بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
عندنا روايات في هذا الباب كثيرة سوف نتعرض تشير الى تقبيح أمر الغضب بخلاف ما هو موجود عند بعضنا الذي يعتبر أن قضية الغضب مفخرة من مفاخره، و أنه علامة على القوة و على هيبة الشخصية. نبينا محمد المصطفى صل الله عليه و آله و سلم يقول ( الغضب جمرة من الشيطان ) ما هو مفخرة. هذه جمرة من جمرات الشيطان، و الامام الصادق عليه السلام يفسر هذا الحديث فيقول: الا تراه حين يغضب كيف ينتفخ شدقاه"، و ما تشوفه كيف يتغير وجهه و عيناه و كيف تصير. هذا معناه أن جمرة الشيطان اشتغلت في داخل قلبه. هذه جمرة الغضب. فأنت لا تستطيع أن تمتدح واحدًا بهذه الصفة، بل على العكس من ذالك فهذا محل ذم. في حديث عن أمير المؤمنين عليه السلام يقول: "الغضب جند من جنود إبليس". و هذا الشخص الذي تكون عنده هذه الحالة يستقوي بجنود إبليس. و يقول عليه السلام في موضع آخر " لا نسب أوضع من الغضب". أنت اذا تريد أن تنسب واحدًا تعطيه نسب، تعطيه صفة فتقول عنه مثلاً "فلان الغضبان". فلان الذي دائماً يغضب هذا اسوء نسب تعطيه إياه، لكن إن قلت عنه "فلان الطيب" فهذه مفخرة له، أو قلت عنه "فلان العفو الكريم" فهذه أيضًا مفخرة له. أما إذا أردت أن تعطيه نسب وضيع، فقل عنه "هذا الإنسان الذي يكثر غضبه", أو إذا غضب لا يرد غضبه أحد. أنت هنا تذمه و تسبه و تشتمه في الواقع.
طبعاً لا ينطبق هذا الحكم على الغضب لله عز و جل. فكما قلنا أن من الغضب ما هو حسن أو إيجابي. و على هذا المعنى تترتب مسألة تربوية و هي؛ أن لا نعود الأولاد على أن يأخذوا أشياءهم حال غضبهم. و هذا خطأ قد تتورط فيه بعض الامهات. فمثلًا يريد الطفل شيئًا ما، فإن لم نعطيه ما يريد، يقوم بتسكير الباب أو يشوف شيئًا فيشدخ فيه. هو يقوم بهذه الاعمال التي تعبر عن غضبه، فيصرخ بصوت عالي و ما شابه ذلك. بعض الامهات تقول عشان نرتاح منه خلينا نعطيه هذا الشيء الذي يريده، يريد أن تشتري له اللعبة الفلانية خلينا نشتري له و نستريح من شره. هذا خطأ تربوي. لماذا؟ لأن هذه الأم تعلم إبنها درسًا خاطىئًا، و هو أنه إذا تريد حاجتك، كسر الأغراض فنعطيك ما تريد. و هو كذلك يتلقى هذا الدرس فيقول أن هذا الطريق خوش طريق، طريق سهل و يسير. المرة الثانية بعد خليني اطلب ايس كريم حسب التعبير . الأسلوب السليم أن نقول هذا لا يصلح لك لانك مزكوم مثلاً أو غير ذلك. و بنفس الطريقة يستذكر المرة الماضية كسرت هذا و رقعت الباب وصرخت بصوت عالي و أظهرت الغضب فاستجابوا لي، لذا ساكرر نفس السلاح لا سيما الأم مثلاً جاية من العمل تعبانة و الأب كذلك جاي يستريح فخلينا نستر عليه نسكته بإعطاءه الشيء الذي يريده. فيتربى طفلنا من صغره على عقلية إنه إذا أراد أن يحقق مطلبه فليغضب. بهذا النحو نحن نعلمه طريقًا باطلًا وخاطئًا. هذه من الأسباب التي تنتهي بالأنسان الى الغضب. هناك بعض العوامل ايضاً تذكر كأسباب للغضب لكنها عوامل خارجية. منها الجوع، ففي أوقات الجوع يكون الإنسان أسرع غضبًا. و منها أيضًا أوقات الجو الحار، ففيها يكون الإنسان أسرع غضبًا
و منها أيضًا حينما يكون الإنسان متعبًا.
لكنني اعتقد أن هذا الكلام لاأصل له ، فنحن مأمورون بأن نكظم غيظنا في مثل هذه الحالات، لانها منشأ الغضب. فلو فرضنا أن هناك إنسانًا شبعانًا و آخر مرتاحًا و ثالث شبعان نوم أو شبعان أكل، فكل هَٰولاء ليست لديهم مشكلة و الجو كذلك لطيف، فإن غضب أحدهم، في مثل هذه الحالة، فهو ليس شخصًا سويًا. هذا وضع من أمره فرطًا، فالإنسان السوي لا يغضب في مثل هذه الحالة. لذا نحن مطالبون بكظم غيظنا حين تكون هناك مسببات و دواعي للغضب . فعلينا أن نبتعد عن الحدة في ردة الفعل و أن نمسك أعصابنا. فالتبريرات التي يقدمها الغاضب من أنه كان تعبانًا و تعبه جعله لا يمسك أعصابه أو أنه صائم في نهار شهر رمضان المبارك و هو جوعان و رأسه تؤلمه أو أن درجة حرارة جسمه مرتفعة (عنده سخونة)، كل هذه التبريرات و غيرها لا تقبل كمسوغ للغضب و عدم التخلي بأخلاق القرءان الكريم و آدابه. فهذه هي الأوقات المطلوب فيها كظم الغيظ و العمل بهذه التوصيات القرءانية التي لم تأت إلا للإبتعاد عن هذا الغضب المذموم.
ليس صحيحًا أن يفكرَ الإنسان أن هناك مبررات لغضبه، و هي حر و شمس و جاي متأخر وما نايم البارحة، و كذا و كذا... هذا كله لا يمكن أن يكون صحيحًا. ففي مثل هذه الأوقات ، يطالب الإنسان بأن يكظم غيظه و أن يعفو عن الناس و يحسن إليهم، فالله يحب المحسنين. هذه بعض الأسباب، فكيف نستطيع أن نتجاوز موضوع الغضب و نواجهه؟ من الأمور التي نذكرها، ما أشرنا إليه منذ قليل، و هي تعظيم ثقافة كظم الغيظ و تقبيح ثقافة الغضب. لازم يصير عند الإنسان فكرة : أن السيطرة على الاعصاب و كظم الغيظ و الاحتفاظ برابطة الجأش و الغفران أمام الغضب هي المنزلة العالية. و هذا يعني أن الغضب ليس المنزلة العالية، و انما يعني أن الغضب هو الضعف للإنسان الذي لا يستطيع أن يسيطر على نفسه. لقد مر النبي صل الله عليه وآله وسلم على جماعة يتعاركون "مصارعة تدريبية"، من الذي يغلب الثاني و يحطه على الارض. قالوا يا رسول الله أنظر أينا أشد!. أنا أحط هذا في الأرض والثاني يحط ذاك في الأرض، فلم يتوقف النبي صل الله عليه وآله عندهم كثيراً و قال: (ليس الشديد بالصرعه و إنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب ). ليس الشديد القوي هو الذي عنده عضلات ويقدر يغلب في المصارعه في الملاكمة و إنما الشديد والقوي هو ذلك الذي يملك نفسه عند الغضب و يتصرف تصرفات عاقلة. اذا عودنا انفسنا و مجتمعنا على هذا المعنى سلكنا الطريق الاول في معالجة قضايا الغضب في انفسنا و في مجتمعنا .
من الامور الاخرى ما تذكره الروايات والأحاديث و هو تغيير الهيئة و المكان و ظروف حالة الغضب. زوج مع زوجته غاضبته أو غاضبها قال لها كلمة فغضبت منه، أو قالت له كلمة فغضب منها. هنا الروايات تريد أن تقول الى الإنسان: أن من العوامل المساعدة على كبح جماح الغضب و السيطرة عليه، أن تغير من هيئتك أو من مكانك أو من ظروفك. في الروايات عندنا إذا كنت قائمًا فاجلس، و إذا كنت جالسًا فقم. في هذه الغرفة التحدي أو الكلام كان في المطبخ، اطلع و روح غرفة النوم أو بالعكس، اطلع من البيت الى خارج البيت. هذه تبدد الشحنة السلبية في البيت وطاقة الغضب المنتشرة. هذه الحالة تتغير و تتبدد و لا تكون دائمةً. بعض الروايات تشير الى ما هو أعظم من هذا؛ و هي "أذهب وتوضأ". يستحب للإنسان إذا أستغضب أو غضب أن يسبغ الوضوء. و في تعليل ذلك أن نور الوضوء و ماء الوضوء يطفىء نار الغضب. و النبي يقول: الغضب جمرة من الشيطان, و الوضوء نور من الله عز و جل. هذا النور الإلهي يطفى تلك الجمرة المتقدة الشيطانية. غَيرْ هذه الامور فسوف ترى أثر ذلك .
أخيراً، على الإنسان أن يتذكر غضب الله سبحانه و تعالى. أنت تغضب على من هم تحت يدك؛ تغضب على إبنك فتصفعه، تغضب على زوجتك فتشتمها، تغضب على سائقك أو عاملك أو من تحت يدك فتؤذيه. تذكر أن هناك من هو أقوى منك و إذا غضب عليك حطمك، و -العياذ بالله- في نار جهنم محقك مع من يمحق ثم لايبالي بك. إذا تذكر الإنسان إنه إن أجرى غضبه و أعمله الى آخره في حق الضعيف و الصغير، فهو ايضاً معرض الى هذا من قبل الله تعالى، و كما تدين تدان.
يوم القيامة ماذا تريد أنت؟! الآن تقدر تعمل، لكنك يوم القيامة تريد عفوًا ومغفرةً و تجاوزًا و سماحًا. في هذه الدنيا تريد أن تعلن غضبك وشدة نفسك و كلامك الشديد و ضربك العنيف، إن كنت تريد تعمل هذه الاشياء فتوقع في ذلك المكان نفس الشيء، الشاعر يقول:
فلا تجزعن من سنة أنت سرتها .... فأول راض سنة من يسيرها.
أنت سويت هذا فأنت في ذلك اليوم ليس لديك حق بأن تقترح على ربك يا رب ارحمني، و يا رب أعفّ عني. لأنك أنت في دار الدنيا اشتغلت بالطريقة التي هناك أنت تريدها لك .
هذا ما يقوله الحديث، ففي الكافي ينقل شيخنا الكليني "يقول سمعت أباعبدالله يقول إن في التوراة مكتوب ياأبن أدم ( هل يحتاج الإمام الصادق أن يستدل بالتوراة؟ لا، إذاً ليش يستدل بالتوراة ، و ليش يقول بالتوراة مكتوب. حتى يقول أن هذه العناصر مشتركة بين الأديان السماوية كلها و هذا يزيدها قوة، أصل مشترك بين الأديان وصية مشتركة بين جمبع الأديان) إن في التوراة مكتوب يا ابن آدم اذكرني حين تغضب، اذكرك عند غضبي، فلا أمحقك في من أمحق". إذا تذكرت ربك حين الغضب و تراجعت ذاك الوقت أنت في ملجأ، أما اذا أمضيت غضبك فتوقع أن تمحق ايضاً. و اذا ظلمت بمظلمة فأرض بإنتصاري لك، فإن انتصاري لك خيرٌ من انتصارك لنفسك .
و في الحديث الآخر في قضية تغير الهيئة و ما شابه "قال ذكر الغضب عند ابي جعفر الباقر عليه السلام فقال: إن الرجل ليغضب فلا يرضى ابداً حتى يدخل النار". كيف يدخل النار!!!! لأن شفاء غضب بعض الناس لا ينتهي الا بجريمة، مثل ما تحدثنا فعشان لعبة بلاستيشن طعن صاحبه، و بالتالي قتله قتلاً متعمداً. و هذا إذا لم يغفر الله له فإنه في نار جهنم. قال: فأي رجلٍ غضب على قوم و هو قائم فليجس من فوره فإنه سوف يذهب عنه رجس الشيطان، ووإذا غضب على ذي رحم فليدنُّ منه فليمسه فإن الرحم اذا مست سكنت" إذا بينك و بين رحم مسألة مغاضبة خلي ايدك على إيده سوف ترى قدر الإمكان أن نفسك قد نزلت. و هذا صنعه الامام الصادق صلوات الله و سلامه عليه مع المنصور الدوانيقي الذي استجلبه لكي يقتله جاء الإمام الصادق و جلس الى جانب المنصور و وضع يده على يده، فهدأ المنصور و تراجع. و قد كان قبل مجىء الإمام يحلف بالله ليقتلن جعفر بن محمد حتى من راح إليه تعجب!! أين ذاك التحسب!! و أين ذاك القسم في قتل الإمام!!! أم ذاك العفو!!. ثم سأل الإمام الصادق و هو خارج رأيته هكذا يقول الآن رأيت عمله هكذا فاشار إليه أن الرحم إذا مست الرحم استقرت وهدأت يعني احد الاسباب في التهدأ هو هذا الجانب.
اللهم صل على محمد وآل محمد
عندنا روايات في هذا الباب كثيرة سوف نتعرض تشير الى تقبيح أمر الغضب بخلاف ما هو موجود عند بعضنا الذي يعتبر أن قضية الغضب مفخرة من مفاخره، و أنه علامة على القوة و على هيبة الشخصية. نبينا محمد المصطفى صل الله عليه و آله و سلم يقول ( الغضب جمرة من الشيطان ) ما هو مفخرة. هذه جمرة من جمرات الشيطان، و الامام الصادق عليه السلام يفسر هذا الحديث فيقول: الا تراه حين يغضب كيف ينتفخ شدقاه"، و ما تشوفه كيف يتغير وجهه و عيناه و كيف تصير. هذا معناه أن جمرة الشيطان اشتغلت في داخل قلبه. هذه جمرة الغضب. فأنت لا تستطيع أن تمتدح واحدًا بهذه الصفة، بل على العكس من ذالك فهذا محل ذم. في حديث عن أمير المؤمنين عليه السلام يقول: "الغضب جند من جنود إبليس". و هذا الشخص الذي تكون عنده هذه الحالة يستقوي بجنود إبليس. و يقول عليه السلام في موضع آخر " لا نسب أوضع من الغضب". أنت اذا تريد أن تنسب واحدًا تعطيه نسب، تعطيه صفة فتقول عنه مثلاً "فلان الغضبان". فلان الذي دائماً يغضب هذا اسوء نسب تعطيه إياه، لكن إن قلت عنه "فلان الطيب" فهذه مفخرة له، أو قلت عنه "فلان العفو الكريم" فهذه أيضًا مفخرة له. أما إذا أردت أن تعطيه نسب وضيع، فقل عنه "هذا الإنسان الذي يكثر غضبه", أو إذا غضب لا يرد غضبه أحد. أنت هنا تذمه و تسبه و تشتمه في الواقع.
طبعاً لا ينطبق هذا الحكم على الغضب لله عز و جل. فكما قلنا أن من الغضب ما هو حسن أو إيجابي. و على هذا المعنى تترتب مسألة تربوية و هي؛ أن لا نعود الأولاد على أن يأخذوا أشياءهم حال غضبهم. و هذا خطأ قد تتورط فيه بعض الامهات. فمثلًا يريد الطفل شيئًا ما، فإن لم نعطيه ما يريد، يقوم بتسكير الباب أو يشوف شيئًا فيشدخ فيه. هو يقوم بهذه الاعمال التي تعبر عن غضبه، فيصرخ بصوت عالي و ما شابه ذلك. بعض الامهات تقول عشان نرتاح منه خلينا نعطيه هذا الشيء الذي يريده، يريد أن تشتري له اللعبة الفلانية خلينا نشتري له و نستريح من شره. هذا خطأ تربوي. لماذا؟ لأن هذه الأم تعلم إبنها درسًا خاطىئًا، و هو أنه إذا تريد حاجتك، كسر الأغراض فنعطيك ما تريد. و هو كذلك يتلقى هذا الدرس فيقول أن هذا الطريق خوش طريق، طريق سهل و يسير. المرة الثانية بعد خليني اطلب ايس كريم حسب التعبير . الأسلوب السليم أن نقول هذا لا يصلح لك لانك مزكوم مثلاً أو غير ذلك. و بنفس الطريقة يستذكر المرة الماضية كسرت هذا و رقعت الباب وصرخت بصوت عالي و أظهرت الغضب فاستجابوا لي، لذا ساكرر نفس السلاح لا سيما الأم مثلاً جاية من العمل تعبانة و الأب كذلك جاي يستريح فخلينا نستر عليه نسكته بإعطاءه الشيء الذي يريده. فيتربى طفلنا من صغره على عقلية إنه إذا أراد أن يحقق مطلبه فليغضب. بهذا النحو نحن نعلمه طريقًا باطلًا وخاطئًا. هذه من الأسباب التي تنتهي بالأنسان الى الغضب. هناك بعض العوامل ايضاً تذكر كأسباب للغضب لكنها عوامل خارجية. منها الجوع، ففي أوقات الجوع يكون الإنسان أسرع غضبًا. و منها أيضًا أوقات الجو الحار، ففيها يكون الإنسان أسرع غضبًا
و منها أيضًا حينما يكون الإنسان متعبًا.
لكنني اعتقد أن هذا الكلام لاأصل له ، فنحن مأمورون بأن نكظم غيظنا في مثل هذه الحالات، لانها منشأ الغضب. فلو فرضنا أن هناك إنسانًا شبعانًا و آخر مرتاحًا و ثالث شبعان نوم أو شبعان أكل، فكل هَٰولاء ليست لديهم مشكلة و الجو كذلك لطيف، فإن غضب أحدهم، في مثل هذه الحالة، فهو ليس شخصًا سويًا. هذا وضع من أمره فرطًا، فالإنسان السوي لا يغضب في مثل هذه الحالة. لذا نحن مطالبون بكظم غيظنا حين تكون هناك مسببات و دواعي للغضب . فعلينا أن نبتعد عن الحدة في ردة الفعل و أن نمسك أعصابنا. فالتبريرات التي يقدمها الغاضب من أنه كان تعبانًا و تعبه جعله لا يمسك أعصابه أو أنه صائم في نهار شهر رمضان المبارك و هو جوعان و رأسه تؤلمه أو أن درجة حرارة جسمه مرتفعة (عنده سخونة)، كل هذه التبريرات و غيرها لا تقبل كمسوغ للغضب و عدم التخلي بأخلاق القرءان الكريم و آدابه. فهذه هي الأوقات المطلوب فيها كظم الغيظ و العمل بهذه التوصيات القرءانية التي لم تأت إلا للإبتعاد عن هذا الغضب المذموم.
ليس صحيحًا أن يفكرَ الإنسان أن هناك مبررات لغضبه، و هي حر و شمس و جاي متأخر وما نايم البارحة، و كذا و كذا... هذا كله لا يمكن أن يكون صحيحًا. ففي مثل هذه الأوقات ، يطالب الإنسان بأن يكظم غيظه و أن يعفو عن الناس و يحسن إليهم، فالله يحب المحسنين. هذه بعض الأسباب، فكيف نستطيع أن نتجاوز موضوع الغضب و نواجهه؟ من الأمور التي نذكرها، ما أشرنا إليه منذ قليل، و هي تعظيم ثقافة كظم الغيظ و تقبيح ثقافة الغضب. لازم يصير عند الإنسان فكرة : أن السيطرة على الاعصاب و كظم الغيظ و الاحتفاظ برابطة الجأش و الغفران أمام الغضب هي المنزلة العالية. و هذا يعني أن الغضب ليس المنزلة العالية، و انما يعني أن الغضب هو الضعف للإنسان الذي لا يستطيع أن يسيطر على نفسه. لقد مر النبي صل الله عليه وآله وسلم على جماعة يتعاركون "مصارعة تدريبية"، من الذي يغلب الثاني و يحطه على الارض. قالوا يا رسول الله أنظر أينا أشد!. أنا أحط هذا في الأرض والثاني يحط ذاك في الأرض، فلم يتوقف النبي صل الله عليه وآله عندهم كثيراً و قال: (ليس الشديد بالصرعه و إنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب ). ليس الشديد القوي هو الذي عنده عضلات ويقدر يغلب في المصارعه في الملاكمة و إنما الشديد والقوي هو ذلك الذي يملك نفسه عند الغضب و يتصرف تصرفات عاقلة. اذا عودنا انفسنا و مجتمعنا على هذا المعنى سلكنا الطريق الاول في معالجة قضايا الغضب في انفسنا و في مجتمعنا .
من الامور الاخرى ما تذكره الروايات والأحاديث و هو تغيير الهيئة و المكان و ظروف حالة الغضب. زوج مع زوجته غاضبته أو غاضبها قال لها كلمة فغضبت منه، أو قالت له كلمة فغضب منها. هنا الروايات تريد أن تقول الى الإنسان: أن من العوامل المساعدة على كبح جماح الغضب و السيطرة عليه، أن تغير من هيئتك أو من مكانك أو من ظروفك. في الروايات عندنا إذا كنت قائمًا فاجلس، و إذا كنت جالسًا فقم. في هذه الغرفة التحدي أو الكلام كان في المطبخ، اطلع و روح غرفة النوم أو بالعكس، اطلع من البيت الى خارج البيت. هذه تبدد الشحنة السلبية في البيت وطاقة الغضب المنتشرة. هذه الحالة تتغير و تتبدد و لا تكون دائمةً. بعض الروايات تشير الى ما هو أعظم من هذا؛ و هي "أذهب وتوضأ". يستحب للإنسان إذا أستغضب أو غضب أن يسبغ الوضوء. و في تعليل ذلك أن نور الوضوء و ماء الوضوء يطفىء نار الغضب. و النبي يقول: الغضب جمرة من الشيطان, و الوضوء نور من الله عز و جل. هذا النور الإلهي يطفى تلك الجمرة المتقدة الشيطانية. غَيرْ هذه الامور فسوف ترى أثر ذلك .
أخيراً، على الإنسان أن يتذكر غضب الله سبحانه و تعالى. أنت تغضب على من هم تحت يدك؛ تغضب على إبنك فتصفعه، تغضب على زوجتك فتشتمها، تغضب على سائقك أو عاملك أو من تحت يدك فتؤذيه. تذكر أن هناك من هو أقوى منك و إذا غضب عليك حطمك، و -العياذ بالله- في نار جهنم محقك مع من يمحق ثم لايبالي بك. إذا تذكر الإنسان إنه إن أجرى غضبه و أعمله الى آخره في حق الضعيف و الصغير، فهو ايضاً معرض الى هذا من قبل الله تعالى، و كما تدين تدان.
يوم القيامة ماذا تريد أنت؟! الآن تقدر تعمل، لكنك يوم القيامة تريد عفوًا ومغفرةً و تجاوزًا و سماحًا. في هذه الدنيا تريد أن تعلن غضبك وشدة نفسك و كلامك الشديد و ضربك العنيف، إن كنت تريد تعمل هذه الاشياء فتوقع في ذلك المكان نفس الشيء، الشاعر يقول:
فلا تجزعن من سنة أنت سرتها .... فأول راض سنة من يسيرها.
أنت سويت هذا فأنت في ذلك اليوم ليس لديك حق بأن تقترح على ربك يا رب ارحمني، و يا رب أعفّ عني. لأنك أنت في دار الدنيا اشتغلت بالطريقة التي هناك أنت تريدها لك .
هذا ما يقوله الحديث، ففي الكافي ينقل شيخنا الكليني "يقول سمعت أباعبدالله يقول إن في التوراة مكتوب ياأبن أدم ( هل يحتاج الإمام الصادق أن يستدل بالتوراة؟ لا، إذاً ليش يستدل بالتوراة ، و ليش يقول بالتوراة مكتوب. حتى يقول أن هذه العناصر مشتركة بين الأديان السماوية كلها و هذا يزيدها قوة، أصل مشترك بين الأديان وصية مشتركة بين جمبع الأديان) إن في التوراة مكتوب يا ابن آدم اذكرني حين تغضب، اذكرك عند غضبي، فلا أمحقك في من أمحق". إذا تذكرت ربك حين الغضب و تراجعت ذاك الوقت أنت في ملجأ، أما اذا أمضيت غضبك فتوقع أن تمحق ايضاً. و اذا ظلمت بمظلمة فأرض بإنتصاري لك، فإن انتصاري لك خيرٌ من انتصارك لنفسك .
و في الحديث الآخر في قضية تغير الهيئة و ما شابه "قال ذكر الغضب عند ابي جعفر الباقر عليه السلام فقال: إن الرجل ليغضب فلا يرضى ابداً حتى يدخل النار". كيف يدخل النار!!!! لأن شفاء غضب بعض الناس لا ينتهي الا بجريمة، مثل ما تحدثنا فعشان لعبة بلاستيشن طعن صاحبه، و بالتالي قتله قتلاً متعمداً. و هذا إذا لم يغفر الله له فإنه في نار جهنم. قال: فأي رجلٍ غضب على قوم و هو قائم فليجس من فوره فإنه سوف يذهب عنه رجس الشيطان، ووإذا غضب على ذي رحم فليدنُّ منه فليمسه فإن الرحم اذا مست سكنت" إذا بينك و بين رحم مسألة مغاضبة خلي ايدك على إيده سوف ترى قدر الإمكان أن نفسك قد نزلت. و هذا صنعه الامام الصادق صلوات الله و سلامه عليه مع المنصور الدوانيقي الذي استجلبه لكي يقتله جاء الإمام الصادق و جلس الى جانب المنصور و وضع يده على يده، فهدأ المنصور و تراجع. و قد كان قبل مجىء الإمام يحلف بالله ليقتلن جعفر بن محمد حتى من راح إليه تعجب!! أين ذاك التحسب!! و أين ذاك القسم في قتل الإمام!!! أم ذاك العفو!!. ثم سأل الإمام الصادق و هو خارج رأيته هكذا يقول الآن رأيت عمله هكذا فاشار إليه أن الرحم إذا مست الرحم استقرت وهدأت يعني احد الاسباب في التهدأ هو هذا الجانب.