إدراك معنى القضية الحسينية بمفهومها التضحوي، يدعونا الى سلوك سبيل التضحية، ونيل تلبية درجات الشهادة، والترسيخ الصائب لمعاني هذه النهضة المعطاءة، لا يأتي إلا من خلال التمسك بالقيم الروحية، واستحضار الحسين (عليه السلام) بسلوك تضحوي يرفض الخنوع بكل أشكاله المذلة، بعدما تحولت المواجهة من الشأن السياسي الى الشأن العسكري، الى الاحتلال المهين وتشكيل جيش داعشي يجعلنا بمواجهة الموقف دون النظر الى النتائج، فالقيمة الأسمى هي الدفاع عن الدين والمذهب، ورفض العروش التي جاءت لتهديم مراقد أئمتنا، والتهديد المباشر والمعلن لجميع مرتكزات مذهبنا القويم، وهذا يعني أن التهديد طال الأئمة (عليهم السلام)، وجعلهم طرفاً من أطراف المواجهة بالحرب الداعشية، سخرت أساساً لمحاربة الدين وتهديم المراقد المقدسة.
ومن هذا المعترك، كانت فتوى الدفاع المقدس التي أطلقها سماحة السيد علي السيستاني (دام ظله الوارف) هو تحويل طاقة الانتظار المهدوي المبارك الى ثورة ناهضة تديم إحياء أمر الله تعالى، فلابد من قوة تنهض بعمق الفكر الحسيني بمستوى يرتقي الى تفعيل الانتظار الى فعل نهضوي مبارك.
ما حدث اليوم ليس صراعاً أو نزاعاً سياسياً، بل هي حرب أرادوها حرب إبادة، ولهذا كانت راية الفتوى هي سارية من ساريات راية القائم (عجل الله فرجه الشريف) وهي صدى لصوت الحسين (عليه السلام): هيهات منا الذلة.. لقد قرأت الفتوى المباركة معنى الانتظار المهدوي قراءة مسؤولة، وترجمت الحرص الذي يتحدث به البعض هو حماية الدين والمذهب والأرض والعرض، بمعناها الحيدري الذي تمخض عن ثلاثة حروب طاحنة حفظ بها كرامة الدين من التغيرات التحزبية التي ارادت بالأمة الشر باسم الدين.
وقرأت الحرص نهضة حسينية قدمت التضحيات الجسام، ألم يكن الحسين (عليه السلام) يعرف بفارق القوة والعدد، وإن موازنة القوى لا تأتي إلا بالجهد التضحوي، فكانت فتوى سماحة السيد فتوى شجاعة لم تستسلم لنظريات تعطل مهمة الانتظار المبارك، فهي النظريات تسعى لإيجاد ثغرة ضد أي نهوض يرد كرامة الأمة، ويحافظ عليها، الفتوى اشاعت الروح الايمانية فكانت هي التقويم الأصوب الى ترشيق الوعي الشيعي باتجاه فلسفة الانتظار الفاعلة بما رست عليه من سمو روحي وأخلاقي.
=