إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

إعجازاتٌ لغويةٌ قرآنية

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • إعجازاتٌ لغويةٌ قرآنية

    إعجازاتٌ لغويةٌ قرآنية

    *****

    إعجازات لغوية نمر عليها مرور الكرام وقلَّ ما يلتفت إليها أحدُنا

    سأل الأستاذ الدكتور محمد علي مصطفى عن سبب العدول عن الجمع إلى الإفراد ثم العدول عن الإفراد إلى الجمع في قوله تعالى :
    خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ

    فجمع القلوب ثم أفرد السمع ثم جمع الأبصار وعزا ذلك إلى ضرورة لغوية أو جمالية أو بيانية وسأل بالتالي عن ماهية هذه الضرورة وأسبابها
    وكانت إجابتي هي التالية :
    ليس بالضرورة ( وحسب رأيي المتواضع ) أن يكون سبب العدول من صيغة إلى أخرى في القرآن الكريم ضرورة لغوية أو جمالية أو بيانية ما وإنما قد يكون العدول أيضاً لتبيان حقيقة أو توكيدها أراد الباري عز وجل التأكيد عليها ولفت الأنظارإليها.
    وبناءاً على ما تقدم ( من دون الرجوع الى كتب التفاسير واللغة إنما هو فهمي وتقديري المتواضعين )
    ومع مراعاة المقولة البناءة " أن القرآن يفسر بعضه بعضاً " أعتقد أن الأمر هنا لا يعود إلى ضرورة لغوية أو جمالية إنما هو تأكيد من الباري عز وجل على حقيقة أراد أن يلفت انتباهنا إليها وهي المتمثلة في قوله عز من قائل :
    "
    وتحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى "
    وذلك للتأكيد على أن حالة هذه القلوب هي التفرق والتشتت والتي لا تجمعها الروابط والأواصر أو العقيدة الثابتة بحيث نستطيع أن نعبر عنها بلفظ مفرد ( والذي يتطلب وحدة العقيدة والهدف المنتجة للتوحد القلبي المطلوب ) .
    وقد يدل على هذه التأكيد أو الحقيقة التي أراد سبحانه أن يلفت النظر إليها ما جاء في الآية الشريفة :
    "
    وجعلنا على قلوبهم أكنة "
    وهنا نلاحظ أنه جل وعلا جمع القلوب والأكنة أيضاً وهذا تأكيد أوضح.
    وهنا أيضاً أخي الفاضل يجب أن لا ننسى أن القرآن الكريم قد حدد أن مركز الإيمان هو القلب فالقلوب المطمئنة بالإيمان هي التي تجد أواصر الوحدة والترابط والتراص وهذا ما أكده النبي الأعظم (ص)حيث يقول :
    " ...
    كالبنيان المرصوص إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء" (الحديث)
    إذن فهذه القلوب المتراصة المترابطة هي التي يمكن التعبير عنها بالقلب الواحد أو الصيغة المفردة أما تلك القلوب فتنتفي عنها هذه الصورة فلا بد عندها من جمعها لغة لتفرقها معنى وأداءا.
    وما يدل على هذا ( أن مركز الإيمان هو القلب) ويؤيده الآية الشريفة :
    "
    قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم " ( الآية )
    الآية صريحة هنا على أن المطلوب هو دخول الإيمان إلى القلب فالمؤمن هو من آمن وأيقن واستقر الإيمان في قلبه لا في عقله وهو ما جاء صريحاً في قوله تعالى جده :
    "
    إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا " ( الآية )
    وعلى هذا فان من ارتاب لم يصل بعد إلى مرحلة اليقين أي لم يستقر الإيمان في قلبه بل في عقله الأمر الذي يجعل إيمانه هذا عرضة للشك والوسوسة والأوهام ومن هنا نلاحظ أن أصحاب الإيمان القلبي ( والذي أراده لناالله جل وعلا ) أكثر ثباتاً وصلابة من أصحاب الإيمان العقلي الاستدلالي ( الذي أسماه الباري إسلاماً لا إيمانا ) وهذا ما جعل الآية محصورة بأداة الحصر " إنما ".
    وهذا النوع من القلوب الثابتة الراسخة هي الحَرية بالإفراد لا الجمع .
    وبالعودة إلى الآية الشريفة محل سؤالكم أخي الفاضل ( وأستميحكم عذراً لهذاالاستطراد ) نجد :
    أن القلوب الشتات هي الأحق بالجمع لا الإفراد للدلالة على تفرقها ( وهنا يأتي دور الضرورة اللغوية والجمالية والبلاغية )
    أما إفراد السمع فهنا أيضاً وتأسيساً على المقولة الواعية ( أن القرآن يفسر بعضه بعضا ) نرى أن القرآن خص السمع بالإفراد لا الجمع وذلك يتبين لنا في آيات أخرى ولنأخذ على سبيل المثال نفس الآية التي مثلنا فيها سابقاً :
    "
    وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوهوفي آذانهم وقراً " ( الآية )
    نجد هنا أن آذانهم تشترك جميعها بهذا الجعل فكلمنهم قد جعل له الباري عز وجل الوقر ( والوقر واحد ) في أذنيه فأصمهما عن سماع الحق إذن فالصفة هنا عامة شاملة لهم جميعاً ومن هنا كان الأولى أيضاً الإفراد لا الجمع لعمومية الجعل لهم وفي الآية موضع البحث هنا نرى أن الجميع يشتركون أيضاً في الختم على الآذان فكان الأولى أن تفرد الصفة العامة " الختم على السمع " والختم واحد وعموميته تجعل السمع الموصوف بالختم ( سمعهم المختوم ) واحداً أيضاً فكان الإفراد لا الجمع ( وهنا أيضاً محل الضرورة الجمالية واللغوية).
    ثم إن علينا أن لانغفل أن الحدث المسموع في مكان ما يسمعه كل المتواجدين في ذلك المكان معاً وفي آن واحد ويشتركون جميعاً بسماع الحدث بكل تفاصيله فلا يمكن أن يسمع احدهم كلاماً بمعنى ما ويسمعه غيره في نفس اللحظة بمعنى مضادٍ مثلاً .
    ومن هنا نجد أن السمع للجميع هو سمع واحد .
    وقد يتساءل البعض هنا إنْ كان كذلك فما باله جمع لفظة الأبصار ولم يفردها ؟ مع أنها تشترك جميعها بالختم عليها بالغشاوة ؟
    وهنا تتمثل وتتجلى روعة الدقة البيانية للقرآن الكريم
    هنا لا بد لنا من الالتفات إلى ما تختص به لفظة الأبصار من دلالة ضمنية وارتباطية بمعانٍ أخرى فالإبصار النظري يمكن أن يكون متعدداً لأكثر من مبصَرٍ واحد في آن يضاف هنا إلى أن تلك الدلالة الضمنية الإرتباطية يمكن أن تعود إلى الذات أو إلى القلب مثل " البصيرة " إذ أن نفس الفعل " بصر " يطلق الدلالة اللفظية ولا يقيدها بالإبصار العيني أو النظري المادي الملموس إنما يتعداه إلى الإحاطة بمعانٍ أوسع كالبصيرة والشعور القلبي وما إلى ذلك
    ومثال ذلك في الآية الشريفة :
    "
    وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً فأغشيناهم فهم لا يبصرون "
    فالآية هنا لا تتحدث عن البصر بمعنى النظر فحسب إنماتتعدى ذلك إلى معان ٍ أوسع وأشمل ونلاحظ أيضاً أن لفظة البصر أو الإبصار جاءت بالجمع لا بالمفرد في الفعل " يبصرون "
    لذلك استعمل القرآن الكريم لفظة النظرولم يستعمل لفظة البصر في قوله عز من قائل :
    "
    رب ارني انظر إليك "
    "
    انظرإلى الجبل " ( الآية )
    أيضاً علينا أن لا نغفل أن البصر ليس بالضرورة أن يكون مشتركاً بين جميع من يبصرون مشهداً ما لأنه باستطاعة احدهم أو جماعة منهم أن يلتفت إلى مشهد آخر غير المشهد الذي يلتفت إليه الجمع أو أن يدقق في تفصيل مشهدي ما فيبصرما لم يلتفت إلى إبصاره غيره وبفعله ذاك يكون قد أحدث أمرين :
    أولهما : إبصار مالم يلتفت إليه أو يبصره غيره
    ثانيهما : عدم إبصار ما التفت إليه أو أبصرهغيره.
    وهكذا تتعدد المشاهد المبصَرة ويتعدد الإبصار .

    إذن فـ " أبصر " أخي الفاضل ولنبصر جميعنا وليبصر كل باحث فطن مدى الدقة اللغوية المتقنة اتقاناً يتعسر على بني البشر الالتفات إليها والإتيان بمثلها
    أفلا يتدبرون هذه الدقة اللغوية المتناهية والعلاقات بين التفاصيل التي لا يرقى إليها إدراكنا ربما وإذاعرف السبب بطل العجب
    فالكلام كلام الباري عز وجل وليس بشريا

    هذا واستغفرالله لي ولكم راجياً منه جل وعلا ان يتقبل منكم أخي الفاضل أولاً بأحسن القبول لأنك صاحب الفضل في إثارة هذا التفكر والتدبر القرآني

    ***
    التعديل الأخير تم بواسطة محمد الهادي مرتضى; الساعة 13-04-2018, 05:56 PM.
    لي مُهجةٌ تَحيى بعشقِ خَميلَةٍ * جَنَّاءَ تَرفُلُ بالسنا تَتَفَرَّعُ
    السابقون السابقون المُصطفى * سِبطاهُ فاطِمُ والبطينُ الأنزعُ


  • #2
    احسنتم كلام جميل لكن لي ملاحظة على تفريقكم بين السمع والبصر وتعليلكم لجمع الأبصار بما ذكرتم، ذلك لأن الآية فيها قرائتين: الأولى برفع غشاوة فيكون المعنى ان الله تعالى ختم على قلوبهم وأسماعهم، فيتنتهي الجملة ثم يستأنف بجملة جديدة وعلى ابصارهم غشاوة، فيصح التفريق بأن الأولى هي من فعل الله لأنها من افعاله تعالى بجعل قلوبهم لا تصغي لدعوة النبي والغشاوة من فعلهم لنسبتها اليهم، فيكون المعنى انهم لما لم يروا الحق وجعلوا غطاء على اعينهم ختم الله على قلوبهم وسمعهم، وأما على افراد السمع فلأنه اسم جنس يصدق على الواحد والكثير او لوجوه اخرى، كما نص على ذلك الطوسي في تفسيره: قال ابوعبيدة: (وعلى سمعهم) معناه على اسماعهم ووضع الواحد موضع الجمع لانه اسم جنس كما قال: (يخرجكم طفلا) يعني اطفالا ويجوزان يكون اراد موضع سمعهم فحذف لدلالة الكلام عليه ويجوز ان يكون اراد المصدر لانه يدل على القليل والكثير.
    وعليه فحتى لو قلنا بالقراءة الثانية وهي بالنصب فالوجوه المذكورة تصح.
    تقبلوا مني وافر الدعاء والتقدير

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X