إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مقام الخائفين‎

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مقام الخائفين‎

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
    وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
    وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
    السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته


    قال تعالى: ﴿و َأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ﴾ «النازعات الآية 40».
    يجانب الصواب من قصر فهمه على تضييق دائرة الخوف من الله تعالى ورقابة النفس والجوارح عن الوقوع فيما يسخطه، على من قارف المعصية وأقام على مشاربها وتمادت به نفسه الشقية ليستمر دون ارعواء في ارتكابها.
    صحيح أن المذنب أولى الناس بالخوف من مواجهة نتائج وعواقب أفعاله السيئة، والتي لقي التحذير والتنبيه من تزيين الشيطان لارتكابها، ولكن مفهوم الخوف من الله تعالى في درجاته العليا ومرتبته السامية مرده إلى معرفة بعظمة الخالق وصفاته الجمالية والجلالية، إذ كما أن الخوف في مرتبته الدنيا يقع نتيجة الخشية من الآثار الوخيمة للسلوك السيء، فإن انفتاح الفكر والقلب على آثار المنعم الدالة على حكمته وقدرته المطلقة، والنظر في كثرة آلائه التي لا تحصى تحدث حالة من التوقير والتعظيم للخالق، تمنع من مقاربة المعصية أو التفكير بها لمن خلع رداء الغفلة وكانت نفسه يقظة نبيهة.
    ولو عمر القلب بالخوف من الله دون رجاء ثوابه ورضوانه ليئس العبد وقنط بسبب استعظام ذنوبه، ولكنه كالطير يطير بجناحي الخوف والرجاء، فالرجاء يأخذ بيده في محراب العبادة والتقرب إلى الله بإخلاص العمل والاجتهاد في إتيان الصالحات، والخوف منه سبحانه يحذره من الاستجابة لهتاف الشهوات وصيحات الشيطان الرجيم المزينة والمرغبة لفعل الخطايا، وهذا التوازن النفسي والإيماني يبقي شعلة الأمل والثقة بالله مضيئة مشرقة لا تخبو أبدا.
    وإن من مكر الشيطان بالعبد أن يصغر المعاصي في عينيه ويقزم مقارفة السيئات في نفسه، فيحدث عنده حالة من التساهل بفعل المحرمات والتمادي في طريق الغواية والانحراف عن جادة التقوى والاستقامة، فلا تحدثه نفسه بالإقلاع عن السيئات والتوبة، حتى ينغمس قلبه ويطمس بالنزوات والعكوف عليها، فيظلم قلبه من كل هداية حينها.
    وليس هناك من رادع وزاجر للعبد من التمادي في طغيان النفس وممارسة السيئات أعظم من تذكير النفس بما ستواجهه من عقاب أليم جراء المعاصي، فيطيف في ذهنه ويتصور حالات العصاة وتأوهاتهم وما يلاقونه من صنوف العذاب الشديد، فإن في ذلك صلاح نفسه التي تستصبح بالهدى والورع، فيراقب جوارحه وما يصدر منها من تصرفات لئلا تشط به نحو الخطيئة، وإن غلبت عليه غفلته وشقوته أناب دونما تأخير وتسويف، وتتحول حالة المحبوبية للمعصية إلى مبغوضية باعثها الخوف من العقاب، أو يترقى في شعوره الإيماني إلى درجة الخجل من نفسه أن تقابل الإحسان والعطاء الإلهي بجزاء الجحود والمخالفة.
    فما غرك أيها العبد العاصي لترتكب من المنكرات والقبائح ما لا تزجرك عنه المذكرات والمواعظ، أفلا تخشى من إمهال ربك ليأتيك من عقابه ما يفقدك هذه النعم التي لا تقدرها؟!!
    لقد ضربت القسوة القلوب فتحجرت وفقدت كل إحساس بالحياء مما يصنعون من آثام، ففي كل يوم ينادي ملك الموت بالناس أن يستعدوا ويتأهبوا ليوم لقاء ربهم، فيرون بأم أعينهم والموت يختطف أحباءهم وأقرباءهم ولا يرتدعون.
    والخوف من الله ما دام متلازما مع الرجاء فإن اليأس من رحمة الله لا يمكنه أن يتسلل إلى قلب العبد العاصي، فباب التوبة والرجوع إلى الله مفتوح على مصراعيه متى ما صدقت توبته وأخلص نيته، فإن سبحانه لا تعجزه معاصي عباده ولا يؤيسهم مهما صدر منهم من خطايا، بل يقابلهم بمحبة للتائبين ويبشرهم بمغفرة منه.


المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X