ألا هل إلى طولِ الحياة سبيلُ ** فأنّى و هذا الموتُ ليسَ يحولُ
و إنّي و إن أصبحتُ بالموتِ موقناً ** فلي أملٌ من دونِ ذاكَ طويلُ
و للدهرِ ألوانٌ تروحُ و تغتدي ** و إنّ نفوساً بينهنَّ تسيلُ
و منزلَ حقٍّ لا معرّجَ دونهُ ** لكلِّ امرئٍ منها إليهِ سبيلُ
قطعْتُ بأيّامِ التعزّزِ ذكرَهُ ** و كلُّ عزيزٍ ما هناك ذليلُ
أرى عِللَ الدنيا عليّ كثيرةً ** و صاحبُها حتى المماتِ عليلُ
و إني لمشتاقٌ إلى من أحبُهُ ** فهل لي إلى من قد هويتُ سبيلُ ؟!
و إني و إن شطّت بيَ الدارُ نازحاً ** و قد ماتَ قبلي بالفِراقِ جميلُ
فقد قالَ في الأمثالِ في البَيْنِ قائلٌ ** أضرّ بها يومَ الفِراقِ رحيلُ
لكلِّ اجتماعٍ من خليلينِ فُرقةٌ ** و كلُّ الذي دونَ الفِراقِ قليلُ
و إنّ افتقادي فاطماً بعدَ أحمدٍ ** دليلٌ على ألا يدومَ خليلُ
و كيف هناكَ العيشُ من بعدِ فقدهم ** لَعَمْرُكَ شيءٌ ما إليه سبيلُ
سيُعرَضُ عن ذكري و تُنسى مودتي ** و يظهرُ بعدي للخليلِ عديلُ
و ليسَ خليلي بالمَلولِ ولا الذي ** إذا غِبْتُ يرضيه سوايَ بديلُ
و لكنْ خليلي من يدومُ وصالُهُ ** و يحفظُ سرّي قلبُهُ و دَخيلُ
إذا انقَطَعَت يوماً من العَيشِ مدّتي ** فإنّ بكاءَ الباكياتِ قليلُ
يريدُ الفتى ألا يموتَ حبيبُهُ ** و ليسَ إلى ما يبتغيهِ سبيلُ
و ليسَ جليلاً رُزْءُ مالٍ و فقدُهِ ** و لكنّ رُزءَ الأكرمينَ جليلُ
لذلك جنبي لا يؤاتيهِ مضجعٌ ** و في القلبِ من حرِّ الفِراقِ غليلُ