على بساط ماضي السنين افترش مداد القلم اجنحة القرطاس ليرسم ملامح خطوات مباركة تركت اثارا لن تمحى من سفر التأريخ
هل سمعتم يوما بمغفل حاول النيل من سيدة الجهاد في سبيل الله بين نساء زمانها او يمحوا ذكرها وذكر اهل بيتها الكرام!!
فهي مجاهدة ان قامت وان قعدت وقد جبلت على طاعة الله ومخافته فأذعنت النفوس لتوقيرها واحترامها وركع التأريخ يتمرغ عند قدميها حين استوت على عرش الكبرياء والهيمنة الايمانية الصادقة مستجيبة لتحدي الطاغوت بابهى استجابة تفتقت لسناها سقف العتمة البهيمية القابعة فوق صحارى التمرد والانحراف عن طاعة الحق سبحانه
فارتكزت اعمدة الحضارة الاسلامية المحمدية عبر مواقفها الفذة انطلاقا من ايمانها بان المراة صانعة للحياة بما وهبها الله سبحانه من طاقات عقلية وعاطفية صيرتها شريكا مهما للرجل وعضوا حركيا فاعلا في حركة الشعوب والحضارات.
ولكي نقف على ابعاد تلك الاستجابات المبهرة لكافة التحديات العصيبة، سنتعرف مواقف السيدة زينب عليها السلام عبر منظور ارقى نظريات علم الاجتماع العالمية والتي تكشف مزيدا من التألق البهي لنهضتها المباركة
وإن كنت واقعا اكاد اجزم ان اي نظرية وفي اي مجال علمي لم ولن تخرج عن افق القران الكريم المحيط بعالم الملك والملكوت وذلك قول الحق سبحانه (ونزلنا عليك الكتاب تبيان لكل شيء). ١
لكن لابأس بالدخول الى الحرم العلوي الزينبي عبر بوابة التنظير الغربي لنثبت على اقل تقدير ان الانسانية تجمعها حيثيات فكرية واحدة (فطرة الله التي فطر الناس عليها لاتبديل لخلق الله) ٢
نظرية التحدي والاستجابة لكاتبها ارنولد تونبي٣ والمنتزعة من السلوك الانساني يبرز فيها ايمانه بانه
"كلما ازداد التحدي تصاعدت قوة الإستجابة حتى تصل بأصحابها إلى ما يسميه بـ “الوسيلة الذهبية”، والتي تتلخص في أنَّ أي حضارة تقوم بمواجهة التحدي بسلسلة من الإستجابات التي قد تكون أحياناً غير ناجحة في مواجهة التحديات التي تعترض طريق النهضة والحضارة، ولكن بالتحدي وكثرة المحاولات المتنوعة تهتدي الأمم إلى الحل النموذجي الذي يقودها بأمان إلى النهضة والحضارة، وتكون بذلك قد وصلت إلى الوسيلة الذهبية." ٤
ولو اننا طبقنا هذه النظرية على ارض الواقع بما بمبرزاتها التأريخية لوجدنا انها تنطبق تماما على حركة اهل البيت عليهم السلام في مواجهة التحديات القاسية التى اعترضت مسيرة التبليغ الاسلامي الحق، خاصة بعد فقد النبي محمد (صل الله عليه وآله)
وكإيماني بان كل حرف في القرآن الكريم يتحيز موقعه
التشريعي والسنني الخاص و الحاكم في مصير البشرية
كذلك هم اهل بيت النبي صلوات ربي عليهم اجمعين، إذ يتحيزون مواقعهم الدفاعية عن الخط الاسلامي، كلٌ حيب دوره، استجابة للتحديات المقرونة بمحاولات القضاء على زهرة الدين وإطفاء شمس عنفوانه المشرقة.
فولادة عنصر فعال مثل زينب عليها السلام في بيت علي وفاطمة، إنما هو استكمال لسلسلة العناصر الساندة لارادة الحق سبحانه.
فكانت سلام الله عليها نموذجا مستكملا لمقومات الاستجابة والتعاطي مع مختلف الظروف واقساها ابتداءا من فقد جدها رسول الله صل الله عليه واله ومحنة البيت العلوي وانتهاءا بنهضتها المباركة في كربلاء.
وكانت حاضرة للاستجابة لتحدي فقد الام وتحدي مؤازرة الاب وتحدي تربية الكفيل وتحدي مناصرة الاخ،،،،، وتحدي الاسر،،،،،، وتحدي مواجهة الظالمين فراعنة بني امية!
وتلك كانت الوسيلة الذهبية التي توجت جهاد الال الكرام حين انتزعت سلطان الطاغوت الزائف كشبكة عنكبوت "وان اوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كنتم تعلمون"
وحفظت للدين هيبته وكرامته من دون ان تفرط في هيبتها وكرامتها واستقام المنهج الاسلامي حين خرج عن حدود الحروف ليتجسد على ارض الواقع في شخصية امرأة عظيمة اسمها زينب بنت علي بن ابي طالب.
عالمة، فقيهة، مجاهدة.
ام واخت وزوجة
قد تأصلت في ذاتها جذور التوحيد الخالص لله سبحانه فتحررت من كل قيد سوى قيد طاعة الله.
'لقد القى القدر عليها مره واحده بكل حمائل النبوه ,
فتحاملت على نفسها , وحملت رايتها , وتحملت مسؤليتها , لتقول للعالمين
ان حمل الرساله ثقيل , فلا يجوز التهاون في حمله'٥
١-النحل اية ٨٩
٢-الروم اية٣٠
٣- ارنولد تونبي، مؤرخ بريطاني، اهم اعماله موسوعة 'دراسة للتاريخ'
٤-مقتبس من مقال نظرية التحدي والاستجابة للكاتب حسين يونس
٦
مشاركة