إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ثمار كربلاء...

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ثمار كربلاء...



    ثمار كربلاء


    إنّ كربلاء بعد أن غيّرت الرأي العامّ، وكان لها الأثر البالغ على الساحة الإسلاميّة، قد تدلّت أغصانها وأينعت ثمارها وأتت أُكُلها، ومن تلك الثمار المباركة:
    1ـ كسر حاجز الخوف وهاجسه، وسحق هيبة الدولة التي فرضها معاوية بالقوّة والعنف، وبالترهيب والترغيب والتزوير والخداع؛ لذلك تعالت الأصوات الرافضة لسياسة بني أُميّة، واشتدّت أكثر فأكثر، ونتج عن ذلك ثورات عديدة قوّضت حكم بني أُميّة، وزلزلت عروشهم، من قبيل: ثورة التوابين، وثورة المختار، وثورة زيد بن علي عليه السلام، وغيرها من الثورات التي قادها نبلاء الأُمّة وأبطالها، والتي تعكس الوعي الذي خلّفته النهضة الحسينيّة في أوساط الأُمّة الإسلاميّة.
    2ـ التغيير الثقافي الذي أحدثته كربلاء؛ فإنّ هذه النهضة المباركة فضحت الممارسات الخبيثة التي كان عليها يزيد اللعين، وبيّنت بأنّه قاتلٌ مجرمٌ، لم يراعِ حتى حرم رسول الله صلى الله عليه وآله، وهو نبي هذه الأُمّة، والرسول الذي جاء بهذا الدين الحنيف، ورسالة الإسلام الخالدة، وبتبع ذلك ـ ومن خلال الشعارات التي رفعتها هذه النهضة المباركة ـ وثِّقت ممارسات يزيد غير الأخلاقية؛ الأمر الذي أدّى بكثير من أبناء السنّة ومن متعصبيهم إلى ذمّ يزيد ولعنه، وتوثيق جرائمه وفسقه وفجوره، فها هو ابن الجوزي ـ وهو معدود من المتعصبين ـ قد ألّف كتاباً في ذمّ يزيد ولعنه، وأسماه: الردّ على المتعصب العنيد المانع من ذمّ يزيد، وكان الدليل الأبرز عنده في ذمّ يزيد ولعنه، هو ما ارتكبه هذا المجرم في يوم عاشوراء، من قتل سبط النبي المصطفى صلى الله عليه وآله؛ حيث روى في كتابه هذا: «وُضِع رأس الحسين بين يدي يزيد وعنده أبو برزة، فجعل يزيد ينكت بالقضيب على فيه، ويقول: نفلقن هاماً... فقال أبو برزة: ارفع قضيبك؛ فوالله، لربما رأيت فاه رسول الله صلى الله عليه وآله على فيه يلثمه»[34].
    وروى في موضع آخر: «جيء برأس الحسين بن علي، فوُضِع بين يدي يزيد بن معاوية، فتمثّل بهذين البيتين:

    ليت أشيــاخي ببدر شـهدوا جـزع الخزرج مـن وقع الأسـل
    لأهـلّـوا واسـتـهـلّـوا فرحاً ثـمّ قـالـوا يــا يـزيد لا تُشل»[35].
    إلى غيرها من الشواهد التي يذكرها ابن الجوزي، الموجِبة لذمّ يزيد ولعنه، وهي وقائع وثّقها مؤرِّخو الأُمّة الإسلاميّة بمختلف اتجاهاتهم، أمثال: الطبري في تاريخه، وابن مسعود في تاريخه، وابن الأثير في الكامل، وابن كثير في البداية والنهاية، وغيرهم؛ الأمر الذي يعكس الفضيحة التي تعرّض لها يزيد بن معاوية، وكلّ مَن تبع أو يتبع سياساته، ولم يبقَ مجال لأتباع الخطّ الأُموي للدفاع عن قائدهم يزيد إلّا النفي والإنكار، ولم يمكنهم القبول؛ وذلك لأنّ دم الحسين عليه السلام لا يمكن أن يُباح، ولا يرضى أي فرد من المسلمين بإراقته وهتكه، مهما كان اتجاهه وعقيدته ومذهبه، فدم الحسين عليه السلام كان العقبة الكبرى التي لم يتمكّن الخطّ الأُموي والمدّ الشيطاني أن يتخطّاها ويَعبُرها، فما بقي لهم إلّا النفي والإنكار، وهو الأمر الذي برع فيه ابن تيمية كعادته في نفي الواضحات وإنكار الثابتات، فنفى مثل هذه الجرائم عن سيّده يزيد[36].
    وبذلك كانت كربلاء الرافد الأعظم في دعم المسيرة الإسلاميّة، سواء في الوسط الشيعي الخاصّ أم على المستوى الإسلامي العامّ؛ فإنّ هذه النهضة المباركة دعمت مبادئ الإسلام وقِيَمه وثبتتها، وجعلت مشعل الهداية الإلهية متوهجاً ومُشِعّاً في الأرض، وعلى مدى الدهور والأعصار، وكذلك حافظت على مظاهر الدين الإسلامي وشعاراته ولافتاته، وكانت المانع القوي والدرع الحصين في وجه سياسة الشيطان، التي كان يؤدّيها بنو أُميّة لضرب المبادئ الإسلاميّة والمظاهر الدينيّة؛ للقضاء على آخر سبل الهداية الإلهية: ﴿ يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّـهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّـهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ[37].

    فكان الإسلام محمديّ الوجود حسينيّ البقاء، وتجلّت ـ بوضوح ـ مقولة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله: «حسين مني وأنا من حسين»[38].



    الكاتب: الشيخ رافد التميمي

    مجلة الإصلاح الحسيني – العدد الرابع-جزء من مقال


  • #2


    الاخت الفاضلة صدى المهدي . احسنت واجدت وافدت سلمت اناملك على نقل ونشر هذا الموضوع . جعل الله عملك هذا في ميزان حسناتك . ودمت في رعاية الله وحفظه .

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X