إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

العقل والتعقل ربح لاخساره فيهما

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • العقل والتعقل ربح لاخساره فيهما

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين
    كلام اهل البيت نور ودستور لمن طبقه وعمل به واليكم غيض من فيضهم قال الإمام موسى بن جعفر الكاظم :

    ( يا هشام: قليل العمل من العاقل مقبول مضاعف، وكثير العمل من أهل الهوى والجهل مردود..
    يا هشام: إن العاقل رضي بالدون من الدنيا مع الحكمة، ولم يرض بالدون من الحكمة مع الدنيا، فلذلك ربحت تجارتهم ).
    واقعاً لا ينبغي أن نقتصر في دراسة حياة العظماء كالإمام الكاظم على الجوانب المثيرة في حياتهم- كفترة السجن التي عاشها -، وإنما ينبغي أن نتأمل في تاريخهم بأجمعه لأنه يزخر بالعلم والمعارف والإيمان والتجارب العظيمة.. وقلت بأن مما تزخر به حياة الإمام تلك الإفادات العلمية العظيمة، خاصة ما يتعلق منها بالعقل.
    وقد سبقت الإشارة إلى شيء من تلك الإفادات، والآن سأسترسل في التأمل فيما جاء في وصايا الإمام إلى هشام بن الحكم المتعلقة بالعقل وحركته.
    فهو هنا يقرر نتيجة من نتائج العقل والتعقل، وهي الحكمة التي تقتضي بطبيعتها إيجاد أعمال واتخاذ مواقف ناضجة وأقرب إلى الصحة، ولهذا فإنها تكون مقبولة، وذلك أن العاقل قبل أن يقدم على العمل وقبل أن يتخذ أي موقف من المواقف، يدرس جميع الحيثيات والظروف والنتائج المحتملة ثم يقرر ما ينبغي أن يكون، مما يجعل كل ما يصدر منه من أفعال ومواقف في غاية الدقة، وعندئذ لا عبرة بكمية العمل مادامت كيفيته تامة.. وهذا ما أشار إليه الإمام في قوله لهشام يا هشام: قليل العمل من العاقل مقبول مضاعف).
    بينما على العكس من ذلك يكون مسلك المتهورين من أصحاب الأهواء والجهّال الذين قلما يستخدمون عقولهم، فهؤلاء بسبب تسرعهم في اتخاذ المواقف وإبداء الآراء، غالبا ما يقعون في الأخطاء والإشتباهات، بل ويرتكبون الحماقات،وهذا ما يؤثر على مسيرتهم في الحياة سواء على الصعيد الفردي أو الإجتماعي.. قال وكثير العمل من أهل الهوى والجهل مردود).. فحتى لو كانت أعمالهم كثيرة، إلا أنها لا فائدة منها، لأنها عبارة عن تراكم من الأخطاء والمواقف السلبية، بعكس العاقل تماما، فإنه حتى لو كانت أعماله قليلة إلا أنها كثيرة الفائدة.
    بناءً على ذلك فإن من أولى ثمار العقل الحكمة، والعاقل لأنه يدرك حقيقة الحكمة وعظمتها فإنه يكتفي بها إذا حصل عليها، حتى لو فقد كل شيء، ولا يقبل بكل شيء فيما إذا كانت الضريبة فقدان الحكمة، ولذلك كانت مسيرتهم مظفرة ورابحة، وهذا هو عينه ما عناه الإمام في قوله إن العاقل رضي بالدون من الدنيا مع الحكمة، ولم يرض بالدون من الحكمة مع الدنيا، فلذلك ربحت تجارتهم).
    ثم يضيف الإمام بعض المزايا التي هي من بين ثمار العقل، فيقول:
    ( من أراد الغنى بلا مال وراحة القلب من الحسد والسلامة في الدين، فليتضرع إلى الله في مسألته بأن يكمل عقله، فمن عقل قنع بما يكفيه، ومن قنع بما يكفيه استغنى، ومن لم يقنع بما يكفيه لم يدرك الغنى أبداً).
    فالإمام يبين أن الغنى الحقيقي حالة نفسية تتجلى في داخل قلب الإنسان، وليست تراكماً ظاهرياً للأموال، إذ قد يكون الإنسان مالكاً لمبالغ طائلة ولكنه مع ذلك لا يشعر بالغنى أبداً، بسبب عدم تحول الغنى عنده إلى حالة نفسية، وإحدى مظاهر تلك الحالة إحساس الإنسان بالامتلاء والاكتفاء، بالإضافة إلى راحة نفسية تحول بينه وبين الحسد، ومن كان هذا شأنه فإن أولى ما يحصل عليه هو السلامة في الدين، إذ أن أحد أهم أسباب ضعف الحالة الدينية عند الإنسان هو الحسد، فإنه مميت للقلب ومشوّه للحالة الاجتماعية.
    والمهم هنا أن هذا الهدف العظيم – وهو الغنى النفسي الذي يمنع الحسد ويقضي عليه في النفس وبالتالي يحافظ على سلامة دين الإنسان – إنما يتسنى للإنسان إذا كمل عقله، إذ أنه إذا كمل عقله اقتنع بما يبلغ به حد الكفاف، ومن اقتنع بذلك حاز على صفة الغنى النفسية، وأما لم يقتنع بذلك فإنه لن يشعر بهذه الحالة أبداً.. فالعقل بناء على ذلك طريق لتحقيق هذا الهدف الكبير، وهذا ما يبين لنا عظمة العقل وأهميته..

    السَّلامُ عَلَى مَحَالِّ مَعْرِفَةِ اللهِ ، وَمَسَاكِنِ بَرَكَةِ اللهِ ، وَمَعَادِنِ حِكْمَةِ اللهِ ، وَحَفَظَةِ سِرِّ اللهِ ، وَحَمَلَةِ كِتَابِ اللهِ ، وَأَوْصِيَاءِ نَبِيِّ اللهِ ، وَذُرِّيَّةِ رَسُولِ اللهِ .
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X