تويت
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم صل على محمد وآل محمد
عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ):
((أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ اَلنَّارُ غَداً قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اَللَّهِ قَالَ اَلْهَيِّنُ اَلْقَرِيبُ اَللَّيِّنُ اَلسَّهْل))[1].
الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله) في هذا الحديث يريد أن يحدث المسلمين بأمر مهم وهو متعلق بما يعمله في هذه الحياة الذي يكون نافعا له في الآخرة، فالكل يبحث عن النجاة من النار فكيف اذا كان الأمر أنْ يحرم جسد هذا الانسان عن النار، هنا لمّا الرسول (صلى الله عليه واله) يتحدث مع المسلمين بهذا الحديث طبعا يطلبون منه ما هو هذا العمل فيجيب الرسول (صلى الله عليه واله): الهين القريب اللَّيِّن السهل، وهذه مفردات من المهم أن تتوفر في المؤمن لأنّ مشكلة العالم اليوم هي أنّ منطق القوة الغاشمة والعنيفة والصدامية هي السائدة والاعتداء على الحقوق وعلى الشعوب هو الغالب، وفي مجتمعنا أيضا السيطرة بالقوة سواء كانت الجسدية أو حتى الكلاميّة أو الاستعلائيّة أو الغصبيّة أو ما شابه من مثل هذه الامور، يحاول البعض أن يسيطر على حقوق الاخرين ويستولي عليها فيوجد فهم لمعنى القوة يخالف الفهم لمعنى القوة الحقيقية والتي نابعة من قوة الله سبحانه وتعالى ومن النظام الكوني المتوازن الذي اراده الله عز وجل والسنن الكونية التي جعلها الله عز وجل كي تكون الحياة مناسبة للإنسان، وعندئذ كل قوة إذا ارادت أنْ تكون سليمة وصحيحة ومقتدرة يجب أنْ تنبع من قوة الله سبحانه وتعالى وإلّا كانت قوة في الاتجاه المعاكس لقوة الله عز وجل فستكون قوة غاشمة ومدمرة وليست قوة بناء وصالحة؛ ولهذا السبب ورد عن الإمام علي (عليه السلام): ((كُلُّ شيء خَاشِعٌ لَهُ وَكُلُّ شيء قَائِمٌ بِهِ غِنَى كُلِّ فَقِيرٍ وَعِزُّ كُلِّ ذَلِيلٍ وَقُوَّةُ كُلِّ ضَعِيفٍ))[2].
بهذه الكلمات الامير(عليه السلام) يريد أنْ يوصف لنا قوة الله عز وجل ويبين لنا إنّما هي القوة الحقيقية، فمن يريد القوة فيجب أن تكون مرتبطة بقوة الله عز وجل؛ وبذلك تكون عزة له ولكل الناس الذين يهتمون بأنْ تكون قوتهم مرتبطة بقوة الله عز وجل وليست ذلة، ولهذا السبب الامام الحسين (عليه السلام) في كربلاء نادى: ((هيهات منا الذلة))، فالذي يستمد قوته من قوة الله هي غنى له وليست فقرا وأيضا سلاما له وللناس وليست حربا، فهذه القوة والشدة والقيادة والانضباط والإدارة والالتزام لابد أنْ تدار باللِّين هذا الذي يريده رسول الله (صلى الله عليه واله)، وعملية الشّدة والحزم لا تناسب المؤمن، نعم هناك شدة وحزم من خلال اللِّين الذي يتعاطى به الانسان، فعملية الإدارة والقيادة والتعامل مع الاخرين عندما يرتبط بها الحزم والشدة بدون لِين فستتحول الى عملية اكراه وفرط قوة وخشونة وقسوة ضد الآخر، فيجب أنْ تكون الإدارة والحزم بطريقه لَيِّنة ولهذا السبب الله سبحانه وتعالى يقول لرسوله الكريم (صلى الله عليه واله): ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾[3].
ففي مفردات الرواية أعلاه عندما يقول اَلْهَيِّنُ المراد منه في مقابل الصعب فيكون سهلا دائما بالتعامل ولا يعقد الامور ويصعبها على الاخرين بل يتفاهم معهم ويتسامح ويغفر ويتوب هذا اَلْهَيِّنُ، واَلْهَيِّنُ القريب تعني الذي يقرب الناس اليه من خلال الهِينِ الذي يتعامل به مع الناس لأنّ الصعب والمتشدد والعنيف تكرهه وتمقته وتبتعد عنه الناس أمّا اللين السهل فهو الانسان السهل الذي يسهل الامور على الناس ولا يصعبها والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾[4].
فهذه قاعدة في الحياة قاعدة اللِّين ونحن نستمد اخلاقنا وتصرفاتنا من الله عز وجل فكل انسان يستخدم اللِّين مع الاخرين هو إنسان سهل هين لين في اخلاقياته وسلوكياته.
_________________________________________________
[1] وسائل الشیعة، ج 12، ص 158.
[2] نهج البلاغة، خطبة رقم: 109.
[3] سورة آل عمران، الآية: 159.
[4] سورة البقرة، الآية: 185.