حاولت بعض المؤسسات السياسية من تجيير الانتفاضة الشعبانية التي شهد العالم بشعبيتها وعفويتها، من خلال ادبيات بعض كتبتها، معتمدين على مرتكزات ادعائية لاقيمة حقيقية لها، فحاولت اولا تقليل القيمة الشعورية العاقلة عند الشعب العراقي، وكأن شعورية الشعب كانت بمكان آخر...
وهذا التعبير يبتعد عن جدية الواقع العام، فقد كان الشعب بعقله وشعوره الحي يرفض النظام، وهو متوثب دائما لأي فرصة سانحة، ومثل هذا التعبير المضمر سيمنح تلك الاحزاب السياسية فرصة تهميش الداخل العراقي، والنظر اليه كجزء من السلطة، علما ان الشعب كان ينظر الى المرجعية المباركة كقيادة فاعلة، فالامور المخابراتية قطعت الاتصال العام مع معظم المؤسسات السياسية خارج الوطن، ومابقي منها لايعد له اهمية بمستوى المواجهة... وتصفية الداخل كانت موجعة، عرّضت معظم القيادات الناشطة الى السجن والتعذيب أو الهجرة القسرية، وتصفية القياديين اثرت على الاحزاب العاملة فهزلت فاعليتها.
بالمقابل نجد ان النظام البعثي قد ازداد حنقه على الشعب العراقي، وزاد غضبه، وزادت قسوته، فقد ملأ السجون والمعتقلات، وذبح الآلاف من العراقيين بتهم باطلة... وحين قامت الانتفاضة قامت شعبية عامة، ودارت عندنا في كربلاء معارك طاحنة, كبدت الطاغية وزمرته خسائر فادحة، لكنه مارس أبشع الجرائم فاصيبت كربلاء بخراب ودمار، واستخدم الجيش ضدها النابالم الحارق، حتى صار الجميع يؤمن بأن تداعيات الانتفاضة ستسقط صدام لامحالة، المهم ان موقف الدول المتحالفة مال لكفة صدام، لحسابات سياسية معلومة ومعروفة...
المهم ان هذه الاقلام المجيّرة اساسا لتنظيمات محددة، تحاول ان تسحب من تحت الانتفاضة بساط شعبيتها، وعمقها العفوي، وتمنح على حساب الشعب ادوارا رئيسية لرؤساء كياناتها، ممن لم يكن له ثقل سياسي، يوازي هذا الكم الادعائي، وما تحركوا اطلاقا لدعم الانتفاضة، مثلما تدّعي تلك الكيانات، وانما كل ما قدمته هو استثمار هذه الانتفاضة لصالحها، والتحرك تحت مسمّياتها، فصدى الانتفاضة نفع الكثير من هذه الكيانات، ونشط اعلامها السياسي، وفارت الادعاءات المجانية على حساب دمائنا وشهدائنا الذين لم يُنصفوا الى الآن....
أعجبني
تعليق