إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

شبابنا المعاصر.. ومنظومة الإبداع

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • شبابنا المعاصر.. ومنظومة الإبداع





    ليست الحكمة دائماً تكمن في كلمات جميلة نكتبها بخط أنيق.. ونؤطرها بزخارف رائعة.. وربما نعرضها بفديو جميل مع موسيقى هادئة.. كما هو مألوف في مواقع التواصل..! حقاً هي أمور تبدو رائعة، وتنم عن اهتمام بالحكمة والفلسفة وأسرار الحياة.. وطرائق السلوك الجيد، لجعل حياتنا تبدو ظاهراً بأبهى وأجمل صورة.. بدلاً من الاقتصار على تبادل النكات والفديوهات المضحكة..! ولكن الأجمل منه أن نكون نحن من نصنع الحكمة، نحن من نبلور خلاصة تجاربنا في الحياة الى صيغ وحكم جميلة، الى سلوكيات وأخلاقيات حميدة.. بدلاً من اجترار المكرور منها، والتي مضى على قولها قرون..!!
    ولا نقصد أن كل قديم لا ينفع، فهناك موروث رموزنا العظيمة الدينية والانسانية التي لو جسدها جيلنا الحالي، لأسسنا قمماً أخلاقية راقية، نباهي بها الأمم والشعوب.
    ولكن ما نريد الاشارة إليه، أنه هل عجز شبابنا اليوم حقاً عن كتابة أفكارهم، وطموحاتهم، ومحاور مهمة عما مروا به من تجارب ومخاضات صقلت جوانب مهمة من شخصياتهم، وعرفتهم على صالح السلوكيات ليجعلوه طريقاً ومسلكاً، وعرفتهم كذلك على الأمور السيئة التي تجعل حياتهم مظلمة، فيتجنبوا الخوض فيما يعكر صفو حياتهم.. ويذللوا كافة السبل؛ ليعيشوا بأفضل صورة بعيداً عن الترهات والتفاهات وأهلها..؟
    أليست الحياة - بمفهومها المعرفي المتوارث - عبارة عن أجيال تمضي، تترك لنا إرثاً وأفكاراً وحكماً ومواعظ، وأجيال تأتي تقرأ وتنتقي الجميل منها.. نعم تتعظ وتستفيد، ولكنها لا تقيّد نفسها، ولا تبقى حبيسة تلك الأفكار الموروثة فقط، تتداولها بطريقة ببغائية جامدة، بل تحاول أن تتفتح وتهضم السابق لتنتج أفكاراً جديدة نيرة معاصرة، بعيداً عن أجواء التشنجات المذهبية والعرقية، وبعيداً كذلك عن أجواء اللهو وسفاسف القول على طول الخط..!
    وكذلك لو بقي أبناؤنا حبيسي التحكم بهم عن بُعد، عن طريق سجنهم وتقييد حركتهم بألعاب تحرمهم من حماسة العمل، ولذة النوم، والرياضة، والقراءة، ومسؤوليات الحياة، فماذا سيورثون لأبنائهم من بعدهم..؟ ماذا سيتركون لما بعدهم من ثقافة طيبة يفخرون بها..؟
    إن أبناءنا اليوم بمقدورهم إذا أخلوا أذهانهم من شوائب العصر، وهي على شقين: قديمة بالية، غاب عنها الإقناع والمنطق السليم، تمثل أفكاراً وأمثالاً وعادات ما أنزل الله تعالى بها من سلطان، وحديثة مستوردة تمتاز بالانحلال والميوعة، فإذا استطاعوا أن ينحوا منحى مغايراً عن كل ذلك، فهم حتماً ربما يصنعون شيئاً جديداً رائعاً، نستطيع أن نسميه تألقاً وإبداعاً..!
    شبابنا اليوم بحق بحاجة الى وقفة ومساندة، والأخذ باليد، خاصة مسألة تعزيز الثقة بأنفسهم، بعد كل الاحباطات التي مروا بها؛ نتيجة الأزمات الاقتصادية والسياسية الراهنة، فهم يمتلكون المواهب والقدرات والامكانيات، ولكن مشكلتهم تكمن في هذا التشظي والتبعثر هنا وهناك، مع وسائل قتل الوقت المتعددة، والمنتشرة بكثرة..!
    وهذا لا يعني بطبيعة الحال أن يهجروا واقعهم، بقدر ما هم بحاجة الى تنظيم حياتهم بطريقة متوازنة، ليخرجوا بحصيلة تحرك رتابة وجمود مجتمعاتهم التي تنتظر منهم الكثير للتغيير، وأخذ زمام المبادرة، ولا يكون جلّ توجهاتهم هو الأخذ من الغير والأمم والثقافات الأخرى بقوالب مستوردة جاهزة، سواء على مستوى وسائل وبرامج الإلهاء وضياع الوقت، أو على مستوى التنظير والأقوال المأثورة التي يتراسلون بها فيما بينهم من باب الاهداء والتواصل الاجتماعي الذي يبدو بحد ذاته جميلاً ولا بأس به في أن يكون شغفهم بتلك الثقافات الإنسانية.. ولكن الأجمل أكيداً أن يدوّنوا هم أفكارهم وطموحاتهم، ويصنعوا ثقافتهم الخاصة بما يتلاءم مع ظروفهم وبيئتهم ووضعهم الثقافي والمعرفي.. ومن ثم الانتقال من تلك الأفكار البناءة الخاصة بهم، إلى صنع منجزات فكرية، وسلوكيات ثقافية يفخرون بها في المستقبل.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X