من المسائل الإسلامية المهمة ذات الطابع التأريخي والعقائدي والتي طالما أخذت مساحة واسعة في المنطقة الفاصلة بين مدرستين إسلاميتين كبيرتين هما مدرسة أهل البيت ع ومن تبعهم وشايعهم ومدرسة ( بعض الصحابة ) ومن استن بهم هي وفاة الرسول محمد صلوات الله عليه وهل هي حالة موت ( وفاة بدون سبب خارجي ) أم جريمة قتل ( بسبب خارجي ) .. ؟
والخلاف لم يقتصر على الرأي والرأي الآخر فقط ولم ينحصر بالدائرة النظرية وإنما يصل الى مستوى إتهام طرف لطرف ..!! وأستطيع القول أن أحد هاتين المدرستين هي المدعي والأخرى هي المدعى على أفراد منها بأنهم قاموا بتلك الجناية ..
ومدرسة أهل البيت ( ع ) التي هي أقرب الى القول بأن الرسول ( ص ) قد قُتل وتستند في ذلك على عدة مستندات ولكن رغم رصانة تلك المستندات إلا أنها لا تعدوا كونها قرائن وأمارات لا تصل الى مستوى ( إقرار الجاني ) أو ( البيّنة ) وهما الدليلان اللذان عند تحقق أحدهما أو كليهما يثبتان جناية القاتل في الفقه الإسلامي وفي حالة إنعدامهما معا يعني عدم الإثبات وإن كان المدعى عليه هو الجاني فعلا ..
وعليه فتلك المستندات تُثبت جريمة القتل ولم تحدد هوية القاتل تحديدا يساعد على إدانته وفق موازين القضاء الإسلامي ..
ولهذا سنحاول ضمن هذه السلسلة استعراض أهم تلك المستندات التي تثبت الجناية ولا تثبت الجاني كما قلنا ، وتتحقق من عملية القتل وجهته ولا تحدد القاتل بشخصه فقها وإن شخصته فليس وفق البروتوكلات القضائية النافذة في الإسلام ..
ومن هذه المستندات والأمارات :
** قرآنية : قال تعالى ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ) .. وقوله تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ) ..
فالآيات المباركة قد أثبتت أمور /
الأمر الأول : هذه الآيات تعطينا فكرة بأن قتل الأنبياء هي سنّة تأريخية وليس أمراً غريبا ولا ممتنعا ، فكما أن القرآن الكريم أثبت أن النبي ص كباقي البشر يموت ( إنك ميت وإنهم ميتون ) كذلك أثبتت هذه الآيات أن الرسول والانبياء يمكن أن يقتلوا ..
الأمر الثاني : آية ( وما محمد .. ) لهجتها هي إنذار لعقاب معجّل وليس مؤجل ، وهذا الأسلوب يوحي الى وجود خطر يحيق بالنبي من قبل أناس لا يؤمنون بالآخرة إيمانا يردعهم عن قتل النبي ص فتطلب الأمر الى التحذير الآني والسريع ليكون لهم رادعا ..
إشكال وجواب :
مما يثار على الآية ( ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ) .. أنها نزلت في معركة أحد بعد أن ظنّ المسلمون بإن الرسول ص قد قتل وعليه فإنها لا تصلح دليلا على أن الرسول ص قد قُتل كما ذكرنا ذلك في أعلاه ..؟ !
والجواب :
1. مما استعملنا فيه الاية هو الإستشهاد بها لغرض اثبات أن قتل الرسول ص ممكن وليس عليه ( ص ) حصانة الهية من القتل بحيث يكون مستحيلا كما قد يظن البعض ويستشهد بهذا الظن الخاطىء ان تهمة قتل الرسول ص باطلة ..
2. سبب النزول لا يخصص الآية بما نزلت فيه فقط كما هو ثابت في محله ، ولهذا استشهد بها الرسول (ص) في حجة الوداع حين قال ص ( معاشر الناس انذركم اني رسول الله اليكم قد خلت من قبلي الرسل افإن مت أو قتلت انقلبتم على اعقابكم .. ) .. فالاية تبقى عاملة ( محذرة ) مادام الرسول ص على قيد الحياة فيما يخص جزئية القتل او الموت وليس الانقلاب ..
3. استعملت هذه الاية كدليل لإثبات حصول جريمة قتل الرسول ص من قبل أئمة مدرسة أهل البيت ع وهي تمثل الطرف المدعي كما قلنا ، ففي تفسير الصافي عن الإمام الصادق ع : أتدرون مات النبي أو قتل .. ؟ ان الله يقول ( أفإن مات أو قتل انقلبتم على اعقابكم ) ثم قال انهما سقتاه قبل الموت .. ( نتعرض للرواية لاحقا ) ..
4. قلنا أن هناك أمارات على قتل الرسول ص المستعملة من قبل الطرف المدعي ،وهذه واحدة منها وأنها بمفردها لا تثبت كل تفاصيل القضية كما لو تعاضدت مع أمارات اخرى .. وللاخر بلا شك حق النقض والدفاع ..
المستند الثاني : روايات عامة تثبت حتمية القتل للمعصومين في الإسلام :
هنالك عدة روايات وردت عن النبي الأكرم صلوات الله عليه وأهل بيته المعصومين تتضمن تأسيس اعتقاد قاطع عند اتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام بأن النبي وخلفاءه الشرعيين المعصومين عليهم السلام لا يموتون الا قتلا بغير حق وفي سبيل الله وبالتالي فهم شهداء ..
وعدّوها على نحو الكرامة لهم كون الشهادة أشرف وأعلى درجات وحالات الموت ولهذا افتخرت زينب عليها السلام امام الطاغية بقولها ( القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة ) ، ومن هذه الروايات :
* عن النبي الاكرم صلوات الله عليه : « ما من نبيّ ، ولا وصيّ إلا شهيد » .
* وكذلك قول الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) حين صعد المنبر بعد استشهاد والده أميرالمؤمنين (عليه السلام) ، فقال في جملة خطبته الشريفة : « ولقد حدثني حبيبي جدي رسول اللَّه ( صلى الله عليه وآله ) أن الأمر يملكه اثنا عشر إماماً من أهل بيته وصفوته، ما منّا إلاّ مقتول أو مسموم » .
* وعن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) هذا الحديث الشريف في شهادة مولانا الحسن المجتبى (عليه السلام) : قال الحسن بن عليّ لأهل بيته : « إني أموت بالسم كما مات رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ..
ولهذا قال علماء الطائفة بهذا الإعتقاد ومنهم الشيخ الصدوق رحمه الله : (( واعتقادنا أن ذلك جرى عليهم على الحقيقة والصحة ( أي تعقيباً على قول الأئمة سلام الله عليهم أنه ما منا إلا مسموم أو مقتول ) ، لا على الحسبان والحيلولة ، ولا على الشك والشبهة فمن زعم أنهم شُبّهوا أو واحد منهم فليس مِن ديننا على شيء ، ونحن منه بُرآء . وقد أخبر النبي والأئمة ( عليهم السلام ) أنهم مقتولون ، ومن قال: إنهم لم يُقتلوا ، فقد كذبهم ، ومن كذبهم فقد كذب الله ، ومن كذب الله فقد كفر به وخرج به عن الإسلام ، « ومَن يبتغِ غيرَ الإسلام ديناً فلن يُقبَلَ منه، وهو في الآخرةِ مِنَ الخَاسرين » )) .
المستند الثالث : أخبار خاصة بقتل الرسول ص :
1. محاولات اغتيال سابقه للرسول ص : لمن يطلع على كتب السيرة سيجد أن احتمال اغتياله ( ص ) وارد جدا ، فأكثر من عشر محاولات تعرض لها صلوات الله عليه ، ففي معركة تبوك كانت هنالك محاولة من قبل صحابة كبار نعرض عن ذكرهم .. وكذا ينقل عن زوج الرسول ( ص ) عائشه أنه ( ص ) قد أكل من شاه مسمومه في خيبر ولا زال يشعر المها حتى وفاته ( ص ) ، وتفصيل هذه المحاولة :
( أهدت زينب بنت الحارث امرأة سلام بن مشكم زعيم خيبر شاة مشوية مسمومة وأكثرت السم في الذراع لأنه أحب شيء إلى رسول الله وقدمته وتناول منها الذراع فلاك منها مضغةومعه بشر بن البراء بن معرور رضي الله عنه فأكل منها وأما رسول الله فلفظها ثم قال :أن هذا العظم ليخبرني أنه مسموم ثم دعا بها فاعترفت !
وكان رسول الله صلى الله علية وسلم قد قال في مرضه الذي توفي منه لام بشر يا أم بشرأن هذا الأوان وجدت فيه انقطاع أبهري من الأكلة التي أكلت مع أبنك بشر بخيبر ) . ولقد ذكرت عدة محاولات اخرى ذكرتها كتب السير والتاريخ الاسلامي ..
2. مخالفة أمر الرسول ص في ايام مرضه عندما منع أن يضع اي شراب او طعام في فمه بحجة الدواء ، ورغم ذلك قام البعض بذلك ومنهم زوجته عائشه ومن كان معها الا عمه العباس فإنه لم يخالف امره ، ولما افاق الرسول ص وعلم أنهم وضعوا في فمه الدواء المزعوم طردهم الا العباس .. فورد : ( في كتاب الطبقات ج 2/235 : فأُغمِيَ عليه صلى الله عليه وآله حين أفاق والنساء يلددنه ( يطعمنه ) , وهو صائم ، وقالت عائشة : لددنا رسول الله في مرضه فجعل يشير إلينا أن لا تلدوني، فقلنا: كراهية المريض للدواء. فقال: (لايبقى أحد في البيت إلا لد، وأنا أنظر إلا العباس فإنه لم يشهدكم ) .
ولهذا تم وضع اشارة شك وشبهة ضد المادة التي وضعت في فم الرسول ص ومخالفة أمره وطرده لهم من قبله ص عندما علم مخالفتهم له ..!!
3. تصريح بعض الأعلام بوجود شبهة أن الرسول (ص) قد دس له السم ، جاء في السيرة النبوية لآبن كثير عن الأعمش عن عبد الله بن نمرة عن اب الاحوص عن عبد الله بن مسعود إذ قال : ( لئن أحلف تسعا أن رسول الله قتل قتلا أحب إلي من أن أحلف واحدة أنه لم يقتل، وذلك لأن الله اتخذه نبيا واتخذه شهيدا ) ..
وقال الشعبي : ( والله لقد سم رسول الله ) ..
4. الحالة الصحية للرسول ( ص ) : حيث تشير الاخبار الى أن الرسول ( ص ) مات عن مرض مفاجىء وأودى به سريعا ( بدأ به الأربعاء وتوفي الاثنين صلوات الله عليه ) ، ولم تشخص نوعه وإنما أعراضه وهي الصداع الشديد وارتفاع عالي في درجة الحرارة بحيث تنقل الاخبار أنه لم يعهد حمى مثلها عند الناس .. وهذه أعراض تسمم ولهذا تم التشبث من قبل البعض بأن الرسول ص قد تسمم من شاة خيبر ( كما ذكرنا ) ، في حين أن خيبر كانت قبل الوفاة بثلاث سنين ..
5. الإنقلاب السريع والمخطط : فالذي يقرأ تأريخ الوفاة فإنه سيجد أن مقتل الرسول ص حدثا سياسيا أكثر منه مصيبة وفاجعة دينية .. حيث بدأت المشاورات والتجاذبات والمناكفات بين بعض الانصار وبعض المهاجرين حول طريقة واسلوب تقاسم وتبادل السلطة والرسول صلوات الله عليه لم يوراى بعد ، عكفوا على إيجاد البديل وكأن الذي اكتمل بشهادة كلام الله ( ومن اصدق من الله قيلا ) قد فاتته خلافة النبي ..!! فهؤلاء المنتفعون والمتصيدون في الماء العكر يوجه اليهم الطرف المدعي التهمة ويعتبرهم خطوطا متصلة بالجريمة والمجرم ..
هذه المستندات وهذه القرائن تثبت أصل الدعوى والجريمة وتشير بإصبع الإتهام الى البعض .. ولهذا نجد روايات صريحة وواضحة رويت عن ائمة أهل البيت ع حول جريمة قتل الرسول ص وهم خلفاء الرسول الشرعيون وأولياء دمه .. نبتعد عن ذكرها هنا
انتهى ..
والخلاف لم يقتصر على الرأي والرأي الآخر فقط ولم ينحصر بالدائرة النظرية وإنما يصل الى مستوى إتهام طرف لطرف ..!! وأستطيع القول أن أحد هاتين المدرستين هي المدعي والأخرى هي المدعى على أفراد منها بأنهم قاموا بتلك الجناية ..
ومدرسة أهل البيت ( ع ) التي هي أقرب الى القول بأن الرسول ( ص ) قد قُتل وتستند في ذلك على عدة مستندات ولكن رغم رصانة تلك المستندات إلا أنها لا تعدوا كونها قرائن وأمارات لا تصل الى مستوى ( إقرار الجاني ) أو ( البيّنة ) وهما الدليلان اللذان عند تحقق أحدهما أو كليهما يثبتان جناية القاتل في الفقه الإسلامي وفي حالة إنعدامهما معا يعني عدم الإثبات وإن كان المدعى عليه هو الجاني فعلا ..
وعليه فتلك المستندات تُثبت جريمة القتل ولم تحدد هوية القاتل تحديدا يساعد على إدانته وفق موازين القضاء الإسلامي ..
ولهذا سنحاول ضمن هذه السلسلة استعراض أهم تلك المستندات التي تثبت الجناية ولا تثبت الجاني كما قلنا ، وتتحقق من عملية القتل وجهته ولا تحدد القاتل بشخصه فقها وإن شخصته فليس وفق البروتوكلات القضائية النافذة في الإسلام ..
ومن هذه المستندات والأمارات :
** قرآنية : قال تعالى ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ) .. وقوله تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ) ..
فالآيات المباركة قد أثبتت أمور /
الأمر الأول : هذه الآيات تعطينا فكرة بأن قتل الأنبياء هي سنّة تأريخية وليس أمراً غريبا ولا ممتنعا ، فكما أن القرآن الكريم أثبت أن النبي ص كباقي البشر يموت ( إنك ميت وإنهم ميتون ) كذلك أثبتت هذه الآيات أن الرسول والانبياء يمكن أن يقتلوا ..
الأمر الثاني : آية ( وما محمد .. ) لهجتها هي إنذار لعقاب معجّل وليس مؤجل ، وهذا الأسلوب يوحي الى وجود خطر يحيق بالنبي من قبل أناس لا يؤمنون بالآخرة إيمانا يردعهم عن قتل النبي ص فتطلب الأمر الى التحذير الآني والسريع ليكون لهم رادعا ..
إشكال وجواب :
مما يثار على الآية ( ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ) .. أنها نزلت في معركة أحد بعد أن ظنّ المسلمون بإن الرسول ص قد قتل وعليه فإنها لا تصلح دليلا على أن الرسول ص قد قُتل كما ذكرنا ذلك في أعلاه ..؟ !
والجواب :
1. مما استعملنا فيه الاية هو الإستشهاد بها لغرض اثبات أن قتل الرسول ص ممكن وليس عليه ( ص ) حصانة الهية من القتل بحيث يكون مستحيلا كما قد يظن البعض ويستشهد بهذا الظن الخاطىء ان تهمة قتل الرسول ص باطلة ..
2. سبب النزول لا يخصص الآية بما نزلت فيه فقط كما هو ثابت في محله ، ولهذا استشهد بها الرسول (ص) في حجة الوداع حين قال ص ( معاشر الناس انذركم اني رسول الله اليكم قد خلت من قبلي الرسل افإن مت أو قتلت انقلبتم على اعقابكم .. ) .. فالاية تبقى عاملة ( محذرة ) مادام الرسول ص على قيد الحياة فيما يخص جزئية القتل او الموت وليس الانقلاب ..
3. استعملت هذه الاية كدليل لإثبات حصول جريمة قتل الرسول ص من قبل أئمة مدرسة أهل البيت ع وهي تمثل الطرف المدعي كما قلنا ، ففي تفسير الصافي عن الإمام الصادق ع : أتدرون مات النبي أو قتل .. ؟ ان الله يقول ( أفإن مات أو قتل انقلبتم على اعقابكم ) ثم قال انهما سقتاه قبل الموت .. ( نتعرض للرواية لاحقا ) ..
4. قلنا أن هناك أمارات على قتل الرسول ص المستعملة من قبل الطرف المدعي ،وهذه واحدة منها وأنها بمفردها لا تثبت كل تفاصيل القضية كما لو تعاضدت مع أمارات اخرى .. وللاخر بلا شك حق النقض والدفاع ..
المستند الثاني : روايات عامة تثبت حتمية القتل للمعصومين في الإسلام :
هنالك عدة روايات وردت عن النبي الأكرم صلوات الله عليه وأهل بيته المعصومين تتضمن تأسيس اعتقاد قاطع عند اتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام بأن النبي وخلفاءه الشرعيين المعصومين عليهم السلام لا يموتون الا قتلا بغير حق وفي سبيل الله وبالتالي فهم شهداء ..
وعدّوها على نحو الكرامة لهم كون الشهادة أشرف وأعلى درجات وحالات الموت ولهذا افتخرت زينب عليها السلام امام الطاغية بقولها ( القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة ) ، ومن هذه الروايات :
* عن النبي الاكرم صلوات الله عليه : « ما من نبيّ ، ولا وصيّ إلا شهيد » .
* وكذلك قول الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) حين صعد المنبر بعد استشهاد والده أميرالمؤمنين (عليه السلام) ، فقال في جملة خطبته الشريفة : « ولقد حدثني حبيبي جدي رسول اللَّه ( صلى الله عليه وآله ) أن الأمر يملكه اثنا عشر إماماً من أهل بيته وصفوته، ما منّا إلاّ مقتول أو مسموم » .
* وعن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) هذا الحديث الشريف في شهادة مولانا الحسن المجتبى (عليه السلام) : قال الحسن بن عليّ لأهل بيته : « إني أموت بالسم كما مات رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ..
ولهذا قال علماء الطائفة بهذا الإعتقاد ومنهم الشيخ الصدوق رحمه الله : (( واعتقادنا أن ذلك جرى عليهم على الحقيقة والصحة ( أي تعقيباً على قول الأئمة سلام الله عليهم أنه ما منا إلا مسموم أو مقتول ) ، لا على الحسبان والحيلولة ، ولا على الشك والشبهة فمن زعم أنهم شُبّهوا أو واحد منهم فليس مِن ديننا على شيء ، ونحن منه بُرآء . وقد أخبر النبي والأئمة ( عليهم السلام ) أنهم مقتولون ، ومن قال: إنهم لم يُقتلوا ، فقد كذبهم ، ومن كذبهم فقد كذب الله ، ومن كذب الله فقد كفر به وخرج به عن الإسلام ، « ومَن يبتغِ غيرَ الإسلام ديناً فلن يُقبَلَ منه، وهو في الآخرةِ مِنَ الخَاسرين » )) .
المستند الثالث : أخبار خاصة بقتل الرسول ص :
1. محاولات اغتيال سابقه للرسول ص : لمن يطلع على كتب السيرة سيجد أن احتمال اغتياله ( ص ) وارد جدا ، فأكثر من عشر محاولات تعرض لها صلوات الله عليه ، ففي معركة تبوك كانت هنالك محاولة من قبل صحابة كبار نعرض عن ذكرهم .. وكذا ينقل عن زوج الرسول ( ص ) عائشه أنه ( ص ) قد أكل من شاه مسمومه في خيبر ولا زال يشعر المها حتى وفاته ( ص ) ، وتفصيل هذه المحاولة :
( أهدت زينب بنت الحارث امرأة سلام بن مشكم زعيم خيبر شاة مشوية مسمومة وأكثرت السم في الذراع لأنه أحب شيء إلى رسول الله وقدمته وتناول منها الذراع فلاك منها مضغةومعه بشر بن البراء بن معرور رضي الله عنه فأكل منها وأما رسول الله فلفظها ثم قال :أن هذا العظم ليخبرني أنه مسموم ثم دعا بها فاعترفت !
وكان رسول الله صلى الله علية وسلم قد قال في مرضه الذي توفي منه لام بشر يا أم بشرأن هذا الأوان وجدت فيه انقطاع أبهري من الأكلة التي أكلت مع أبنك بشر بخيبر ) . ولقد ذكرت عدة محاولات اخرى ذكرتها كتب السير والتاريخ الاسلامي ..
2. مخالفة أمر الرسول ص في ايام مرضه عندما منع أن يضع اي شراب او طعام في فمه بحجة الدواء ، ورغم ذلك قام البعض بذلك ومنهم زوجته عائشه ومن كان معها الا عمه العباس فإنه لم يخالف امره ، ولما افاق الرسول ص وعلم أنهم وضعوا في فمه الدواء المزعوم طردهم الا العباس .. فورد : ( في كتاب الطبقات ج 2/235 : فأُغمِيَ عليه صلى الله عليه وآله حين أفاق والنساء يلددنه ( يطعمنه ) , وهو صائم ، وقالت عائشة : لددنا رسول الله في مرضه فجعل يشير إلينا أن لا تلدوني، فقلنا: كراهية المريض للدواء. فقال: (لايبقى أحد في البيت إلا لد، وأنا أنظر إلا العباس فإنه لم يشهدكم ) .
ولهذا تم وضع اشارة شك وشبهة ضد المادة التي وضعت في فم الرسول ص ومخالفة أمره وطرده لهم من قبله ص عندما علم مخالفتهم له ..!!
3. تصريح بعض الأعلام بوجود شبهة أن الرسول (ص) قد دس له السم ، جاء في السيرة النبوية لآبن كثير عن الأعمش عن عبد الله بن نمرة عن اب الاحوص عن عبد الله بن مسعود إذ قال : ( لئن أحلف تسعا أن رسول الله قتل قتلا أحب إلي من أن أحلف واحدة أنه لم يقتل، وذلك لأن الله اتخذه نبيا واتخذه شهيدا ) ..
وقال الشعبي : ( والله لقد سم رسول الله ) ..
4. الحالة الصحية للرسول ( ص ) : حيث تشير الاخبار الى أن الرسول ( ص ) مات عن مرض مفاجىء وأودى به سريعا ( بدأ به الأربعاء وتوفي الاثنين صلوات الله عليه ) ، ولم تشخص نوعه وإنما أعراضه وهي الصداع الشديد وارتفاع عالي في درجة الحرارة بحيث تنقل الاخبار أنه لم يعهد حمى مثلها عند الناس .. وهذه أعراض تسمم ولهذا تم التشبث من قبل البعض بأن الرسول ص قد تسمم من شاة خيبر ( كما ذكرنا ) ، في حين أن خيبر كانت قبل الوفاة بثلاث سنين ..
5. الإنقلاب السريع والمخطط : فالذي يقرأ تأريخ الوفاة فإنه سيجد أن مقتل الرسول ص حدثا سياسيا أكثر منه مصيبة وفاجعة دينية .. حيث بدأت المشاورات والتجاذبات والمناكفات بين بعض الانصار وبعض المهاجرين حول طريقة واسلوب تقاسم وتبادل السلطة والرسول صلوات الله عليه لم يوراى بعد ، عكفوا على إيجاد البديل وكأن الذي اكتمل بشهادة كلام الله ( ومن اصدق من الله قيلا ) قد فاتته خلافة النبي ..!! فهؤلاء المنتفعون والمتصيدون في الماء العكر يوجه اليهم الطرف المدعي التهمة ويعتبرهم خطوطا متصلة بالجريمة والمجرم ..
هذه المستندات وهذه القرائن تثبت أصل الدعوى والجريمة وتشير بإصبع الإتهام الى البعض .. ولهذا نجد روايات صريحة وواضحة رويت عن ائمة أهل البيت ع حول جريمة قتل الرسول ص وهم خلفاء الرسول الشرعيون وأولياء دمه .. نبتعد عن ذكرها هنا
انتهى ..
تعليق