شرح دعاء الافتتاح (3)
- (اَللّـهُمَّ أَذِنْتَ لي في دُعائِكَ وَمَسْأَلَتِكَ فَاسْمَعْ يا سَميعُ مِدْحَتي، وَأجِبْ يا رَحيمُ دَعْوَتي، وَأَقِلْ يا غَفُورُ عَثْرَتي..)..
إن بعض آيات القرآن الكريم الداعية إلى رجوع العبيد إلى ربهم، من أرق الآيات الكريمة، كقوله تعالى: ?وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ?.. إن رب العزة والجلال المستغرق في جلاله وكماله، الذي بيده مقاليد السماوات والأرض؛ وإذا به يطلب من عبده أن يتحدث معه، وأن يتودد إليه!.. وهذه من روائع أخبار أهل البيت (عليهم السلام)، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (إنّ العبد ليدعو الله وهو يحبّه فيقول: يا جبرائيل!.. اقض لعبدي هذا حاجته وأخّرها، فإنّي أحب أن لا أزال اسمع صوته).. يا لهذه العلاقة الحميمة بين العبد وربه!.. العبد يدعو ربه، والرب يقضي حاجته، ولكن يؤخر عنه الإجابة، لأنه يحب أن يسمع صوته.. ولكن المؤسف أنه طبيعة المؤمنين أنهم يدعون، ما داموا يعيشون حالة المسكنة والاحتياج.. ومن هنا فإن الإنسان الذي يدعو ربه وهو ليس في شدة، وليست له حاجة من الحوائج المتعارفة، وإنما يناجي ربه حباً وعشقاً ورغبة، وتلذذاً بمناجاة الله عزّ وجل، فإن هذا الإنسان على مستوى راقٍ، من فهم فلسفة الوجود، وموقع الإنسان من ربه.
وعليه، فإن الإنسان الصائم - وهذه الأيام قد يكون الصوم للبعض، صوم شاق ومحرج، في بعض الظروف، حيث حرارة الجو، وغلبة العطش في بعض البلاد مثلاً - عندما يعلم أنه في حال الامتثال لأمر المولى جل وعلا، فإن لذة الخطاب الإلهي تذهب بعناء التعب الذي يعيشه.. فهو عندما يعلم بأن الله عزّ وجل خاطبه بهذه الآية: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ?، ويصوم امتثالاً لهذا الأمر الإلهي، ويعيش حالة الامتثال لأمر الله عزّ وجل، وأن الله عزّ وجل شرفه بالتكليف والخطاب؛ فإن هذا الإحساس يوجب له حالة اللذة.
مركز الدراسات التخصصية ف الامام المهدي عليه السلام
تعليق