إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

رقية قرة عين الحسين عليه السلام )4 خديجة عبد الواحد ناصر

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • رقية قرة عين الحسين عليه السلام )4 خديجة عبد الواحد ناصر



    كنت أردد مع نفسي الله يساعد قلب عمتي زينب، كلما أرفع رأسي وأنظر إلى السماء أراها تبكي مثل عمتي، وأرى النهار يميل إلى العتمة رغم أن الشمس موجودة وبقوة، صهيل الخيل مرعب لدرجة يفقدنا الإحساس بطعم الحياة، كأننا موتى ما زلنا نعيش

    ناس تنتظر دورها في القتل، كل هذه الألوف من الجند وهم يستصرخون أحقادهم ضد أبي.. مرعبون، حتى أكاد لا أراهم إلا حيوانات مخيفة تجمعت لتنهش لحم أبي سلام الله عليه، أحداث كثيرة لا أستطيع أن أستوعبها، من أي قوم هم؟

    أراهم يكبرون باسم الله ويصلون على النبي وآل بيت النبي، هل لديهم الله غير ربنا؟ أم محمد غير محمدنا صلاة الله عليه وآله وسلم؟

    وهل للنبي محمد أهل بيت غيرنا؟

    هذه الأمور لا أستطيع أن أفهمها، ولا يمكن أن أسأل عمتي عنها وهي وسط هذا الزحام من المصائب، كانت في بداية الصباح تحاول عمتي زينب أن تعزلني عن الأحداث تريد ألا أسمع شيئا أو أرى شيئا، كنت أحب أن أخبرها.. عمة اليوم من دون الأيام كبرت سريعا صرت أعرف أنهم قتلوا أخي علي الاكبر لقد حملوه إلى الخيمة، الدم انتشر في خيمتنا، الطعنات التي ملأت جسد أخي كثيرة، مرعب هو القتل، لم أكن أعرف شكل القتل من قبل، ويبدو أن هناك أشياء أكبر لم أعرفها بعد

    القت عمتي بنفسها عليه، وكأني فقدت الوعي ورحلت إلى عالم آخر صرت أسمع نحيب يأتينا من السماء، نادبات من الملائكة يهبطون للخيمة، نساء يشع النور من وجوهن، يقبلنني بحنين سماوي قالت أحداهن: ـ رقية حبيبتي أنت أبكيت قلب جدتك الزهراء يا رقية، وجدك النبي، بهذه الاثناء دخلت جدتي الزهراء عليها السلام وهي تقبل جبين أخي علي وتمسح جراحه، ومن ثم التفت إلي وهي تنادي رقية جدة بنيتي لا تخافي وأعلمي أن الله معكم، استعدت الوعي، هنا نجد هؤلاء الناس الغلاظ وهناك نجد الرحمة وجدتي الزهراء، أكيد عمتي زينب رأت جدتي حين زارت الخيمة وقبلت وجه أخي علي ومسحت عنه الدم

    الرعب يملأ قلبي أصوات مرعبة تصل إلى الخيمة، بين لحظة ولحظة أسمع كبيرهم يصيح (لا تبقوا لأهل هذا البيت باقية)

    أول مرة أعرف أنهم يكرهون جدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لنبي الذي تحبه السموات والأرض ويبغضه هؤلاء الناس، كان جدي يحب اطفالهم يهدي لهم المال والطعام والأمن والأمان وهم يرعبوننا، ويريدون ألا يبقوا لأهل هذا البيت باقية

    يا الهي تزدادا الفواجع، أسمع أبي ينادي (أبناء عمومتي صبرا على الموت يا بني عمومتي)

    إلهي ارحمنا، اللهم ارحمنا هؤلاء الرجال.. سيذبحون جميعهم، وحينها يذبحون النساء ويذبحوننا، يقولون أن جدي رسول الله كان يتوهج حنينا على الجميع لا يفرق بين أولاده وأولاد الناس، وهاهم الناس يذبحون أولاده ويستمتعون برعب أهل البيت، ينادمون النحيب على شغف القتلة المأجورين

    إلى هذا الحد كانوا يكرهونك جدي؟

    هؤلاء يا جد لا يصلح لهم دين تعودوا على السلب والنهب، ازداد المشهد أذى، صرت أعرف كل الجراح، الجراح خبرتني أنهم قتلوا ابن عمي عبد الله بن مسلم وقتلوا عون ابن عمتي زينب واخوه محمد، جرح أقسى من جرح، صارت نهايتنا قريبة، الله يعين قلب عمتي زينب وصبرها وتصابرها وهي تودع الأولاد ولا تفرق بين مصاب ابن أو ابن أخ أو ابن عم أو أحد من الأنصار

    أسمعها تنادي جدي الرسول محمد، وتنادي جدتي الزهراء كأنها تحدثها: ـ أنهم يقتلون الحسين يا أمي، قتلوا أولاد عقيل يا أماه وأحفاده، قتلوا الأبناء، قتلوا الكثير، اشتد الحزن على أهلي حين قتل عمي العباس، كان يحبني كثيرا، وأنا أحبه كان يعانقني بذراعيه، كنت

    أسأل عمتي بعض الاسئلة التي تحزنها: ـ عمه هل قتلوا أبي؟

    وإذا بي أسمع صوته يستغيث: ـ (أما من مغيث يغيثنا)، ـ عمه كيف سيواجه هؤلاء الناس الله يوم القيامة، كيف سيواجهون جدي رسول الله صلى الله عليه وآله، سيقول لهم أنا جلبت لأولادكم السعادة والأمان وانتم تقتلون أولادي، لم تتحمل سكينة، فذهبت إلى أبي تسأله، سمعته يجيبها قتلوا العباس يا سكينة، يبدو لي وأنا ابنة الأربع سنين إني عرفت معنى الحرب، عرفت معنى لا تبقوا لأهل هذا البيت باقية

    نظر أبي الحسين إلى خيمة السجاد وهو يستند على سيفه ليقوم قال لعمتي احبسيه لئلا تخلو الأرض من نسل رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وحينها عرفت القضية.

    خديجة عبد الواحد ناصر​
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X