إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أمثال لتنبيه المؤمنين

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أمثال لتنبيه المؤمنين


    بسم الله الرحمن الرحيم



    اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
    وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
    وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
    السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته


    1. قال بلوهر: يحكى أن فيلاً سكران كان يطارد رجلاً، إلى أن بلغه، فاضطر الرجل إلى أن يلقي بنفسه في بئر أمامه، وأن يتعلّق بنبتتين نابتتين إلى جانب البئر، ثم وقع بصره إلى جذورهما، فرأى جرذين أحدهما أبيض والآخر أسود، يقرضان الجذور يريدان قطعهما من أصلهما، ونظر في البئر فرأى أربع أفاع أخرجت رؤوسها من جحورها، وفي القاع ثعبان مبين فتح فاه ينتظر لقمته وفريسته حتى إذا سقط في البئر ابتلعه، فرفع رأسه فرأى رأسي النبتتين ملطخين بالعسل، فانشغل بالعسل يلحسه ويلعقه ويستلذّ بأكله، فشغله العسل عن الأفاعي، لا يدري متى تلسعه، ومن كيد الثعبان إذا ما سقط في فيه.
    فأمّا البئر فهي تمثل الدنيا المليئة بالبلايا والمصائب والرزايا والآفات، والنبتتان تمثلان عمر الإنسان، والجرذل الأبيض والأسود فيمثلان الليل والنهار اللذين يقطعان حبل العمر على الدّوام وبصورة مستمرة، والأفاعي الأربعة تمثل الأخلاط الأربعة في الجسم بمنزلة السموم القتّالة من السوداء، والصفراء، البلغم والجّم، لا يعلم صاحبها متى تهيج وتهلكه، والثعبان يمثل الموت الذي ينتظر الإنسان ويطلبه دائماً، والعسل الذي أغري به الإنسان، وشغل به عن الأمور الأخرى، فهو متاع الدنيا وعيشها ونعيمها ونعمها ولذائذها.
    قال المؤلف: لم يذكر مثل أحسن من هذا في انطباقه مع ممثله في غفلة الإنسان من الموت وأهوال ما بعده، وانشغاله بلذائذ الدنيا العاجلة الفانية، فينبغي للإنسان أن يتأمل في هذا المثل علّه يتنبه من غفلته.
    وفي الخبر أنّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) دخل سوق البصرة، ونظر إلى الناس الذين يبيعون ويبتاعون، فبكى بكاء مرّاً وقال: يا عبيد الدنيا وعمّال أهل الدنيا، تتاجرون في النّهار وتحلفون بالإيمان، وتبيتون في فراشكم في الليل، وأنتم بينهما غافلون عن الآخرة، فمتى تعدون الزّاد وتستعدّ,ن للرحيل وتكفّرون ليوم المعاد؟
    قال رسول الله (ص): أبناء الأربعين، زرع قد دنا حصاده، أبناء الخمسين ماذا قدّمتم وماذا أخرّتم؟ أبناء الستين هلمّوا إلى الحساب، أبناء السّبعين، عدّوا أنفسكم في الموتى
    وفي الخبر أنّ الدّيك في صياحه يقول: تذكّروا الله أيها الغافلون واذكروه.

    2. مثل لأهل الدنيا الذين أضلّتهم الدنيا وتعلّقوا بها
    قال بلوهر: كان فيما كان، بلاد اعتاد أهلها أن يعيّنوا رجلاً غريباً ملكاً عليهم، فكان الرجل الغريب يحسب أنه سيحكمهم طوال حياته، لجهله بغايتهم، وبعد انقضاء سنة واحدة، كانوا يطردونه من بلدهم عارياً، صفر اليدين، معوزاً، بحالة يرثى لها، ووضع لم يعرف له نظير ومثيل، فهي ملكية مقرونة بالأحزان والغموم.
    " فملّكوا غريباً عليهم في سنة من سني حياتهم، وكان ذكيّاً، كيّساً فطناً. فتدبّر بفطنته وكياسته ووجد نفسه غريباً بينهم، لا يعرف منهم من يطمئن إليه، فلم يألفهم، ولم يأنس بهم، بل وجد رجلاً غريباً، كان من بلده، يسكن في هذه المملكة، ويعرف أحوال هذا القوم، فقرّبه إلى نفسه، واستشاره في كيفيّة معاملته لهؤلاء، فقال له المستشار الغريب: إنّ الملأ سيخرجونك بعد عام، ويبعدونك إلى نقطة كذا وهذا ديدنهم، ومن الخير أن ترسل مسبقاً ما استطعت إليه سبيلاً من مال وأثاث خلال السنة التي تملكهم، إلى النقطة التي تنفى إليها، حتى إذا بلغتها تعيش بهناء ورفاه وعزّ وسلام، ففعل الملك ما أشار إليه الناصح، ولمّا بلغت السنة نهايتها، وطردوه، انتفع بماله، وعاش حياته في نعيم ورفاه.
    قال المؤلف: أنّ الله (تعالى) ذكر في القرآن: {ومن عمل صالحاً فلأنفسهم يمهدون}.
    فقال الصادق (ع): "أنّ العمل الصالح يسبق صاحبه إلى الجنّة، ويمهدّ له مواضعه، كما يمهّد الخادم الفراش لسيّده".
    وقال أمير المؤمنين(ع)، فيما قال من قصار كلماته: " يا بن آدم، كن وصيّ نفسك، واعمل في مالك ما تؤثر أن يعمل فيه من بعدك".

    قال رسول الله (ص): " واعملوا أنّ كلّ امرئ على ما قدّم قادم، وعلى ما خلّف نادم".
    جاء في أمالي المفيد النيسابوري وفي تاريخ بغداد للخطيب البغدادي أنّ عليّاً أمير المؤمنين (ع) رأى النبي (ص) في منامه، فطلب منه نصيحة، فبسط النبي راحة يده، ورأى عليّ أنه مكتوب عليها بخطّ أخضر هذين البيتين:

    قد كنت ميتاً فصرتَ حيّاً وعن قليل تعودُ ميتاً
    فــابن لــدار البقـاءِ بيتــاً ودع لدار البقاءِ بيتاً

    3. ذكروا أنه كان هناك ملك في غاية العقل والكياسة، يعطف على رعيته، ويسعى في إصلاح أمورهم، وتدبير شؤونهم، وكان له وزير يتصفّ بالصّدق والصراحة ويساعد على إصلاح أمر الرعية والسير في صلاحهم، وكان معتمد الملك ومستشاره والملك لا يخفي عنه أمراً، وكانا على هذا المنوال. أمّا الوزير فكان قد حضر محضر العلماء والأخيار والصالحين، وتعلّم منهم، وأخذ عنهم الأدب والأخلاق والفضيلة وقبلها قلباً وروحاً، وحفظها، ورغب في الزهد وترك الدّنيا، ولكنه كان يخاف على حياته ويتقي الملك إذا تركه، فيتظاهر بالسجدة للأصنام والتعظيم لها، وكان يغتم لضلال الملك شفقةً عليه، فكان يتحيّن الفرصة المناسبة لنصحه، وهدايته، وذات ليلة عندما هدأت العيون ونام الناس، قال الملك لوزيره: هيّا بنا نركب، ونسير في البلد، فنتفقد أحوال الشعب، ونرى آثار الأفكار الساقطة عليهم في هذه الأيام.
    فلبّاه الوزير واستحسن رأيه، وركبا، وسارا يتجوّلان في نواحي المدينة وضواحيها، ومرّا في طريقهما بمزبلة، فوقع نظر الملك على ضوء يأتي من صوبها، فقال لوزيره: لنتابع الضوء فينكشف لنا أمره، فنزلا من المركب، وسارا نحوه، حتى بلغا نفقاً يسطع منه الضوء، فلما نظرا بدقة، وجدا درويشاً كريه المنظر، ذا ثياب خلقة رثّة بالية ممّا يطرح في المزابل، متّكئاً على وسادة صنعها من السرجين والفضلات، وأمامه إبريق من الفخّار، مليء بالشراب، وبيده طنبور يعزف عليه، وأمامه امرأة قبيحة من أقبح المخلوقات خلقاً وشكلاً وعليها ثوب يشبه ثوب الرجل في هيئته ومنظره ومظهره، تسقيه متى ما رغب في الشرب، وإذا عزف على الطنبور رقصت، ومتى شرب حيّته ومدحته منا يفعل بالملوك، وهو يمتدحها ويلقبّه بسيدة النساء، وبفضّلها على نساء العالمين، وكلاهما يمدحان صاحبهما في الحسن والجمال، وقد غمرهما الفرح والسّرور والعيش والطرب والبسمات والضحكات، وقف الملك ووزيره مدة على قدميهما، ينظران إليهما، يندهشان من وضعهما القذر وحالتهما السيّئة، وما هما فيه من متعة ولذة خيالية، ثم أقفلا راجعين.
    قال الملك لوزيره: لا أظنّ أنّنا غمرنا طوال حياتنا في لذة ومتعة بليغين مثلما وجدنا هذين في هذه الليلة وبمثل هذه الحالة، وأظنهما كما رأيناهما في كلّ ليلة من لياليهما. فلما سمع الوزير كلام مليكه، اغتنم الفرصة وقال: أيّها الملك، أخشى أن تكون دنيانا، وملوكيّتك، والبهجة التي تغلب علينا، من لذائذ هذه الدنيا، لا تساوي شيئاً في نظر من يبحث عن الملوكية الخالدة، إلاّ هذه المزبلة القذرة وهذين الشخصين، وبيوتنا التي نسعى في تشييدها وبنائها وأحكامها لا تبدو في نظر من يبحث عن سكنى السعادة والمنازل الباقية في الآخرة، إلاّ مثل هذا الكهف العفن وهذه المغارة المنتنة، وأجسامنا تبدو في نظر من يبحث عن النظافة والنضارة والجمال المعنويّ الأخروي، كهذين الجسدين القبيحين، في مرآنا، وأخشى أن تكون دهشة أولئك الصلحاء السعداء عن عيشنا الزائل وبهجتنا الدنيويّة كدهشتنا على حالة هذين في سوء حالتهما.
    قال الملك: هل تعرف من يتّصف بهذه الصّفات التي وصفتها لي؟ قال الوزير، بلى أيها الملك. قال الملك: ومن هم هؤلاء؟ قال الوزير: هم الذين اعتنقوا دين الله، وأدركوا الملوكيّة الأخروية ولذاتها وهم في طلب سعادة الآخرة. قال الملك: وما ملك الآخرة؟ قال الوزير: إنّه نعيم ليس وراءه شدّة، ولذة ليس ورائها جفوة، وغنى ليس بعده فقر وعوز، وعدّد في قليل أو كثير صفات ملك الآخرة، إلى أن قال الملك: فهل إلى ذلك الملك والنيل إلى تلك السعادة الخالدة، والدخول إلى ذلك الصّرح من سبيل؟ قال الوزير: بلى. أنّه معدّ لمن يطلبه ويرغب فيه ويسير على دربه فوصله. قال الملك: فلم لم تطلعني على هذا المنزل قبل هذا، ولم تبين لي هذه الأوصاف؟ قال الوزير: كنت أخشى هيبتك وجلال ملكك. قال الملك: لو كان الأمر كما وصفته، فينبغي علينا أن لا نضيّعه، بل علينا أن نسعى في استحصاله ونميّز أخباره ونظفر به، قال الوزير: هل تسمح لي أن أذكر لك أوصاف الآخرة بين حين وآخر، لتزداد يقيناً؟ قال الملك: بل آمرك بذلك، وأن تلقي عليّ وتعيد وتكرّر ليل نهار وأن لا تدعني أنشغل عن هذا الأمر، ولا تترك ما أمرتك به لأنه أمر غريب يجب أن لا نستصغره ولا نتساهل فيه ولا نغفله. ثم اتخذ الملك ووزيره سبيل النجاة بعد هذه المحادثة، ونالا السعادة الأبديّة.
    قال المؤلف: لقد رأيت أنه من الجدارة بمكان أن أنقل في هذا المجال بعض ما جاء في خطب أمير المؤمنين علي ّ (ع): " احذروا هذه الدنيا الخدّاعة الغدّارة التي قد تزيّنت بحليّها، وفتنت بغرورها، وغرت بآمالها، وتشوّقت لخطّابها، فأصبحت كالعروس المجلوّة، والعيون إليها ناظرة، والنفوس بها مشغولة، والقلوب إليها تائقة، وهي لأزواجها كلّهم قاتلة، فلا الباقي بالماضي معتبر، ولا الآخر بسوء أثرها على الأول مزدجر".

    ثم بيّن أمير المؤمنين (ع) دناءة الدنيا بأنّ الله (تعالى) أخذ الدنيا من أوليائه ووسّعها لأعدائه، فكّرم الله نبيّه محمداً (ص) عندما ربط على بطنه الحجر من شدّة الجوع، وكرّم نبيّه موسى الذي كان يأكل حشائش الصحراء لسدّ جوعه، وداوم في ذلك حتى ظهرت خضرة لون الحشائش من خلف جلد بطنه، لشدّة ضعفه وقلّة لحمه، وأشار الإمام إلى بعض زهد الأنبياء"، ثم قال: " لقد عدّ هؤلاء الأنبياء الدنيا لأنفسهم بمنزلة الميتة المحرّمة أكلها على كلّ فرد، إلاّ في حالة الضرّورة، وذلك بمقدار ما يحتاج إليه، قوتاً لا يموت، واحتفاظاً على حياته وروحه، فكانت الدنيا عندهم كالجيفة العفنة التي إذا مرّ بها أحد غطّى أنفه وفمه لكراهة رائحتها الشديدة، وثم يأخذون من الدنيا اضطراراً بمقدار ما يوصلهم إلى منازلهم، ولا يشبعون لنتنها، فيعجبون لمن يأخذ منها ويأكل إلى درجة الشّبع، فيملأ بطنه، ويرضى لحظّة من الدنيا ونصيبه منها، فو الله يا أخواني، إنّ الدنيا بمثابة الميتة العفنة وأنتن منها وأكره، لمن يرى خير نفسه، أمّا من نشأ في المدبغة وترعرع فيها، فلا يشعر بالنتن، ولا تؤذيه رائحته، كما يؤذي غيرهم من المارّة ومن الذين يجلسون عند هؤلاء الدّباغين".
    وقال (ع)، أيضاً: "... وإيّاك أن تعتزّ بما ترى من أخلاد أهلها، وتكالبهم عليها، فإنّهم كلاب عاوية، وسباع ضارية، يهدّ بعضها على بعض، يأكل عزيزها ذليلها،وكثيرها قليلها".

    قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (ع): " والله لدنياكم هذه أهون في عيني من عراق خنزير في يد مجذوم"، وهذا أقصى درجة التحقير والاحتقار، لأنّ العظم أهون من كلّ شيء وخاصة إذا كان عظم خنزير، وأخصّ منه إذا كان في يد مصاب بأخبث الأمراض، وهو الجذام، فإذ ذاك لا أخبث منه ولا أحقر.

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X