إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

سؤال : لماذا يأذن الإمام الحسين (عليه السّلام) لأصحابه بالتفرّق عنه ؟

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سؤال : لماذا يأذن الإمام الحسين (عليه السّلام) لأصحابه بالتفرّق عنه ؟


    بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم أجمعين الى قيام يوم الدين .

    إن كثيرا ما يدور هذا السؤال في الأذهان ويترك أثر الاستفهام في البال وهو : لماذا أذن الإمام الحسين لأتباعه وأصحابه الذين خرجوا معه وانضموا إليه من مختلف الأمصار والبلدان أن يتفرّقوا عنه في كربلاء في ليلة عاشوراء قبل يوم القتال وهو في أمس الحاجة إلى الاستكثار من الأعوان لمحاربة الفاسدين والفاسقين والمنافقين والظلام ؟؟؟

    الجواب :
    من المعلوم أن الذين التحقوا بالإمام الحسين (عليه السلام) في بداية الأمر قد بلغ عددهم ستة آلاف رجل تقريباً وكان أكثر هؤلاء من الأعراب وأهل الأطماع والمرتزقة ، وغايتهم كانت هي اتباع القادة والدخول في الحروب - لا لأجل القتال - طمعاً في الغنائم والمناصب والأرزاق ، وكانوا قد التحقوا بالحسين في أثناء طريقه الى كربلاء ، علماً منهم بأنّ الحسين قادم على بلد قد دان له جميع أهلها بالطاعة والولاء والبيعة بالإجماع ، وسوف ينتصر بهم حتماً ويصلون باتّباعه إلى المغانم والأرباح والمناصب.
    وكان الإمام الحسين يعرف ذلك في نفوسهم ، ويعلم ما يدور في ضمائرهم ولمّا تجلّى غدر أهل العراق وظهور انقلابهم على الإمام الحسين ، وقتلهم سفيره الى الكوفة مسلم بن عقيل (عليه السّلام) ، وقتل رسوليه عبد الله بن يقطر وقيس بن مسهر الصيداوي (رحمهما الله تعالى) ، عند ذلك تغيّر مجرى الثورة الحسينية وتحوّلت من حرب هجومية متكافئة ، وجهاد منظم مفروض حسب المقاييس الشرعية إلى حرب فدائية استشهادية ليس فيها أمل في الانتصار العسكري ، وإنّما المقصود منها التضحية والشهادة ؛ لغرض التوعية وتنبيه الرأي العام ، ولفت الأنظار إلى حقيقة الحكم القائم والواقع المزري للزمرة الحاكمة .
    وبما أنّ ثورة الإمام الحسين كانت لأجل إحقاق الحقّ والعدل والخير والإصلاح ، والقضاء على الباطل ، والظلم ، والشر، والفساد . وترتكز في مبادئها على الصراحة والصدق والواقعية ، وتأبى الكذب والانتهازية واللف والدوران .
    فقد كره الإمام الحسين أنْ يترك أتباعه غافلين عن هذا التغير ، وجاهلين لهذا التحوّل المصيري الهام ؛ خوفا أنْ يُباغتوا بالمصير الذي لا يرغبون فيه فيسلّموه عند الوثبة ، ويُهزمون من الميدان عند اللقاء ، ويتفرّقون عنه ساعة بدء المعركة ، وفي ذلك وهن كبير يصيب معنوية القائد ، ويضعف مقاومة المخلصين من أصحابه . وإنّ الإذن والإجازة لهم بالانصراف ليلاً إذا رغبوا بذلك كانت من الإمام الحسين بالنسبة لهم :
    أولاً : لاختبار وامتحان الأشخاص المتواجدين حوله .
    ثانياً : بمثابة تصفية وغربلة للأشخاص الذين كانوا بصحبته ، وفعلاً عندما سمع بعضهم إذن الإمام الحسين لهم بالتفرق وتأكدوا بأن الحرب مع الإمام الحسين لا تحصد فيها الغنائم بل تحصد فيها الأرواح تفرّقوا عنه قبل لقاء العدو حتّى لمْ يبقَ معه منهم إلاّ القليل الذين لا يتجاوز عددهم النيف وسبعين رجلاً ، بعد أن كانوا ستة آلاف رجل قبل ليلة عاشوراء وفي ليلة عاشوراء نقص عددهم إلى ما يقارب ثلاث مائة رجل ، كلّ منهم فدائي مخلص للحسين (عليه السّلام) بايعوه على الموت ، واختاروا الشهادة معه على الحياة ، والقتل معه على البقاء في الدنيا .
    ولقد اختبرهم الإمام الحسين مراراً وتكراراً فما وجد فيهم إلاّ الأشوس الأقعس ، الذين يستأنسون بالمنيّة دون الحسين كاستئناس الطفل بلبن اُمّه ، حسب وصف الإمام الحسين لهم .
    فجزاهم الله عن الإسلام وأهله خيرالجزاء ؛ لقد سجّلوا بموقفهم هذا رقماً قياسياً خالداً ، وضربوا أروع مثال للتضحية في سبيل الكرامة والعمل الفدائي الصحيح ، ألا هكذا فليكن الفداء وإلاّ فلا .
    فهم قدوة كلّ عمل فدائي مثمر ومخلص ، ولا يمكن أن ينجح أي عمل فدائي ما لمْ يكن الحسين (عليه السّلام) وأصحابه مثله الأعلى وقدوته المُثلى ؛ إخلاص للقضية ، واستصغار لكلّ غال وعزيز في سبيلها ودون تحقيقها .
    وأخيراً نقول : إنّ الحسين (عليه السّلام) حافظ على قدسية ثورته ونبل نهضته وشرف تضحيته بذلك العمل ، بأنْ أبعد عنها الأوباش وأهل الأطماع والانتهازيين ؛ عملاً بمضمون الآية الكريمة : ( وَمَا كُنتُ مُتّخِذَ الْمُضِلّينَ عَضُداً ). (1) . وعملاً بالقاعدة المعروفة : فاقد الشيء لا يعطيه .
    أجل ، إنّ شرف كلّ ثورة يتوقّف إلى حدّ كبير على شرف الثائرين فيها وحسن نواياهم وإخلاص نياتهم ، ثمّ إنّ الإصلاح لا يأتي على أيدي غير الصالحين ، وهذا من أعظم الدروس نفعاً للأجيال في ثورة الإمام الحسين (عليه السّلام) .

    السلام على الحسين وعلى علي ابن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين .
    ________________________________________

    (1) سورة الكهف / 51 .
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X