يطغى عليه الحكمة، فلا فائدة من تحررها ومنحها مناصب؛ لأنها أسيرة لعاطفتها حينما تقرر، بينما الرجل قادر على النجاح حتى اذا امتهن مهنة للمرأة، وإن كانت مهنة تراكمية على مر تاريخ المرأة كالطبخ والأزياء..الخ، فبإمكانه أن يبرع بها أكثر من المرأة، وأن المرأة التي تقترب من ابداع الرجل في العمل يكون تفكيرها رجولياً، ونظرتها للمواضيع برؤى رجولي .
أما البعض الآخر يسلط الضوء على العدد القليل من النساء اللاتي نجحن بعملهن حتى بمناصب الدولة، ويحاول أن يعمم امكانية الندرة على اغلبية النساء، كما نلاحظ ذلك في ما قاله الدكتور إمام عبد الفتاح إمام في كتاب (النساء الفلاسفة) فأثبت بأن للمرأة قدرة على الفلسفة كالرجل، والقدرة الكاملة كالرجل في مجالات مختلفة.
وهذا ما خالفته العالمة البريطانيه آنا اخصائية علم الوراثة في كتابها الشهير (جنس الدماغ) الذي فصلت به مميزات تفكير المرأة وطبيعتها، والخلاصة بأنه يجب أن لا نضع العوامل النفسية بدل الحقائق العلمية، فللمرأة قدرة في تنسيق الفكرة، وللرجل قدرة في تكامل تنفيذها أي يجب اعطاء حقوق المرأة، ولكن بحدود تحافظ على أنوثتها، فإن تساوت بالرجل فقدت أنوثتها.
كما وضح الدكتور عباس العقاد في كتاب (هذه الشجرة) بأن الرجل خُلق لتحقيق الافكار والمرأة لإتباعه؛ لأنها سُنة الحياة، وحتى إن وهبت الفرصة للمرأة لتكون مساوية للرجل لَفشلَت لقدرتها المحدودة.. وعقب فيما بعد بأن أساس فسيولوجية دماغ المرأة لا تسمح لها أن تكون سوى امرأة.. وأجاب مَن ألحّ بسؤاله، فقال: إن تماشينا مع مَن ابتعد عن الشريعة وحقق حرية المرأة ومساواتها للرجل, فما النتيجة؟
النتيجة.. لا نرتقي بها، بل نتدنى بالسُلم التطوري، فنصبح كعوالم البدائيات المنعدمة الفوارق المتماثلة لأنواعها، ومتساوية بوظائفها وخصائصها، فنحن بشر وارقى الكائنات، فيجب أن نستعز بفوارق كل جنس منا عن الآخر، فمن الاستحالة أن تتساوى المرأة بالرجل..؟
فلماذا لا نغير الهدف من المساواة الى التكامل.. أي المرأة تكمل الرجل لكان افضل لكليهما.
الغريب أن المرأة حصلت مثل حقوق الرجل لحد الآن، فنراها تعمل حسب اختصاصها وتسوق السيارة وتقرر، وتربي الاطفال، وتشارك الزوج بآرائه والعصمة بيدها (بعضهن) إن كانت متزوجة، وتقضي أوقاتها كما تريد... ولا تزال تطالب بمساواة الحقوق للرجل، وكأن الحياة معركة وخصمها بالحياة الرجل، ولم نزل لا نعرف ماذا يضمرن من امانيهن اكثر من هذا..؟
والأغرب من ذلك، بأننا نرى معظم من تناشد وتطالب بالحقوق وعلى رأسها الحرية نجدها في قمة تحقيق ما تطالب به..!! لأن المرأة المضطهدة فعلاً لا يسعها أن تتفوه بحرف بمحيط عائلتها القمعي؛ لأن هذا مخالف لعرفهم العشائري، وكل ما تطمح له هو رضاؤهم عليها.
اما المرأة المثقفة، فتكون مقتنعة بما وصلت اليه، رافضة ان تأخذ زمام الأمور بيدها كالرجل، لئلا تحدث كارثة ويأتي الرجل يوما مطالبا للمساواة بواجبات المرأة، وتكون هي رب العائلة وهو رب البيت..!
هذا وتعمل على منع عكس هيكيلة سنة الحياة، وحامدة الله (عز وجل) على ما منحها إياه دون التحليق على سحابة لا تمطر سوى ضوضاء اعلامي .