إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

⚘حب الحسين عليه السلام ⚘

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ⚘حب الحسين عليه السلام ⚘

    ♡♡حبُّ الحسين(ع)♡♡


    تساؤل يدور في أذهان الناس، وجوابه يحدّد مسيرة الإنسان في الحياة، ويُشبع ما غرزه الله في النفس الإنسانيّة من عشق الكمال والسعي نحو السعادة. وقد أتى هذا الجواب في كلام الله القرآنيّ ليحدِّد مكمن السعادة الإنسانيّة:

    }وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ{[1].

    ففي عبادة الله كمال الإنسان وسعادته، لكنّها ليست العبادة التي تقتصر على مراسم طقوسيّة يكرِّرها الإنسان في حياته، بل هي العبادة التي تشمل كلّ شؤون الحياة الإنسانيّة، والتي من خلالها يكون الإنسان خليفة الله على الأرض.

    من هنا كانت «العبوديّة» أشرف مرتبة وأرقى وسام للإنسان لأنّها تعني كماله، وهذا ما يُفهمنا سرَّ شهادتنا لمحمّد(ص)بالعبوديّة قبل أن نشهد له بالرسالة، في قولنا ونحن نصلّي «أشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله» فمحمّد(ص)لو لم يكن عبداً لله لما كان رسولاً له.

    ¤العبوديّة = الحريّة¤

    فالعبوديّة تعني التحرُّر من أغلال الشيطان وحبائل النفس والهوى، فما أبلغ قولَ الله تعالى، وهو يحدثنا عن قصّة امرأة عمران التي نذرت أن يكون ما في بطنها عبداً لله، خادماً في بيت المقدس، فقال تعالى يحكي نَذْر هذه المرأة المؤمنة }إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا{[2]، كانت هذه المرأة العظيمة تفهم معنى العبوديّة لله، فوصفت مولودها في عبوديته لربِّه وخدمته بيت الله أنّه محرَّر، إنّها الحريّة الحقيقيّة التي ترقى بالإنسان إلى قاب قوسين أو أدنى.

    ¤العبوديّة و«بِشْر الحافي»¤

    وشتان بين امرأة عمران وبين تلك الجارية التي كانت لأحد الفاسقين المشتغلين بالملاهي ويدعى «بِشْر»، فقد ورد أنّ الإمام موسى الكاظم(ع)مرَّ أمام دار بِشْر فسمع منها الغناء واللّهو، ورأى على باب الدار جارية، فقال لها:

    - أيّتها الجارية، مولاك حرٌّ أم عبد؟

    فقالت: حرّ.

    فقال(ع): صدقتِ، لو كان مولاك عبداً لعمل بمقتضى العبوديّة، وخاف الله تعالى.

    فذهبت الجارية إلى داخل الدار، وأخبرت بِشْراً بذلك، فأثّر فيه هذا الكلام وخرج حافياً إلى خارج الدار، وجعل يركض خلف الإمام حتى وصل إليه، فوقع على قدميه، وتاب على يده وأناب وبقي حافياً طول عمره[3].

    ¤العبوديّة في العاطفة¤

    وعبوديّة الإنسان لله تعالى لا تقتصر وتنحصر بعمل الجسد، بل تشمل تعلّق القلب وعاطفة الإنسان، فحتّى يكون الإنسان عبداً لله يجب عليه أن يُخضِعَ عاطفته لله، فلا يُحبُّ إلاَّ من يرضى الله بحبّه، ولا يُبغض إلاَّ من يرضى الله ببغضه. من هنا ذكرت بعض الروايات أثراً لحبّ الإنسان، ففي الحديث الشريف عن النبيّ (ص): «يا علي، لو أنّ رجلاً أحبَّ في الله حجراً لحشره الله معه»[4].

    وقد حدَّد نبيُّ الإسلام ميزان الحبّ والبغض حينما قال - في ما ورد عنه: «أَوثَقُ عُرى الإيمان أن تُحبّ في الله وتُبغض في الله»[5].

    وعلى أساس هذه الضابطة حُدِّد الأحباء بعد الله تعالى الذين يجب على المؤمن أن يتوجّه بعاطفته نحوهم:

    ا♡لأحبّاء♡

    فأوّلهم رسول الله محمّد(ص)فقد ورد عنه(ص): «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين»[6].

    وتحدَّث القرآن الكريم عن حبٍّ يلي حبَّ النبيّ (ص)ويسأل الله عنه مقابل أجر رسالة الإسلام وذلك في قوله تعالى: }قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى{[7].

    وقد أجمع الشيعة ووافقهم ثُلَّة من علماء أهل السُنَّة أنّ المراد من القربى هنا هم أهل بيته الأطهار؛ ففي الرواية عن ابن عباس: «لمّا نزلت هذه الآية }قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى{ قالوا: يا رسول الله، من قرابتك هؤلاء الذين وجبت مودّتهم؟ قال(ص): علي وفاطمة وولداها»[8].

    وتكاثرت الأحاديث عن النبيّ (ص)في حبّ أهل بيته الطيّبين، وذلك في توجيه للمسلمين أن يرتبطوا بها بقلوبهم ليكون ذلك مدخلاً لطاعتهم في ولايتهم الإلهيّة.

    ومن تلك الأحاديث الواردة في حبّ آل محمّد(ص)ما رواه الزمخشري صاحب الكشّاف عن النبيّ (ص)أنه قال:

    «ألا مَن مات على حبّ آل محمّد مات شهيداً».

    ألا مَن مات على حبّ آل محمّد مات مغفوراً له.

    ألا مَن مات على حبّ آل محمّد مات تائباً.

    ألا مَن مات على حبّ آل محمّد مات مؤمناً مستكمل الإيمان.

    ألا مَن مات على حُبّ آل محمّد بشَّره ملك الموت بالجنّة ثمّ منكر ونكير.

    ألا مَن مات على حبّ آل محمّد يُزفّ إلى الجنّة كما تُزفُّ العروس إلى بيت زوجها.

    ألا مَن مات على حبّ آل محمّد فُتح له في قبره بابان إلى الجنّة.

    ألا مَن مات على حبّ آل محمّد جعل الله قبره مزار ملائكة الرحمة.

    ألا مَن مات على حبّ آل محمّد مات على السنَّة والجماعة.

    ألا ومَن مات على بُغض آل محمّد جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه آيسٌ من رحمة الله.

    ألا ومَن مات على بُغض آل محمّد لم يشمَّ رائحة الجنّة[9].

    وبيَّن النبيّ (ص)أنّ حبّ أهل البيت (عليهم السلام)فريضة في الدنيا يُسأل عنها كلّ عبد يوم القيامة، فقال(ص): «لا تزول قدم عبدٍ يوم القيامة من بين يدي الله حتى يسأله عن أربع خصال:

    1 - عمرك فيما أفنيته؟

    2 - وجسدك فيما أبليته؟

    3 - وعن مالك من أين اكتسبته وأين وضعته؟

    4 - وعن حبّنا أهل البيت[10].

    وتحدّث النبيّ (ص)عن حبّ أهل البيت(عليهم السلام)الذي يسمو بالإنسان يوم القيامة ليجعله في درجة النبيّ الأكرم(ص)، فقد روى أحمد بن حنبل والترمذي «وهما من كبار علماء أهل السنَّة» أنّ النبيّ (ص)أخذ بيد الحسن(ع)والحسين(ع)وقال: «من أحبّني وأحبَّ هذين وأباهما وأمّهما كان معي في درجتي يوم القيامة»[11].

    من هنا ذكر العلماء أنّ حبَّ أهل البيت هو ضرورة دينيّة منكرها كافر خارج عن الإسلام، ولذا كان أئمّة أهل السنَّة يتغنّون بحبّ أهل البيت (عليهم السلام)، حتى قام إمام الشافعيّة منشداً:

    يا راكباً قِفْ بالمحصَّبِ من مِنًى‏
    واهتِفْ بساكنِ خَيْفِها والناهِضِ‏
    سَحَراً إذا فاضَ الحجيجُ إلى مِنًى‏
    فيْضاً كما نَظْمِ الفُراتِ الفائضِ‏
    إنْ كان رَفْضاً حُبُّ آل محمَّدٍ
    فَلْيشهَدِ الثَّقَلانِ أنّي رافضي[12]

    ♡حبّ عليّ(ع)♡

    وركَّز النبيّ (ص)في أحاديثه على حبّ أوّل أهل بيته وأبي الأئمّة المعصومين أمير المؤمنين ومولى الموحّدين عليّ بن أبي طالب(ع)فربط (ص)قبول أعمال المسلمين بحبّه حينما قال: «من أحبَّ عليّاً قَبِل الله منه صلاته وصيامه وقيامه واستجاب دعاءه».

    وتابع النبيّ (ص)يقول: «ألا ومن أحبَّ عليّاً أعطاه الله بكلّ عِرْق في بدنه مدينة في الجنّة»[13].

    وبيَّن النبيّ (ص)في أحاديثه أنّ أعمال الإنسان بدون ولاية عليّ(ع)لا يستحقّ بها الجنّة، فقال(ص): «يا عليّ، لو أنّ عبداً عَبَدَ الله عزَّ وجلَّ مثل ما قام نوح في قومه، وكان له مثل أُحُد ذهباً، فأنفقه في سبيل الله، ومدَّ في عمره حتى حجَّ ألف عام على قدميه، ثُمَّ قُتِلَ بين الصفا والمروة مظلوماً ثمّ لم يوالك يا عليّ، لم يشمّ رائحة الجنَّة ولم يدخلها»[14].

    ومن منطلق هذه الأحاديث أنشد المحقّق الطوسي رحمه الله قصيدته المشهورة:

    لو أنَّ عبداً أتى بالصالحاتِ غداً
    وودَّ كلَّ نبيٍّ مرسلٍ وولي‏
    وصامَ ما صامَ صوَّامٌ بلا مَللٍ‏
    وقامَ ما قامَ قوَّامٌ بلا كَسلِ‏
    وحجَّ ما حجَّ من فرض ٍ ومن سُننٍ‏
    وطاف ما طاف حافٍ غيرُ منتعلِ‏
    وطارَ في الجوِّ لا يأوي إلى أحدٍ
    وغاصَ في البحر مأموناً من البللِ‏
    يكسو اليتامى من الدّيباجِ كلَّهُمُ‏
    ويُطعم الجائعين البُرَّ بالعسلِ‏
    وعاش ما عاش آلافاً مؤلَّفةً
    خالٍ من الذنب معصومٌ من الزلل‏
    ما كان في الحَشر عند الله منتفعاً
    إلاَّ بحبِّ أمير المؤمنين عليّ[15]

    وتحدّث النبيّ (ص)عن علاقة الحبّ بعليّ(ع)، تلك العلاقة التي تنفع الإنسان في مسيرته في عالم الآخرة، فيكون عليّ(ع)مع محبِّه في بداية رحلة الموت، ينقذه حبه لعليّ(ع)كما أنقذ حبّ عليّ(ع)شاعر أهل البيت (عليهم السلام)إسماعيل الحميري الذي اجتمع حوله وهو يحتضر شيعة وناصبة، فإذا بنقطة سوداء ترتسم في وجه إسماعيل لتنتشر ويصبح وجهه أسود واغتمَّ الشيعة لذلك، إنّها آثار المعاصي تبدو على وجهه، لكن ما هي إلاَّ لحظات حتى ظهرت بارقة نور في وجه إسماعيل أخذت تنتشر فيه ليشرق لونه نوراً وبهاءً. ما الأمر؟ ماذا حدث؟ لقد جاءه المنقذ؟ لقد رأى عليّاً(ع)، وأنشد إسماعيل يُعبِّر عمّا جرى له:

    كَذِب الزَّاعمون أنَّ علياًّ
    لن يُنَجِّي محبَّه من هَناتِ‏
    قد وَربي دخلتُ جنَّة عدنٍ‏
    وعَفا لي الإلهُ عن سيِّئاتي‏
    فابشروااليومَ أولياءَ عليٍّ‏
    وتوَلَّوا عليّاً حتى الممات‏
    ثمّ من بعده توَلَّوا بنيه‏
    واحداً بعدَ واحد بالصّفات[16]

    ومات إسماعيل الحميري مشرق اللّون لحبّه وولائه لعليّ، وكيف لا! وقد أخبرنا حبيبنا المصطفى (ص): «إن ملك الموت يترحَّم على محبِّي عليّ بن أبي طالب كما يترحَّم على الأنبياء (عليهم السلام)»[17].

    ♡سعادة محبّ عليّ(ع) في الآخرة♡

    وتابع النبيّ (ص)يخبر عن السعادة التي يتلقّاها محبّ عليّ(ع) فقال - في ما ورد عنه - : «إنّ السّعيد كلّ السَّعْد من أحبَّ عليّاً(ع) في حياته وبعد موته...»[18].

    وأقبل النبيّ (ص)ذات يوم بوجهه على عليّ بن أبي طالب(ع) فقال: ألا أبشّرك يا أبا الحسن؟ قال(ع): بلى يا رسول الله، قال (ص): هذا جبرئيل يخبرني عن الله تعالى أنّه أعطى شيعتك ومحبّيك سبع خصال:

    1 - الرفق عندالموت.

    2 - والأنس عند الوحشة.

    3 - والنور عند الظلمة.

    4 - والأمن عند الفزع.

    5 - والقسط عند الميزان.

    6 - والجواز على الصراط.

    7 - ودخول الجنّة قبل سائر الناس، نورهم يسعى بين أيديهم وبإيمانهم[19].

    وهناك في مشاهد النور يوم القيامة يَعرف الناس مقام حبّ الأمير(ع) ويتذكّر السامعون لأقوال النبيّ (ص)قوله: «لو اجتمع الناس على حبّ عليّ بن أبي طالب لما خلق الله النار»[20].

    ☆وما أجمل قولَ الشاعر:☆
    ولايتي لأميرِ النَّحْلِ تكفيني‏
    عند المماتِ وتغسيلي وتكفيني‏
    وطينتي عُجِنَتْ من قبلِ تكويني‏
    بحبِّ حيدرْ، فكيف النارُ تكويني؟!‏

    ♡حبُّ الحسين(ع)♡

    وكما علَّم النبيّ (ص)المسلمين حبَّ عليّ(ع) ركَّز في تعليمه على حبِّ سبطه الحسين فكان يقول (ص)على مسامع المسلمين: «حسين منّي وأنا من حسين، أحبَّ الله من أحبَّ حسيناً»[21].

    واللّافت في هذا الحديث هو قول النبيّ (ص)«وأنا من حسين»، فكون الحسين(ع) من النبيّ (ص)أمر طبيعي، ولكن كيف يكون النبيّ (ص)من الحسين(ع)؟ إنّه (ص)يشير إلى المهمّة الإلهيّة الكبرى للحسين(ع) في كربلاء والتي من خلالها حافظ على الإسلام، لذا عقَّب الكلام بقوله: أحبَّ الله من أحبَّ حسيناً، من هنا واصل النبيّ (ص)تعليم المسلمين حبَّ الحسين(ع) فكان يقول لهم: «من أحبَّ أن ينظر إلى أحبِّ أهل الأرض إلى أهل السماء فلينظر إلى الحسين(ع)»[22].

    وكان (ص)يأخذ بيد سبطه الحسين(ع) ويقول: «أيّها الناس، هذا الحسين بن علي فاعرفوا، فوالذي نفسي بيده إنّه لفي الجنّة، ومحبّيه في الجنّة، ومحبّي محبّيه في الجنّة»[23].

    ♡مظاهر حبّ النبيّ (ص)للحسين(ع)♡

    لم يكن النبيّ (ص)يدعو إلى حبّ الحسين(ع) بلسانه فقط، بل كان المسلمون يرون منه حبّاً كبيراً لسبطه الحسين(ع)، فكان النبيّ (ص)يصلّي بالناس جماعةً والحسين الطفل يركب ظهره ثمّ يُنزلُه النبيّ ثم يرجع إلى ركوب ظهره ثمّ ينزله النبيّ (ص)بوداعته الحنونة إلى أن ينهي الصلاة، وقد أثَّر هذا المشهد بأحد اليهود حينما رأى ذلك فأعلن إسلامه[24].

    وفي ذات مرّة كان النبيّ (ص)يخطب على المنبر، إذ خرج الحسين(ع) فوطى‏ء في ثوبه فسقط فبكى، فنزل النبيّ (ص)عن المنبر وضمَّه إليه[25]. ورأى المسلمون النبيّ الأعظم (ص)يحبو للحسن والحسين وهما على ظهره وهو يقول: «نِعْمَ الجملُ جملُكما، ونِعْمَ العِدْلانِ أنتما»[26].

    وتُحدّثنا أمُّ سلمة أنّها رأت رسول الله (ص)يُلبس ولده الحسين(ع) حلَّة ليست من ثياب الدنيا، فقالت له: يا رسول الله، ما هذه الحلَّة؟ فقال (ص): هذه هدية أهداها إليَّ ربِّي للحسين(ع)، وإنّ لُحمتها من زغب جناح جبرئيل، وها أنا أُلبسه إيّاها، وأزيّنه بها، فإنَّ اليوم يوم الزينة وإنّي أحبُّه»[27].

    ¤إبراهيم(ع) فداء الحسين(ع)¤

    وفي قصّة رواها أحد الصحابة ترسم حبّ النبيّ (ص)للحسين(ع) بأسمى وأرقى حبّ عرفته البشريّة، فقد روى هذا الصحابيُّ أنّه دخل على النبيّ (ص)وكان واضعاً الحسين(ع) الطفل على فخذه الأيمن وابنه إبراهيم على فخذه الأيسر فقال النبيّ (ص)له: (أتاني جبرائيل من ربي) فقال لي: (يا محمّد إنّ ربك يقرؤك السلام ويقول لك: «لست أجمعهما لك، فافدِ أحدهما بصاحبه، فنظر النبي (ص)إلى إبراهيم فبكى ثم قال: (إنّ إبراهيم متى مات لم يحزن عليه غيري، وأمّ الحسين فاطمة، وأبوه علي ابن عمي لحمي ودمي، ومتى مات حزنت إبنتي، وحزن ابن عمّي، وحزنت أنا عليه، وأنا أوثر حزني على حزنهما يا جبرئيل! يُقبض إبراهيم، فديت الحسين بإبراهيم)، فكان إبراهيم فداء الإمام الحسين(ع)[28].

    ♡عشَّاق الحسين(ع)♡

    وعلَّم النبيّ (ص)الناس أن يحبّوا حسيناً، وأراد من حبّهم له أن يكون المدخل لولائه وطاعته.

    وأحبَّ الناس الإمام الحسين(ع)، لكنّ الكثير منهم لم يحقّقوا غاية حب الحسين(ع)، سوى ثُلّة من الناس أحبّوا الحسين(ع) كما أراد لهم نبيّ الإسلام... عشقوه في الله، فقدّموا كلّ ما عندهم لأجل الحسين(ع) في مرضاة الله تعالى إنّهم أصحاب الحسين(ع) في كربلاء الذين وصفهم أمير المؤمنين(ع) في نداء الغيب الناظر إلى شهداء كربلاء (مصارع عشّاق شهداء لا يسبقهم من كان قبلهم ولا يلحقهم مَن بعدهم)[29]... وأيّ عشَّاق هم؟

    ها هو بشر الحضرمي يؤسر ابنه، فيقول له الحسين(ع): «رحمك الله، أنت في حلٍّ من بيعتي، فاذهب وأعمل في فِكاك إبنك»، فأجاب بِشْر: «أكلتني السباع حيًّا إن أنا فارقتك يا أبا عبد الله»[30].

    وها هو عابس بن شبيب الشاكري يقف أمام الإمام الحسين(ع) في عاشوراء ويقول له: «ما أمسى على ظهر الأرض قريب ولا بعيد أعزّ منك، ولو قدرت أن أدفع الضيم عنك بشي‏ء أعزّ عليَّ من نفسي لفعلت»، وسار نحو جيش يزيد فأحجم القوم عنه لأنّهم عرفوه أشجع الناس، فصاح عمر بن سعد أرضخوه بالحجارة، فرُمي بها، فلمّا رأى ذلك ألقى درعه ومِغْفرَهُ وشدَّ على الناس[31] وروي أنه قيل له: يا عابس هل جننت؟!! فأجاب: حبُّ الحسين قد أجنَّني.

    ♡الحبّ مدخل العبوديّة♡

    أراد الله والرسول للمسلمين أن يحبّوا الحسين(ع) كحبّ أصحابه له يوم عاشوراء، الحبُّ الذي يكون مدخلاً لطاعة الإمام التي أرادها الله تعالى، ليكون المحبّ بحبِّه عبداً لله يحركّه حبّه نحو العبوديّة وهو مستعدّ للتضحيّة في سبيلها، ولم يرد الله تعالى من حبِّ الحسين مثل حبِّ أهل الكوفة الذين كانوا يحبّونه بقلوبهم لكنّهم سلَّطوا سيوفهم عليه، كانوا يحبّونه، لكنّهم داسوا جسده المبارك بخيولهم، وسبوا نساءه، وسرقوا ماله، وكان بعضهم حين فعل جريمته يبكي، كذلك الرجل الذي كان يسرق ابنة الحسين(ع) وهو يبكي فقيل له: لمَ تبكِ؟ فأجاب: كيف لا أبكي وأنا أسرق ابنة ابن بنت رسول الله (ص)!!!

    فلنتعلّم من مدرسة عاشوراء كيف نحبّ الحسين حبَّ الولاء والتضحية، حبَّ الطاعة والإلتزام ملبّين دعوة الحبّ الإلهي:

    }إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ{[32].

    «حتى لا نكون كما قال الشاعر:»
    تعصي الإلهَ وأنت تُظهرُ حبَّهُ‏
    هذا لَعمرُك في الفعال بديعُ‏
    لو كان حبُّكَ صادقاً لأطعتَهُ‏
    إنّ المحبّ لمن يحبُّ مُطيعُ

    #المصادر
    [1] سورة الذاريات، الآية: 56.
    [2] سورة آل عمران، الآية: 35.
    [3] الأمين، أعيان الشيعة، ج‏3، ص‏579.
    [4] المجلسي، بحار الأنوار، ج‏36، ص‏335.
    [5] الريشهري، ميزان الحكمة، منشورات الدار الاسلامية، بيروت، ج‏2، ص‏233.
    [6] المصدر السابق، ص‏237.
    [7] سورة الشورى، الآية: 23.
    [8] انظر: الطباطبائي، تفسير الميزان، ج‏18، ص‏52. - الرازي، التفسير الكبير، منشورات مكتب الاعلام الاسلامي، ط30، ج‏27، ص‏166.

    [9] الرازي، التفسير الكبير، ج‏27، ص‏165 - 166 - شرف الدين، الفصول المهمة، منشورات الرضي، قم، ص‏49 - 50.

    [10] المجلسي، بحار الأنوار، ج‏7، ص‏259.

    [11] شرف الدين، الفصول المهمة، ص‏49.
    [12] الرازي، التفسير الكبير، ج‏27، ص‏166.
    [13] الخوارزمي، المناقب، تحقيق المحمودي، مؤسّسة النشر الاسلامي، ص‏72.
    [14] المصدر السابق، ص‏68.
    [15] الحكيمي، سلوني قبل أن تفقدوني، منشورات الأعلمي، بيروت، ج‏1، ص‏39.
    [16] شبَّر، تسلية الفؤاد، منشورات مؤسّسة الوفاء، بيروت، ص‏75.
    [17] الخوارزمي، المناقب، ص‏72.
    [18] المصدر السابق، ص‏79.
    [19] النيسابوري، روضة الواعظين، منشورات الأعلمي، بيروت، ص‏325.
    [20] الخوارزمي، المناقب، ص‏67.
    [21] المجلسي، بحار الأنوار، ج‏43، ص‏316.
    [22] المجلسي، بحار الأنوار، ج‏43، ص‏297.
    [23] المصدر السابق، ص‏262.
    [24] المصدر السابق، ص‏296.
    [25] المصدر السابق، ص‏295.
    [26] المجلسي، بحار الأنوار، ج‏43، ص‏285.
    [27] المصدر السابق، ص‏271.
    [28] انظر: المصدر السابق، ص261.
    [29] المجلسي، بحار الأنوار، ج‏41، ص‏295.
    [30] الأمين، أعيان الشيعة، ج‏3، ص‏575.
    [31] انظر: المقرَّم، مقتل الحسين q، ص‏251 - 252.
    [32] سورة آل عمران، الآية: 31

  • #2
    الأخت الفاضلة حياة العرفانيين . أحسنت وأجدت وسلمت أناملك على نقل هذا الموضوع ونشره الذي يبين وجوب حب ومودة الإمام الحسين وأهل البيت (عليهم السلام) . جعل الله عملك هذا في ميزان حسناتك . ودمت في رعاية الله تعالى وحفظه .

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X