تداعيات العلاقات المحرمة واثرها في التشرذم الاجتماعي
حسن الهاشمي
العلاقات الاجتماعية القائمة على أساس التقوى والعمل الصالح هي العلاقات الوطيدة التي تحفظ للمجتمع الانساني كرامته وعزته وشموخه، أما إذا ما ابتنت على أساس المنافع المادية والإباحية في تلبية الرغبات الجنسية فإنها لا محالة تنهار في وحل الخيبة والخسران، إذ إن القوانين الطبيعية التي تحكمنا طبقا للإرادة الإلهية هي التي تقتضي السير وفق منهج السماء وطالما لمسنا كيف أنه يلبي احتياجات الانسان المادية والمعنوية ويأخذ بيده إلى سلم النجاح والكمال، أما إذا ما قرر الانسان أن يسلك منهجا مغايرا لمنهج السماء في التعاطي إزاء النوع البشري وفقا لأهدافه ورغباته ونزواته فإنه بمثابة من يهشم نفسه والطريق الذي يمشي به، وأن يكون وبالا على نفسه والآخرين، ولا يجني وقتذاك سوى الندم ولات حين مندم.
وتبعا لذلك فمن يطرق الابواب غير الشرعية في تلبية رغباته الجنسية، تتراكم عليه المصائب والمتاعب، وتهجم عليه الأمراض والأسقام، ويرتع في مستنقع يلفه الضنك والحرمان، وإذا ما ابتلي بكل ذلك فلا يلومن إلا نفسه، فإنها الآثار الوضعية تعصف بكل من طرق أبواب الزنا واللواط والسحاق والعادة السرية وكل ما من شأنه أن يلبي الشهوات بطرق غير شرعية، ناهيك عن العقاب الأخروي لمرتكبي هذه الموبقات فإنه أشد وأخزى لاسيما لأولئك الذين يرحلون عن هذه الدنيا من دون توبة وإنابة إلى الله تعالى، هذه هي سنة الحياة، من أراد العزة والكرامة والتوفيق ما عليه إلا أن يسلك طريق الهدى والاستقامة، ومن أراد الذل والهوان التعس، فإنه يسلك مسالك الشيطان والهوى الذي يوقعه في متاهات هو في غنى عنها وعن تداعياتها الخطيرة.
فالغيرة والحفاظ على الأنساب يحتم على الفرد أن يكتفي بحلاله من الناحية الجنسية وغض البصر عن محارم الناس، ومن طرق باب الناس طرقت بابه كما يقولون، وباستطاعة الرجل والمرأة أن يلبيا احتياجاتهما الجنسية وهي في أوجها ـ أي في مرحلة المراهقة والشباب ـ بالطرق المشروعة كالزواج والابتعاد عن الطرق غير المشروعة كالزنا والسفاح واللواط، وطالما علمتنا التجارب أن تلبية الرغبات الجنسية بالحلال يجلب للإنسان راحة الضمير والاطمئنان والاستقرار النفسي والجسدي بخلاف تلبيتها بالطرق المحرمة فإنها وإن كانت تطفئ أوار الجنس في برهة من الزمن ولكن تداعياتها الاجتماعية والنفسية والصحية خطيرة، فالشرف نبل انساني مطلوب، والفجور محطة متدنية تأباها النفوس الأبية، وهذا ما يقره العقلاء النبلاء ناهيك عن التقويم الديني في السلوك البشري.
للزنا ومخالفة التعاليم الإلهية في تلبية الرغبات الجنسية آثارا وضعية دنيوية يكتوي بنارها الزاني سواء بقي الزاني على غيه أم تاب، وليس لها علاقة بالآثار الأخروية فإنها تمحى خاصة عن الذين يطرقون باب التوبة النصوح بعد ارتكابهم تلك الموبقات بوقت قصير، ومن أهم تلك الآثار النفسية والاجتماعية:
1ـ الزنا يجمع مفاسد الشر كلها من: قلة الدين، وذهاب الورع، وفساد المروءة، وقلة الغيرة، ووأد الفضيلة.
2ـ يقتل الحياء ويلبس وجه صاحبه رقعة من الصفاقة والوقاحة.
3ـ سواد الوجه وظلمته، وما يعلوه من الكآبة والمقت الذي يبدو للناظرين.
4ـ ظلمة القلب، وطمس نوره.
5ـ الفقر اللازم لمرتكبيه، وفي الأثر يقول الله تعالى في حديث قدسي: (أنا مهلك الطغاة، ومفقر الزناة).
6ـ أنه يذهب حرمة فاعله، ويسقطه من عين ربه وأعين عباده.
7ـ الوحشة التي يضعها الله في قلب الزاني.
8ـ أن الناس ينظرون إلى الزاني بعين الريبة والخيانة، ولا يأمنه أحد على حرمته وأولاده.
9ـ ومن أضراره الرائحة الكريهة التي تفوح من الزاني، يشمها كل ذي قلب سليم، تفوح من فيه، ومن جسده.
10ـ ضيقة الصدر وحرجه؛ فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته، ولم يجعل الله معصيته سبباً إلى خير قط.
11ـ الزاني يعرض نفسه لفوات الاستمتاع بالحور العين في المساكن الطيبة في جنات عدن.
12ـ الزنا يجرئ على قطيعة الرحم وعقوق الوالدين، وكسب الحرام، وظلم الخلق، وإضاعة الأهل والعيال وربما قاد إلى سفك الدم الحرام.
13ـ الزنا يذهب بكرامة الفتاة ويكسوها عاراً لا يقف عندها، بل يتعداها إلى أسرتها.
14ـ أن العار الذي يلحق من قذف بالزنا أعظم من العار الذي ينجر إلى من رمي بالكفر وأبقى.
15ـ إذا حملت المرأة من الزنا، فقتلت ولدها جمعت بين الزنا والقتل.
16ـ أن الزنا جناية على الولد.
17ـ زنا الرجل فيه إفساد المرأة المصونة وتعريضها للفساد والتلف.
18ـ الزنا يهيج العداوات.
بخلاف من ينكر الزنا ويتجنبه، ولا يرضاه لغيره؛ فإن هذه السيرة تكسبه مهابة في قلوب محارمه، وتساعده على أن يكون بيته طاهراً عفيفاً.
19ـ للزنا أضرار جسيمة على الصحة كالإيدز، والهربس، والزهري، والسيلان، ونحوها.
20ـ الزنا سبب لدمار الأمة.
مما تقدم نتبين حكمة التشريع الإسلامي في تحريم الزنا واللواط، وتظهر دقة أحكامه في التنكيل بمقترفي هذه الموبقات المشينة، والأمر بالقضاء على الجريمة وتخليص العالم من شرورها، والشدة في معالجة هذه المعاصي ليس للانتقام وإنما لاستئصال شأفة الجريمة في المجتمع وتقديم الأنموذج الأمثل في اشباع الرغبات والشهوات حفظا للنسل والكرامة واشباعا للغريزة الجنسية دونما تعد على حقوق الآخرين.
الواضح إن الإسلام عندما يؤكد على طهارة الحضن والمولد إنما يؤسس إلى تكوين أسرة متماسكة أصيلة تربطها علاقات وثيقة قائمة على القيم والفضائل وحفظ الحقوق والواجبات لكلا الجنسين، ومن خلالها تبرز الكثير من المواقف المعنوية في الإيثار والمواساة والوفاء والإحسان، تلك المناقبيات التي لا نكاد نراها في المجتمعات المتحللة خلقيا، والتي أطلقت العنان لإرضاء الشهوات الحيوانية دونما ضوابط خلقية، فالفرد الذي يترعرع في هكذا أجواء صاخبة تراه يكتوي بنار الآثار الوضعية لهذه المعاصي شاء أم أبى، ولا محيص من التخلص من آثار الأمراض المزمنة وموت الفجأة والفقر والقحط والتدمير والإبادة إلا من خلال الإحجام عن الفسق والفجور، وابدالها بالعلاقات الشرعية التي تحافظ على النسل وتلبي الرغبات في أجواء ملئها المودة والرحمة والعطف والحنان بعيدا عن مؤثرات الكراهية والحقد والعداوة والبغضاء التي نراها شاخصة في العلاقات المريبة.
حسن الهاشمي
العلاقات الاجتماعية القائمة على أساس التقوى والعمل الصالح هي العلاقات الوطيدة التي تحفظ للمجتمع الانساني كرامته وعزته وشموخه، أما إذا ما ابتنت على أساس المنافع المادية والإباحية في تلبية الرغبات الجنسية فإنها لا محالة تنهار في وحل الخيبة والخسران، إذ إن القوانين الطبيعية التي تحكمنا طبقا للإرادة الإلهية هي التي تقتضي السير وفق منهج السماء وطالما لمسنا كيف أنه يلبي احتياجات الانسان المادية والمعنوية ويأخذ بيده إلى سلم النجاح والكمال، أما إذا ما قرر الانسان أن يسلك منهجا مغايرا لمنهج السماء في التعاطي إزاء النوع البشري وفقا لأهدافه ورغباته ونزواته فإنه بمثابة من يهشم نفسه والطريق الذي يمشي به، وأن يكون وبالا على نفسه والآخرين، ولا يجني وقتذاك سوى الندم ولات حين مندم.
وتبعا لذلك فمن يطرق الابواب غير الشرعية في تلبية رغباته الجنسية، تتراكم عليه المصائب والمتاعب، وتهجم عليه الأمراض والأسقام، ويرتع في مستنقع يلفه الضنك والحرمان، وإذا ما ابتلي بكل ذلك فلا يلومن إلا نفسه، فإنها الآثار الوضعية تعصف بكل من طرق أبواب الزنا واللواط والسحاق والعادة السرية وكل ما من شأنه أن يلبي الشهوات بطرق غير شرعية، ناهيك عن العقاب الأخروي لمرتكبي هذه الموبقات فإنه أشد وأخزى لاسيما لأولئك الذين يرحلون عن هذه الدنيا من دون توبة وإنابة إلى الله تعالى، هذه هي سنة الحياة، من أراد العزة والكرامة والتوفيق ما عليه إلا أن يسلك طريق الهدى والاستقامة، ومن أراد الذل والهوان التعس، فإنه يسلك مسالك الشيطان والهوى الذي يوقعه في متاهات هو في غنى عنها وعن تداعياتها الخطيرة.
فالغيرة والحفاظ على الأنساب يحتم على الفرد أن يكتفي بحلاله من الناحية الجنسية وغض البصر عن محارم الناس، ومن طرق باب الناس طرقت بابه كما يقولون، وباستطاعة الرجل والمرأة أن يلبيا احتياجاتهما الجنسية وهي في أوجها ـ أي في مرحلة المراهقة والشباب ـ بالطرق المشروعة كالزواج والابتعاد عن الطرق غير المشروعة كالزنا والسفاح واللواط، وطالما علمتنا التجارب أن تلبية الرغبات الجنسية بالحلال يجلب للإنسان راحة الضمير والاطمئنان والاستقرار النفسي والجسدي بخلاف تلبيتها بالطرق المحرمة فإنها وإن كانت تطفئ أوار الجنس في برهة من الزمن ولكن تداعياتها الاجتماعية والنفسية والصحية خطيرة، فالشرف نبل انساني مطلوب، والفجور محطة متدنية تأباها النفوس الأبية، وهذا ما يقره العقلاء النبلاء ناهيك عن التقويم الديني في السلوك البشري.
للزنا ومخالفة التعاليم الإلهية في تلبية الرغبات الجنسية آثارا وضعية دنيوية يكتوي بنارها الزاني سواء بقي الزاني على غيه أم تاب، وليس لها علاقة بالآثار الأخروية فإنها تمحى خاصة عن الذين يطرقون باب التوبة النصوح بعد ارتكابهم تلك الموبقات بوقت قصير، ومن أهم تلك الآثار النفسية والاجتماعية:
1ـ الزنا يجمع مفاسد الشر كلها من: قلة الدين، وذهاب الورع، وفساد المروءة، وقلة الغيرة، ووأد الفضيلة.
2ـ يقتل الحياء ويلبس وجه صاحبه رقعة من الصفاقة والوقاحة.
3ـ سواد الوجه وظلمته، وما يعلوه من الكآبة والمقت الذي يبدو للناظرين.
4ـ ظلمة القلب، وطمس نوره.
5ـ الفقر اللازم لمرتكبيه، وفي الأثر يقول الله تعالى في حديث قدسي: (أنا مهلك الطغاة، ومفقر الزناة).
6ـ أنه يذهب حرمة فاعله، ويسقطه من عين ربه وأعين عباده.
7ـ الوحشة التي يضعها الله في قلب الزاني.
8ـ أن الناس ينظرون إلى الزاني بعين الريبة والخيانة، ولا يأمنه أحد على حرمته وأولاده.
9ـ ومن أضراره الرائحة الكريهة التي تفوح من الزاني، يشمها كل ذي قلب سليم، تفوح من فيه، ومن جسده.
10ـ ضيقة الصدر وحرجه؛ فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته، ولم يجعل الله معصيته سبباً إلى خير قط.
11ـ الزاني يعرض نفسه لفوات الاستمتاع بالحور العين في المساكن الطيبة في جنات عدن.
12ـ الزنا يجرئ على قطيعة الرحم وعقوق الوالدين، وكسب الحرام، وظلم الخلق، وإضاعة الأهل والعيال وربما قاد إلى سفك الدم الحرام.
13ـ الزنا يذهب بكرامة الفتاة ويكسوها عاراً لا يقف عندها، بل يتعداها إلى أسرتها.
14ـ أن العار الذي يلحق من قذف بالزنا أعظم من العار الذي ينجر إلى من رمي بالكفر وأبقى.
15ـ إذا حملت المرأة من الزنا، فقتلت ولدها جمعت بين الزنا والقتل.
16ـ أن الزنا جناية على الولد.
17ـ زنا الرجل فيه إفساد المرأة المصونة وتعريضها للفساد والتلف.
18ـ الزنا يهيج العداوات.
بخلاف من ينكر الزنا ويتجنبه، ولا يرضاه لغيره؛ فإن هذه السيرة تكسبه مهابة في قلوب محارمه، وتساعده على أن يكون بيته طاهراً عفيفاً.
19ـ للزنا أضرار جسيمة على الصحة كالإيدز، والهربس، والزهري، والسيلان، ونحوها.
20ـ الزنا سبب لدمار الأمة.
مما تقدم نتبين حكمة التشريع الإسلامي في تحريم الزنا واللواط، وتظهر دقة أحكامه في التنكيل بمقترفي هذه الموبقات المشينة، والأمر بالقضاء على الجريمة وتخليص العالم من شرورها، والشدة في معالجة هذه المعاصي ليس للانتقام وإنما لاستئصال شأفة الجريمة في المجتمع وتقديم الأنموذج الأمثل في اشباع الرغبات والشهوات حفظا للنسل والكرامة واشباعا للغريزة الجنسية دونما تعد على حقوق الآخرين.
الواضح إن الإسلام عندما يؤكد على طهارة الحضن والمولد إنما يؤسس إلى تكوين أسرة متماسكة أصيلة تربطها علاقات وثيقة قائمة على القيم والفضائل وحفظ الحقوق والواجبات لكلا الجنسين، ومن خلالها تبرز الكثير من المواقف المعنوية في الإيثار والمواساة والوفاء والإحسان، تلك المناقبيات التي لا نكاد نراها في المجتمعات المتحللة خلقيا، والتي أطلقت العنان لإرضاء الشهوات الحيوانية دونما ضوابط خلقية، فالفرد الذي يترعرع في هكذا أجواء صاخبة تراه يكتوي بنار الآثار الوضعية لهذه المعاصي شاء أم أبى، ولا محيص من التخلص من آثار الأمراض المزمنة وموت الفجأة والفقر والقحط والتدمير والإبادة إلا من خلال الإحجام عن الفسق والفجور، وابدالها بالعلاقات الشرعية التي تحافظ على النسل وتلبي الرغبات في أجواء ملئها المودة والرحمة والعطف والحنان بعيدا عن مؤثرات الكراهية والحقد والعداوة والبغضاء التي نراها شاخصة في العلاقات المريبة.