إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

النهضة الحسينية.. بين الاصلاح والمقاومة

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • النهضة الحسينية.. بين الاصلاح والمقاومة

    النهضة الحسينية.. بين الاصلاح والمقاومة



    هناك من يرى من المتتبعين لشأن الاصلاح والمصلحين، أنه لا يتأتى إلا بالسيف والقوة، واستمرار المقاومة بالمعنى العسكري، مستشهدين بحروب النبي (ص)، ووصيه الإمام علي (عليه السلام)، ومن بعده الإمامين الحسن والحسين (عليهما السلام)، وسائر الثورات والنهضات التي سارت على خطاهم، كأمثلة تاريخية حية على انتصار الخيار العسكري في تثبيت عرى الإصلاح، وتأسيس بوابات ملاحقة الطغاة على مر التاريخ.
    وبطبيعة الحال من يرى ذلك، يستند إلى بعض الآيات القرآنية من قبيل: ((أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ)) (الحج/39)، وقوله تعالى: ((وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ)) (آل عمران/146).. وغيرها الكثير من الآيات التي آذنت المؤمنين بالقتال، والوعد بالنصر.
    هذا الإذن بالمقاتلة لاسترداد الحقوق المسلوبة، أو لتصحيح مسار ما، يأتي بعد بذل كل جهود الاصلاح الأخرى من الدعوة للاستقامة بالكلمة الطيبة، قال تعالى: ((ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الْحَسَنَةِ...)) (النحل/125)، ويروي لنا التاريخ، الرسل والرسائل ومحاولات الهداية والإرشاد التي كان يقوم بها الإمام علي (عليه السلام) قبل مهاجمته الخوارج في النهروان، وغيرها من الأمثلة والشواهد التاريخية.
    فالخيار العسكري، أو قرار المقاومة ليس أمراً هيناً يمكن اتخاذه فوراً، فإن أتى بدون وعي للعواقب، وبدون تخطيط، سيأتي بنتائج عكسية تماماً، مثلاً إذا كان هناك شعب مضطهد من قبل سلطة جائرة أو احتلال.. وهذا الشعب لا يمتلك امكانيات المقاومة، فسيتم حتماً الى استنزاف هذا الشعب تدريجياً، وهذا أمر ينمّ عن مجازفة عظمى، فالحفاظ على حياة الانسان من ضرورات الأديان والانسانية.
    كما لا يخفى أن ترك خيار المقاومة في حال عدم توفر شروطها، لا يعني ترك المطالبة بالحق والحقوق، وإنما تحويلها إلى اتجاهات أخرى نافعة ومثمرة، تبقي القضية متقدة ناصعة، حتى تأتي أحياناً بنتائج إيجابية غير متوقعة، لا يستطيع حتى الخيار العسكري تحقيقها..!
    وعند طرح قضية سيد الشهداء (عليه السلام)، ومعركة الطف الخالدة، وقراءتها وتحليلها بوعي بعيداً عن عوالم الثورية، والصدام المباشر مع السلطة الحاكمة، نلاحظ أن الإمام الحسين (عليه السلام) كان صاحب مشروع إصلاحي واضح، بدأ في تأسيس مبدأ الحرية في عدم الانتخاب للحاكم غير المؤهل، وهو بذلك لم يرتكب ذنباً أو جرماً يستحق أن يُلاحق ويُقتل ويُسحق بسنابك الخيول (سلام الله عليه)..!
    وهذه القضية بحد ذاتها عند طرحها للعالم الديمقراطي المتحضر، سيتفاجأ من حجم الكارثة التي أقدم عليها الحكم الأموي في معركته مع أبي الأحرار (عليه السلام) لمجرد رفضه البيعة لخليفة غير مؤهل، لخص حاله أبو عبد الله (عليه السلام) في قوله: ((إنا أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، وبنا فتح الله، وبنا ختم الله، ويزيد رجلٌ فاسق، شارب الخمر، قاتل النفس المحرمة، معلن بالفسق، ليس له هذه المنزلة، ومثلي لا يبايع مثله..))(1).
    وحتى في توجهه الى العراق، لم يكن طلباً لحكم أو سلطة، بل بناء على رسائل من أهل الكوفة تطلب منه القدوم، منها: ((ثمّ إنّه ليس علينا إمام غيرك، فأقبِل لعلّ الله يجمعنا بك على الحقّ..))(2). وكذلك: ((قد أينعت الثمار، واخضر الجناب، وإنما تقدم على جند لك مجندة))(3). وهذه المكاتبات تعد حجة على الإمام (عليه السلام) بالخروج إليهم، كما قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): ((لولا حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر، وما أخذ الله على العلماء أن لا يقارّوا على كظة ظالم، ولا سغب مظلوم، لألقيت حبلها على غاربها..))(4)، بمعنى أن الحجة على الإمام الحسين (عليه السلام) كانت قائمة في ضرورة ووجوب تصديه لواجب الإمامة والقيادة الروحية والعقائدية للمجتمع الإسلامي؛ لهدايته وإرشاده وإعادته لمسار الرسالة الصحيح.. لكن أنى لأمّة الطغاة أن يمهدوا الطريق، بل استنفرت كل جهودها، وشايعت وتابعت وأسرجت وألجمت وتهيأت لقتال أبي الأحرار (عليه السلام) الامتداد الطبيعي لمن أرسلته السماء منذراً وهادياً وبشيراً: ((إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ)) (الرعد/7)، فما كان منه (أرواحنا له الفداء) إلا أن يستقبل الموت بقلب ويقين راسخ، ليبقى مناراً تهتدي بسنا ضوئه الأمم.. وعلى خطاه سارت كل أفكار ورؤى وحركات ونهضات الإصلاح على مر التاريخ حتى قيام الساعة.
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) الملهوف على قتلى الطفوف: ج6/ ص12.
    (2) العوالم، الامام الحسين (عليه السلام) - الشيخ عبدالله البحراني: ج1/ ص185.
    (3) مقتل أبي مخنف للطبري: ج1/ ص88.
    (4) علي (عليه السلام) من المهد إلى اللحد: ج20/ ص3.
    ــــــــــــــــــــ

    ملف الأربعين/ صدى الروضتين/ العدد 348

  • #2
    الأخ الفاضل هاشم الصفار . أحسنتم وأجدتم وسلمت أناملكم على نقل ونشر هذا الموضوع . جعل الله عملكم هذا في ميزان حسناتكم . ودمتم في رعاية الله تعالى وحفظه .


    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X