إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

صلاة اللَّيل بشرى للمؤمنين أنَّهم في عين الله

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • صلاة اللَّيل بشرى للمؤمنين أنَّهم في عين الله

    بسم الله الرحمن الرحيم

    اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
    وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
    وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
    السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته


    في حديثٍ لرسول الله(ص) ورد عن معاذ بن جبل، وهو أحد أصحاب رسول الله، أنّه قال: "بينما نحن مع رسول الله في غزوة تبوك، وقد أصابنا الحر ّـ لكون غزوة تبوك حصلت خلال شهر الصَّيف ـ فتفرّق القوم من حول رسول الله، وراح كلٌّ يبحث عمَّا يحميه من حرارة الشَّمس، فإذا برسول الله أقربهم منّي، فدنوت منه فقلت: يا رسول الله، أنبئْني بعملٍ يدخلني الجنَّة، ويباعدني من النَّار. قال(ص):لقد سألت عن عظيم، وإنَّه ليسيرٌ على من يسَّره الله تعالى عليه: تعبد الله ولا تشرك به شيئاً، وتقيم الصَّلاة، وتؤدِّي الزكاة المفروضة. قال(ص): وإن شئت أنبأتك بأبواب الخير؟ ـ وهنا أراد رسول الله أن يزيده من طرائق علمه ـ قال: قلت: أجل يا رسول الله. قال: الصَّوم جُنَّة، والصَّدقة تكفِّر الخطيئة ـ أي تطفئ الخطيئة كما تطفئ الماء النار ـ وقيام الرّجل في جوف اللّيل ـ حيث النّاس نيام ـ يبتغي وجه الله ورضاه".. ثم تلا رسول الله(ص) قوله سبحانه: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ ـ مكان النّوم ـ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.

    أهميَّة قيام اللَّيل


    أيُّها الأحبَّة: لم يكن هذا الحديث الشَّريف وتراً بين الأحاديث الّتي أشارت إلى أهميَّة قيام اللَّيل، فقد كثرت الآيات القرآنيَّة والأحاديث الشَّريفة التي أثبتت هذه الأهميَّة، ويكفي لذلك أن جعل الله قيام اللَّيل واجباً على رسول الله، عندما توجَّه إليه بالنِّداء: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلاً}.

    وفي نداءٍ آخر: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً}.

    وبذلك كان ينزل جبريل على رسول الله(ص) تكراراً ليوصيه بها: "ما زال جبريل يوصيني بقيام اللَّيل حتى ظننت أنَّ خيار أمّتي لن يناموا".

    وقد كانت هي وصيَّته لعليّ(ع) عندما كان يقول له: "عليك بصلاة اللَّيل، عليك بصلاة اللَّيل، عليك بصلاة اللَّيل".

    ولذلك لم يترك عليّ(ع) صلاة اللَّيل منذ أن أوصاه بها رسول الله. وعندما قيل له: وحتَّى ليلة الهرير؟ أي أشدّ ليلةٍ في معركة صفّين، قال: "حتَّى ليلة الهرير".

    أثر صلاة اللَّيل

    وقد أشارت الآيات والأحاديث إلى الأثر الكبير الَّذي تساهم به هذه الصَّلاة في بناء شخصيَّة المؤمن، وفي تعزيز موقعه عند الله، فهي الباب الَّذي يلج منه الإنسان إلى التَّقوى. وفي هذا، ورد كلام عليٍّ(ع) عند حديثه عن صفات المتَّقين: "أمَّا اللَّيل، فصافّون أقدامهم، تالين لأجزاء القرآن يرتّلونه ترتيلاً، يحزنون به أنفسهم، ويستثيرون به داء دوائهم".

    وقد بيّنت الأحاديث مدى الثّواب الكبير الّذي يبلغه المؤدّون لصلاة اللّيل والقائمون فيها. فقد ورد عن رسول الله(ص): "إنَّ العبد إذا تخلَّى بسيِّده في جوف اللّيل المظلم وناجاه، أثبت الله النّور في قلبه، ثم يقول جلَّ جلاله لملائكته: يا ملائكتي، انظروا إلى عبدي، فقد تخلَّى بي في جوف اللّيل المظلم، والباطلون لاهون، والغافلون نيام. اشهدوا أني قد غفرت له".

    وجاء عنه(ص): "فمن رُزق صلاة اللّيل من عبدٍ أو أمةٍ وقام لله مخلصاً، فتوضَّأ وضوءاً سائغاً، وصلّى لله عزَّ وجلَّ بنيَّةٍ صادقة، وقلبٍ سليم، وبدنٍ خاشع، وعينٍ دامعة، جعل الله تعالى خلفه تسعة صفوف من الملائكة، في كلِّ صفٍّ ما لا يحصي عددهم إلاّ الله تبارك وتعالى".

    وقد ورد في حديثٍ عن الإمام الصّادق(ع) ثواب هذه الصّلاة: "ما من عملٍ حسنٍ يعمله العبد إلا وله ثوابٌ في القرآن إلا صلاة اللّيل، فإنّ الله لم يبيّن حدّاً لسقف ثوابها عنده، فقال: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع}، {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}".

    هذا على مستوى الآخرة. أمَّا في الدّنيا، فهذه الصَّلاة تترك أثرها في النّفس بما قد لا تضاهيه عبادات ونوافل أخرى، فهي على وجه الخصوص، تبعث في النّفس أماناً واطمئناناً، وسروراً وأنساً بالله، وينعكس هذا إشراقةً في الوجه، وطيبةً في النَّفس، وبصيرةً في العقل، وطاقةً في الجسد تيسِّر له الحصول على رزقه.

    واللَّطيف ـ أيّها الأحبَّة ـ إن تمعنَّا في أثر صلاة اللَّيل وقيام اللَّيل بشكلٍ عامّ، نرى أنّهما يشكِّلان علامةً على رضى الله، وطريقاً إلى رضاه سبحانه في آنٍ واحدٍ. ومن هنا أثرهما الرّوحيّ والنَّفسيّ العظيم. فعندما ينوي المرء أن يقوم من دفءِ فراشه للجلوس بين يدي الله، فلذلك فضلٌ كبيرٌ وطريقٌ إلى رحمة الله ورضاه، كما بيَّنت الأحاديث والآيات الّتي ذكرنا بعضها، ولكن في الوقت عينه، هذه العبادة هي بشرى للمؤمنين أنّهم في عين الله، وأنهم يتمِّمون عباداتهم المفروضة عليهم ونوافلهم المستحبَّة بقيام اللّيل، فلولا أن كان الله عاصمهم من الشّيطان ومن وسوساته وهمزه ولمزه، لوجدوا ألف حجّة وحجّة لعدم الاستيقاظ.

    فقوّام اللّيل (ولا نجمل طبعاً) يشكِّلون تجمّعاً أكثر حصريّةً من باقي العبادات، فقد تجد من يصلّي الفرائض الواجبة، أو من يصوم شهر رمضان، أو من يحجّ، وحتى من يزكّي، وهو في باقي جوانب حياته مقصّر في العبادات أو المعاملات الأخرى، ولكن من الصّعوبة بمكان أن نجد مقصِّراً في العبادات ومقترفاً للفواحش وهو يقوم ليله بينما نهاره مملوء بالذّنوب. طبعاً كما أسلفنا المقارنة نسبيّة. وقد ورد هذا المعنى عند الإمام عليّ، فقد جاءه رجل وقال له: إنّي قد حرمت الصَّلاة باللّيل، قال(ع): "أنت رجل قد قيَّدتك ذنوبك".

    الحاجة إلى صلاة اللَّيل

    ولا نريد أن نتحدَّث هنا بالمثاليَّات، فنحن نعلم، والله يعلم مشقَّات الحياة، وخصوصاً مع دوام العمل أو الجامعة أو المدارس الَّذي قد يمتدُّ من الصَّباح الباكر إلى ساعات اللَّيل، وبالتّالي، عندما نتحدَّث عن قيام اللّيل، فنحن لا نتحدَّث عن ترفٍ لا يملكه الكثير، والأمر ليس بالصّعوبة (على من يملك النيّة والقصد)، لأنَّه من حيث مجال الوقت فهو واسع، يتَّسع من منتصف اللَّيل إلى الفجر، وإن كان أفضل أوقاتها السَّحر. وأكثر من هذا، فإنَّ من يستيقظ خلال الوقت لأداء صلاة اللَّيل، ويكون غير قادرٍ على إتمام الإحدى عشرة ركعةً، وهي عدد ركعات صلاة اللَّيل، فيمكنه أن يأتي بركعتي الشَّفع والوتر، أو حتى بركعة الوتر، وهي ركعة واحدة. وكذلك الأمر بتلاوة القرآن أو الدّعاء، فقيام اللَّيل ليس واجباً ميكانيكيّاً، وإلا لما كان ذكر فيه كلّ هذا الفضل والثَّواب والمنزلة الكبرى.

    لهذا، ونحن أحوج ما نكون في زمن الماديّات والتحدّيات إلى هدوء الرّوح وسكون النّفس وارتمائها في حضن بارئها، فليأخذ كلُّ واحدٍ فسحةً لروحه، وصلاة اللَّيل غذاء الرّوح، وثمرتها صبر وحكمة وفهم أعمق للحياة.

    فليقتنصها الصَّائم فرصةً في هدأة اللَّيل، وبعيداً عن العلاقات الدّنيويَّة الّتي تقيِّد الإنسان وتشغله وتأخذ كلَّ حياته، وليغتنم الفرصة ليعيد توصيف العلاقة الّتي تربطه بربّه، ليزيل الحدود والحجب، والله نفسه يقول لك أنا من جهتي لا حدود بيني بينك، وأنا حاضر لأجيب كلّما دنوت، وأنا أقرب إليك من حبل الوريد.

    تجلس بين يديه خاشعاً، يحنّ عليك وهو الرّؤوف العطوف، تفضفض له، فيبادلك هجوعك ودعاءك رحمةً ومحبّةً وحناناً وقبولاً وتطهيراً.

    في صلاة اللَّيل، كان الإمام الكاظم(ع) يناجي ربَّه قائلاً:

    "هذا مقام من حسناته نعمة منك، وشكره ضعيف، وذنبه عظيم، وليس لذلك إلا رفقك ورحمتك، فإنّك قلت في كتابك المنزل على نبيِّك المرسل: {كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}. طال والله هجوعي، وقلّ قيامي، وهذا السّحر، وأنا أستغفرك لذنوبي استغفار من لا يملك لنفسه ضرّاً ولا نفعاً، ولا موتاً ولا حياةً...".





  • #2
    اللهم صل على محمد وال محمد
    جزاكم الله خيرا
    بحث قراني مبارك

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X