إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

السيرة العطرة المباركة المختصرة لكل شهداء كربلاء (ساهم معنا في إعداده) ......

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • السيرة العطرة المباركة المختصرة لكل شهداء كربلاء (ساهم معنا في إعداده) ......


    بسم الله الرحمن الرحيم . اللهم صل على محمد وآل محمد

    شهداء كربلاء هم المؤمنون الأبرار الأخيار الذين بذلوا أرواحهم ورخصوا دمائهم للدفاع عن ابن بنت رسول الله الإمام الحسين (ع) ، هؤلاء الثلة المؤمنة المنقطعة النظير فهم كالكبريت الأحمر في ذلك الزمان الذي قل فيه الديانون المؤمنون وكثر فيه الفاسدون والفاسقون من بني أمية والخوارج .
    لقد جاء وصف أنصار الإمام الحسين (ع) على لسان إمامهم الحسين (ع) إذ يقول : « فإني لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي ، ولا أهل بيت أبر ولا أوصل من أهل بيتي » .
    فهذا الوصف ينفي أن يكون أصحاب كأصحابه لا في الماضي ولا في الحاضر ولا حتى في المستقبل أيضاً.
    ولقد امتاز أنصار الإمام الحسين (ع) دون غيرهم من الأنصار بأنهم كانوا يعلمون بشهادتهم ومتيقنين من عدم بقائهم في هذه الحياة الزائلة ومع ذلك ذهبوا مع إمامهم موطنين أنفسهم على الاستشهاد في سبيل الله ، متدرعين بالقلوب فوق الدروع مستبشرين بما ادخر الله تعالى لهم ويتسابقون على نيل الشهادة للقاء الله تعالى راضيين مرضيين ، وتجدهم في يوم عاشوراء وقبله بيوم يوصي بعضهم بعضا بالقتل والاستشهاد للذود والحفاظ على حياة وليهم وإمامهم أبا عبد الله الحسين (ع) ويتمنون لو أن لهم أكثر من جسد وروح ليبذلوا ذلك في سبيل الدفاع عن إمام صادق اليقين وعن دين سفكت من أجله الدماء وبذلت المهج وسهرت العيون وتعبت الأجساد .
    نعم لقد خاضوا اللجج وبذلوا المهج لنجاة الدين من الطمس والإندراس ، وفارقوا الأحبة من الأهل والولد لنيل رضا المحبوب الحقيقي ، وعانقوا الرمال كعناقهم للحور العين ، وتوضؤا بالدماء لأداء فريضة الجهاد في سبيل الله ، وصافحوا السيوف بوجوه مستبشرة ، وجابهوا السهام بنحور مشرقة وأرواح ثابتة وأقدام راسخة .
    والآن سوف نتشرف بذكر وتعداد أسمائهم الطاهرة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين وبعد ذلك نذكر سيرة كل واحد منهم ابتداءاً من شيخ الأنصار ومسجل الزوار سيدي ومولاي حبيب ابن مظاهر الأسدي سلام الله عليه ، فأرجوا من جميع الأخوة الأعضاء والزائرين في منتدى الكفيل المبارك أن يساهموا معي في إعداد هذا المشروع تخليدا لذكرى شهداء الطف الذين لهم حق على كل موالي وشيعي من شيعة أهل البيت (ع) .

    أولاً : أسماء الشهداء الذين قتلوا في أرض كربلاء :

    1 ـ حبيب بن مظاهرالاسدي : شيخا صحابيا جليلا ومن تلاميذ مدرسة أهل البيت (ع) .
    2 ـ أنس بن الحارث بن نبيه الكاهلي : شيخا كبيرا وصحابي جليل شهد مع المصطفى (ص) والمرتضى (ع) في معركة بدر وحنين .
    3 ـ مسلم بن عوسجة الأسدي : شيخا صحابيا جليل مشى إليه مولانا الحسين (ع) وهو من تلاميذ مدرسة أهل البيت(ع) .
    4 ـ برير بن خضير الهمداني : شيخا تابعيا ناسكا ومن شيوخ قراء القرآن في جامع الكوفة ، ومن تلاميذ مدرسة أهل البيت (ع) .
    5 ـ زهير بن القين بن الحارث البجلي .
    6 ـ عابس بن شبيب الشاكري الكاهلي .
    7 ـ جنادة بن الكعب بن الحرث الأنصاري .
    8 ـ عمرو بن جنادة الأنصاري (ابن إحدى عشرة سنة ) .
    9 ـ جون بن مالك مولى أبي ذر الغفاري .
    10ـ شوذب (شوذان) مولى شاكر .
    11ـ حنظله بن سعد(اسعد) الشبامي .
    12ـ واضح التركي مولى الحرث المذحجي .
    13ـ نافع بن هلال الجملي المذحجي .
    14ـ عمرو بن قرضه الأنصاري .
    15ـ سلمان بن مضارب البجلي (ابن عم زهير بن القين) .
    16ـ أبو ثمامة زياد بن عمرو (وفي زيارة الناحية المقدسة أبو ثمامة عمرو بن عبد الله) الصائدي .
    17ـ سعيد بن عبد الله الحنفي .
    18ـ الحر بن يزيد الرياحي (كان في الجيش السفياني ومنَ الله عليه قبل بدأ المعركة وفاز بحسن الخاتمة) .
    19ـ علي بن مظاهر الاسدي .
    20ـ أبو وهب عبد الله بن عمير الكلبي : من بني عليم أسر وقتل صبرا , وزوجته أم وهب بنت عبد الله من النمر بن قاسط أول امرأة قتلت من معسكر مولانا الحسين(ع) .
    21 ـ سيف بن الحارث بن سريع الجابري .
    22 ـ مالك بن عبد بن سريع الجابري .
    23 ـ عبد الله بن عروة الغفاري .
    24 ـ عبد الرحمن بن عروة الغفاري .
    25 ـ عمرو بن خالد الصيداوي .
    26 ـ سعد مولى عمرو بن خالد الصيداوي .
    27 ـ جابر بن الحارث السلماني .
    28 ـ مجمع بن عبد الله بن مجمع العائذي المذحجي .
    29 ـ سعد بن الحارث الأنصاري (كان وأخوه في جيش السفياني ومنَ الله عليهم بحسن الخاتمة ) .
    30 ـ أبو الحتوف بن الحارث الأنصاري .
    31 ـ الرامي أبو الشعثاء يزيد بن زياد الكندي (كان في جيش السفياني ومنَ الله عليه بحسن العاقبة) .
    32 ـ الحجاج بن مسروق الجعفي .
    33 ـ الجريح المأسور سوار بن أبي حمير ألفهمي الهمداني .
    34 ـ عمرو بن عبد الله الهمداني الجندعي .
    35ـ سويد بن عمرو بن أبي المطاع (آخر من استشهد من الأصحاب في ارض الطف) .
    36 ـ قاسط بن زهير بن الحرث ألتغلبي .
    37 ـ مقسط بن زهير بن الحرث ألتغلبي .
    38 ـ كردوس بن زهير بن الحرث ألتغلبي .
    39 ـ أمية بن سعد الطائي .
    40ـ جابر بن الحجاج مولى عامر بن مهشل التيمي .
    41 ـ جبلة بن علي الشيباني .
    42 ـ كنانة بن عتيق ألتغلبي .
    43 ـ القاسم بن حبيب الازدي .
    44 ـ جندب بن حجير الكندي الخولاني .
    45 ـ مسعود بن الحجاج التيمي .
    46 ـ حباب بن الحارث السلماني الازدي .
    47 ـ عبد الرحمن بن مسعود بن الحجاج التيمي .
    48 ـ الحارث(الحرث) بن امرؤ القيس الكندي .
    49 ـ مسلم بن كثير الأعرج الازدي الكوفي .
    50ـ الحرث بن نبهان مولى الأسد الإلهي حمزة بن عبد المطلب(ع) .
    51 ـ شبيب مولى الحرث بن سريع الهمداني .
    52 ـ اللحلاس بن عمرو الازدي الراسبي .
    53 ـ شبيب بن عبد الله النهشلي البصري .
    54 ـ حنظله بن عمر الشيباني .
    55 ـ نعيم بن عجلان الأنصاري .
    56 ـ نعمان بن عمرو الراسبي .
    57 ـ زاهر مولى عمرو بن الحمق الخزاعي .
    58 ـ زهير بن بشر الخثعمي .
    59 ـ زهير بن سليم الازدي .
    60 ـ سالم بن عمرو مولى بني المدينة .
    61 ـ سعد بن الحارث مولى أمير المؤمنين(ع) .
    62 ـ سيف بن مالك العبدي النميري .
    63 ـ عامر بن مسلم العبدي البصري .
    64 ـ سالم مولى عامر بن مسلم العبدي البصري .
    65 ـ عبد الله بن بشر بن ربيعة بن عمرو .
    66 ـ قارب بن عبد الله الدؤلي مولى الإمام الحسين(ع) .
    67 ـ الأدهم بن أمية العبد البصري .
    68 ــ عبد الرحمن بن عبد الله بن الكدن الهمداني .
    69 ـ وهب بن حباب الكلبي .
    70 ـ عمران بن كعب بن حارث الأشجعي .
    71 ـ نيزك بن أبي نيزر بن نجاشي الحبشة .
    72 ـ عمرو بن ضبيعة بن قيس التيمي .
    73 ـ عمرو بن جندب الحضرمي .
    74 ـ عمار بن أبي سلامة بن دالان الهمداني .
    75 ـ عمارة بن حسان بن سريح الطائي .
    76 ـ عبد الله بن يزيد بن ثبيت العبدي البصري .
    77 ـ عبيد الله بن يزيد بن ثبيت العبدي البصري .
    78 ـ نصر مولى أمير المؤمنين(ع) .
    79 ـ منحج مولى الإمام الحسن(ع) .
    80 ـ اسلم مولى الإمام الحسين(ع) .
    81 ـ رافع مولى مسلم الازدي .
    82 ـ بكير بن الحر .
    83 ـ عمران بن عبد الله الخزاعي .
    84 ـ بشر بن غالب .
    85 ـ رميث بن عمرو .
    86 ـ الحجاج بن مالك .
    87 ـ اسعد الشامي .
    88 ـ زيد بن معقل .
    89 ـ عبد الله بن عبد ربه الخزرجي .


    ثانياً : أسماء الشهداء الذين استشهدوا قبل واقعة كربلاء :
    أما الذين استشهدوا قبل واقعة الطف ماعدا سيدنا ومولانا سفير العصمة مسلم بن عقيل (ع) فمنهم :
    ا ـ الصحابي هانئ بن عروة المذحجي المرادي .
    ب ـ الصحابي عبد الله بن يقطر العميري : وهو رسول مولانا الحسين (ع) إلى مسلم بن عقيل (ع) فقبض عليه وقُتل .
    ج ـ عبد الأعلى بن يزيد الكلبي .
    د ـ عمارة بن صخلب .
    هـ ـ قيس بن مسهر الصيداوي : رسول الإمام (ع) إلى أهل الكوفة فقبض عليه وقُتل .
    و ـ سلمان مولى إمامنا الحسين (ع) بعثه الإمام (ع) إلى البصرة واستشهد هناك .


    ثالثاً : أسماء الشهداء الذين استشهدوا بعد واقعة كربلاء :
    أما الذين استشهدوا بعد واقعة الطف ونطقوا بالحق أمام الجائرين فمنهم :
    أ ـ عبد الله بن عفيف ألطاهري الأزدي (استشهد بالكوفة ) .
    ب ـ رسول قيصر الروم إلى يزيد (استشهد بالشام) .

    ****************************

    1- السيرة المختصرة لحبيب ابن مظاهر الأسدي رحمة الله تعالى عليه :
    حبيب بن مظاهر بن رئاب بن الأشتر بن جخوان بن فقعس بن طريف بن عمرو بن قيس بن الحرث بن ثعلبة بن دودان بن أسد ، أبو القاسم الأسدي الفقعسي .
    كان صحابيا رأى النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، ذكره ابن الكلبي (1) ، وكان ابن عم ربيعة بن حوط بن رئاب المكنى أبا ثور الشاعر الفارس .
    قال أهل السير : إن حبيباً نزل الكوفة ، وصحب علياً ( عليه السلام ) في حروبه كلها ، وكان من خاصته وحملة علومه .
    وروى الكشي عن فضيل بن الزبير (2) قال : مر ميثم التمار على فرس له فاستقبله حبيب بن مظاهر الأسدي عند مجلس بني أسد فتحادثا حتى اختلف عنقا فرسيهما ، ثم قال حبيب : لكأني بشيخ أصلع ضخم البطن يبيع البطيخ عند دار الرزق ، قد صلب في حب أهل بيت نبيه ، فتبقر بطنه على الخشبة .
    فقال ميثم : وإني لأعرف رجلا أحمر له ضفيرتان ، يخرج لنصرة ابن بنت نبيه فيقتل ويجال برأسه في الكوفة . ثم افترقا ، فقال أهل المجلس : ما رأينا أكذب من هذين .
    قال : فلم يفترق المجلس حتى أقبل رشيد الهجري فطلبهما ، فقالوا : افترقا وسمعناهما يقولان كذا وكذا . فقال رشيد : رحم الله ميثما نسي ويزاد في عطاء الذي يجئ بالرأس مائة درهم .
    ثم أدبر ، فقال القوم : هذا والله أكذبهم . قال : فما ذهبت الأيام والليالي حتى رأينا ميثماً مصلوبا على باب عمرو بن حريث . وجئ برأس حبيب قد قتل مع الحسين ( عليه السلام ) ، ورأينا كلما قالوا (3) .
    وذكر أهل السير : أن حبيباً كان ممن كاتب الحسين ( عليه السلام ) (4) .
    قالوا : ولما ورد مسلم بن عقيل إلى الكوفة ونزل دار المختار وأخذت الشيعة تختلف (5) إليه ، قام فيهم جماعة من الخطباء تقدمهم عابس الشاكري ، وثناه حبيب فقام وقال لعابس بعد خطبته : رحمك الله لقد قضيت ما في نفسك بواجز من القول وأنا والله الذي لا إله إلا هو لعلى مثل ما أنت عليه . قالوا : وجعل حبيب ومسلم (6) يأخذان البيعة للحسين ( عليه السلام ) في الكوفة حتى إذا دخل عبيد الله بن زياد الكوفة وخذل أهلها عن مسلم وفر أنصاره حبسهما عشائرهما وأخفياهما ، فلما ورد الحسين كربلا خرجا إليه مختفيين يسيران الليل ويكمنان النهار حتى وصلا إليه .
    وروى ابن أبي طالب أن حبيبا لما وصل إلى الحسين ( عليه السلام ) ورأى قلة أنصاره وكثرة محاربيه ، قال للحسين : إن ههنا حيا من بني أسد فلو أذنت لي لسرت إليهم ودعوتهم إلى نصرتك ، لعل الله أن يهديهم ويدفع بهم عنك .
    فأذن له الحسين ( عليه السلام ) فسار إليهم حتى وافاهم فجلس في ناديهم ووعظهم ، وقال في كلامه : يا بني أسد ، قد جئتكم بخير ما أتى به رائد قومه ، هذا الحسين بن علي أمير المؤمنين وابن فاطمة بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قد نزل بين ظهرانيكم في عصابة من المؤمنين ، وقد أطافت به أعداؤه ليقتلوه ، فأتيتكم لتمنعوه وتحفظوا حرمة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فيه ، فو الله لئن نصرتموه ليعطينكم الله شرف الدنيا والآخرة ، وقد خصصتكم بهذه المكرمة ، لأنكم قومي وبنو أبي وأقرب الناس مني رحما . فقام عبد الله بن بشير الأسدي وقال : شكر الله سعيك يا أبا القاسم ، فو الله لجئتنا بمكرمة يستأثر بها المرء الأحب فالأحب ، أما أنا فأول من أجاب ، وأجاب جماعة بنحو جوابه فنهدوا مع حبيب ، وانسل منهم رجل فأخبر ابن سعد ، فأرسل الأزرق في خمسمائة فارس فعارضهم ليلا ومانعهم فلم يمتنعوا فقاتلهم ، فلما علموا أن لا طاقة لهم بهم تراجعوا في ظلام الليل وتحملوا عن منازلهم .
    وعاد حبيب إلى الحسين ( عليه السلام ) فأخبره بما كان . فقال ( عليه السلام ) : وما تشاؤون إلا أن يشاء الله * ولا حول ولا قوة إلا بالله (7) .
    وذكر الطبري : أن عمر بن سعد لما أرسل إلى الحسين ( عليه السلام ) كثير بن عبد الله الشعبي وعرفه أبو ثمامة الصائدي فأعاده أرسل بعده ( قرة بن قيس الحنظلي ) (8) فلما رآه الحسين ( عليه السلام ) مقبلا قال : أتعرفون هذا ؟ فقال له حبيب : نعم ، هذا رجل تميمي من حنظلة وهو ابن أختنا ، وقد كنت أعرفه بحسن الرأي وما كنت أراه يشهد هذا المشهد ، قال : فجاء حتى سلم على الحسين ( عليه السلام ) وأبلغه رسالة عمر ، فأجابه الحسين ( عليه السلام ) ، قال : ثم قال له حبيب : ويحك يا قرة أين ترجع ، إلى القوم الظالمين ؟ انصر هذا الرجل الذي بآبائه أيدك الله بالكرامة وإيانا معك ، فقال له قرة : أرجع إلى صاحبي بجواب رسالته وأرى رأيي (9) .
    وذكر الطبري أيضا قال : لما نهد القوم إلى قتال الحسين ( عليه السلام ) قال له العباس : يا أخي أتاك القوم ، قال : إذهب إليهم وقل لهم ما بدا لكم ؟ فركب العباس وتبعه جماعة من أصحابه فيهم حبيب بن مظاهر ، وزهير بن القين ، فسألهم العباس فقالوا : جاء أمر الأمير بالنزول على حكمه أو المنازلة ، فقال لهم : لا تعجلوا حتى أخبر أبا عبد الله ثم ألقاكم . فذهب إلى الحسين ( عليه السلام ) ووقف أصحابه ، فقال حبيب لزهير : كلم القوم إذا شئت . فقال له زهير : أنت بدأت بهذا فكلمهم أنت . فقال لهم حبيب : معاشر القوم إنه والله لبئس القوم عند الله غدا قوم يقدمون على الله ، وقد قتلوا ذرية نبيه ، وعترته وأهل بيته ، وعباد أهل هذا المصر المجتهدين بالأسحار ، والذاكرين الله كثيرا .
    فقال له عزرة بن قيس : إنك لتزكي نفسك ما استطعت (10) .
    فأجابه زهير بما يأتي . وروى أبو مخنف : أن الحسين ( عليه السلام ) لما وعظ القوم بخطبته التي يقول فيها : " أما بعد ، فانسبوني من أنا وانظروا " إلى آخر ما قال .
    اعترضه شمر بن ذي الجوشن فقال : هو يعبد الله على حرف إن كان يدري ما تقول ، فقال حبيب : أشهد أنك تعبد الله على سبعين حرفا ، وأنك لا تدري ما يقول ، قد طبع الله على قلبك ، ثم عاد الحسين ( عليه السلام ) إلى خطبته (11) .
    وذكر الطبري (12) وغيره (13) أن حبيباً كان على ميسرة الحسين ( عليه السلام ) وزهيراً على الميمنة وأنه كان خفيف الإجابة لدعوة المبارز ، طلب سالم مولى زياد ويسار مولى ابنه عبيد الله مبارزين وكان يسار مستنتل أمام سالم فخف إليه حبيب وبرير فأجلسهما الحسين . وقام عبد الله بن عمير الكلبي فأذن له كما سيأتي .
    قالوا : ولما صرع مسلم بن عوسجة مشى إليه الحسين ( عليه السلام ) ومعه حبيب ، فقال حبيب عز علي مصرعك يا مسلم ، أبشر بالجنة . فقال له مسلم قولا ضعيفا : بشرك الله بخير .
    فقال حبيب : لولا أني أعلم أني في أثرك لاحق بك من ساعتي هذه لأحببت أن توصي إلي بكل ما أهمك حتى أحفظك في كل ذلك بما أنت له أهل من الدين والقرابة . فقال له : بلى أوصيك بهذا رحمك الله ، وأومأ بيديه إلى الحسين ( عليه السلام ) أن تموت دونه ، فقال حبيب : أفعل ورب الكعبة (14) .
    قالوا : ولما استأذن الحسين ( عليه السلام ) لصلاة الظهر وطلب منهم المهلة لأداء الصلاة قال له الحصين بن تميم : إنها لا تقبل منك ! فقال له حبيب : زعمت لا تقبل الصلاة من آل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وتقبل منك يا حمار ! فحمل الحصين وحمل عليه حبيب ، فضرب حبيب وجه فرس الحصين بالسيف فشب به الفرس ووقع عنه فحمله أصحابه واستنقذوه (15) .
    وجعل حبيب يحمل فيهم ليختطفه منهم وهو يقول :
    أقسم لو كنا لكم أعدادا *** أو شطركم وليتم أكتادا .
    يا شر قوم حسبا وآدا .
    معنى البيت : ( أكتادا ) : جمع كتد وهو : مجتمع الكتفين من الإنسان وغيره .
    ( آد ) : في قوله : ( حسبا وآدا ) : بمعنى القوة .
    ثم قاتل القوم فأخذ يحمل فيهم ويضرب بسيفه وهو يقول :
    أنا حبيب وأبي مظاهر *** فارس هيجاء وحرب تسعر.
    أنتم أعد عدة وأكثر *** ونحن أوفى منكم وأصبر.
    ونحن أعلى حجة وأظهر *** حقا وأتقى منكم وأعذر.
    ولم يزل يقولها حتى قتل من القوم مقتلة عظيمة ، فحمل عليه بديل بن صريم العقفاني فضربه بسيفه ، وحمل عليه آخر من تميم فطعنه برمحه فوقع ، فذهب ليقوم فضربه الحصين بن تميم على رأسه بالسيف فسقط ، فنزل إليه التميمي فاحتز رأسه ، فقال له حصين لعنه الله :
    إني شريكك في قتله .
    فقال الآخر : والله ما قتله غيري .
    فقال الحصين : أعطنيه أعلقه في عنق فرسي كيما يراه الناس ويعلموا أني شركت في قتله ، ثم خذه أنت فامض به إلى عبيد الله بن زياد فلا حاجة لي فيما تعطاه على قتلك إياه ، فأبى عليه فأصلح قومهما فيما بينهما على ذلك ، فدفع إليه رأس حبيب فجال به في العسكر قد علقه بعنق فرسه ، ثم دفعه بعد ذلك إليه فأخذه فعلقه في لبان فرسه ، ثم أقبل به إلى ابن زياد في القصر فبصر به ابن حبيب القاسم وهو يومئذ قد راهق ، فأقبل مع الفارس لا يفارقه كلما دخل القصر دخل معه ، وإذا خرج خرج معه فارتاب به ، فقال : ما لك يا بني تتبعني ؟ قال : لا شيء ، قال : بلى يا بني فأخبرني ، قال : إن هذا رأس أبي أفتعطينيه حتى أدفنه ؟ قال : يا بني لا يرضى الأمير أن يدفن ، وأنا أريد أن يثيبني الأمير على قتله ثوابا حسنا . فقال القاسم : لكن الله لا يثيبك على ذلك إلا أسوأ الثواب ، أم والله لقد قتلته خيرا منك ، وبكى ثم فارقه ، ومكث القاسم حتى إذا أدرك لم تكن له همة إلا إتباع أثر قاتل أبيه ليجد منه غرة فيقتله بأبيه ، فلما كان زمان مصعب بن الزبير وغزا مصعب باجميرا - موضع من أرض الموصل كان مصعب بن الزبير يعسكر به في محاربة عبد الملك بن مروان حين يقصده من الشام أيام منازعتهما في الخلافة - ودخل عسكر مصعب فإذا قاتل أبيه في فسطاطه ، فأقبل يختلف في طلبه والتماس غرته ، فدخل عليه وهو قائل نصف النهار فضربه بسيفه حتى برد (16) .
    وروى أبو مخنف : أنه لما قتل حبيب بن مظاهر هد ذلك الحسين ( عليه السلام ) وقال : " عند الله أحتسب نفسي وحماة أصحابي " (17) .
    وفي ذلك أقول :
    إن يـهد الحسين قتل حبيب *** فـلقد هـد قـتله كل ركن .
    بطل قد لقى جبال الاعادي *** مـن حـديد فردها كالعهن .
    لا يبالي بالجمع حيث توخىّ *** فهو ينصب كأنصاب المزن .
    أخـذ الـثار قبل أن يقتلوه *** سـلفاً مـن مـنية دون منّ .
    قـتلوا مـنه للحسين حبيباً *** جامعاً للفعال من كل حسن .

    ***************************
    الهوامش :

    (1) جمهرة النسب : 1 / 241 .
    (2) عده الشيخ الطوسي في أصحاب الإمام الباقر والصادق ( عليهما السلام ) . راجع رجال الشيخ : 143 ، الرقم 1546 . 269 الرقم 3875 .
    (3) رجال الكشي : 78 ، الرقم 133 . راجع منتهى المقال في أحوال الرجال 2 / 328 .
    (4) راجع الإرشاد : 2 / 37 ، والكامل : 4 / 20 .
    (5) راجع الإرشاد : 2 / 41 ، واللهوف : 108 ، والكامل : 4 / 22 ، والأخبار الطوال : 231 ، وفي مقاتل الطالبيين ، 100 : نزل مسلم دار هاني بن عروة المرادي .
    (6) المقصود هنا هو : مسلم بن عوسجة ( رحمه الله ) .
    (7) تسلية المجالس : 2 / 260 - 261 ، راجع البحار : 44 / 386 ، الباب 37 . والآية في سورة الإنسان / 29 .
    (8) تاريخ الطبري : 3 / 311 .
    (9) تاريخ الطبري : 3 / 314 .
    (10) تاريخ الطبري : 3 / 314 .
    (11) تاريخ الطبري : 3 / 319 بتفاوت في النقل ، راجع الإرشاد : 2 / 98 .
    (12) تاريخ الطبري : 3 / 319 .
    (13) راجع الإرشاد : 2 / 95 ، والأخبار الطوال : 256 .
    (14) الإرشاد : 2 / 103 ، اللهوف : 162 ، الكامل : 4 / 68 .
    (15) الكامل : 4 / 70 .
    (16) الكامل : 4 / 71 .
    (17) تاريخ الطبري : 3 / 327 ، راجع الكامل : 4 / 71 .

  • #2
    الأخ الفاضل العباس أكرمني . أحسنتم وأجدتم وسلمت أناملكم على كتابة ونشر هذا الموضوع الذي يعد مشروعا كاملاً يغني بعد إكماله كل القراء عن مراجعة الكتب والمصادر . وبدوري سأشارككم - ان سمحتم لي - في كتابة واعداد بعض هذه السير العطرة والمباركة لأصحاب الحسين (عليه السلام) الذين بذلوا مهجهم دون الحسين (عليه السلام) . راجياً من جميع الأخوة المؤمنين الكتاب مشاركة مشروع وموضوع الأخ الفاضل العباس أكرمني . جعل الله عملكم هذا في ميزان حسناتكم . ودمتم في رعاية الله تعالى وحفظه .

    تعليق


    • #3
      2- من أصحاب وأنصار الإمام الحسين (عليه السلام) أنس بن الحارث الكاهلي :

      بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين .

      *** سيرة أنس بن الحارث الكاهلي (رضوان الله عليه) :
      هو أنس بن الحارث بن نبيه بن كاهل بن عمرو بن صعب بن أسد بن خزيمة الأسدي الكاهلي الكوفي . من وجوه الكوفيين ومن الموالين والمحبين لأهل البيت عليهم السلام شيخ كبير وصحابي جليل رأى النبي صلى الله عليه وآله وسمع حديثه وشهد معه بدراً وحنيناً ترجم ولاءه ومحبته لآل البيت النبوي (صلى الله عليه وآله وسلم) بنصرته والتضحية بنفسه فداءاً للإمام الحسين عليه السلام ذكرالمامقاني وقال : قال البخاري : ومن جملة ما رواه عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : والحسين عليه السلام في حجره : إنَّ ابني هذا يقتل بأرض من أرض العراق ألا فمن شهده فلينصره . عده الشيخ ممن روى عن النبي (صلى الله عليه وآله) من أصحابه , قتل مع الحسين بن علي (عليه السلام ) وعده الشيخ من أصحاب أبي عبد الله الحسين بن علي . ويروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ويقول : سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) يقول : إن ابني هذا { يعني الحسين (عليه السلام ) } يقتل بأرض من العراق فمن أدركه منكم فلينصره . ووثقه العجلي فقال : كوفي ثقة . (1)

      *** من أقوال العلماء فيه :
      غ±ـ قال الشيخ عبد الله المامقاني (قدس سره) : « الرجل في أعلى درجات الوثاقة ، وقد كساه تسليم الإمام (عليه السلام) عليه في زيارة الناحية بقوله : السلام على أنس بن كاهل الأسدي . شرفاً على شرف الشهادة » (2).
      غ²ـ قال الشيخ محيي الدين المامقاني (قدس سره) : « أقول : بخٍ بخٍ لمثل هذا الرجل العظيم ، مثال السعادة والتوفيق ، ففي بدء حياته ينال شرف الصحبة ، وفي خاتمة حياته ينال شرف الشهادة في الدفاع عن سيّد شباب أهل الجنّة صلوات الله عليه ، وبعد وفاته ينال شرف التسليم عليه من حجّة الله على الخلق أجمعين ، فهو غنيّ عن التوثيق ، وأجلّ من التعديل » (3) .
      غ³ـ قال الشيخ محمّد السماوي (قدس سره) : « كان صحابياً كبيراً ممّن رأى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وسمع حديثه » (4) .
      إذاً فقد ثبت أن أنس بن الحارث الكاهلي ، من صحابة النبي (ص) ومن شهداء كربلاء الطاعنين في السن . أبوه الحارث بن نبيه من أصحاب الصفة. نَقَل عنه وعن أبيه كلا الفريقين من السنة والشيعة حديثاً في مقتل الحسين (ع) بأرض العراق ولزوم نصرته.

      *** صحبته مع النبي (ص) :
      صحِب أنس النبيَّ، وقيل عنه إنه شهِد بدراً وحُنين.(5) يشهد له بذلك تقدمه في العمر يوم عاشوراء.(6)
      وروغŒ أنس عن النبي (ص) حديثاً في مقتل الحسين ، ذكره كلا الفريقين من السنة والشيعة.
      قال البخاري : « أنس بن الحارث قتل مع الحسين بن علي ، سمع النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم ، قاله محمد عن سعيد بن عبد الملك الحرانيّ ، عن عطاء بن مسلم ، حدثنا أشعث بن سحيم ، عن أبيه ، سمعت أنس بن الحارث » ورواه البغويّ ، وابن السكن وغيرهما من هذا الوجه ، ومتنه : سمعت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم يقول: « إنّ ابني هذا- يعني الحسين- يُقتل بأرض يقال لها كربلاء فمن شهد ذلك منكم فلينصره » . قال : فخرج أنس بن الحارث إلى كربلاء ، فقتل بها مع الحسين . (7) .
      وذكر ابن الأثير أنّ أنس بن الحارث روى هذا الحديث عن أبيه الحارث بن نبيه - وهو الذي تقدم ذكره أنه من أهل الصفة - أنه قال :
      « سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم والحسين في حجره ، يقول إن ابني هذا يقتل في أرض يقال لها العراق فمن أدركه فلينصره » . (8) .

      *** الرد على الذهبي الذي قال بالإرسال في أحاديث أنس بن حارث الكاهلي :
      قال ابن الأثير بعد ذكره للرواية الثانية: «أخرجه الثلاثة إلا أن أبا نعيم قال: ذكره بعض المتأخرين يعنى ابن مندة في الصحابة وهو من التابعين» . (9) .
      هذا ووقع في التجريد للذهبي في حديث أنس عن النبي: «لا صحبة له، وحديثه مرسل، ثم قال: وقال المزّي: له صحبة، فوهم » . (10) . ثم علّق علغŒ كلامه ابن حجر وقال : ولا يخفى وجه الرد عليه مما أسلفناه (في صحبته) ، وكيف يكون حديثه مرسلاً وقد قال سمعت ، وقد ذكره في الصحابة البغوي وابن السكن وابن شاهين والدّغولي وابن زبر، والباوردي وابن مندة وأبو نعيم وغيرهم . (11) .

      *** انضمام أنس بن الحارث إلغŒ معسكر الإمام الحسين (عليه السلام) :
      خرج أنس (رضي الله عنه) من الكوفة ليلتحق بركب الإمام الحسين(عليه السلام) ، فالتقى به عند نزوله (عليه السلام) أرض كربلاء .
      ومما يدل على ذلك ما قالوا فيه : «خرج أنس بن الحارث إلى كربلاء ، فقتل بها مع الحسين » . (12) . وفي ?لام بعضهم تصرغŒح في ذلك ، حغŒث قالوا : كان ( أنس بن الحارث) جاء إلى الحسين (ع) عند نزوله كربلاء والتقى معه ليلاً فكان فيمن أدركته السعادة .(13) .
      وفي قول آخر أنّ أنس بن الحارث كان قد سمع مقالة الحسين لابن الحر - وكان قدم من الكوفة بمثل ما قدم له ابن الحر - فلما خرج من عند ابن الحر ( وهو في قصر بني مقاتل) ، سلّم على الحسين وقال: والله ما أخرجني من الكوفة إِلا ما أخرج هذا من كراهة قتالك أو القتال معك ، ولكن الله قد قذف في قلبي نصرتك وشجعني على المسير معك . فقال له الحسين فاخرج معنا راشداً محفوظاً . (14) .

      *** وعظ الإمام الحسين (عليه السلام) لجيش عمر بن سعد :
      جاء في بعض المصادر أن الحسين عليه السلام بعد استشهاد أخيه العباس بن علي حين منعوه عن إيصال الماء إلى مخيَّمه ، فخرج الإمام ووعظهم الحسين (ع) فقال :
      معاشر الناس ، أما قرأتم القرآن ؟ أما عرفتم شرائع الإسلام ؟ وثبتم على ابن نبيكم تقتلوه ظلماً وعدواناً ، معاشر الناس ، هذا ماء الفرات تشرب منه الكلاب والخنازير والمجوس وآل نبيكم يموتون عطاشاً !
      فقالوا : والله لا تذوق الماء ، بل تذوق الموت غصة بعد غصة ، وجرعة بعد جرعة . فلما سمع منهم ذلك رجع إلى أصحابه وقال لهم : " إن القوم قد استحوذ عليهم الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون " ، ثم أنشأ يقول :

      تعدّيتم ياشرَّ قومٍ ببغيِكم *** وخالفتُم قولَ النبيِّ مُحمَّد .
      أمَا كان خيرَ الخلقِ أوصاكم بِنا *** أمَا كان جَدّي خِيرةَ اللهِ أحمَد .
      أما كانت الزهراءُ أمّي ووالدي *** عليٌّ أخو خيرِ الأنامِ المُمَجَّد .
      لُعِنتم وأُخزِيتُم بما قد فَعَلتُم *** فسوف تُلاقُون العذابَ بِمَشهَد .

      *** إرسال الإمام الحسين (عليه السلام) أنس بن الحارث لوعظ القوم :
      ثم لمّا فرغ الحسين عليه السلام من شِعره في مذمة فعال القوم ، أمر أنس الكاهلي أن يذهب إليهم ويعظهم لعلهم يرجعوا، وقال: أنا أعلم أنهم لا يرجعون ولكن تكون حُجَّة عليهم. فذهب أنس بن الحارث الكاهلي إلى القوم ليعظهم . وليتمّ الحجة عليهم حينما امتنعوا من سقي الماء للإمام الحسين (عليه السلام) ، فدخل على ابن سعد ، ولم يسلّم عليه . فقال ابن سعد له : لِمَ لَم تسلِّم عليّ ألستُ مسلماً ؟ قال : والله لست أنت مسلم ، لأنك تريد أن تقتل ابن رسول الله (ص) . فنكس رأسه فقال : والله إني لأعلم أن قاتله في النار ولكن لا بدّ من إنفاذ حكم الأمير عبيد الله بن زياد . فرجع أنس إلى الحسين (ع) وأخبره بذلك . (15) .
      ثم نزل أنس بن الحارث الكاهلي وارتجز وهو يقاتل جيش عمر بن سعد ويقول :
      قَدْ عَلِمَتْ كاهِلا وَدُودَان *** وَالخِنْدِفِيُّونَ وَقَيْسُ عَيلانَ .
      بِأَنَّ قَومِي قُصَمُ الأقرانِ *** يا قَومِ كونوا كأُسُودِ الجَانِ .
      آلُ عَليٍّ شيعةُ الرَّحمنِ *** وَآلُ حَرْبٍ شيعةُ الشَّيطان .

      *** استشهاده (رضوان الله عليه) في كربلاء والتسليم عليه :
      وصفوا أنس يوم كربلاء بأنّه كان شيخاً كبيراً إلا أنه لبى نداء الجهاد مع سيد الشهداء عليه السلام على كبر سنه الذي تجاوز التسعين عاما استأذن من الإمام الحسين في التوجّه إلى ساحة القتال يوم عاشوراء ، وعندما أراد البراز شدّ وسطه بعمامته ، ورفع حاجبيه عن عينيه بعصابته ، فبكى الإمام الحسين عليه السلام لحاله . ثمّ حَمَلَ أنسُ بن الحارث الكاهليُّ الأسديّ رحمه الله على القوم يقاتلهم حتّى قتَل مَنهمَ على كِبرَ سنّه أربعة عشر شخصاً ، وقيل : ثمانية عشر رجلاً ، ثمّ قتِل شهيداً رضوان الله عليه . وفاضت روحه الطاهرة الى بارئها، لتلقتي مع مبريها ومهذبها ومزكيها رسول الله صلى الله عليه واله وهو عنه راض ، ولتستقر روجه الطاهرة في الجنان مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين والكاملين وحسن أولئك رفيقاً (16) .
      وقع التسليم عليه في زيارة الناحية المقدسة (الغير المعروفة) : السَّلَامُ عَلَغŒ أَنَسِ بْنِ الْكاهِلِ الْأَسَدِي.
      وفي حبيب بن مظاهر الأسديّ وأنس بن الحارث الكاهلي الأسديّ يقول الشاعر الغيور الكُميت بن زياد الأسديّ راثياً :
      سـوى عصبةٍ فيهم « حبيبٌ » مُعَفَّـرٌ قضى نَحْبَه و « الكاهليُّ » مُرَمَّلُ . . (17) .

      *** شهادته (رحمه الله) :
      وكان استُشهاده (رضي الله عنه) في العاشر من المحرّم عام 61 هـ بواقعة الطف ، ودُفن في مقبرة الشهداء بجوار مرقد الإمام الحسين (عليه السلام) في كربلاء المقدّسة.

      ——————–
      الهوامش :

      1- رجال الطوسي : ص21 و 99 ، خلاصة الاقوال : ص75 ، رجال ابن داود: ص52 ، التاريخ الكبير ج2 / ص30 ، اسد الغابة: ج1 / ص132 ، مناقب ال ابي طالب: ج1/ ص133 ، الاكمال في اسماء الرجال :ص45 ، تاريخ مدينه دمشق :ج14/ص223 ، اسد الغابة:ج1/ ص349 ، مثير الاحزان : ص46 ، مستدركات علم رجال الحديث :ج1 /ص701 ، معرفة الثقات : ج1 / ص17 ، الثقات لابن حبان : ج4 /ص45 .
      2- تنقيح المقال ج11 /ص231 رقم 2480 .
      3- المصدر السابق .
      4- إبصار العين في أنصار الحسين : ص 99 .
      5- أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام والرواة عنه ، العلامة الأميني ، ج‏1، ص68.
      6- إبصار العين في أنصار الحسين عليه السلام ، ص 99.
      7- الإصابة ، ج1 ، ص271 ؛ وانظر : المناقب ، ابن شهر آشوب ، ج‏1 ، ص122.
      8- أسد الغابة ، ج 1 ، ص 349.
      9- أسد الغابة ، ج 1 ، ص 123.
      10- تجريد أسماء الصحابة ، ص 30 .
      11- الإصابة ، ج 1 ، ص 271.
      12- الإصابة ، ج1 ، ص271 .
      13- إبصار العين في أنصار الحسين عليه السلام ، ص 99.
      14- أنساب الأشراف ، ج‏3 ، ص 175.
      15- ينابيع المودة ، ج3 ، ص69.
      16- إبصار العين في أنصار الحسين عليه السلام ، ص 100.
      17- بحار الأنوار : ج 45 ، ص 25.

      تعليق


      • #4

        3- سيرة ناصر الحسين (ع) مسلم بن عوسجة الأسدي (رحمه الله) :

        بسم الله الرحمن الرحيم . اللهم صل على محمد وآل محمد
        من هو مسلم بن عوسجة ؟

        *** اسمه ونسبه الشريف :
        هو مسلم بن عوسجة بن سعد بن ثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة ، أبو حجل الأسدي السعدي ، كان رجلاً شريفاً كريماً عابداً متنسكاً . [1] كان من أهالي الكوفة ومن أصحاب الرسول الأعظم (ص) و من أصحاب الإمام علي (ع) والإمام الحسن والإمام الحسين (ع) قاتل مع الإمام الحسين (ع) حتى سقط شهيداً يوم عاشوراء في واقعة كربلاء. [2] .

        *** فضائله (رضوان الله عليه) :
        كان مسلم بن عوسجة من أبطال الإسلام وله مواقف بطولية في الفتوح الإسلامية وهو من خواص الإمام أمير المؤمنين (ع) شهد معه معارك الجمل وصفين والنهروان كما شهد له التاريخ مواقف في الفتوحات ومنها موقفه يوم آذربيجان وقد قتل ستة من المشركين قبل تتام خيول المسلمين كما كان من طليعة فرسان أهل الكوفة ومن عيون أنصار الإمام الحسين (ع) والمستشهدين بين يديه ومن الدعاة إلى نهضته المباركة حيث كان يأخذ البيعة للحسين (ع) في الكوفة مع ابن عمه الصحابي الشهيد حبيب بن مظاهر الأسدي (رضوان الله عليه) وقد عقد له مسلم بن عقيل على ربع مذحج وأسد حين بدأ تحركه في الكوفة قبل دخول ابن زياد إليها.
        وإضافة إلى ما تحلى به من شجاعة وبطولة فقد كان شخصية أسدية بارزة وكبرى ويعد من عباد أهل الكوفة وزهادها، وملازمي جامعها الأعظم، وهذه أقوال بعض من ترجم له :
        قال ابن حجر العسقلاني : (انه كان رجلاً ، شريفاً ، سرياً ، عابداً ، قارئاً للقرآن ، متنسكاً استشهد مع الحسين عليه السلام بطف كربلا).
        وقال محمد بن سعد : (كان صحابياً ممن رأى النبي صلى الله عليه وآله وروى عنه الشعبي وكان فارساً شجاعاً له ذكر في المغازي والفتوح الإسلامية).
        وقال أبو القاسم النراقي : (مسلم بن عوسجة من حواري أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) قتل معه بكربلاء).
        وقال الشيخ عبد الله المامقاني : (وكان صحابياً ممن رأى النبي صلى الله عليه وآله وكان شجاعاً له ذكر في المغازي والفتوح الإسلامية مضى على ذلك ابن سعد في محكي طبقاته).
        وقال عنه خير الدين الزركلي في الأعلام : (مسلم بن عوسجة الأسدي من أبطال العرب في صدر الإسلام شهد يوم آذربيجان وغيره من الفتوح وكان مع الحسين بن علي في قصده الكوفة فقتل وهو يناضل عنه).
        وقال الشيخ ذبيح الله المحلاتي : (رجل شريف حي قارئ للقرآن وأسد مفترس في الشجاعة في حرب الكفار وفي الفتوحات ومن خواص أمير المؤمنين (عليه السلام) وكان ملازماً له في الجمل والنهروان وصفين).
        وقال الشيخ المحقق محمد السماوي : (كان رجلاً شريفاً سرياً عابداً متنسكاً).
        وقال الشيخ علي محمد علي دخيل : (جلالة الرجل وعدالته وقوة إيمانه وشدة تقواه مما تكل الأقلام عن تحريرها وتعجز الألسن عن تقريرها ولو لم يكن في حقه إلا ما تضمنته زيارة الناحية المقدسة لكفاه) .
        وقال الشيخ عبد الواحد المظفر : (فإذا كانت البطولة عنوان المحاسن ومجمع الكمالات ومحور الفضائل فلا شك أن مسلم بن عوسجة الأسدي من أتم الرجال في المحاسن التي يتفاخر بأقلها عظماء الرجال ويتمادح ببعضها الوجوه والأعيان ويتفاخر بفضيلة منها سائر أهل الكمال نحو العلم والتقوى وشدة البأس والشجاعة والفصاحة والوفاء والإيثار مع ماله من فضيلة الصحبة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) والاختصاص بعلي أمير المؤمنين (عليه السلام) .
        ونختم هذه الأقوال لهؤلاء الأعلام بأشرفها وهو سلام الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) على مسلم بن عوسجة كما جاء في زيارة الناحية المقدسة وهو أرفع وسام شرف على صدر هذا البطل المجاهد منحه له الإمام المهدي (ع) في زيارة الناحية المقدسة حينما قال : (السلام على مسلم بن عوسجة الأسدي القائل للحسين (عليه السلام) وقد أذن له في الإنصراف : أنحن نخلي عنك ؟ وبم نعتذر عند الله من إداء حقك ؟ لا والله حتى أكسر في صدورهم رمحي هذا وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي ولا أفارقك ولو لم يكن معي سلاح أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة ولم أفارقك حتى أموت معك وكنت أول من شرى نفسه وأول شهيد من شهداء الله قضى نحبه ففزت ورب الكعبة وشكر الله لك استقدامك ومواساتك إمامك إذ مشى إليك وأنت صريع فقال يرحمك الله يا مسلم بن عوسجة وقرأ (منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) لعن الله المشتركين في قتلك عبد الله الضبابي وعبد الله بن خشكارة البجلي ومسلم بن عبد الله الضبابي).

        *** موقف مسلم بن عوسجة في الكوفة :
        قيل إن مسلم بن عقيل نزل في بيت مسلم بن عوسجة الأسدي لمّا دخل الكوفة. فتسامع أهل الكوفة بقدومه فجاؤوا إليه فبايعوه وحلفوا له لينصرنه بأنفسهم وأموالهم ، فاجتمع على بيعته من أهلها اثنا عشر ألفاً ، ثم تكاثروا حتى بلغوا ثمانية عشر ألفاً ، فكتب مسلم إلى الحسين ليقدم عليها فقد تمهدت له البيعة و الأمور، فتجهز الحسين من مكة قاصداً الكوفة . [3] .
        وكان مسلم بن عوسجة مناصراً لابن عقيل عند قدومه إلى الكوفة وكان يهيئ له المال والسلاح ويأخذ البيعة من الناس للإمام الحسين (ع) . واختار مسلم بن عقيل قادات لمناصريه في الكوفة لضرورة التنسيق بينهم فجعل مسلم بن عوسجة على ربع مذحج وأسد . [4] .
        وعثر عبيد الله بن زياد على موضع مسلم بن عقيل من خلال مسلم بن عوسجة بعد أن أرسل جاسوسه معقل إلى مسلم بن عوسجة وطلب منه أن يدلّه إلى مسلم بن عقيل بحجة تسليم الأموال إليه والبيعة معه فدله مسلم بن عوسجة إلى مسلم وعرف عبيد الله بن زياد موضع مسلم بن عقيل .[5] .
        وبعد أن قُبض على مسلم وهاني وقتلا اختفى مسلم بن عوسجة مدة من الزمن ثم فر بأهله إلى الحسين (ع) ، فوافاه بكربلاء وفداه بنفسه . [6] .

        *** مواقف مسلم بن عوسجة في كربلاء :

        1/ موقفه في ليلة عاشوراء :
        في ليلة عاشوراء لما جنّ الليل جمع الإمام الحسين (ع) أصحابه وقال : "هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملاً وليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي وتفرقوا في سواد هذا الليل وذروني ، وهؤلاء القوم فإنهم لا يريدون غيري". ثم قام مسلم بن عوسجة : "نحن نخليك هكذا وننصرف عنك ، وقد أحاط بك هذا العدو لا والله لا يراني الله أبدا وأنا أفعل ذلك حتى أكسر في صدورهم رمحي وأضاربهم بسيفي ما ثبت قائمه بيدي ولو لم يكن لي سلاح أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة ولم أفارقك أو أموت معك . [7] والله لو علمت أني أقتل ثم أحيا ثم أحرق ثم أحيا ثم أذرى ، يفعل ذلك بي سبعين مرة ما فارقتك حتى ألقى حمامي دونك ، فكيف لا أفعل ذلك وإنما هي قتلة واحدة ثم هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبداً". [8] .

        2/ موقفه في يوم عاشوراء :
        كتب الشيخ المفيد في الإرشاد أنّ أصحاب الإمام الحسين (ع) ألهبوا النار في الخندق من ورائهم لكيلا يأتوهم من الخلف ، وأقبل القوم يجولون حول بيوت الحسين (ع) فيرون الخندق في ظهورهم والنار تضطرم في الحطب والقصب الذي كان ألقي فيه ، فنادى شمر بن ذي الجوشن بأعلى صوته : "يا حسين أتعجلت النار قبل يوم القيامة ؟". فقال الحسين (ع) : "من هذا ؟ كأنّه شمر بن ذي الجوشن ؟ فقالوا له : نعم ، فقال له : "يا ابن راعية المعزى ، أنت أولى بها صليا ".
        ورام مسلم بن عوسجة أن يرميه بسهم فمنعه الحسين (ع) من ذلك ، فقال له : " دعني حتى أرميه فإن الفاسق من عظماء الجبارين ، وقد أمكن الله منه ". فقال له الحسين (ع) : "لا ترمه ، فإني أكره أن أبدأهم ". [9] .

        3/ موقفه في ساحة القتال :
        برز مسلم بن عوسجة يوم عاشوراء في ساحة القتال وهو يرتجز ويقول : [10]
        إن تسألوا عني فإني ذو لبد *** وإن بيتي في ذري بني أسد .
        فمن بغاني حائد عن الرشد *** وكافر بدين جبـــــــــــــــــــار صمد .


        *** شهادة مسلم بن عوسجة (رضوان الله عليه) :
        خرج مسلم بن عوسجة إلى ساحة القتال يوم عاشوراء ، فقاتل قتالاً شديداً ولم يزل يضرب فيهم بسيفه حتى عطف عليه مسلم بن عبد الله الضبابي وعبد الرحمن بن أبي خشكارة البجلي ، فاشتركا في قتله ، ووقعت لشدة الجلاد غبرة عظيمة ، فلما انجلت إذا هم بمسلم بن عوسجة صريعا ، فمشى إليه الحسين ( عليه السلام ) فإذا به رمق ، فقال له الحسين ( عليه السلام ) : " رحمك الله يا مسلم * ( فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ) * [11] ، ثم دنا منه حبيب فقال له : عزَّ عليَّ مصرعك يا مسلم ، أَبشر بالجنّة ! فقال له مسلم قولاً ضعيفاً : بشّرك اللّه بخير . فقال حبيب : لولا أنّي أعلمُ أنّي في إثرك لاحقٌ بك من ساعتي هذه لأحببتُ أن توصي إليَّ بكلّ ما أهمّك حتّى أحفظك في كلّ ذلك بما أنت له أهل من الدين و القرابة . فقال له : بلى ، أوصيك بهذا رحمك اللّه ! و أومأ بيديه إلى الحسين (ع) أنْ تموت دونه ! فقال حبيب : أفعل وربّ الكعبة . وفي رواية لأنعمنك عيناً . ثم مات رضوان الله عليه . [12] . قال : فما كان بأسرع من أن فاظ بين أيديهم ، فصاحت جارية له : واسيداه يا بن عوسجتاه فتباشر أصحاب عمر بن سعد بذلك ، فقال لهم شبث بن ربعي : ثكلتكم أمهاتكم إنما تقتلون أنفسكم بأيديكم ، وتذلون أنفسكم لغيركم ، أتفرحون أن يقتل مثل مسلم ابن عوسجة ؟ أما والذي أسلمت له ، لرب موقف له قد رأيته في المسلمين كريم ، لقد رأيته يوم سلق آذربايجان قتل ستة من المشركين قبل أن تتام خيول المسلمين ، أفيقتل منكم مثله وتفرحون [13] ؟!


        *** موقف زوجة وولد مسلم بن عوسجة - خلف - بعد استشهاده (رحمه الله) :

        كتب الشيخ ذبيح المحلاتي في رياحين الشريعة نقلاً عن عطاء الله الشافعي في روضة الأحباب أن زوجة مسلم بن عوسجة كان لها ابن من زوجها مسلم يسمى خلف لما سمع بمصرع أبيه وشهادته نهض كالأسد مندفعاً إلى ساحة المعركة ، فاعترضه الحسين سلام الله عليه يمنعه ويعلمه انه إن قتل ستبقى أمه وحيدة في هذه الرمضاء فأراد خلف الرجوع وإذا بأمه تعترضه تتعجل منعه عن القعود واقفة في طريقه لتقول له : بني اختر نصرة ابن بنت نبيك على سلامة نفسك أما إذا اخترت سلامتك فلن أرضى عنك أبداً.
        فبرز خلف بن مسلم بن عوسجة للقوم وحمل عليهم وهو يسمع أمه تناديه وتشجعه : ابشر يا ولدي ، فانك ستسقى من ماء الكوثر الساعة إن شاء الله تعالى ، فقتل خلف ثلاثين رجلاً ، وبقي يقاتل ببسالة وشهامة حتى نال شرف الشهادة ، فلما سقط إحتز اللؤماء رأسه ورموا به نحو أمه ، فتلقته أمه واحتضنته وقبلته ثم بكت وأبكت من كان معها . ثم دخلت في ركب السبي مع حريم الرسالة بعد العاشر من المحرم .

        ***************************
        الهوامش :

        1.السماوي، إبصار العين في أنصار الحسين، ص 108.
        2.الطوسي، الرجال، ص 105.
        3.ابن كثير، البداية والنهاية، ج 8، ص 163.
        4.القرشي، حياة الإمام الحسين، ج 2، ص 381.
        5.السماوي، إبصار العين في أنصار الحسين (ع)، ص 109.
        6.السماوي، إبصار العين في أنصار الحسين (ع)، ص 109.
        7.ابن طاووس، اللهوف، ص 56.
        8.الشيخ المفيد، الإرشاد، ج 2، ص 92.
        9.الشيخ المفيد، الإرشاد، ج 2، ص 96.
        10.ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب، ج 3، ص 251.
        11.الأحزاب ، 23.
        12. تاريخ الطبري : 3 / 325 ، الكامل : 4 / 68 .
        13.ابن طاووس، اللهوف، ص 64.

        تعليق


        • #5
          4- سيرة ناصر الإمام الحسين (ع) برير بن خضير الهمداني (رضوان الله عليه) :
          بسم الله الرحمن الرحيم . اللهم صل على محمد وآل محمد

          برَير بن خُضَير الهَمْداني المِشْرَقي من شيوخ القراء ومن أصحاب أميرالمؤمنين (ع) ، وكان من أشراف أهل الكوفة. لقب بالمشرقي نسبة إلى بني مشرق وبنو مشرق هم بطن من قبيلة هَمْدان اليمانية . كان شجاعاً تابعياً ناسكاً قارئاً للقرآن. واحتجاجه قبل الحرب مع عمر بن سعد وأبو حرب ويزيد بن معقل وأهل الكوفة يكشف عن شجاعته ودفاعه عن آل رسول الله (ص) وكان برير بن خضير الهمداني كبير السن ولكن لم يمنعه كبر سنه الذي تجاوز التسعين عاما عن الجهاد في سبيل الحق والحقيقة ومقارعة الفساد والإفساد الأموي .

          *** نسبه الشريف :
          برير بن خضير الهمداني المشرقي ينتمي إلى بني مشرق ، وهم من بطن قبيلة همدان اليمانية . سكنوا الكوفة ، وقيل اسم أبيه حُصَين وهذا خطأ ؛ لأنّه عندما ارتجز في الميدان انتسب إلى أبيه خضير الذي يناسب قافية رجزه . وقد ذكره أهل السير والأخبار بأسماء مختلفة كبرير بن خضير ، [1] وبرير بن حضير ، [2] وبدير بن حفير ، [3] وبرير بن حصين ، [4] كما أنّ هناك مصادر نسب حكايته إلى شخص باسم يزيد أو زيد بن حصين . [5] .

          *** ألقابه المباركة :
          ذكر له لقبان :
          سيد القراء : ذكره الطبري ، [6] وابن الأثير . [7] .
          أقرؤ أهل زمانه : ابن بابويه ، [8] والفتال النيشابوري . [9] .

          *** الكتاب المنسوب إليه :
          ينقل المامقاني [10] أن لبرير كتاب تحت عنوان القضايا والأحكام يروي فيه عن الإمام علي (ع) والإمام الحسن (ع) .
          واعتبره المامقاني أن هذا الكتاب من الأصول المعتبرة لدى الشيعة ، ولكن رد السيد محسن الأمين [11] والتستري [12] هذا القول ، وقالا أنه لم يرد ذكر لهذا الكتاب في مصادر أخرى .

          *** من أقوال العلماء في مدحه :
          1ـ قال الشيخ الصدوق(قدس سره): «وكان أقرأ أهل زمانه»(13).
          2ـ قال العلّامة المجلسي(قدس سره): «وكان من عباد الله الصالحين»(14).
          3ـ قال السيّد محسن الأمين(قدس سره) : «كان بُرير زاهداً عابداً»(15). 4- قال الشيخ محيي الدين المامقاني (قدس سره) : « إنّ ولاءه لأهل البيت (ع) ، وتفانيه في عقيدته ، كان متسالماً عليه ، وإنّ جلالته ووثاقته كان معترفاً بها حتّى عند المخدّرات ، فهو ثقة جليل ، وزادته شهادته جلالة وقدساً تسليم الإمام (ع)(16)، فرضوان الله عليه » . (17) .

          *** خصائص برير بن خضير (رضوان الله عليه) :
          كان برير شجاعاً تابعياً ناسكاً قارئاً للقرآن من شيوخ القراء ومن أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وكان من أشراف أهل الكوفة ، وبني همدان الذين سكنوا الكوفة ، كما أنه كان من مفسري القرآن الكريم .

          *** التحاقه بالركب الحسيني :
          لما بلغه خبر خروج الإمام الحسين (ع) من مكة سار من الكوفة إلى مكة ليلحق بالحسين (ع) ، فجاء معه إلى كربلاء . [18] ولما ضيق الحر على الحسين عليه السلام جمع أصحابه ، فقام فيهم خطيباً ، فحمد اللَّه ، وأثنى عليه ، فخظبهم بخطبته .......ثم قام برير بن خضير ، فقال :
          يا بن رسول الله لقد من الله بك علينا أن نقاتل بين يديك ، تقطع فيك أعضاؤنا ، حتى يكون جدك يوم القيامة بين أيدينا شفيعا لنا ، فلا أفلح قوم ضيعوا ابن بنت نبيهم ، وويل لهم ماذا يلقون به الله ، وأف لهم يوم ينادون بالويل والثبور في نار جهنم . [19] .

          *** محادثته مع عمر بن سعد (لعنه الله) :
          قال برير للإمام الحسين (ع) : أئذن لي أن اذهب إلى عمر بن سعد ، فأذن له : فذهب إليه حتّى‌ دخل على خيمته ، فجلس ولم يسلّم ! فغضب عمر، وقال : يا أخا همدان ما منعك من السلام عليَّ !؟ ألستُ مسلماً أعرف اللّه ورسوله ! وأشهد بشهادة الحقّ !؟
          فقال له برير: لو كنت عرفت اللّه ورسوله - كما تقول - لما خرجت إلى‌ عترة رسول اللّه تريد قتلهم ! وبعدُ ، فهذا الفرات يلوح بصفائه ، ويلج كأنّه بطون الحيّات ، تشرب منه كلاب السواد (أي أرض السواد يعني العراق) وخنازيرها ، وهذا الحسين بن عليّ وإخوته ونساؤه وأهل بيته يموتون عطشاً ! وقد حِلْتَ بينهم وبين ماء الفرات أن يشربوه ! وتزعم أنّك تعرف اللّه ورسوله !؟
          فأطرق عمر بن سعد ساعة إلى‌ الأرض ، ثمّ رفع رأسه وقال : واللّه يا بُرير إنّي لأعلم يقيناً أنَّ كُلَّ من قاتلهم وغصبهم حقّهم هو في النار لا محالة ، ولكن يا بُرير ! أفتشير عليَّ أن أترك ولاية الريّ فتكون لغيري !؟ فواللّه ما أجد نفسي تجيبني لذلك ، ثمّ قال :
          دعاني عبيد اللّه من دون قومه *** إلى‌ خطّة فيها خرجتُ لِحَيني‌
          فو اللّه ما أدري وإنّي لحائر *** أفكّر في أمري على‌ خطرينِ‌
          أأترك مُلك الريّ والريّ منيتي *** أم ارجع مأثوماً بقتل حسينِ؟
          وفي قتله النّار التي ليس دونها *** حجابٌ ، ومُلك الريّ قرّة عينيِ
          فرجع برير إلى الحسين وقال : يا ابن رسول اللّه ! إنّ عمر بن سعد قد رضي لقتلك بملك الريّ ! » ...

          *** مجادلته مع أبي حرب :
          قال ضحاك بن عبد الله المشرقي : بات ليلة العاشر من المحرم الحسين (ع) وأصحابه الليل بين راكع وساجد ، وهم يستغفرون ، ويدعون ، ويتضرعون ، وكان الإمام الحسين (ع) يتلو القرآن حتى وصل إلى قوله :ï´؟ وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَ‌نما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ مَا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى‌ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى‌ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ‌الطَّيِّبِ ï´¾ .
          فسمع الآية رجل من تلك الخيل التى كانت تحرسنا ، فقال : نحن وربّ الكعبة الطيبون ، مُيزّنا منكم .
          قال الضحاك : فعرفته فقلت : لبرير بن خضير تدري من هذا ؟ قال : لا ، قلت : هذا أبو حرب عبد اللَّه بن شهر السبيعي ، وكان مضحاكاً بطّالا شجاعاً فاتكاً ، وكان سعيد بن قيس الهمداني من أصحاب أمير المؤمنين (ع) ربما حبسه في الكوفة في خلافة علي (ع) في جناية.
          فعرفه برير بن خضير فقال له : يا فاسق أنت يجعلك اللَّه في الطيبين؟!
          فقال له من أنت ؟
          فقال : أنا برير .
          فقال‌ اللعين : إنّا للَّه ! عزّ عليَّ ! هلكت واللَّه ، هلكت واللَّه ، يا بُرير.
          فقال له برير : هل لك - يا أبا حرب - أن تتوب إلى اللَّه من ذنوبك العظام ، فو اللَّه إنّا لنحن الطيبون ، ولكنكم لأنتم الخبيثون .
          قال : وإنا - واللَّه - على ذلك من الشاهدين.
          فقال : ويحك ! أفلا ينفعك معرفتك ؟
          قال : جعلت فداك ، فمن ينادم يزيد بن عذرة العنزى (من عنزة بن وائل) قال : ها هو ذا معي .
          قال برير : قبح اللَّه رأيك على كل حال أنت سفيه .
          قال : ثم انصرف عنا .

          *** صباح يوم عاشوراء :
          في صباح يوم عاشوراء كان بريرُ يمازح عبدَ الرحمن الأنصاري ، فقال له عبد الرحمن : ما هذه ساعة باطل ؟ فقال برير : لقد علم قومي ما أحببت الباطل كهلاً ولا شاباً ، ولكنّي مستبشر بما نحن لا قون، والله ما بيننا وبين الحور العين إلاّ أنْ يميل علينا هؤلاء بأسيافهم ، ولوددتُ أنّهم مالوا علينا السّاعة . [20] .

          *** مباهلة بريربن خضير ليزيد بن معقل :
          عند ما بدأ القتال بين المعسكرين خرج يزيد بن معقل من بني عميرة بن ربيعة من معسكر عمر بن سعد ونادى بريراً.
          قال له : يا برير بن خضير ، كيف ترى صنع الله بك ؟
          قال برير : صنع الله بي والله خيراً ، وصنع بك شراً .
          فقال : كذبت ، وقبل اليوم ما كنت كذّاباً ، أتذكر وأنا أماشيك في سكّة بني دودان (أو لوذان) وأنت تقول : إنّ عثمان كان كذا ، وإنّ معاوية ضالّ مضلّ ، وإنّ علي بن أبي طالب إمام الحق والهدى ؟
          قال برير : أشهد أنّ هذا رأيي وقولي .
          فقال يزيد : فإنّي أشهد أنّك من الضالّين .
          قال برير : فهل لك أن أباهلك ، ولندع الله أن يلعن الكاذب ، وأن يقتل المحقّ المبطل ، ثمّ أخرج لأبارزك .
          قال : فخرجا فرفعا أيديهما بالمباهلة إلى الله ، يدعوانه أن يلعن الكاذب ، وأن يقتل المحقّ المبطل ، ثمّ برز كلّ واحد منهما لصاحبه ، فاختلفا ضربتين ، فضرب يزيد بريراً ضربة خفيفة لم تضرّه شيئاً ، وضرب برير يزيد ضربة قدّت المغفر (خوذة الرأس) ، وبلغت الدماغ ، فخرّ كأنّما هوى من حالق ، وإنّ سيف برير لثابت في رأسه ، فكأنّي أنظر إليه يحركه في رأسه ليستخرجه .

          *** بروزه للقتال :
          وعندما برز برير إلى الميدان في يوم عاشوراء كان يرتجز ويقول:
          أنَا بُرَيرٌ وأبي خُضَيرٌ *** لَيثٌ يَروعُ الأُسدَ عِندَ الزِّئرِ
          يَعرِفُ فينَا الخَيرَ أهلُ الخَيرِ *** أضرِبُكُم ولا أرى‌ مِن ضَيرِ
          كَذاكَ فِعلُ الخَيرِ مِن بُرَيرِ .

          *** استشهاده (رحمة الله عليه) :
          حمل رضي بن منقد العبدي على برير ، فاعتنق رضي بريرا ، فاعتركا ساعة ، ثمّ إنّ بريرا صرعه ، وقعد على صدره ، فجعل رضي يصيح بأصحابه : أين أهل المصاع والدفاع ؟ فذهب كعب بن جابر بن عمرو الأزدي يحمل عليه ، فصاح أحد أفراد جيش ابن سعد وهو (عفيف بن زهير بن أبي الأخنس) بجابر: (هذا برير بن خضير القارئ الذي يقرؤنا القرآن في جامع الكوفة) ولا أدري لماذا لم ينصح عفيف نفسه بمقالته تلك فيقتدي ببرير؟؟؟
          ليس هناك تفسير لمقولته هذه سوى النفاق ولأن النفاق قد استشرى في ذلك الجيش الأموي فلم يعد أحدهم يأبه بما يفعل وكأنهم قد سلخت منهم آدميتهم فصاروا كالوحوش ففعلوا في كربلاء ما يندى له جبين الإنسانية .
          فحمل جابرعلى برير بالرمح من ورائه حتّى طعنه في ظهره ، فلمّا وجد برير مسّ الرمح برك على رضي فعضّ أنفه حتّى قطعه ، وأنفذ الطعنة كعب حتّى ألقاه عنه ، وقد غيب السنان في ظهره ، ثمّ أقبل يضربه بسيفه حتّى برد ، فكأنّي أنظر إلى رضي قام ينفض التراب عنه ، ويده على أنفه وهو يقول : أنعمت عليّ يا أخا الأزد نعمة لا أنساها أبدا . ولمّا رجع كعب ، قالت له أخته النوار بنت جابر : أعنت على ابن فاطمة ، وقتلت سيّد القراء ، لقد أتيت عظيما من الأمر ، والله لا أكلّمك من رأسي كلمة أبدا. فقال كعب في ذلك :
          سلي تخبري عنّي وأنت ذميمة *** غداة حسين والرماح شوارع
          فابلغ عبيد الله إمّا لقيته *** بأنّي مطيع للخليفة سامع
          قتلت بريرا ثمّ حمّلت نعمة *** أبا منقذ لمّا دعا : من يماصع؟ .
          فبلغت أبياته رضي بن منقذ ، فقال مجيبا له يرد عليه :
          فلو شاء ربّي ما شهدت قتالهم *** ولا جعل النعماء عند ابن جابر
          لقد كان ذاك اليوم عارا وسبّة *** تعيّره الأبناء بعد المعاشر
          فيا ليت أنّي كنت من قبل قتله *** ويوم حسين كنت في رمس قابر [21] .

          وكان استُشهاده (رضي الله عنه) في العاشر من المحرّم عام 61هـ بواقعة الطف ، ودُفن في مقبرة الشهداء بجوار مرقد الإمام الحسين (ع) في كربلاء المقدّسة .

          ******************************

          الهوامش :

          1- ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 4، ص 65؛ الخوارزمي، مقتل الحسين، ج 2، ص 14؛ كاشف الغطاء، مقتل الحسين، ص 41.
          2- الطبري، تاريخ الطبري، ج 4، ص 321؛ ابن أعثم، الفتوح، ج 5، ص 181.
          3- المجلسي، بحار الأنوار، ج 44، ص 320.
          4- شمس الدين، أنصار الحسين، ص 77؛ الخوئي، معجم رجال الحديث، ج 4، ص 203.
          5- الكشي، الرجال، ص 79؛ ابن صباغ، ص 189.
          6- ج 5، ص 433.
          7- ج 4، ص 67.
          8- ابن بابوبه، أمالي الصدوق، ص 137.
          9- الفتال النيشابوري، روضة الواعظين، ج 1، ص 187.
          10- ج 1، القسم 2، ص 167.
          11- الأمين، أعيان الشيعة، ج3، ص561.
          12- ج 2، ص176.
          13- الأمالي للصدوق: غ²غ²4.
          14- بحار الأنوار غ´غµ /غ±غµ.
          15- أعيان الشيعة غ³ /غµغ¶غ±.
          16- إقبال الأعمال غ³ /غ³غ´غ´ فصلغµغ³.
          17- تنقيح المقال غ±غ² /غ±غµغ¹ رقمغ²غ¹غ¶غ¶.
          18- المامقاني، نفس المصدر.
          19- الأمين، اعيان الشيعة، ج3، ص561.
          20- المقرم، مقتل الحسين، ص216.
          21- السماوي، إبصار العين في أنصار الحسين.
          التعديل الأخير تم بواسطة خادم الكفيل; الساعة 31-07-2018, 10:01 AM.

          تعليق


          • #6
            5- سيرة ناصر الإمام الحسين (ع) زهير بن القين البجلي رحمه الله .
            بسم الله الرحمن الرحيم . اللهم صل على محمد وآل محمد

            زهير بن القين بن قيس الأنماري البجلي ، من كبار شيوخ قبيلة بجيلة في الكوفة ، [1] ومن شهداء كربلاء.
            كان زهير رجلاً شريفاً في قومه وله في المغازي مواقف مشهورة ، [2] وكان أبوه القين - بحسب بعض المصادر - صحابياً . [3] .

            *** حال زهير بن القين قبل واقعة عاشوراء :
            ورد عن بعض من كان مع زهير في سنة 61 هـ : كنا مع زهير بن القين عند رجوعه من الحج في السنة التي أقبل فيها الحسين إلى العراق فكنا نساير الحسين ، فلم يك شيء أبغض على زهير من أن ينزل مع الحسين عليه السلام في مكان واحد أو يسايره في طريق واحد ؛ لأنه كان عثمانياً .
            قال الشيخ محمد صنقور بخصوص كون زهير بن القين عثمانيا :
            الحقيقة أننا لم أجد من علمائنا المحدثين منهم والمؤرخين وعلماء الجرح والتعديل من ذكره بهذا الوصف ، وكذلك لم أجد في علماء السنة ومؤرخيهم من ذكره بهذا الوصف إلا البلاذري في أنساب الأشراف قال : " وكان زهير بن القين البجلي بمكة - وكان عثمانيا - فانصرف من مكة متعجلا فضمه الطريق وحسينا " ج3 ص 167 .
            وكذلك ذكره بهذا الوصف إبن الأثير في كتابه الكامل في التأريخ ، قال : "وكان زهير بن القين البجلي قد حج ، وكان عثمانيا فلما عاد جمعهما الطريق" ج4 ص 42 .
            ولم يذكره من المؤرخين بهذا الوصف غيرهما كما لم أجد له ذكرا في كتبهم الرجالية ، وعلى ذلك لا يمكن التثبت من صحة نسبة هذا الوصف لزهير بن القين ( رحمه الله) خصوصا وأنهما لم يسندا دعواهما إلى مستند بل إنهما أرسلا هذه الدعوى إرسالا .
            والذي يعزز إمتناع الوثوق بصحة هذه الدعوى أن أحدا غيرهما ممن أرخ منهم لنهضة الحسين (ع) لم يذكره بهذا الوصف رغم أن الكثير منهم قد تعرض لذات الخبر الذي نقله البلاذري وابن الأثير .
            والظاهر - والله العالم - أن الشيخ محمد صنقور لم يلتفت إلى ما قاله السيد محسن الأمين والشيخ محيي الدين المامقاني في أن زهير بن القين كان عثمانيا واليكم نص قولهما :

            قال السيّد محسن الأمين (قدس سره) : « كان زهير أوّلاً عثمانياً ـ أي أنّه يميل إلى عثمان بن عفّان ويدافع عن مظلوميته ـ وكان قد حجّ في السنة التي خرج فيها الحسين إلى العراق ، فلمّا رجع من الحجّ جمعه الطريق مع الحسين ، فأرسل إليه الحسين (عليه السلام) وكلّمه ، فانتقل علوياً وفاز بالشهادة » . [4].

            قال الشيخ محيي الدين المامقاني (قدس سره) : « المترجم من أظهر مصاديق مَن ختم له بحسن العاقبة ، فبينما كان عثمانياً عدّواً لأهل البيت (عليهم السلام) ، أدركته الهداية الإلهية فأستبصر واهتدى ، وبذل نفسه النفيسة في سبيل الدفاع عن ريحانة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فهو ممّن استُشهد بين يدي ريحانة رسول الله سيّد شباب أهل الجنّة عارفاً بحقّه ، وهو ـ بلا شك ـ يعدّ أرفع شأناً وأسمى مقاماً من التوثيق » . [5] .
            ولما نزل الحسين عليه السلام في زورد نزل بالقرب منه زهير بن القين البجلي .[6] فبعث إليه الإمام الحسين عليه السلام رسولاً فأقبل رسول الحسين عليه السلام ، فقال : يا زهير ، إنّ الحسين عليه السلام يدعوك . فكره زهير الذهاب إلى الحسين عليه السلام ، فقالت له زوجته دلهم بنت عمرو: يا سبحان الله ! أيبعث اليك الحسين بن فاطمة ثمّ لا تأتيه ، ما ضرك لو أتيته فسمعت كلامه ورجعت ، فذهب زهير على كره ، [7] فما لبث أن عاد مستبشراً ضاحكاً وقد أشرق وجهه ، فأمر بفسطاطه فقلع ، وضم فسطاطه بركب الإمام الحسين عليه السلام [8] .
            ثم ودّع زوجته ، وفي رواية قال لها : أنت طالق ، فتقدمي مع أخيك حتى تصلي إلى منزلك ، فإني قد وطنت نفسي على الموت مع الحسين عليه السلام . [9] وقال لمن كان معه من أصحابه : من أحبّ منكم أن يتبعني ، وإلاّ فانّه آخر العهد . [10] ثم قال : إنّي سأحدّثكم حديثا : غزونا بالبحَر، ففتح اللّه علينا ، وأصبنا غنائم ، فقال لنا سلمان الفارسي - أو سلمان الباهلي كما في بعض النسخ[11]- " أفرحتم بما فتح اللّه عليكم ، وأصبتم من الغنائم ؟! فقلنا : نعم ، فقال لنا : إذا أدركتم شباب آل محمد ، فكونوا أشدّ فرحاً بقتالكم معه بما أصبتم من الغنائم"، فأمّا أنا فإنّي أستودعكم اللّه . [12] وذكرت بعض المصادر أن زهير بن القين مال إلى معسكر الحسين ومعه ابن عمّه سلمان بن مضارب.

            *** خطبة زهير في ذي حُسم :
            لمّا عارض الحرّ بن يزيد ، الحسين عليه السلام في الطريق ، وأراد أن ينزله حيث يريد أبى الحسين عليه السلام عليه ، فلمّا بلغ منزل ذي حُسم قام الإمام الحسين عليه السلام خطيباً، فحمد اللّه وأثنى عليه ، ثم خطب الإمام (ع) بين أصحابه خطبة قال فيها :
            أما بَعد فَانّه قد نَزَلَ بِنا مِن الأمر ما قد تَرَون ، ألا وإنّ الدّنيا قَدْ تغيّرت ، وتَنَكَّرت ، وأدْبَرَ مَعرُوفَها ... ألا تَرَون الْحَقَّ لا يُعمل بِه والْباطل لا يتناهى عنه ؟! ليرغب المؤمن في لقاء اللّه مُحقّا ، فإنّي لا أرى الْمَوت إلاّ شهادة – سعادة- ولا الحَياة مَعَ الظّالِمين إلاّ بَرَما. [13] .
            فقال زهير بن القين البجلى لأصحابه : أتتكلمون أم أتكلم ؟ قالوا : لا ، بل تكلم ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، ثم قال :
            قد سمعنا ـ هداك اللّه ـ يا بن رسول اللّه مقالتك ، واللّه لو كانت الدنيا باقية وكنا فيها مخلّدين ، إلاّ أن فراقها في نصرك ومواساتك ، لآثرْنا النهوض ‍ معك على الإقامة فيها . فدعا له الحسين عليه السلام ، وقال له خيراً. [14] .

            *** زهير يقترح منازلة الحر وأصحابه :
            حينما وصل كتاب ابن زياد الى الحر- وهو في نينوى- أمره بالتّضييق على الحسين عليه السلام ، وأنْ يُنزله بالعراء في غير حصن وعلى غير ماء . وكان في كتاب ابن زياد للحر:
            أما بعد فجعجع بالحسين حين يبلغك كتابي ، ويقدم عليك رسولي ، ولا تنزله إلا بالعراء في غير حصن وعلى غير ماء ، فقد أمرت رسولي أن يلزمك ولا يفارقك حتى يأتيني بإنفاذك أمري والسلام .
            فلما قرأ الكتاب قال لهم الحر:
            هذا كتاب الأمير عبيد الله يأمرني أن أجعجع بكم في المكان الذي يأتي كتابه وهذا رسوله ، وقد أمره ألاّ يفارقني حتى أنفذ أمره . فقال له الحسين عليه السلام : دعنا ننزل في هذه القرية أو هذه يعني نينوى والغاضرية أو هذه يعني شفية.
            قال الحر:
            إنّ الأمير كتب إلى أن أحلك على غير ماء ، ولا بد من الانتهاء إلى أمره.
            فقال زهير بن القين للحسين:
            "بأبي وأمي يا ابن رسول الله ، والله لو لم يأتنا غير هؤلاء لكان لنا فيهم كفاية ، فكيف بمن سيأتينا من غيرهم ؟ فهلم بنا نناجز هؤلاء ، فإن قتال هؤلاء أيسر علينا من قتال من يأتينا من غيرهم" . قال الحسين عليه السلام : فإني أكره أن أبدأهم بقتال حتى يبدأوا .
            فقال له زهير:
            فها هنا قرية بالقرب منا على شط الفرات ، وهي في عاقول حصينة ، الفرات يحدق بها إلا من وجه واحد. قال الحسين عليه السلام : وما اسم تلك القرية ؟ قال : العقر. قال الحسين عليه السلام : نعوذ بالله من العقر. [15] .

            *** موقف زهير بن القين في يوم التاسع من المحرّم :
            عندما أراد عمر بن سعد أن يزحف بجيشه في عشية اليوم التاسع من المحرم نحو الحسين ، وكان عليه السلام جالساً أمام خيمته محتبيا بسيفه ، قال عليه السلام لأخيه العباس :
            اركب حتى تلقاهم ، واسألهم عما جاءهم وما الذي يريدون ؟
            فركب العباس في عشرين فارساً فيهم زهير وحبيب بن مظاهر الأسدي وسألهم عن ذلك ، قالوا:
            جاء أمر الأمير أن نعرض عليكم النزول على حكمه أو ننازلكم الحرب.
            فانصرف العباس عليه السلام يخبر الحسين عليه السلام بذلك ووقف أصحابه يعظون القوم ، فقال لهم حبيب بن مظاهر:
            أما والله لبئس القوم عند الله غدا قوم يقدمون عليه ، وقد قتلوا ذرية نبيّه وعترته وأهل بيته وعباد أهل هذا المصر المتهجدين بالأسحار الذاكرين الله كثيراً.
            فقال له عزرة بن قيس :
            إنك لتزكي نفسك ما استطعت.
            فقال زهير: يا عزرة ، إنّ الله قد زكّاها ، وهداها ، فاتق الله - يا عزرة - فإني لك من الناصحين ، أنشدك الله - يا عزرة - أن لا تكون ممن يعين أهل الضلالة على قتل النفوس الزكية.
            ثم قال عزرة: يا زهير ، ما كنت عندنا من شيعة أهل هذا البيت إنما كنت على غير رأيهم ؟!
            قال زهير: أفلست تستدل بموقفي هذا أني منهم ، أما والله ما كتبت إليه كتابا قط ، ولا أرسلت إليه رسولا ، ولا وعدته نصرتي ، ولكن الطريق جمع بيني وبينه ، فلمّا رأيته ذكرت به رسول الله ومكانه منه ، وعرفت ما يقدم عليه عدوّه ، فرأيت أن أنصره ، وأن أكون من حزبه ، وأجعل نفسي دون نفسه لما ضيعتم من حق رسوله . [16] .

            *** موقف زهير بن القين في ليلة العاشر من المحرّم :
            جمع الحسين عليه السلام أصحابه ليلة العاشر من المحرّم ، وقال لهم :
            أما بعد فإنّي لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي ، ولا أهل بيت أبر و (لا) أوصل من أهل بيتي ، فجزاكم الله عني خيراً ، ألا وإني لأظن يوما لنا من هؤلاء ، ألا وإنّي قد أذنت لكم ، فانطلقوا جميعا في حلّ ليس عليكم حرج مني ولا ذمام ، وهذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا .... فقام زهير بن القين ، فقال : والله لوددت أنّي قتلت ، ثمّ نشرت ، ثمّ قتلت ، حتى أقتل هكذا ألف مرّة ، وإنّ الله يدفع بذلك القتل عن نفسك وعن أنفس هؤلاء الفتيان من أهل بيتك . [17] .

            *** قيادة زهير بن القين لميمنة جيش الإمام الحسين (ع) :
            في صباح العاشر من المحرّم جعل الإمام الحسين عليه السلام زهير بن القين على الميمنة، وحبيب بن مظاهر على الميسرة ووقف في القلب وأعطى الراية لأخيه العباس.[18]

            *** وعظ زهير بن القين لمعسكر عمر بن سعد :
            بعد أن فرغ الإمام الحسين عليه السلام من وعظ معسكر ابن سعد ، خرج زهير بن القين على فرس له شاك في السلاح فقال : يا أهل الكوفة بدار (نذار) لكم من عذاب الله بدار (نذار) إنّ حقاً على المسلم نصيحة المسلم ، ونحن حتى الآن أخوة على دين واحد ما لم يقع بيننا وبينكم السيف ، فإذا وقع السيف انقطعت العصمة ، وكنا نحن أمّة وأنتم أمّة .
            إنّ الله قد ابتلانا وإياكم بذرية محمد صلى الله عليه وآله ؛ لينظر ما نحن وأنتم عاملون ، إنا ندعوكم إلى نصره وخذلان الطاغية عبيد الله بن زياد ، فإنّكم لا تُدركون منهما إلاّ السوء عُمَر سلطانهما كلّه ، إنهما يسمّلان أعينكم ، ويقطّعان يديكم وأرجلكم ، ويمثّلان بكم ، ويرفعانكم على جذوع النخل ، ويقتّلان أماثلكم وقرّاءكم أمثال حُجر بن عدي وأصحابه ، وهاني بن عروة وأشباهه ؛ فسبوه وأثنوا على ابن زياد ، فقال لهم : يا عباد الله إن ولد فاطمة أحق بالود والنصر من ابن سميّة ، فإن كنتم لم تنصروهم فأعيذكم بالله أن تقتلوهم ، فلعمري إن يزيد يرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين عليه السلام .
            فرماه شمر بسهم ، وقال : اُسكت ، أسكت الله نامتك ، أبرمتنا بكثرة كلامك .
            فقال زهير : يا ابن البوال على عقبيه ما إياك أخاطب إنمّا أنت بهيمة ، والله ما أظنك تحكم من كتاب الله آيتين ، وأبشر بالخزي يوم القيامة والعذاب الأليم .
            فقال شمر: إنّ الله قاتلك وصاحبك عن ساعة.
            قال : افا بالموت تخوّفني ! والله للموت معه أحبّ إليّ من الخلد معكم .
            ثم رفع صوته وقال : عباد الله لا يغرّنكم من دينكم هذا الجلف الجافي ، فو الله لا تنال شفاعة محمد قوماً أهرقوا دماء ذريته وأهل بيته وقتلوا من نصرهم وذب عن حريمهم .
            قال : فناداه رجل فقال له : إنّ أبا عبد الله يقول لك : اقبل ، فلعمري لئن كان مؤمن آل فرعون نصح لقومه وأبلغ في الدعاء ، لقد نصحت لهؤلاء وأبلغت لو نفع النصح والإبلاغ . فأمره الحسين عليه السلام فرجع .[19]

            *** شجاعة زهير بن القين :
            عرف زهير في الوسط الكوفي بالبسالة والشجاعة والاقدام ، ومن هنا لمّا خرج يسار مولى زياد بن أبي سفيان !، وسالم مولى عبيد اللّه بن زياد ، فقالا : من يُبارز؟ ليخرج إلينا بعضكم ! فخرج إليهما عبد اللّه بن عمير الكلبي ، فقالا له : من أنت ؟! فانتسب لهما ، فقالا : لا نعرفك ، ليخرج إلينا زهير بن القين ، أو حبيب بن مظاهر، أو برير بن خضير !.[20] . فوثب حبيب بن مظاهر، وبرير بن خضير، فقال لهما الحسين : اجلسا.

            *** زهير بن القين يمنع العدو من الهجوم على خيام حريم الإمام الحسين (ع) :
            روى أبو مخنف عن حميد بن مسلم قال : حمل شمر حتى طعن فسطاط الحسين عليه السلام برمحه وقال : عليّ بالنار حتى أحرق هذا البيت على أهله ، فصاح الحسين(ع) يا بن ذي الجوشن ، أنت تدعو بالنار لتحرق بيتي على أهلي ، أحرقك الله بالنار، وحمل زهير بن القين في عشرة من أصحابه ، فشدّ على شمر وأصحابه ، فكشفهم عن البيوت حتى ارتفعوا عنها ، وقتل زهير أبا عزّة الضبابي من أصحاب شمر و ذوي قرباه . [21] .

            الهجوم الثنائي :
            جاء في بعض المصادر انه استمر القتال بعد قتل حبيب بن مظاهر قبل ظهر عاشوراء ، فقاتل زهير والحر قتالا شديداً ، فكانا إذا شدّ أحدهما واستلحم : شدّ الآخر حتى يخلصه ، ففعلا ذلك ساعة ، ثم شدّت جماعة على الحر ، فقتلوه ، ورجع زهير الى المعسكر . [22] .

            *** زهير بن القين يدافع عن المصلين في ظهر يوم عاشوراء :
            عندما حانت صلاة الظهر يوم عاشوراء أمر الحسين (ع) زهير بن القين وسعيد بن عبد الله الحنفي أن يتقدما أمامه بنصف من تخلف معه ، ثم صلّى بهم صلاة الخوف. [23] .

            *** استشهاد زهير بن القين رحمه الله :
            لما فرغ الإمام الحسين عليه السلام من الصلاة ، تقدّم زهير فجعل يقاتل قتالاً لم يُر مثله ، ولم يُسمع بشبهه ، وأخذ يحمل على القوم ، وهو يرتجز ويقول:

            أنا زهير وأنا ابن القين *** أذودكم بالسيف عن حسين
            إنّ حسيناً أحد السبطين *** من عترة البرّ التقيّ الزين
            ذاك رسول الله غير المين *** أضربكم ولا أرى من شين .

            ثم رجع فوقف أمام الحسين (ع) وقال له :

            فدتك نفسي هادياً مهدياً *** اليوم ألقى جدّك النبيا
            وحسناً والمرتضى علياً *** وذا الجناحين الشهيد الحيا .
            فكأنه ودعه ، وعاد يقاتل ، فشدّ عليه كثير بن عبد الله الشعبي و مهاجر بن أوس التميمي فقتلاه .[24] .

            *** الإمام الحسين (ع) يلعن قتلة زهير بن القين رحمه الله :
            لمّا صرع زهير بن القين ، وقف عليه الإمام الحسين(ع) فقال : لا يبعدنك الله - يا زهير - ولعن قاتلك لَعْنَ الذين مُسخوا قردة وخنازير. [25] .

            *** ذكر زهير بن القين على لسان الإمام في زيارة الناحية :
            ورد السلام عليه في زيارة الناحية :
            السلام على زهير بن القين البجلي القائل للحسين عليه السلام وقد أذن له في الانصراف : لا واللّه ، لا يكون ذلك أبداً ! أأترك ابن رسول اللّه (ص ) أسيراً في يد الأعداء وأنجو أنا !؟ لا أراني اللّه ذلك اليوم .[26] .

            ***************************************
            الهوامش :
            1- تنقيح المقال ج1، ص452-453.
            2- السماوي، محمد؛ أبصارالعين في أنصار الحسين(ع)، ص 161.
            3- السماوي، محمد؛ أبصارالعين في أنصار الحسين(ع)، ص 161.
            4- أعيان الشيعة غ· /غ·غ±.
            5- تنقيح المقال غ²غ¸ /غ³غ²غ³ رقم 8554 .
            6- الأخبار الطوال، ص 246 .
            7- أنساب الأشراف ج3، ص167؛ تاريخ الطبري ج4، ص298 .
            8- أنساب الأشراف ج3، ص167- 168. وتاريخ الطبري ج4، ص 298 ، تنقيح المقال ج1، ص452-453 .
            9- تاريخ الطبري، ج 4، ص 396 والشيخ المفيد، الإرشاد، ج 2، ص 72 - 73؛ فتال النيشابوري، محمد بن حسن، روضة الواعظين، ج 2، ص 178 والحلي، ابن نما؛ مثير الأحزان، صص 46 – 47 .
            10- الأخبار الطوال، ص246-247 .
            11- تاريخ الطبري، ج4، ص299 .
            12- تاريخ الطبري ج4، ص299 . والأرشاد ج 2، ص 73. الكامل في التاريخ ج4، ص42 . مقتل الحسين الخوارزمي ج1، ص323. معجم ما استعجم ج1، ص276. الشيخ المفيد، الإرشاد، ج2، ص73؛ فتال النيشابوري، روضة الواعظين، ج 2، ص 178 و ابن اثير، علي بن أبي الكرم؛ الكامل في التاريخ، بيروت، دار صادر. دار بيروت، 1965م، ج 4، ص 42 .
            13- تاريخ الطبري، ج 4، ص 305 .
            14- أنساب الأشراف ج3، ص171. و تاريخ الطبري، المجلد 4، ص 305، والملهوف، ص 138 .
            15- أنساب الأشراف ج3، ص176. الكامل فى التاريخ ج4، ص51-52. الأخبار الطوال، ص251-252. تاريخ الطبري، جلد 4، ص 309. الأرشاد ج2 صص 83-84 .
            16- الفتوح ج 5 ، ص 177 -178 . أنساب الأشراف ج 3 ، ص 184 . مقتل الحسين الخوارزمي ج 1 ، ص 353 - 354 . تاريخ الطبري، المجلد 4، صص 315-316 .
            17- تاريخ الطبري، المجلد 4، ص 318. الأرشاد ج2 ص92. الملهوف، ص 153.
            18- تاريخ الطبري، المجلد 4، ص 320. أنساب الأشراف ج3، ص187. الأرشاد ج2 ص95. الأخبار الطوال، ص256. الكامل فى التاريخ ج4، ص59. مقتل الحسين عليه السلام، الخوارزمى ج2، ص6- 7 .
            19- تاريخ الطبري، المجلد 4، صص 323-324. الكامل في التاريخ ج4، ص63-64. تاريخ اليعقوبي ج2، ص244-245. أنساب الأشراف ج3، ص188- 189 .
            20- تاريخ الطبري، المجلد 4، ص 327. الإرشاد ج2 ص 101.
            21- تاريخ الطبري، المجلد 4، ص 334. الكامل فى التاريخ ج4، ص69-70. أنساب الأشراف ج3، ص194. الإرشاد ج 2، ص 105.
            22- تاريخ الطبري، جلد 4، ص 336. الكامل فى التاريخ ج4، ص71. أنساب الأشراف ج3، ص195.
            23- مقتل الحسين الخوارزمي ج2، ص20. الملهوف، ص 165.
            24- مناقب آل ابي طالب ج 3، ص 225. تاريخ الطبري، المجلد 4، ص 336. أنساب الأشراف ج3، ص196. الكامل في التاريخ ج4، ص71 .
            25- مقتل الحسين، الخوارزمي ج2، ص23 .
            26- الاقبال ج3، ص77- 78 .

            تعليق


            • #7
              اللهم أرزقني شفاعة الحسين يوم الورود وثبت لي قدم صدقٍ عندك مع الحسين

              وأصحاب الحسين الذين بذلوا مهجهم دون الحسين (عليهم السلام) ..


              سلّمكم ربي ووفقكم اخي واستاذي الفاضل ..

              تعليق


              • #8

                6 - سيرة ناصر الإمام الحسين (ع) عابس بن أبي شبيب الشاكري (رحمة الله عليه ) :
                بسم الله الرحمن الرحيم . اللهم صل على محمد وال محمد
                عابس بن أبي شبيب الشاكري :

                *** الاسم :
                عابس بن أبي شبيب الشاكري ، من أنصار الإمام الحسين (ع) وشهداء كربلاء . ينتمي عابس إلى بني شاكر ، وهم بطن من هَمْدان . كان من الشخصيات البارزة في الكوفة ، كما أنه كان رجلاً خطيباً ناسكاً متهجداً ، عرف عنه انه من أهل العلم والمعرفة والبصيرة والايمان ، وكان من دعاة الحركة الحسينية في الكوفة ارسله مسلم بن عقيل إلى الإمام الحسين في مكة فوافاه بأخبار الكوفة ولازم الإمام الحسين حتى قدومه إلى كربلاء .

                *** النسب :
                نسبه: هو عابس بن أبي شبيب بن شاكر بن ربيعة بن مالك بن صعب بن معاوية بن كثير بن مالك بن جشم بن حاشد. الهمداني الشاكري ، وبنو شاكر بطن من همدان . [1] .

                *** القبيلة :
                كان عابس بن أبي شبيب الشاكري من قبيلة بني شاكر وهم بطن من همدان. وقد عرفوا بأنهم من شجعان العرب وحماتهم ، ولقبيلة عابس بن شبيب ميزات وخصائص عرفها العرب وبالذات أسرة بني شاكر فقد كانوا من شجعان العرب ويلقبون بـ (فتيان الصباح) ويصفهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يوم صفين بقوله (لو تمت عدّتهم الفاً لعبد الله حق عبادته) وكفى بقول أمير المؤمنين عليه السلام شرفاً ورفعةً لهذه القبيلة المؤمنة. [2] .

                *** ولائه للإمام علي (ع) :
                كانت بنو شاكر من المخلصين بولائهم لأمير المؤمنين (ع) ، وكان عابس من خواص أصحاب الإمام علي (ع) والإمام الحسين (ع) ، [3] وكان من رجال الشيعة ورؤسائها ، وكان شجاعاً خطيباً ناسكاً متهجداً . [4] .
                جرح عابس في معركة صفين في جبينه عندما قاتل مع الإمام علي عليه السلام ، وبقي أثر ذلك الجرح حتى آخر حياته.

                *** دفاعه عن الإمام الحسين (ع) :
                بعد أن جاء مسلم بن عقيل إلى الكوفة ، ونزل في دار المختار اجتمع عليه الشيعة ، فقرأ عليهم كتاب الحسين (عليه السلام) فجعلوا يبكون ، فقام عابس بن أبي شبيب ، فحمد الله ، وأثنى عليه ، ثم قال :
                أما بعد ، فإني لا أخبرك عن الناس ، ولا أعلم ما في أنفسهم ، وما أعرك منهم ، ولكن - والله - أخبرك بما أنا موطن نفسي عليه ، والله لأجيبنكم إذا دعوتم ، ولأقاتلن معكم عدوكم ، ولأضربن بسيفي دونكم حتى ألقى الله ، لا أريد بذلك إلاّ ما عند الله . [5] .
                ثم قام حبيب بن مظاهر الأسدي ، وتكلم ، وأعلن عن استعداده في نصرة الإمام ، وكان لكلامهما الدور الرئيسي في مبايعة الناس مع مسلم بن عقيل ، حيث بايعه آنذاك أكثر من ثمانية عشر ألفاً . [6] .

                *** إيصاله كتاب مسلم إلى الإمام (ع) :
                عندما بايع أهل الكوفة مسلم بن عقيل كان في دار المختار ، ثم تحول إلى دار هاني بن عروة وكتب إلى الحسين (عليه السلام) كتاباً يقول فيه : فإن الرائد لا يكذب أهله ، وقد بايعني من أهل الكوفة ثمانية عشر ألفا ، فعجّل بالقدوم حين يأتيك كتابي ، فإن الناس كلهم معك ، ليس لهم في آل معاوية رأي ولا هوى . وأرسل الكتاب مع عابس [7] وقيس بن مسهر الصيداوي . [8] توّجه عابس بن أبي شبيب مع مولاه شوذب نحو مكة لإيصال ذلك الكتاب إلى الإمام الحسين (ع) ، وفي مكة تم دفع الكتاب إلى الإمام (ع) ، و بعد أن دفع ذلك الكتاب إلى الإمام الحسين (ع) التحق عابس بالركب الحسيني ، وبقي برفقته حتى نزل في كربلاء .

                *** موقفه في يوم عاشوراء :
                لما اشتد القتال في يوم عاشوراء ، وقتل مَن قتل من أصحاب الحسين (عليه السلام) جاء عابس الشاكري ومعه شوذب . [9] .
                فقال لشوذب : يا شوذب ، ما في نفسك أن تصنع؟
                قال : ما أصنع ؟! أقاتل معك دون ابن بنت رسول الله (ص) حتى أقتل .
                فقال : ذلك الظن بك ، أما الآن فتقدم بين يدي أبي عبد الله حتى يحتسبك كما احتسب غيرك من أصحابه ، وحتى أحتسبك أنا ، فإنّه لو كان معي الساعة أحد أنا أولى به مني بك لسرني أن يتقدم بين يدي حتى أحتسبه ، فإن هذا يوم ينبغي لنا أن نطلب الأجر فيه بكل ما نقدر عليه ، فإنه لا عمل بعد اليوم ، وإنما هو الحساب .
                فتقدم عابس إلى الحسين بعد مقالته لشوذب ، فسلّم عليه ، وقال :
                يا أبا عبد الله - أما والله - ما أمسى على ظهر الأرض قريب ولا بعيد أعزّ عليّ ولا أحبّ إليّ منك ، ولو قدرت على أن أدفع عنك الضيم والقتل بي أعزّ عليّ من نفسي ودمي لفعلته . السلام عليك يا أبا عبد الله ، أشهد أني على هداك وهدى أبيك.
                ثم مشى بالسيف مصلتا نحو القوم ، وبه ضربة على جبينه ، فطلب المبارزة . [10] .

                *** مبارزته للقتال واستشهاده (رحمه الله) :
                يقول الربيع بن تميم الهمداني وكان في معسكر عمر بن سعد :
                لما رأيت عابسا مقبلاً عرفته ، وكنت قد شاهدته في المغازي والحروب ، وكان أشجع الناس ، فصحت : أيها الناس ، هذا أسد الأسود هذا ابن أبي شبيب ، لا يخرجن إليه أحد منكم ، فأخذ عابس ينادي : ألا رجل ألا رجل ؟! (وهو يطلب مبارزاً لنفسه) ، فلم يتقدم إليه أحد .
                فنادى عمر بن سعد : ويلكم ! ارضخوه بالحجارة . فرمي بالحجارة من كل جانب.
                فلما رأى ذلك ألقى درعه ، ثم شد على الناس ، فكانت له غارات وجولات عديدة ، وينقل أحد رواة حادثة الطف عن جماعة ممن كانوا في المعركة قوله : فو الله لرأيته يطارد أكثر من مئتين من الناس ويقتل منهم إلى أن انعطفوا عليه من حواليه فقتلوه ، واحتزوا رأسه ، فرأيت رأسه في أيدي رجال ذوي عدة ، هذا يقول : أنا قتلته ، وهذا يقول : أنا قتلته ، فأتوا عمر بن سعد ، فقال : لا تختصموا ؛ هذا لم يقتله إنسان واحد ، كلكم قتله ، ففرقهم بهذا القول . [11] .

                *** الإمام (ع) يذكر عابس في الزيارة الرجبية وزيارة الناحية :
                ذُكر عابس في زيارتي الإمام الحسين (ع) الرجبية وزيارة الناحية المقدسة بهذا القول : "السلام على عابس بن شبيب الشاكري". [12] .
                وقد أورد الشيخ عباس القمي في كتابه نفس المهموم : "السلام عليك يا عابس بن أبي شبيب الشاكري أشهد أنك مضيت على ما مضى عليه البدريون والمجاهدون في سبيل الله". [13] .

                ==============================

                الهوامش :
                1- السماوي، إبصار العين، ص 126.
                2 - المحلي، الحدائق الوردية في مناقب الزيدية، ج 1، ص 212.
                3 - الطوسي، الرجال، ص 78.
                4 - السماوي، إبصار العين في أنصار الحسين (ع)، ص 126؛ النمازي الشاهرودي، مستدركات علم رجال الحديث، ج 4، ص 305؛ الحائري الشيرازي، ذخيرة الدارين، ص 249؛ الزنجاني النجفي، وسيلةالدارين، ص 158.
                5 - الطبري، تاريخ الطبري، ج‌ 5، ص‌ 355؛ ابن أعثم الكوفي، الفتوح، ج‌ 5، ص‌ 34؛ السماوي، إبصار العين، ص 127.
                6- الطبري، تاريخ الطبري، ج‌ 5، ص‌ 355؛ البلاذري، أنساب الأشراف، ج2، ص334؛ الدينوري، الأخبار الطوال، ص 231.
                7 - الطبري،تاريخ الطبري، ص 375؛ الزنجاني النجفي، وسيلة الدارين في أنصار الحسين، ص 158.
                8 - الطبري، تاريخ الطبري، ج 6 ص 210؛الأحزان، ابن نما الحلي، ص 32.
                9 - السماوي، إبصار العين، ص 127.
                10 - الطبري، تاريخ الطبري، ص 444؛ ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 4، ص 73؛ ابن كثير، البداية والنهاية، ج 8، ص 185.
                11 - الطبري، تاريخ الطبري، ج 5، ص 444؛ السماوي، إبصار العين، ص 127؛ ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 4، ص 73؛ البلاذري، أنساب الأشراف، ج 3، ص 197؛ ابن نما الحلي، مثير الأحزان، ص 49.
                12- ابن طاوس، إقبال الأعمال، ج 3، ص 79؛ العلامة الحلي، بحار الأنوار، ج 45، ص 73.
                13 - القمي، نفس المهموم، ص 574.

                تعليق


                • #9

                  7 - سيرة ناصر الإمام الحسين (ع) جنادة بن كعب بن الحرث الأنصاري (رحمه الله) .

                  بسم الله الرحمن الرحيم . اللهم صل على محمد وال محمد

                  *** هو جُنادة بن كعب بن الحرث الخزرجيّ ، الأنصاري .
                  وكفى بهذه القبيلة والعشيرة العربية فخراً أنهم حافظوا على العهد الذي أخذه رسول الله (ص) على الأوس والخزرج ليلة العقبة فقال (ص) : تَمنعوني ممّا تَمنعون أنفُسَكم ، وتَمنعون أهلي ممّا تمنعون أهليكم وأولادَكم (1) . بينما تجد بعض من يدعون بأنهم أصحاب رسول الله (ص) يدبرون المحاولات لقتل واغتيال النبي الأكرم (ص) في العقبة !!!
                  ولقد كان لقبيلة الأنصار دور بارز في الوقوف بجانب رسول الله (ص) في جهاده وقتاله للكفار والمشركين في الحروب والغزوات ، وخير شاهد على ذلك ما قامت به نسيبة بنت كعب الانصاري ، حينما قاتلت قتال الرجال الأبطال في يوم احد - رغم أن الجهاد موضوع عن النساء - حتى اصيبت بثلاثة عشر جرحاً والنبي (ص) يصفها فيقول : (( ما التفت يميناً ولا شمالاً الاّ واراها تقاتل دوني ويقول : ان لنسيبة مقاماً خيراً من مقام فلان ؟؟؟ وفلان ؟؟؟ مثلاً المتخاذلين )) .
                  وكما حافظ الأنصار على شخص رسول الله (ص) ونصرته في دعوته ، حافظوا أيضاً على ولائهم لأهل البيت (ع) والتمسك بهم ، والمودّةِ لهم ، والدفاع عنهم ، وكان ذلك ملحوظاً في إسراعهم لبيعة أمير المؤمنين عليٍّ ابن أبي طالب (ع) ، حتى صاروا من طليعة جيشه في حروبه ضدّ : الناكثين والقاسطين والمارقين .
                  ثم تَوارَثت قبيلة الأنصار هذا الولاء الصادق لأهل بيت النبيّ (ص) ، حتى ورّثوه لأبناءهم جيلاً بعد جيل .
                  فقد صاروا من الجنود الأوفياء في معسكر الإمام الحسن المجتبى (ع) ، وفي مقدّمتهم قيس بن سعد بن عُبادة الأنصاريّ المعروف بمواقفه قبال معاوية ابن أبي سفيان (لعنه الله) .
                  وانضم أيضاً الى معسكر جيش الإمام الحسين (ع) عدداً من خيرة الأنصار ومنهم :
                  1 ـ عَمرو بن قرظة الأنصاريّ .
                  2 ـ عبدالرحمان بن عبد ربّه الخزرجيّ الأنصاريّ .
                  3 ـ نعيم بن العَجْلان الخزرجيّ الأنصاريّ .
                  4 ـ سعد بن الحرث العجلانيّ الأنصاريّ .
                  5 ـ أبو الحُتوف بن الحرث الأنصاريّ .
                  6 ـ جُنادة بن كعب الخزرجيّ الأنصاريّ ( صاحب هذه السيرة العطرة ) ، وابنه عمرو بن جُنادة الأنصاريّ ، وزوجة جُنادة بَحريّة بنت مسعود ( الخزرجيّة الأنصاريّة ) . (2) وذكَر علماءُ السِّيرَ بأنّ جنادة بن كعب الأنصاري كان من الشيعة ، ومن المخلصين في الولاء ، وممّن صَحِب الإمام الحسينَ (ع) مِن مكّة وجاء معه هو وأهله إلى كربلاء .
                  وقد ثبتَ هؤلاء الأنصار على ولاية آل بيت رسول الله (ص) ، والبراءة من أعدائهم ، فقدّموا أنفسهم وأرواحهم ، ودمائهم ، وفلذات أكبادهم من أولادهم لنصرة سيّد شباب أهل الجنّة أبي عبد الله الحسين صلوات الله عليه ، ومنهم جُنادة بن كعب الأنصاريّ رضوان الله عليه .

                  *** موقف الأسرة المجاهدة في يوم عاشوراء :
                  أ- موقف جنادة بن كعب الأنصاري وشهادته (رحمه الله) :
                  في صباح يوم العاشر من المحرّم لعام 61 هجريّة ، صلّى الإمام الحسين (ع) بأصحابه صلاة الفجر، ثمّ خطبهم قائلاً : (( إنّ الله قد أذِنَ في قتلكم ؛ فعليكم بالصبر )) . (3) .
                  ثمّ صَفّهم للحرب ، وكانوا نَيفاً وسبعين رجلاً ، عندها توجّه نحو عسكر عمر بن سعد خطيباً وواعظاً ، ((لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بيّنة ، وَيَحْيَ مَن حَيَّ عَنْ بيّنة )) (4)، فخشيَ ابنُ سعد أن يؤثّر الإمام الحسين (ع) على الموقف ببيانه وحُججه ، فانبرى شمرُ بن ذي الجَوشَن يكلّم الحسينَ (ع) بلغةٍ جافّة ، فردّ عليه حبيبُ بن مظاهر الأسديّ غَيرةً منه على حُرمة إمامه . ثمّ استمرّ أبو عبد الله الحسين سلام الله عليه في خطبته ، وسمح لبعض أصحابه بإلقاء خُطبهم على جيش عبيد الله بن زياد حتّى نَفِد صبرُ ابن سعد ، فتقدّم نحو عسكر الحسين (ع) ورمى بسهمٍ وقال : اشهَدوا لي عند الأمير ( يقصد أميره عُبيدَ الله بن زياد ) أنّي أوّل مَن رَمى ! ثمّ رمى الناس ، فلم يَبقَ من أصحاب سيّد الشهداء (ع) أحدٌ إلاّ أصابه من سِهامهم . فنادى (ع) بأصحابه : (( قُوموا ـ رَحمَكم الله ـ إلى الموت الذي لابدّ منه ؛ فإنّ هذه السِّهامَ رُسُل القوم إليكم )) .
                  و ينقل الشيخ المجلسيّ عن ( مناقب آل أبي طالب ) أنّ جُنادَة بن الحارث الأنصاريّ كان قد خرج وهو يقول:
                  أنا جُنادٌ وأنا ابـنُ الحـارِثْ لَسـتُ بَخـوّارٍ ولا بنـاكِثْ
                  عن بَيعَتي حتّى يَرِثْني وارِثْ اليومَ شِلْوي في الصعيد ماكِثْ . (5).
                  وقال الشيخ عبد الله المامقانيّ معرّفاً بهذا الشهيد البطل :
                  فلمّا كان يومُ الطفّ ، وشَبَّ القِتالُ وحَمَل أهلُ الكوفة على عسكر الحسين (ع) ، حملَ أصحاب وأنصار الإمام الحسين (ع) الأوفياء حملةً واحدة ، واقتَتَلوا ساعة . فما انجَلَتِ الغُبرةُ إلاّ عن خمسين شهيداً ، كان مِن بينهم الشهيد البارّ : جُنادةُ بن كعب الأنصاريّ رضوان الله تعالى عليه . (6) فقاتَلَ قتال الأبطال حتّى نال شرفَ الشهادة في الحملة الأُولى (7).

                  ب - موقف عمرو بن جنادة الأنصاري - ابن الشهيد - وشهادته :
                  وبينما كان الإمام الحسين (ع) يرتّب البقيّة الباقية من أصحابه الذين لم يُستَشهَدوا في الحملة الأولى . إذا بغلامٍ ابنِ إحدى عشرةَ سنة يحمل السلاح وقد قُصِّرتْ له حَمائلُ السيف ، وهو عمرو بن جنادة . أقبَل على الإمام الحسين (ع) يستأذنه للدخول إلى ميدان المعركة ، فأبى سيّد الشهداء وقال : هذا غُلامٌ قُتِل أبوه في الحملةِ الأُولى ، ولعلّ أُمَّه تكره ذلك . قال الغلام : إنّ أُمّي هي التي أمَرَتْني .
                  وكتب الشيخ باقر شريف القرشيّ في مدح ولد هذا الشهيد : وبرَزَ الفتى النبيل عمرُو بن جُنادة الأنصاريّ ، وهو أصغر جُنديٍّ في معسكر الحسين عليه السلام ، ولكنّه كان يفوق في عقله ودِينهِ مَن في معسكر عمر بن سعد (8).
                  والمروي في ( بحار الأنوار ) للشيخ المجلسيّ ، برواية محمّد بن أبي طالب : ثمّ خَرَج شابٌّ قُتِل أبوه في المعركة ، وكانت أمُّه معه فقالت له : اخرُج يا بُنَيّ وقاتِلْ بين يَدَي ابنِ رسول الله . فخرج ، واستأذن الحسين (ع) ، فقال الإمام (ع) : هذا شابٌّ قُتِل أبوه ، ولعلّ أُمَّه تكره خروجَه . فقال الشابّ : أُمّي أمرَتْني بذلك . فأذن له ، فبرَزَ وهو يقول :
                  أميـري حُسَينٌ ونِعْـمَ الأميرْ سُرورُ فؤادِ البَشـيرِ النذيـرْ
                  علـيٌّ وفــاطمـةٌ والِـداه فهل تَعلمونَ له مِن نَظيرْ ؟!
                  له طَلْعَةٌ مِثْلُ شمسِ الضحى له غُـرّةٌ مِثْلُ بَـدرٍ منيـرْ .
                  قال : ثمّ خرج لساحة القتال مرتجزاً وهو يقول :
                  أضِقِ الخِناقَ مِن آبنِ هندٍ وآرمِهِ مِن عامـهٍ بفـوارسِ الأنصـارِ
                  ومهـاجرينَ مُخَضِّبينَ رِمـاحَهُم تحت العَجـاجةِ مِـن دمِ الكفّـارِ
                  خُضِبَت على عهـدِ النبيِّ محمّدٍ فاليـومَ تُخضَبُ مِـن دم الفُجّارِ
                  واليومَ تُخضَب مِن دمـاءِ أراذلٍ رَفَضوا القُـرانَ لنُصرةِ الأشرارِ
                  طَلَبوا بثـأرِهـمُ ببـدرٍ إذْ أتَـوا بالمُـر هَفـاتِ وبالقَنـا الخَطّـارِ
                  واللهِ ربّـي لا أزالُ مُضـارِبـاً في الفاسقينَ بمُـرهَفٍ بَتّارِ . (9) .
                  وقاتَلَ فما أسرَعَ أن قُتِل هذا الغلام وجُزَّ رأسُه ورُميَ به إلى جهة عسكر الإمام الحسين (ع) .

                  ج- موقف أم الشهيد عمرو بن جنادة في يوم عاشوراء :
                  حَمَلَتْ الأم رأسَ ولدها الشهيد ومسحت الدم عنه وقالت : أحسَنتَ يا بُنيّ ، يا سُرورَ قلبي وقُرّةَ عيني . ثمّ رَمَتْ برأسِ ابنها رَجُلاً من جيش ابن سعد كان قريباً منها فقتلَتْه (10) ، وعادت أمّ عمرو إلى المخيّم وأخَذَت عمود الخيمة لتقاتل به ، وقيل سيفاً وحملت عليهم وأنشأت وهي تقول :
                  إنّي عجوزٌ في النِّسا ضَعيفة خـاويـةٌ بـاليـةٌ نحيفـة
                  أضـرِبُكُم بضـربةٍ عنيـفة دونَ بنـي فاطمةَ الشـريفة .
                  فأصابت بالعمود رَجُلين (11) . وقيل أنها ضَربَتْ رجُلَينِ بالعمود فقَتلَتْهما ، فأمرَ الحسينُ (ع) بصرفها وردها الى الخيمة ، ودعا لها . (12).

                  *********
                  الهوامش :

                  1 ـ إعلام الورى بأعلام الهدى للشيخ الطبرسيّ ص 60 . وتمنعون هنا بمعنى : تَحمون وتُجيرون.
                  2 ـ إبصار العين في أنصار الحسين للشيخ محمّد السماويّ ص 110 ـ 113.
                  3 ـ كامل الزيارات لابن قولويه ص 73.
                  4 ـ سورة الأنفال / الآية 42.
                  5 ـ بحار الأنوار ج 45 / ص 28. والشِّلْو: العُضو ، والبقيّة من كلّ شيء.
                  6 ـ الخطط المقريزيّة للمقريزيّ ج 2 / ص 287 - اللهوف في قتلى الطفوف للسيّد ابن طاووس ص 43 ـ 44.
                  7 ـ تنقيح المقال ، لعبد الله المامقاني ج1/ ص 234.
                  8 ـ حياة الإمام الحسين عليه السّلام ج3 /ص 233.
                  9 ـ بحار الأنوار ج 45/ ص28 .
                  10 ـ مقتل الحسين عليه السّلام للخوارزميّ ج 2 / ص 22 - مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب ج2 / ص 219. وليس هذا بالبعيد بعدما حدّث الشيخ المفيد في كتابه ( الجمل ص 137 ) أنّ حكيم بن جبلة العَبديّ لمّا قُطعتْ رِجلْه ضرب بها ضارِبَه فصَرَعه . وفي ( تاريخ الطبريّ ج5 / ص 180) و ( الكامل في التاريخ لابن الأثيرج3 / ص 35) بعد أن قتل الرجلَ قال :
                  يا فَخذُ لن تُراعي * إنّ معـي ذِراعي * أحمي بها كراعي .
                  وقال ابن الأثير في ( الكامل ج2/ ص140) : قطع رَجلٌ من أصحاب مُسلِمة رِجْلَ ثابت بن قيس ، فأخذها ثابت وضرب بها الرَّجلَ فقتله ) .
                  11 ـ مقتل الحسين عليه السّلام للخوارزميّ ج 2/ ص22. وفي ( الإصابة في تمييز الصحابة ) لابن حجر العسقلانيّ ـ في ترجمة أسماء بنت يزيد بن السَّكَن ـ أنّها يومَ اليرموك أصابت بالعمود تسعةً من الروم ، فقتلتهم .
                  12 ـ بحار الأنوار ج45/ ص 27 - 28 .

                  السلام على الحسين وعلى علي ابن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين عليه السلام ورحمة الله وبركاته .

                  تعليق

                  المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                  حفظ-تلقائي
                  Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
                  x
                  يعمل...
                  X