في معترك النقاش والمحاورات الساخنة، ظهر لنا فجأة شاهد، حملتْهُ غيرتُه وما يحمل من حقيقة، يقول في متحف من متاحف عاصمة عربية تقرن اسمها بالاسم وعنوانها بالدين: كان تزوير التاريخ جلياً، إذ تم طمس الدور المهم الذي قام به الإمام علي(عليه السلام)، فلم يأتِ أي ذكر لمن نام في فراش النبي محمد(ص)، وهذا يُظهر أن الامام علياً(عليه السلام) هو مشكلتهم الكبرى، فالوثيقة المعروضة في المتحف تغييب لدور الامام علي(عليه السلام).
البعض يقول: انه المبيت في فراش النبي(ص) كان بمثابة الانتحار، والآخر يرى ان جبرئيل أخبر النبي (ص) بأن من يبيت في فراشك لا يقتل..! فسلبوا من الامام علي(عليه السلام) بطولته، والجميع يدرك أهمية الامام علي(عليه السلام) وتضحياته الكبيرة لنصرة رسول الله(ص)، ولولاه ما انتصر الاسلام، وفي فضله جاء قول الله تعالى: ((وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ)) (البقرة/207)، فدى رسولَ الله(ص) عليُّ بن أبي طالب(عليه السلام)، حين أمره أن يبيت على فراشه، ويتغطى ببرد له أخضر.
لحظة الهجرة كانت تتطلب أن يبقى في مكان الرسول (ص) في البيت رجل تشغل حركته داخل الدار أنظار المحاصرين لها من مشركي قريش، فلماذا وبعد هذا التاريخ يأتي من يريد تغييب الدور، والجميع يستطيع أن يدرك مصير من يخدع قريشاً، ويجعل كيدها هزيمة، ويجعلهم سخرية مخزية، من المؤكد مصيره القتل، فهل هذا الفدائي يستحق النكران، وهو من طراز فريد؟
ولأنه ربيب الوحي، ولأنه اول المسلمين وتلميذ النبي(ص) وربيبه، ومهمة الامام علي(عليه السلام) لم تكن مقصورة على المبيت، بل كانت ذات جانب آخر تتطلب نفس القدرة من التضحية، وهي رد الامانات والودائع، وهذه الخصيصة لها مكانة ومنزلة.
يتساءل أحد العلماء عن محتوى هذه الخصيصة ودلائلها، ليصل الى أن شخصية الامام علي(عليه السلام) تمثل شخصية الرسول(ص) في محتواها المعنوي، وهو الشخصية المهيأة لأن تخلفه وتمثل شخصه وتقوم مقامه.. هل يُطمس دور من واجه قريشاً بعد أن صفعها تلك الصفعة المذلة حتى نجا النبي(ص) من براثنها؟
يقولون: إن الاسلام قد ذهب بسخائم النفوس، وهؤلاء قريش وأنسابها، لم يتخلصوا من حقدهم على امير المؤمنين(عليه السلام)، لم ينسوا أبدا ليلة المبيت وحسبوها واقعة كواقعة بدر، وأحد، والخندق.. وهي ليست الليلة الاولى التي يبيت فيها الامام علي(عليه السلام) في فراش رسول الله(ص) ويفتديه بنفسه، إذ انه لطالما كان ينام مكان رسول الله(ص) ويفتديه بنفسه، فقد كان ينام مكان رسول الله(ص) في شعب أبي طالب(عليه السلام) احترازا من غدر قريش، وكان يفعل بكل رضا وسرور امتثالاً لأمر ربه، وليغيظ به قلوب المعاندين الى يومنا هذا..