أبكي سحاباً
سالتْ دموعي والفؤادُ حزينُ
سالتْ دموعي والفؤادُ حزينُ
لغريب ِ طوس ٍ في النّوى مدفونُ
أبكي بقلبي قبلَ عيني كوكباً
أرداهُ بالسُــمّ الزُعاف ِ لعينُ
أبكي السحابَ، وحقّــُه أنْ لو غَدتْ
سُحُـــباً عليهِ من البكاء ِ عيونُ
* * * *
رَسَمَ الأمانَ على المحيّا إنّما
ما كانَ مأموناً هو المأمونُ !
قد ضمّ خبث َ بني أبيه ِ جميعِهم
بل كلّ ضلع ٍ في حشاه ُ خؤونُ
مَنْ جَدّه ُ إلاّ الملطّخُ عهدُهُ
بالفتك ِ ، والأبُ – بعدَه – هارونُ !
بعروقِه ِ هدرتْ دماءُ نواصِب ٍ
لا يُجْـتــَنى مِن حنظل ٍ زيتونُ !
سَجَنَ الإمامَ بغربة ٍ و بخُدعة ٍ
بأبي وليّ ُ العهْد ِ وهو سجين ُ !
و لكيْ يثــبّتَ ركنَ عرْش ٍ زائل ٍ
ركْنَ الهداية ِ دكّه ُ الملعونُ !
هيهاتَ يحيا الظالمونَ بظلمِهم
و يعيشُ ذو الطغيان ِ و هو مكين ُ
* * * *
لهفي على الأطهار ِ في عصر ِ الغِوى
مأمونُ يبغي قتلَهم و أمينُ !
وهمُ الذين تنزّلتْ ببيوتِهم
الحمدُ ثمّ تنزّلتْ ياسينُ
و بيوتُهم كانتْ محط َّ ملائك ٍ
ولـَكم إليها قد هفا جبرينُ !
و بودّهم أجر الرسالة ِ، إنّها
للمصطفى برقابِنا لديونُ
هم للهداية مَتنُها وجناحُها
هم للنجاة ِ مِنَ الخضمِّ سفينُ
همْ وِلدُ فاطمة ِ البتول ِ ونورُها
وهمُ لصاحب ِ ذي الفِقار ِ بنونُ
* * * *
هذا الرضا لهفي عليه ِ بغربة ٍ
مَكْرٌ يحيطُ بنورِه ِ و ظنونُ
جاءَ اللعين ُ به يسكّنُ ثورة ً
و يسمّــُه لمّا الزمانُ يحينُ
لله ِ سلّم َ راضياً فهو الرضا
الصبرُ فَرْع ٌ و الجذورُ يقين ُ
بل إنّه اغتنمَ الرئاسة َ ناشِراً
عِلمــاً بقــَلعتِه يُصانُ الدِّينُ
و أبانَ أخلاقَ الأميرِ بإمرة ٍ
في العقــْل ِ والإسلام ِ كيفَ تكونُ
و قضى الحوائجَ لا يمنّ ُ بِفعْلِها
بلْ إنّه بقضائِها ممنونُ !
في العِيد ِ سارَ كجدّه ِ متجرّداً
متواضعاً للمسلمينَ يلينُ
قطعوا عليه صلاتــَه في عِيــدِه
خوْفاً على عرش ِ الضلال ِ يهونُ
و غَداةَ أبرمَ ذا اللعينُ جريمة ً
سكنتْ قلوبَ المؤمنينَ شُجونُ
و تجدّدتْ أحزانُ آل ِ محمّد ٍ
هَمَلتْ غزيراً بالدموع ِ جفونُ
* * * *
ليستْ مصائبُ آل ِ بيتِ محمّد ٍ
تأتي عليها أشهرٌ و سنونُ
جَــلــَل ٌ مصائبُهم لأنّ جَلالــَهم
فوقَ الجَلال ِ و ما تراه عيونُ
فنظلّ نبكي لا يجفّ بكاؤنا
مهما توالتْ أعْصر ٌ و قرونُ
* * * *
رَحَلَ الرضا وكأنّ شمساً قد هوَتْ
و عرا الحياةَ تخشّع ٌ و سكونُ
لهفي و ذاك السّـــمّ ُ يذبحُ كوكباً
فيفيض فوق الثغر ِ منه أنينُ
لهفي و يُغمض ُ عينَه ألَماً و في
أحشائِه جمرُ السُموم ِ سَخينُ
قَدِم الجوادُ على جَناح ِ كرامة ٍ
إذ ْ قد دنا لإمامِنا التكفين ُ
بَــكــَيا بكاءَ مفارِق ٍ و مُودِّع ٍ
حتى أظل ّ على الإمام ِ يقين ُ
فتسربلَ الطهرُ الجوادُ بحُزنِه ِ
همْ آل ُ بيت ٍ كلّهم محزونُ
* * * *
و تَحِنّ ُ فاطمة ٌ لنور ِ شقيقِها
فيُــقلــّــُها نحو الشقيق ِ حنين ُ
لمْ تدْر ِ أنّ الموتَ سابَقـــَها وقدْ
سكــَن َ الثرى لابن ِ الرسول ِ جَبينُ
عَرفتْ فضجّتْ بالبكاء ِ عيونــُها
و على الرضا تبكي الدهورَ عيونُ
و رأتْ له نعشاً يمثــّل موتـــَه ُ
ملأت ْ وُرود ٌ مَتنــَه و غصون ُ
وَقعت ْ عليه تضمّه و تشمّه ُ
و أضالعٌ رجفت ْ لها و مُتونُ
سبعٌ مضتْ لحقت ْ به ِ محزونة ً
لم ْ يجد ِ في آلامِها التسكين ُ
فهي الغريبة ُ والغريب ُ شقيقــُها
لهما فؤادي مُفجَع ٌ و حزين ُ
مرتضى شرارة العاملي