إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مختطفات من سيرة الامام الحسن بعد الصلح

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مختطفات من سيرة الامام الحسن بعد الصلح

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    اعظم الله اجوركم بذكرى شهادة الامام الحسن المجتبى عليه السلام مظلوم اهل البيت وكريمهم .
    تعالوا نسلط الضوء على الفترة التي كانت في زمن معاوية والامام الحسن المجتبى عليه السلام

    لم يبق الحسن ( عليه السلام ) طويلاً في الكوفة بعد عقد الصلح و غادر نحو المدينة مع الحسين و أهل بيته . و جعل الناس يبكون و يسألونه ما حملك على ما فعلت ؟ فيقول : « كرهت الدنيا و رأيت أهل الكوفة قوماً لا يثق بهم أحد أبداً إلا غلب ، ليس أحد منهم يوافق آخر في رأي و لا هوى ، مختلفين لا نية لهم في خير و لا شر لقد لقي أبي منهم أموراً عظاماً فليت شعري لمن يصلحون بعدي » 1 .
    و قبل أن يتجاوز موكب الحسن ( عليه السلام ) الكوفة كثيراً أرسل إليه معاوية أن ارجع لتقاتل طائفة من الخوارج أعلنوا العصيان و التمرّد في جوارها فأبى أن يرجع و كتب إلى معاوية « لو آثرت أن أقاتل أحداً من أهل القبلة لبدأت بقتالك قبل أي أحد من الناس » 2 .
    و استقرّ الإمام الحسن بالمدينة و دامت هذه الفترة من سنة ( 41 هـ ) عام الصلح إلى سنة ( 51 هـ ) سنة استشهاده .
    و تفرغ الإمام في هذه المرحلة لنشر الإسلام و خدمة دين الله و تعليم أحكامه و تعاليمه . فعن السيوطي في تدريب الراوي أنه « كان بين السلف من الصحابة و التابعين اختلاف كثير في كتابة العلم فكرهها كثير منهم و أباحها طائفة و فعلوها منهم علي و ابنه الحسن » 3 .
    و بفضل جهوده المباركة قامت مدرسة علمية بالمدينة : ذكر المؤرخون بعض أعلامها : و منهم ابنه الحسن المثنى و المسيب بن نخبة ، سويد بن غفلة و العلاء ابن عبد الرحمن و الشعبي و هبيرة بن بركم و الأصبغ بن نباتة و جابر بن خلد و أبو الجوزا و عيسى بن مأمون بن زرارة و نفالة بن المأموم و أبو يحيى عمير بن سعيد النخعي و أبو مريم قيس الثقفي و طحرب العجلي و إسحاق بن يسار والد محمد بن إسحاق و عبد الرحمن بن عوف و عمرو بن قيس 4 .
    و قد أصبحت يثرب بفضل هؤلاء عاصمة العلم و الدين والأدب و أصبح الإمام الحسن ملاذ الباحثين و الدارسين . ففي تحف العقول ، كتاب من الحسن البصري يسأل الإمام عن اختلافهم في القدر و حيرتهم في الاستطاعة و عقب قائلاً :
    « فأخبرنا بالذي عليه رأيك و رأي آبائك ( عليهم السلام ) فإن من علم الله علمكم و أنتم شهداء على الناس و الله الشاهد عليكم ذرية بعضها من بعض و الله سميع عليم » .
    فأجاب الحسن ( عليه السلام ) :
    « بسم الله الرحمن الرحيم وصل إليّ كتابك و لو لا ما ذكرته من حيرتك و حيرة من مضى قبلك إذا ما أخبرتكم ، أما بعد فمن لم يؤمن بالقدر خيره و شره إن الله يعلمه فقد كفر و من أحال المعاصي على الله فقد فجر . إن الله لم يطع مكرهاً ولم يعص مغلوباً ولم يهمل العباد سدى من المملكة بل هو المالك لما ملّكهم و القادر على ما عليه أقدرهم بل أمرهم تخييرا و نهاهم تحذيرا فإن ائتمروا بالطاعة لم يجدوا عنها صاداً و إن انتهوا إلى معصية فشاء أن يمن عليهم بأن يحول بينهم و بينها فعل و إن لم يفعل فليس هو الذي حملهم عليها جبراً و لا ألزموها كرهاً بل منّ عليهم بأن بصّرهم و عرّفهم و حذّرهم و أمرهم و نهاهم لا جبراً لهم على ما أمرهم به فيكون كالملائكة و لا جبراً لهم على ما نهاهم عنه و لله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين و السلام على من اتبع الهدى »5 .
    هذا إشعاع الحسن العلمي ، و أما الإشعاع الآخر فهو الخلق الرفيع و الآداب المعنوية التي بثها الإمام بين الناس فهيمن على القلوب و فرض احتراماً و إجلالاً على الجميع ، فقد تحدثت كتب الروايات عن قصص تواضعه و إجارته للفارين من بطش معاوية و عماله .
    و كان إذا صلى الغداة في مسجد النبي ( صلّى الله عليه و آله ) جلس في مصلاه يذكر الله حتى ترتفع الشمس فيجلس إليه سادة الناس يسألون عن أمور دينهم و يتحدثون بين يديه ، و كان إذا توضأ تغير لونه ، و إذا ذكر الموت أو البعث أو الصراط يبكي حتى يغشى عليه و إذا ذكر الجنة و النار اضطرب اضطراب السليم و سأل الله الجنة و تعوذ من النار . . و قد قاسم الله ماله ثلاث مرات و خرج منه كله مرتين و حج خمساً و عشرين حجة و أن النجائب لتقاد بين يديه و هو ماش على قدميه يقول : « أستحي من ربي أن ألقاه ولم أمش إلى بيته » .
    و إذا رآه الناس ترجلوا احتراماً له و إكراماً ، فإذا أعياهم المشي جاء بعضهم إلى الإمام و طلبوا منه أن يركب أو أن يبتعد عن الطريق لأن الناس لا تجرؤ على الركوب و الإمام يسير فينحرف الإمام بمن معه عن جادة الطريق ليركب الناس رواحلهم .
    و في الواقع ، المصادر التاريخية لا تسعفنا بكثير من المعلومات عن الحسن في هذه المرحلة أيضاً ، و لكن هناك حدثان لا بد من الإشارة إليهما لقوّة دلالتهما و هما :
    الحدث الأول

    رفضه ( عليه السلام ) مصاهرة معاوية ، فقد أرسل معاوية إلى عامله في المدينة مروان بن الحكم ليخطب زينب بنت عبد الله بن جعفر لابنه يزيد فأجابه عبد الله إن أمر نساءنا بيد الحسن بن علي فاخطب منه .
    فأقبل مروان إلى الإمام فخطب منه ابنة عبد الله فقال ( عليه السلام ) :
    اجمع من أردت فجمع مروان الهاشميين و الأمويين في صعيد واحد و خطب فيهم أن أمير المؤمنين معاوية أمرني أن أخطب زينب بنت عبد الله بن جعفر ليزيد ابن معاوية على حكم أبيها في الصداق و قضاء دينه بالغاً ما بلغ .
    فقام الإمام الحسن : و نقض كلام مروان . . و قال : « و قد رأينا أن نزوج زينب من ابن عمها القاسم محمد بن جعفر و قد زوجتها منه و جعلت مهرها ضيعتي التي لي بالمدينة » .
    ولما بلغ معاوية ذلك قال :
    خطبنا إليهم فلم يفعلوا *** و لو خطبوا إلينا لما رددناهم 6
    الحدث الثاني

    قدوم وفد من الكوفة للإمام يطلبون منه نقض العهد بعد أن أخلّ معاوية بشروطها و الرجوع إلى الحرب و لكن الحسن ( عليه السلام ) ردهم رداً جميلاً موضحاً لهم الاستراتيجية الجديدة التي اعتمد عليها : التريث ما دام معاوية حياً ، و قال لهم : ليكن كل رجل منكم حلساً من أحلاس بيته ما دام معاوية حيا فإن يهلك معاوية و نحن و أنتم أحياء سألنا الله العزيمة على رشدنا و المعونة على أمرنا و ان لا يكلنا إلى أنفسنا فإن الله مع الذين اتقوا و الذين هم محسنون7 .
    و ضاق معاوية ذرعاً بالحسن ( عليه السلام ) الذي يزداد نفوذه الروحي و العلمي يوما بعد آخر في المدينة و في أنحاء العالم الإسلامي . و أحس أن الحسن قد ورطه في هذه الشروط التي طفق ينقضها واحدا بعد آخر و يفضح نفسه أكثر فأكثر . . و قَدَّر أن خطته بتوريث الملك لابنه يزيد لن تمرّ و الحسن موجود فقرّر اغتيال الإمام ، فأوكل معاوية تنفيذ المهمة إلى إحدى زوجات الحسن ( عليه السلام ) و هي جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي التي سقته السم و قد كان معاوية دس إليها أنك إن احتلت في قتل الحسن وجهت إليك بمائة ألف درهم و زوجتك يزيد فكان ذلك الذي بعثها على سمّه فلما مات وفى لها معاوية بالمال و أرسل إليها إنا نحب حياة يزيد لو لا ذلك لوفينا لك تزويجه 8 .
    و لما أحس الحسن ( عليه السلام ) ما أصابه و أدرك قرب منيته قال للحسين : « لقد سقيت السم مراراً ما سممت مثل هذه المرة لقد لفظت قطعة من كبدي فجعلت أقلبها بعود معي فقال الحسين : من سقاك؟ فقال أتريد أن تقتله إن يكن هو فالله أشد نقمة منك و إن لم يكن هو فما أحب أن يؤخذ بي بريء »9 .
    و أوصى الحسن حسيناً ؛ و مما جاء في وصيته :
    « فإني أوصيك يا حسين بمن خلفت من أهلي و ولدي و أهل بيتك أن تصفح عن مسيئهم و تقبل من محسنهم و تكون لهم خلفاً و والدا و أن تدفنني مع رسول الله ( صلّى الله عليه و آله ) فإني أحق به و ببيته فإن أبوا عليك فأنشدك الله و بالقرابة التي قرب الله منك و الرحم الماسة من رسول الله ( صلّى الله عليه و آله ) ألا يهراق من أمري محجمة من دم حتى تلقى رسول الله فتخصمهم و تخبره لما كان من أمر الناس إلينا » 10 .
    و كان تجهيز الحسن و تشييعه في موكب لم تعهد المدينة له مثيلاً حيث تداعى الناس من كل حدب و صوب يودعون ابن رسول الله ( صلّى الله عليه و آله ) حتى قيل إنه لو طرحت إبرة في البقيع حيث دفن الحسن أخيراً لما وقعت إلا على رأس إنسان لشدة الزحام .
    و لما همّ الحسين أن يدفن أخاه الحسن كما أوصاه عند جده مُنع من ذلك ، و قيل إن عائشة هي التي بادرت بالمنع ، و تقول مصادر أخرى إن مروان بن الحكم جمع بني أمية و هم بدورهم استنفروا عائشة ، و جاء في شرح النهج : إن عائشة يومذاك ركبت بغلاً و استنفرت مروان بن الحكم و بنو أمية . . و ذلك قول القائل « فيوماً على بغل و يوماً على جمل » .
    و قول ابن أخيها القاسم بن محمد : « يا عمة ما غسلنا رؤوسنا من يوم الجمل الأحمر أتريدين أن يقال يوم البغلة الشهباء » 11 .



    المصادر

    1. ابن الأثير : الكامل : 3 / 407 .

    2. م ن ص : 308 .

    3. محسن الأمين : أعيان الشيعة ، دار التعارف 1976 : 1 / 577 .

    4. باقر شريف القرشي : حياة الإمام الحسن ، دار البلاغة : 280 ( نقلا عن تاريخ ابن عساكر ) .

    5. البحراني : تحف العقول ، مؤسسة الأعلمي : 166 .

    6. باقر شريف القرشي : حياة الإمام الحسن ، : 288 .

    7. راض آل ياسين : صلح الحسن : 302 .

    8. المسعودي : مروج الذهب : 3 / 5 .

    9. ابن أبي الحديد : شرح نهج البلاغة : 16 / 236 .

    10. محسن الأمين : أعيان الشيعة : 1 / 585 .

    11. كتاب صلح الإمام الحسن من منظور آخر للكاتب الاستاذ أسعد بن علي : الفصل الأول .
    السَّلامُ عَلَى مَحَالِّ مَعْرِفَةِ اللهِ ، وَمَسَاكِنِ بَرَكَةِ اللهِ ، وَمَعَادِنِ حِكْمَةِ اللهِ ، وَحَفَظَةِ سِرِّ اللهِ ، وَحَمَلَةِ كِتَابِ اللهِ ، وَأَوْصِيَاءِ نَبِيِّ اللهِ ، وَذُرِّيَّةِ رَسُولِ اللهِ .

  • #2
    الأخت الفاضلة شجون الزهراء . أحسنت وأجدت وسلمت أناملك على نشر هذا الموضوع الذي يدل على أحقية الإمام الحسن (عليه السلام) ومعاناته في مقارعة الظالمين والمنافقين والفاسدين . جعل الله عملك هذا في ميزان حسناتك . ودمت في رعاية الله تعالى وحفظه .


    تعليق


    • #3
      الشكر الجزيل للاخ الكريم خادم الكفيل

      وشكرا لمرورك المبارك واضافتك القيمة .
      السَّلامُ عَلَى مَحَالِّ مَعْرِفَةِ اللهِ ، وَمَسَاكِنِ بَرَكَةِ اللهِ ، وَمَعَادِنِ حِكْمَةِ اللهِ ، وَحَفَظَةِ سِرِّ اللهِ ، وَحَمَلَةِ كِتَابِ اللهِ ، وَأَوْصِيَاءِ نَبِيِّ اللهِ ، وَذُرِّيَّةِ رَسُولِ اللهِ .

      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
      x
      يعمل...
      X