بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين والصلاة السلام على محمد وآله الطبين الطاهرين واصحابه المنتجبين
وبعد يصادف اليوم
9 صفر
ذكرى استشهاد الصاحبي الجليل عمار بن ياسر ،
وقد استشهد في معركة صفين التي وقعت بين المسلمين
وذلك بسبب خروج الباغي معاوية ابن أكلت الأكباد هند،
على جماعة المسلمين وشقه للصف ورفضه الانصياع لاوامر الخليفة الشرعي امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام .
فخرج بجيشه جرار وأقبل إلى (صفين)، وهي اسم أرض كبيرة واسعة، مستعداً للقتال ونهض الإمام أمير المؤمنين عليه السلام بعسكره إلى ذلك المكان وبعد أيام من وصوله استعرت نار الحرب فيما بين الفريقين وجرت أنهار من الدماء، وتكونت أتلال وجبال من الأجساد القتلى من الفريقين ،
وأما عمار بن ياسر وهو مولى وأصله من اليمن ، جاء أبوه ياسر واثنان من أعمامه إلى مكة في طلب ولد لهم، ثم لم يجدوه فرجعوا
وجلس ياسر ، ثم أعتقه أبو حذيفة بن المغيرة بن شعبة ثم تزوج بـ سمية رضي الله عنها وأرضاها وولدت له عماراً و عبد الله ،
ولما جاء الإسلام أكرمهم الله عز وجل بالإسلام كلهم، فأسلم ياسر وأسلمت سمية ،
وأسلم عمار ، وأسلم عبد الله ، ونالهم من الأذى والتعذيب ما لا يعلمه إلا الله، وكان يمر عليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهم يعذبون ويقول لهم:
( صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة )
وكانت سمية أول شهيدة في الإسلام، قتلها أبو جهل عليه اللعنة والعذاب، حينما مر عليها وهي تعذب وكان يعذبها أمية بن خلف سيدها فقال: لِمَ تستمر في عذابها وأخذ رمحه وضربها في قبلها فماتت شهيدة،
فهي أول من أريق دمها في سبيل الله عز وجل رضي الله عنها وأرضاها.
يسمى عمار ويلقب بـ أبي اليقظان ، كان من السابقين إلى الإسلام،
وكان من أعيان المسلمين، وأيضاً ممن شهد بدر وكل المشاهد، ولما عذبه المشركون في يوم من الأيام عذبوه حتى كادوا يقتلونه فلم يدعوه حتى ذكر النبي ومدح آلهتهم، فجاء إلى النبي
وقال: ( يا رسول الله! والله ما زالوا بي حتى نلت منك ومدحت آلهتهم،
قال: كيف تجد قلبك؟
قال: مطمئناً بالإيمان، قال: إن عادوا فعد )
قال: فنزل قول الله عز وجل:
{ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ } [النحل:106].
وكان من ضمن القتلى في صفين عمار بن ياسر
وقد أخبره النبي (صلى الله عليه وآله) أنه تقتله الفئة الباغية حيث تواترة الاخبار بهذا المضمون ،
منها ما روى البخاري في صحيحه بسنده عن عكرمة، أن ابن عباس قال له ولعلي بن عبد الله: إئتيا أبا سعيد فاسمعا من حديثه، فأتيناه، وهو وأخوه في حائط لهما يسقيانه، فلما رآنا جاء فاحتبى وجلس،
فقال: كنا ننقل لبن المسجد لبنة لبنة، وكان عمار ينقل لبنتين لبنتين،
فمر به النبي (صلى الله عليه وآله، ومسح عن رأسه الغبار،
وقال: ويح عمار تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى الله، ويدعونه إلى النار .
وروى مسلم في صحيحه بسنده عن أبي سعيد الخدري
قال: أخبرني من هو خير مني أن رسول الله( صلى الله عليه وآله )
قال لعمار، حين جعل يحفر الخندق، وجعل يسمح رأسه
ويقول: بؤس ابن سمية، تقتله فئة باغية ،
وعن سعيد بن أبي الحسن عن أمه عن أم سلمة أن رسول الله (صلى الله عليه وآله)
قال لعمار: تقتلك الفئة الباغية .
وروى الإمام أحمد في الفضائل بسنده
عن علي قال: كنت جالساً عند النبي (صلى الله عليه وآله)، فجاء عمار فاستأذن
فقال: إئذنوا له، مرحباً بالطيب المطيب (ورواه أحمد في المسند 1 / 99 - 100،
والترمذي 5 / 668، والحاكم في المستدرك 3 / 388)
تعليق