تاريخُ الأسواق القديمة في مدينة كربلاء المقدسة
كان جدي يحدثني عن أسواق كربلاء القديمة التي اندثرت في السابق، ومنها ما بقيت إلى الآن تتحدى المتغيرات وتقلبات العصر الحديث، ومنها سوق (البزّازين)، قلت: ياجد لماذا سُمّيت السوق بسوق العَرب؟ ابتسم الجد وقال: لأن الطابعَ العام فيها خاص بالبدو الرُّحل، ولذلك كانت السوق خاصة بالفِراء، وبعض المنسوجات التي اشتهرت بها كربلاء. قال أحدُ الشهداء: وسوق العلاوي تختص ببيع الرز والحنطة والشعير، والحبوب والذرة والهرطمان، والسمسم والماش والباقلاء.. وتمتد من سوق الميدان وحتى شارع العباس (ع)، وكانت هناك (علاوي) صغيرة في سوق (النسوان).
قال الشيخ الوقور: وهناك سوق (النَّعلچيّة) وهي موازية لسوق العرب، وكان العملُ على شكلين؛ (جاهز و(توصاه) أي حسب الطلب)، وأغلبها تُصنع من جلود الحيوانات، ومن أبرز المُختصين في هذه المهنة الحاج (رضا أبو گنيص).
قلت: ياجد والسوق التي كانت في شارع علي الأكبر(ع)؟ قال الجد: هي سوق (القندرچية) تُباع فيها مختلف الأحذية النسائية والرجالية، وأحذية الأطفال. قال شهيد: هناك سوق (السمّاكين).. قلت: من المؤكد أن هذه السوق قد انتقلت مراتٍ عديدة. فقال: نحن نتحدث عن مكانها القديم في شارع العباس (ع). أما (القصّابون) فتنتشر حوانيتهم في معظم الأسواق، لكن السوق الأصلية (للقصّابين) كانت في شارع الإمام علي (ع). وهناك سوق (السرّاجين) يبيعون السروجَ والأحزمة، وحقائب معظمها من جلود الحيوانات. وكان هناك سوقٌ للخياطين، حيث تنتشر هذه السوق في قيصرية المرحوم محمد عبد العزيز في سوق التُّجار، وقيصرية سوق العرب، وهناك قسمٌ يختصُّ بخياطة الملابس الحديثة، وتنتشر في أنحاء المدينة كلها، والقسم الآخر يختص بخياطة الملابس القديمة وملابس الأطفال.
أما خياطة الملابس الحديثة فكانت أجورها باهظة في كربلاء؛ لتعلّق أعمال الخياطين بالطبقة الثريّة. أما القسم الآخر فأجوره زهيدة لمساسها بطبقة الفلاحين والعمال. وهنا صاح أحد الشهداء: لا تنسوا كذلك سوق (التُكمچيّة) الذي هو في شارع علي الأكبر(ع) قبل أن تنقل الى باب الخان، ليختص عمال هذه الصنعة بصناعة النُّحاس والبرونز، وهو فن شعبي أصيل تكاد تنفرد به كربلاء، ويشمل صنع (الإبريق والمغسلة التي تسمى (اللگن)، وابريق ماء الورد، والمزهريات والمناقل والمفاتيح بأنواعها، وصناعة الهاون) كذلك الأواني وأدوات الزخرفة والزينة والتحفيات المنقوشة والمحفورة التي نراها في واجهات المنازل، وتشمل كتابة بعض الآيات القرآنية والأحاديث.
قال الشهداء: كربلاء مشهورة بسوق (التربچية) وصناعة الطين الذي يُجلب من ترسبات نهر الحسينية، وتوضع (الترب) في (أسفاط) تعد من الخوص..
سألني الشيخ الوقور صديق جدي: هل سمعت يوماً عن سوق (السبزسة)؟.. قلت: لم أسمعْ عنها ياجد.
قال: هي سوق (الساعچية) كان موقعها من سوق التجار حتى شارع علي الأكبر(ع)، ويختص (الساعاتيون) ببيع وتصليح الساعات.. قلت: لقد أزيلت هذه السوق تماماً لإفتتاح شارع بين الحرمين. قال شهيد آخر: مادمتم ذكرتم الأسواق، فلماذا نسيتم سوق (الحُيّاك)، وهي من الأسواق المعروفة في كربلاء، وموقعها في (عگد الجاجين) محلة باب السلالمة، وكانت أسرة آل جريدي، وهم من عشيرة (النصاروة) أصحاب اختصاص، وكانت تقوم بحياكة العباءة النسائية والرجالية بعد عزلها من صوف الأغنام، وهناك أيضا سوق الدجاج تقع في بداية سوق الصفارين حتى سوق الميدان، وكانت النساء القرويات فيها يجلبن الدجاج والبيض، وسوق بيع الأغنام كانت تسمى خان (الوگفة) وهي سوق تجلب إليها الأغنام والبقر والماعز والإبل.. وكانت في باب الخان، وهناك سوق أخرى لبيع الحمير.
أعجبني
تعليق