إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

السؤال 11 ( المسابقة الرمضانية الكبرى )

تقليص
هذا الموضوع مغلق.
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • السؤال 11 ( المسابقة الرمضانية الكبرى )



    بسم الله الرحمن الرحيم
    الاسماء التي شاركت معنا هم


    صادق مهدي حسن 10 نقطة
    خادمة ام ابيها 10 نقطة
    فداء الكوثر10 نقطة
    خادمة الحوراء زينب 10 نقطة
    حمامة السلام 10 نقطة

    ام كرار 10 نقطة

    روضة الزهراء 6 نقطة
    محبة الزهراء 1 نقطة


    السؤال 11


    لقد قسَّم علماء الأخلاق الصوم إلى ثلاثة أقسام
    الأوّل: الصوم العام.
    الثاني: الصوم الخاص.
    الثالث: الصوم خاص الخاص
    وضح معنى انواع الصوم هنا واسنده بالاحاديث القدسية لاهل البيت عليهم السلام

    انتظر اجاباتكم الكريمة
    موفقين يارب ف الدنيا والاخرة



  • #2
    الرد
    ===
    الصوم على ثلاثة أنواع : صوم العوام وصوم الخواص وصوم خواص الخواص .
    أما صوم العوام : فهو الإمساك عن الأكل والشرب والجماع وغيرها من المفطرات التي يأتي بيانها ، وبه يؤدي الواجب ظاهرا .
    وأما صوم الخواص : فهو زيادة على ذلك الإمساك صوم الأعضاء والجوارح والحواس الظاهرة عن المنهيات الشرعية ، فتصوم العين عن المحرمات ويغض النظر إلى ما حرم الله عليه في القرآن والسنة ، وتصوم السامعة عن استماع الغيبة والبهتان وأنواع الأغنية المحرمة ، ويصوم اللسان عن الغيبة والافتراء والفحش وسوء الكلام وأمثالها ، واليد عن البطش على الضعفاء من غير حق ، والرجل عن السعي إلى مجالس اللهو واللعب وغيرها من المحافل الغير المشروعة .
    وأما صوم خواص الخواص : فهو زيادة على ما ذكر من صوم العوام والخواص ، صوم القلب عن غير ذكر الله تعالى وبالأخص عن الرذائل الأخلاقية من البخل والجبن ، والغل والحقد والحسد والبغضاء والشحناء والقساوة وأمثالها .
    وقد جاء فيما ذكر أحاديث وروايات عن المعصومين عليهم السلام وتفاصيل من الحكماء وعلماء الأخلاق وأذكر هنا رواية واحدة تيمنا وتبركا :
    عن جراح المدائني عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( إن الصيام ليس من الطعام والشراب وحده . ثم قال : قالت مريم ( إني نذرت للرحمن صوما ) أي صمتا ، فإذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم وغضوا أبصاركم ، لا تنازعوا ولا تحاسدوا . قال : وسمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم امرأة تسب جاريتها وهي صائمة ، فدعا رسول الله بطعام فقال كلي ، فقالت إني صائمة ، فقال كيف تكونين صائمة وقد سببت جاريتك . إن الصوم ليس من الطعام والشراب ) . قال وقال أبو عبد الله عليه السلام : ( إذا صمت فليصم سمعك وبصرك من الحرام والقبيح ، ودع المرأة وأذى الخادم وليكن عليك وقار الصيام ولا تجعل يوم صومك كيوم فطرك ) .
    أقول : وفي الواقع شهر الصيام شهر العبادة وشهر الرياضة وشهر التمرين حتى يكون الصائم صحيحاً سالما في الجسد والروح وإنسانا كاملا في صفاته وحركاته وسعيدا ناجحا في جميع أوقاته وطول حياته .
    ======
    صوم العوامّ : وهو بترك الطعام والشراب والنساء على ما قرّره الفقهاء من واجباته ومحرّماته .
    وصوم الخواصّ : وهو ترك ذلك مع حفظ الجوارح من مخالفات الله جلّ جلاله .
    وصوم خواصّ الخواصّ : وهو ترك ما هو شاغل عن الله من حلال أو حرام .
    ولكلّ واحد من المرتبتين الأخيرتين أصنافها كثيرة لا سيّما الأولى فإنّ أصنافه كثيرة لا تحصى بعدد مراتب أصحاب اليمين من المؤمنين بل كلّ نفس منهم له حدٌّ خاصٌّ لا يشبه حدّ صاحبه ومن أهل المراتب أيضاً من يقرّب عمله من عمل من فوقه ، وإن لم يكن منه .
    هذا من جهة ما يصام عنه ، وأمّا من جهة قصد الصيام ، فينقسم الصائمون أيضاً على أصناف :
    بعضهم ما قصدوا بصومهم قصداً صحيحاً يكفي في عدم بطلان عملهم ، بل صاموا لغير الله من خوف الناس ، ومن أجل جلب النفع منهم ، أو لمجرّد العادة المعمولة بين المسلمين .
    وبعضهم يكون صومهم مشوباً مع ذلك بشيء من خوف عقاب الله ورجاء ثوابه .
    وبعضهم يتمحّض قصدهم لأجل خوف العقاب أو الثواب الثاني قليل ، والأغلب من هذا الصنف يشترك في قصده جهة دفع العقاب ، وجلب الثواب .
    وبعضهم يدخل مع ذلك في قصدهم كونه مقرّباً إلى الله وموجباً لرضا الله .
    وبعضهم يتمحّض قصدهم في جهة القرب والرضا .
    وقد يقال : الأولى أن يتمحّض قصد بعض الكاملين في كونه تعالى أهلاً لأن يعبد ويخلص من شوب الرغب والرهب رأساً حتى الوصول إلى لقائه والزلفى لديه ، كونه موافقاً لرضاه ، ويعدّون العمل من جهة الرغبة في الوصال ناقصاً ورأيت من عبّر عن مثل هذا العمل بأنّه عبادة النفس .
    أقول : لا أظنّ نبيّاً ولا وليّاً ولا ملكاً مقرّباً يخلص جميع أعماله من ذلك وعدّ العمل بقصد أنّه موصل إلى رضا الله وقربه وجواره عبادة النفس كما في كلمات بعض أهل المعرفة إفراط ، نعم لا بأس بأن يكون لأولياء الله في بعض حالاتهم وتجلّياتهم حال يصدر منهم العمل لمجرّد كونه تعالى أهلاً له ، مع نسيان جهة القرب والرضا ، ولكن لا أقول بإمكان دوام ذلك لأحد من الأنبياء فضلاً عن غيرهم أو وقوعه بل ولا أفضّل العمل لذلك على العمل لشوق الوصول إلى جوار الحبيب تعالى ، كيف ولا مرتقى فوق عبادة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين عليه السلام ؟ والأخبار كاشفة عن كون بعض أعمالهم أو أغلبها لمجرّد تحصيل رضا الرب تعالى وقربه .
    بل وأجسر وأقول : لا بأس أن يكون خوف العقاب أيضاً داخلاً في بعض الأحيان في قصودهم كيف ومن غلب عليه خوف عقاب الله بحيث غشي عليه من ذكر جهنّم لا يمكن أو يتعسّر أن لا يؤثّر ذلك في أعماله أصلاً ؟
    بل وظنّي أنّ أحوال الأنبياء والأولياء حتّى سيّدهم نبيّنا صلى الله عليه وآله وسلم ، كانت مختلفة ، وسبب اختلافها اختلاف تجلّيات أسماء الله تعالى لهم على وفق حكمة الله جل جلاله في تربيتهم وترفيع درجاتهم ، وتقريبهم من جواره ، وكان الله هو المتولّي لرياضة قلوبهم بذلك حتّى يكملوا كما في بعض فقرات الزيارة «مواليَّ لكم قلوب تولّى الله رياضتها بالخوف والرجاء» تارة يتجلّى لهم بالأسماء الجماليّة فيستأنسون لربّهم وتمنّون عليه بل يمنّون على غيرهم بالتصرّف في ملك مالكهم وسيّدهم ، أُخرى يتجلّى لهم بالأسماء القهريّة الجلاليّة ، فتراهم عند ذلك يتضرّعون ويستغفرون ويبكون ، ويناجونه بهذه المناجاة التي أغلبها الاستغفار والعوذة ، وطلب النجاة من جهنّم والنار كيف واختلاف أحوال الأنبياء شيء لا يخفى على من له أدنى مماسة بأخبارهم .
    وقد روي لنا عن حالات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه كان في بعض حالاته يقول : كلّميني يا حميراء ، ومع ذلك قد كان ينتظر وقت الصلاة ويقول أرحني يا بلال ، وكان في بعض الأوقات يتغيّر لونه وحاله عند نزول الوحي ، وكان في بعض الأوقات يخاف عند هبوب الرياح من نزول البلاء ، وكلّ ذلك كاشف عن اختلاف الأحوال ، وهو لا يجتمع مع أن يتمخّض قصد العامل في جميع حركاته وسكناته عن جميع الوجوه إلا كونه تعالى أهلاً للعبادة ، هذا .
    ولا يبعد أن يكون المراد من قصد كونه تعالى أهلاً للعبادة في لسان العظماء من أهل العلم معنى يجتمع مع قصد قربه ورضاه ، فإنّ قصد قرب الحبيب أيضاً قد يكون لكونه أهلاً للتقرّب إليه لا للتنعُّم من عطائه ونعمه ، ولا للفرار من عقابه ، هذا أحد معنيي كون العمل لأنّه أهل للعبادة ، كما يشعر بذلك كلام سيد الأولياء أمير المؤمنين عليه السلام حيث يقول : «ماعبدتك خوفاً من نارك ، ولا طمعاً في جنّتك بل وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك» فإنّه عليه السلام جعل قصد كونه أهلاً للعبادة مقابلاً للعبادة من خوف النار وطمع الجنّة لا ما يعمّ الوصول إلى رضاه وقربه فكيف كان ، نسأل الله جل جلاله أن يمنّ علينا بتوفيق قصد قربه ورضاه ، بل ويكرّمنا بمعرفة المقصود من قربه ، بل التسليم لإمكانه إجمالاً ، أما ترى جماعة من أجلّة أهل العلم ينكرون تصوّر معنى لقربه تعالى ويقولون : معنى قصد القرب هو قصد أمره تعالى ، وما زاد على ذلك فهو يخاف تنزيهه تعالى ، وإن كانوا في هذه العقيدة غير مصيبين .
    ثمّ لا يذهب عليك أنّ القول ببطلان العبادة من جهة خوف العقاب أو طمع الجنّة وإن صدر عن بعض الأجلّة ولكنّه صادر عن الغفلة ولا غرو في وقوع أمثال هذه الغفلات والعثرات من الأجلّة والأعيان لحكمة إلهيّة في ابتلائهم بأمثاله .
    ولا يذهب (عليك) أيضاً أنّ ما حكم به سيّدنا قدّس الله نفسه الزكيّة في إقباله بأنّ من عبد الله لمجرّد دفعه العقاب فهو من لئام العبيد ؛ إنّما هو كما صرّح به (قده) لمن كان ممّن لا يعبد لولا خوف العقاب ، فهو كما قال : يخالف كرائم الصفات ، بل مقصوده (قده) من لا يرى الله جل جلاله أهلاً للخدمة وهذا البتّة من لئام العبيد بل هذا الاعتقاد إنّما هو قذى في عين الإيمان والإسلام ، هذا .
    وقد يزيد المخلصون في السوم على أنفسهم ـ زيادة على عدم شغلهم بغير محبوبهم ـ بكمال الجدّ في الأعمال الشاقّة ، ولو رأوا عملين متساويين في الفضل لاختاروا أشقّهما على أنفسهم ، أولئك هم المقرّبون حقّاً ، ولله درّهم كما حكي ذلك صريحاً عن أمير المؤمنين عليه السلام هذا .
    وقد يقتسم الصائمون من جهة طعامهم وشرابهم إلى صنوف :
    منهم : من يكون مأكله ومشربه من الحرام المعلوم هذا مثله في بعض الوجوه مثل حمّال يحمل أثقال الناس إلى منازلهم فالأجر لمالك الطعام ، وله وزر ظلمه وغصبه ، أو مثله مثل من ركب دابّة مغصوبة إلى بيت الله وطاف بالبيت على هذه الدابّة المغصوبة .
    ومنهم من يكون (مأكله) ذلك من الشبهات : وهو على قسمين قسم يكون أخذ هذا المشتبه بالحرام الواقعيّ محلّلاً في الظاهر ، وقسم لا يكون محلّلاً ولو في الظاهر والأوّل يلحق في حكمه بمن يكون مأكله ومشربه من الحلال وإن كان دونه بدرجة ، والثاني بمن ياكل الحرام المعلوم وإن كان فوقه بدرجة .
    ومنهم : من يكون مأكله حلالاً معلوماً ولكن يترف في كيفيّته بالألوان
    الكثيرة ، وفي مقداره على حدّ الامتلاء ، ومثله مثل خسيس الطبع الذي يشتغل في حضرة حبيبه بالالتذاذ بما يكرهه ، وهو متوقّع أن لا يلتذّ بشيء غير ذكره وقربه وهذا عبد خسيس لا يليق بمجالس الأحبّاء ، بل حقّه أن يترك وما يلتذّ به ، وهو لأن يعدّ عبد بطنه أولى من أن يعدّ عبد ربّه .
    ومنهم : من يكون حدّه في الكيفيّة والمقدار فوق الاتراف ويلحق بالاسراف والتبذير هذا أيضاً في حكمه ملحق بمن يأكل الحرام المعلوم وهو أيضاً بأن يعدُّ عاصياً أحقّ من أن يعدّ مطيعاً .
    ومنهم : من يكون مأكله ومتقلّبه كلّها محلّلة ولا يسرف ولا يترف بل يتواضع لله في مقدار طعامه وشرابه عن الحدّ المحلّل وغير المكروه ، وهكذا يترك اللذيذ ويقتصر في الأدام على لون واحد ، أو يترك بعض اللذائذ وبعض الزياد .
    فدرجاتهم عند ربّهم المراقب لحفظ مجاهداتهم ومراقباتهم محفوظة مجزية مشكورة ، ولا يظلمون فتيلاً فيجزيهم ربّهم بأحسن ما كانوا يعملون ، ويزيدهم من فضله بغير حساب ، فلا تعلم نفس ما أُخفي لهم من قرّة أعين بل ولا خطر على قلب ، هذا .
    واقتسموا أيضاً من جهة نيّات الإفطار والسحور على أصناف :
    منهم : من يأكل فطوره وسحوره بلا نيّة غير ما يقصده الآكلون بالطبع لدفع الجوع أو لذّة المأكول .
    ومنهم : من يقصد مع ذلك أنّه مستحبٌّ عند الله وأنّه عون على قوّة العبادة .
    ومنهم : من لا يكون قصده من الإفطار والتسحّر إلا كونهما مطلوبين
    لسيّدهم ومولاهم ، وعوناً على عبادته ، ويراعون مع ذلك آدابه المطلوبة من الذكر والعبر والكيفيّات ، ويقرأون ما استحبّ من قراءة القرآن والأدعية والحمد قبل الشروع وفي الأثناء وبعد الفراغ .
    ومن أهمّ ما يقرأ بعد البسملة فيهما قبل الشروع سورة القدر ، ومن أجلّ ما يقرأ قبل الإفطار الدعاء المرويّ في «الإقبال» بإسناده إلى مفضّل بن عمر ، عن الصادق عليه السلام قال : «إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لأمير المؤمنين ـ عليه الصلاة والسلام ـ : يا أبا الحسن ! هذا شهر رمضان قد أقبل فاجعل دعاءك قبل فطورك فإنّ جبرئيل جاءني فقال : يا محمد من دعا بهذا الدعاء في شهر رمضان قبل أن يفطر استجاب الله دعاءه وقبل صومه عنه وصلاته ، واستجاب له عشر دعوات ، وغفر له ذنبه ، وفرّج غمّه ، ونفّس كربته ، وقضى حوائجه ، وأنجح طلبته ، ورفع عمله مع أعمال النبيّين والصدّيقين وجاء يوم القيامة ووجهه أضوأ من القمر ليلة البدر فقلت : ما هو يا جبرئيل ؟ فقال : اللهم ربّ النور العظيم إلخ .
    ثمّ إنّ الذي في الأخبار هو كون الغيبة والكذبة والنظرة بعد النظرة والسبّ والظلم قليلها وكثيرها مفطراً ، وأن ليس الصوم من الطعام والشراب فقط ولكن إذا صمتَ فليصم سمعك وبصرك ولسانك وفرجك وبطنك ، واحفظ يدك ورجلك وأكثر السكوت إلا من خير ، وارفق بخادمك ، وأنّه إذا صمت فليصم سمعك وبصرك من الحرام والقبيح ، ودع المراء وأذى الخادم ، وليكن عليك وقار الصيام ، ولا تجعل يوم صومك كيوم فطرك ، وقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إنّ أيسرما افترض الله على الصائم في صيامه ترك الطعام والشراب ، وفتوى الفقهاء بصحّة صوم بعض هؤلاء إنّما يلتئم إذا أُريد من
    كلام الفقهاء في معنى الصحّة ما يكون مسقطاً للقضاء ومما في الأخبار ما يكون موجباً للقبول .
    وبالجملة الصوم الصحيح الكامل الذي شرّع الله تعالى لحكمة تكميل نفس الصائم ، هو ما يكون لا محالة تركاً لعصيان الجوارح كلّها فإن زاد الصائم مع ذلك ترك شغل القلب عن ذكر غير الله ، وصام عن كلّ ما سوى الله فهو الأكمل وإذا علم الانسان حقيقة الصوم ودرجاته وحكمة تشريعه ، فلا بدّ له من الاجتناب عن كلّ معصية وحرام لأجل قبول صومه لا محالة ، وإلا فهو مأخوذ مسؤول عن صوم جوارحه وليس معنى إسقاط القضاء أمراً ينفع الانسان يوم القيامة عن المؤاخذة ، هذا .
    وقد ورد في فضل شهر رمضان وبسط رحمة الله فيه من الأخبار أمر عظيم نافع جدّاً
    «لِمَن كان له قلبٌ أو ألقى السمعَ وهو شهيد» (ق : 37) .
    منها : أنّ لله تعالى في كلّ ليلة من شهر رمضان عند الافطار سبعين ألف ألف عتيق من النار كلا قد استوجب النار ، فإذا كان آخر ليلة من شهر رمضان أعتق فيها مثل ما أعتق في جميعه .
    وفي رواية أخرى : إذا كان أوّل ليلة من شهر رمضان غفر الله لمن شاء من الخلق ، إذا كانت الليلة التي تليها ضاعفهم ، فإذا كانت التي تليها ضاعف كلّما أعتق حتّى آخر ليلة في شهر رمضان يضاعف مثل ما أعتق في كلّ ليلة .

    لسيّدهم ومولاهم ، وعوناً على عبادته ، ويراعون مع ذلك آدابه المطلوبة من الذكر والعبر والكيفيّات ، ويقرأون ما استحبّ من قراءة القرآن والأدعية والحمد قبل الشروع وفي الأثناء وبعد الفراغ .
    ومن أهمّ ما يقرأ بعد البسملة فيهما قبل الشروع سورة القدر ، ومن أجلّ ما يقرأ قبل الإفطار الدعاء المرويّ في «الإقبال» بإسناده إلى مفضّل بن عمر ، عن الصادق عليه السلام قال : «إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لأمير المؤمنين ـ عليه الصلاة والسلام ـ : يا أبا الحسن ! هذا شهر رمضان قد أقبل فاجعل دعاءك قبل فطورك فإنّ جبرئيل جاءني فقال : يا محمد من دعا بهذا الدعاء في شهر رمضان قبل أن يفطر استجاب الله دعاءه وقبل صومه عنه وصلاته ، واستجاب له عشر دعوات ، وغفر له ذنبه ، وفرّج غمّه ، ونفّس كربته ، وقضى حوائجه ، وأنجح طلبته ، ورفع عمله مع أعمال النبيّين والصدّيقين وجاء يوم القيامة ووجهه أضوأ من القمر ليلة البدر فقلت : ما هو يا جبرئيل ؟ فقال : اللهم ربّ النور العظيم إلخ .
    ثمّ إنّ الذي في الأخبار هو كون الغيبة والكذبة والنظرة بعد النظرة والسبّ والظلم قليلها وكثيرها مفطراً ، وأن ليس الصوم من الطعام والشراب فقط ولكن إذا صمتَ فليصم سمعك وبصرك ولسانك وفرجك وبطنك ، واحفظ يدك ورجلك وأكثر السكوت إلا من خير ، وارفق بخادمك ، وأنّه إذا صمت فليصم سمعك وبصرك من الحرام والقبيح ، ودع المراء وأذى الخادم ، وليكن عليك وقار الصيام ، ولا تجعل يوم صومك كيوم فطرك ، وقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إنّ أيسرما افترض الله على الصائم في صيامه ترك الطعام والشراب ، وفتوى الفقهاء بصحّة صوم بعض هؤلاء إنّما يلتئم إذا أُريد من
    المراقبات 123

    ومنها : أنّك إذا عرفت المراد من جعل الصوم وإيجابه تعرف بذلك ما يكدّره وما يصفيه وتعلم معنى ما ورد فيه من أنّ الصوم ليس من الطعام والشراب فقط ، فإذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك حتّى ذكر في بعضها الجلد والشعر .
    ومنها : أنّك تعرف أنّ النيّة بهذا العمل لا يليق أن يكون لدفع العقاب فقط ، ولا يليق أن يكون لجلب ثواب جنّة النعيم وإن حصلا به ، بل حقّ نيّة هذا العمل أنّه مقرّب من الله وموصل إلى قربه وجواره ورضاه ، بل جعل هذا العمل لأنّ من جهة أنّه مخرج للانسان من أوصاف البهيمة ومقرّب إلى صفات الروحانيين نفس التقرّب .
    وإذا عرفت ذلك تعرف بأيسر ما تفطّن أنّ كلّ ما يلحقك من الأحوال والأفعال والأقوال المبعّدة لك عن مراتب الحضور فهو مخالف لمراد مولاك من تشريفك بهذه الدعوة والضيافة ، ولا ترضى أن تكون في دار ضيافة هذا الملك الجليل المنعم لك بهذا التشريف والتقريب ، العالم بسرائرك وخطرات قلبك ، غافلاً عنه وهو مراقب لك ، ومعرضاً عنه وهو مقبل عليك ، ولعمري إنّ هذا في حكم العقل من القبائح العظيمة التي لا يرضى العاقل أن يعامل صديقه بذلك ، ولكن كان من رفق الله وفضله لم يحرّم مثال هذه الغفلات ، وسامح عباده وكلّفهم دون وسعهم هذا ، ولكنّ الكرام من العبيد أيضاً لا يعاملون (ذلك) مع سيّدهم عند كلّ واجب وحرام بل يعاملونه بما يقتضيه حقّ السيادة والعبوديّة ، ويعدّون من اقتصر بذلك من اللئام .
    وبالجملة يعملون في صومهم بما وصى به الصادق عليه السلام وهي أمور : منها أن يكون حالك في صومك أن ترى نفسك مشرفاً للآخرة ، ويكون حالك حال الخضوع والخشوع ، والانكسار والذلّة ، ويكون حالك حال عبد خائف

    المراقبات 124

    من مولاه وقلبك طاهراً من العيوب ، وباطنك من الحيل والمكر ، وتتبرّأ إلى الله من كل ما هو دونه ، تخلص في صومك ولايتك لله ، وتخاف من الله القهّار حقّ مخافته ، وتبذل روحك وبدنك لله عزّ وجلّ في أيّام صومك وتفرغ قلبك لمحبّته وذكره ، وبدنك للعمل بأوامره وما دعاك إليه ، إلى غير ذلك ممّا أوصى به من حفظ الجوارح من المحذورات والمخالفات ، ولا سيّما اللسان ، حتّى المجادلة واليمين الصادقة ثمّ قال في آخر الرواية : إن عملت بجميع ما بيّنت لك فقد علمت بما يحقّ على الصائم ، وإن نقصت من ذلك فينقص من فضل صومك وثوابه بقدر ما نقصت ممّا ذكرت .
    أقول : فانظر بما في هذه الوصايا من وظائف الصائم ثمّ تأمّل في تأثيراته فاعلم أنّ من يرى نفسه مشرفاً للآخرة ، يخرج قلبه من الدنيا ، ولا يهتمّ إلا بتهيئة زاد للآخرة ، وهكذا إذا خضع قلبه وكان منكسراً وذليلاً بعد عن الفرح بغير الله والميل إليه ، ومن بذل روحه وبدنه لله وتبرّأ من كلّ شيء دون الله يكون روحه وقلبه وبدنه وكلّه مستهتراً في ذكر الله ومحبّة الله ، وعبادة الله ، ويكون صومه صوم المقرّبين ، رزقنا الله بحقّ أوليائه هذا الصوم ولو يوماً في عمرنا .
    وكيف كان مراتب الصوم ثلاثة :
    صوم العوامّ : وهو بترك الطعام والشراب والنساء على ما قرّره الفقهاء من واجباته ومحرّماته .
    وصوم الخواصّ : وهو ترك ذلك مع حفظ الجوارح من مخالفات الله جلّ جلاله .
    وصوم خواصّ الخواصّ : وهو ترك ما هو شاغل عن الله من حلال أو حرام .

    المراقبات 125

    ولكلّ واحد من المرتبتين الأخيرتين أصنافها كثيرة لا سيّما الأولى فإنّ أصنافه كثيرة لا تحصى بعدد مراتب أصحاب اليمين من المؤمنين بل كلّ نفس منهم له حدٌّ خاصٌّ لا يشبه حدّ صاحبه ومن أهل المراتب أيضاً من يقرّب عمله من عمل من فوقه ، وإن لم يكن منه .
    هذا من جهة ما يصام عنه ، وأمّا من جهة قصد الصيام ، فينقسم الصائمون أيضاً على أصناف :
    بعضهم ما قصدوا بصومهم قصداً صحيحاً يكفي في عدم بطلان عملهم ، بل صاموا لغير الله من خوف الناس ، ومن أجل جلب النفع منهم ، أو لمجرّد العادة المعمولة بين المسلمين .
    وبعضهم يكون صومهم مشوباً مع ذلك بشيء من خوف عقاب الله ورجاء ثوابه .
    وبعضهم يتمحّض قصدهم لأجل خوف العقاب أو الثواب الثاني قليل ، والأغلب من هذا الصنف يشترك في قصده جهة دفع العقاب ، وجلب الثواب .
    وبعضهم يدخل مع ذلك في قصدهم كونه مقرّباً إلى الله وموجباً لرضا الله .
    وبعضهم يتمحّض قصدهم في جهة القرب والرضا .
    وقد يقال : الأولى أن يتمحّض قصد بعض الكاملين في كونه تعالى أهلاً لأن يعبد ويخلص من شوب الرغب والرهب رأساً حتى الوصول إلى لقائه والزلفى لديه ، كونه موافقاً لرضاه ، ويعدّون العمل من جهة الرغبة في الوصال ناقصاً ورأيت من عبّر عن مثل هذا العمل بأنّه عبادة النفس .

    المراقبات 126

    أقول : لا أظنّ نبيّاً ولا وليّاً ولا ملكاً مقرّباً يخلص جميع أعماله من ذلك وعدّ العمل بقصد أنّه موصل إلى رضا الله وقربه وجواره عبادة النفس كما في كلمات بعض أهل المعرفة إفراط ، نعم لا بأس بأن يكون لأولياء الله في بعض حالاتهم وتجلّياتهم حال يصدر منهم العمل لمجرّد كونه تعالى أهلاً له ، مع نسيان جهة القرب والرضا ، ولكن لا أقول بإمكان دوام ذلك لأحد من الأنبياء فضلاً عن غيرهم أو وقوعه بل ولا أفضّل العمل لذلك على العمل لشوق الوصول إلى جوار الحبيب تعالى ، كيف ولا مرتقى فوق عبادة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين عليه السلام ؟ والأخبار كاشفة عن كون بعض أعمالهم أو أغلبها لمجرّد تحصيل رضا الرب تعالى وقربه .
    بل وأجسر وأقول : لا بأس أن يكون خوف العقاب أيضاً داخلاً في بعض الأحيان في قصودهم كيف ومن غلب عليه خوف عقاب الله بحيث غشي عليه من ذكر جهنّم لا يمكن أو يتعسّر أن لا يؤثّر ذلك في أعماله أصلاً ؟
    بل وظنّي أنّ أحوال الأنبياء والأولياء حتّى سيّدهم نبيّنا صلى الله عليه وآله وسلم ، كانت مختلفة ، وسبب اختلافها اختلاف تجلّيات أسماء الله تعالى لهم على وفق حكمة الله جل جلاله في تربيتهم وترفيع درجاتهم ، وتقريبهم من جواره ، وكان الله هو المتولّي لرياضة قلوبهم بذلك حتّى يكملوا كما في بعض فقرات الزيارة «مواليَّ لكم قلوب تولّى الله رياضتها بالخوف والرجاء» تارة يتجلّى لهم بالأسماء الجماليّة فيستأنسون لربّهم وتمنّون عليه بل يمنّون على غيرهم بالتصرّف في ملك مالكهم وسيّدهم ، أُخرى يتجلّى لهم بالأسماء القهريّة الجلاليّة ، فتراهم عند ذلك يتضرّعون ويستغفرون ويبكون ، ويناجونه بهذه المناجاة التي أغلبها الاستغفار والعوذة ، وطلب النجاة من جهنّم والنار كيف واختلاف أحوال الأنبياء شيء لا يخفى على من له أدنى مماسة بأخبارهم .

    المراقبات 127

    وقد روي لنا عن حالات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه كان في بعض حالاته يقول : كلّميني يا حميراء ، ومع ذلك قد كان ينتظر وقت الصلاة ويقول أرحني يا بلال ، وكان في بعض الأوقات يتغيّر لونه وحاله عند نزول الوحي ، وكان في بعض الأوقات يخاف عند هبوب الرياح من نزول البلاء ، وكلّ ذلك كاشف عن اختلاف الأحوال ، وهو لا يجتمع مع أن يتمخّض قصد العامل في جميع حركاته وسكناته عن جميع الوجوه إلا كونه تعالى أهلاً للعبادة ، هذا .
    ولا يبعد أن يكون المراد من قصد كونه تعالى أهلاً للعبادة في لسان العظماء من أهل العلم معنى يجتمع مع قصد قربه ورضاه ، فإنّ قصد قرب الحبيب أيضاً قد يكون لكونه أهلاً للتقرّب إليه لا للتنعُّم من عطائه ونعمه ، ولا للفرار من عقابه ، هذا أحد معنيي كون العمل لأنّه أهل للعبادة ، كما يشعر بذلك كلام سيد الأولياء أمير المؤمنين عليه السلام حيث يقول : «ماعبدتك خوفاً من نارك ، ولا طمعاً في جنّتك بل وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك» فإنّه عليه السلام جعل قصد كونه أهلاً للعبادة مقابلاً للعبادة من خوف النار وطمع الجنّة لا ما يعمّ الوصول إلى رضاه وقربه فكيف كان ، نسأل الله جل جلاله أن يمنّ علينا بتوفيق قصد قربه ورضاه ، بل ويكرّمنا بمعرفة المقصود من قربه ، بل التسليم لإمكانه إجمالاً ، أما ترى جماعة من أجلّة أهل العلم ينكرون تصوّر معنى لقربه تعالى ويقولون : معنى قصد القرب هو قصد أمره تعالى ، وما زاد على ذلك فهو يخاف تنزيهه تعالى ، وإن كانوا في هذه العقيدة غير مصيبين .
    ثمّ لا يذهب عليك أنّ القول ببطلان العبادة من جهة خوف العقاب أو طمع الجنّة وإن صدر عن بعض الأجلّة ولكنّه صادر عن الغفلة ولا غرو في وقوع أمثال هذه الغفلات والعثرات من الأجلّة والأعيان لحكمة إلهيّة في ابتلائهم بأمثاله .

    المراقبات 128

    ولا يذهب (عليك) أيضاً أنّ ما حكم به سيّدنا قدّس الله نفسه الزكيّة في إقباله بأنّ من عبد الله لمجرّد دفعه العقاب فهو من لئام العبيد ؛ إنّما هو كما صرّح به (قده) لمن كان ممّن لا يعبد لولا خوف العقاب ، فهو كما قال : يخالف كرائم الصفات ، بل مقصوده (قده) من لا يرى الله جل جلاله أهلاً للخدمة وهذا البتّة من لئام العبيد بل هذا الاعتقاد إنّما هو قذى في عين الإيمان والإسلام ، هذا .
    وقد يزيد المخلصون في السوم على أنفسهم ـ زيادة على عدم شغلهم بغير محبوبهم ـ بكمال الجدّ في الأعمال الشاقّة ، ولو رأوا عملين متساويين في الفضل لاختاروا أشقّهما على أنفسهم ، أولئك هم المقرّبون حقّاً ، ولله درّهم كما حكي ذلك صريحاً عن أمير المؤمنين عليه السلام هذا .
    وقد يقتسم الصائمون من جهة طعامهم وشرابهم إلى صنوف :
    منهم : من يكون مأكله ومشربه من الحرام المعلوم هذا مثله في بعض الوجوه مثل حمّال يحمل أثقال الناس إلى منازلهم فالأجر لمالك الطعام ، وله وزر ظلمه وغصبه ، أو مثله مثل من ركب دابّة مغصوبة إلى بيت الله وطاف بالبيت على هذه الدابّة المغصوبة .
    ومنهم من يكون (مأكله) ذلك من الشبهات : وهو على قسمين قسم يكون أخذ هذا المشتبه بالحرام الواقعيّ محلّلاً في الظاهر ، وقسم لا يكون محلّلاً ولو في الظاهر والأوّل يلحق في حكمه بمن يكون مأكله ومشربه من الحلال وإن كان دونه بدرجة ، والثاني بمن ياكل الحرام المعلوم وإن كان فوقه بدرجة .
    ومنهم : من يكون مأكله حلالاً معلوماً ولكن يترف في كيفيّته بالألوان

    المراقبات 129

    الكثيرة ، وفي مقداره على حدّ الامتلاء ، ومثله مثل خسيس الطبع الذي يشتغل في حضرة حبيبه بالالتذاذ بما يكرهه ، وهو متوقّع أن لا يلتذّ بشيء غير ذكره وقربه وهذا عبد خسيس لا يليق بمجالس الأحبّاء ، بل حقّه أن يترك وما يلتذّ به ، وهو لأن يعدّ عبد بطنه أولى من أن يعدّ عبد ربّه .
    ومنهم : من يكون حدّه في الكيفيّة والمقدار فوق الاتراف ويلحق بالاسراف والتبذير هذا أيضاً في حكمه ملحق بمن يأكل الحرام المعلوم وهو أيضاً بأن يعدُّ عاصياً أحقّ من أن يعدّ مطيعاً .
    ومنهم : من يكون مأكله ومتقلّبه كلّها محلّلة ولا يسرف ولا يترف بل يتواضع لله في مقدار طعامه وشرابه عن الحدّ المحلّل وغير المكروه ، وهكذا يترك اللذيذ ويقتصر في الأدام على لون واحد ، أو يترك بعض اللذائذ وبعض الزياد .
    فدرجاتهم عند ربّهم المراقب لحفظ مجاهداتهم ومراقباتهم محفوظة مجزية مشكورة ، ولا يظلمون فتيلاً فيجزيهم ربّهم بأحسن ما كانوا يعملون ، ويزيدهم من فضله بغير حساب ، فلا تعلم نفس ما أُخفي لهم من قرّة أعين بل ولا خطر على قلب ، هذا .
    واقتسموا أيضاً من جهة نيّات الإفطار والسحور على أصناف :
    منهم : من يأكل فطوره وسحوره بلا نيّة غير ما يقصده الآكلون بالطبع لدفع الجوع أو لذّة المأكول .
    ومنهم : من يقصد مع ذلك أنّه مستحبٌّ عند الله وأنّه عون على قوّة العبادة .
    ومنهم : من لا يكون قصده من الإفطار والتسحّر إلا كونهما مطلوبين
    التعديل الأخير تم بواسطة صادق مهدي حسن; الساعة 16-05-2019, 10:25 PM.
    يا أرحم الراحمين

    تعليق


    • #3
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      اللهم صلي على محمد وال محمد
      ⭐🧚‍♂️⭐🧚‍♂️⭐🧚‍♂️⭐🧚‍♂️⭐

      قسّم علماء الأخلاق الصوم إلى ثلاثة أقسام هي:1. الصوم العام.2. الصوم الخاص.3. الصوم خاص الخاص.الصوم العام: هو الكف عن المفطرات المذكورة في الكتب الفقهية والرسائل العملية من الأكل والشرب والكذب على الله ورسوله، والارتماس في الماء، والبقاء على الجنابة حتى الفجر، والتقيؤ عمداً وغيرها من الأمور التي إن لم يلتزم بها المرء لا يصدق عليه أنه صائم.
      يقول الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): «مَن طلب شيئاً ناله أو بعضه»[3].
      â*گâ*گâ*گâ*گâ*گâ*گâ*گâ*گâ*گ
      أما الصوم الخاص: ـ وهو أرقى من الأوّل وأرفع درجة ـ فهو الكف عن المحرمات كلها إضافة إلى ما ذكر، أو ما يسمى بصوم الجوارح مثل: كف السمع عن محرمات السمع كالاستماع إلى الغيبة، وكف البصر عن محرماته كالنظر إلى المرأة الأجنبية بريبة، وكف اللسان عما لا يحل له كالكذب واغتياب الآخرين، وهكذا.
      أدب الصوم




      رُوِيَ عن الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ) أنهُ قَالَ : " إِذَا صُمْتَ فَلْيَصُمْ سَمْعُكَ وَ بَصَرُكَ مِنَ الْحَرَامِ وَ الْقَبِيحِ ، وَ دَعِ الْمِرَاءَ وَ أَذَى الْخَادِمِ ، وَ لْيَكُنْ عَلَيْكَ وَقَارُ الصِّيَامِ ، وَ لَا تَجْعَلْ يَوْمَ صَوْمِكَ كَيَوْمِ فِطْرِكَ " 1 .


      â*گâ*گâ*گâ*گâ*گâ*گâ*گâ*گâ*گ
      الصوم خاص الخاص: فلا يتوقف حتى عند هذا الحد بل يترقى ليشمل النوايا والفكر أيضاً. فالصائم في هذه المرتبة لا يقتصر على الكف عن المفطرات وعموم المحرمات فحسب بل لا يفكر فيها ولا تحدّثه نفسه بها.أي أن هناك فريقاً من الناس لا يتورعون عن المعصية ويكفون عنها وعن المحرمات فحسب بل يتورعون عن التفكير فيها أيضاً، فهم يصومون عن المفطرات العامة، وتصوم جوارحهم عن ارتكاب الذنوب، كما تصوم جانحتهم عن التفكير فيها. وهذا صوم خاص الخاص. وهو أعلى مراتب الصوم وأقسامه

      قال (ع) يقول الله تبارك وتعالى: "الصوم لي وأنا أجزي به"، [روضة المتقين ج3، ص225
      ولعبارة (الصوم لي)، خصوصية يريد الله أن يبينها، فالصيام ملك الله سبحانه والإنسان يمسك منذ الفجر حتى الإفطار، وهذه درجة للصائم، بها يسعى لئلا يحترق بالنار وأن يدخل الجنة، (جنات تجري من تحتها الأنهار)، (آل عمران: 189) الجنة التي يقول عنها (فادخلي في عبادي وادخلي جنتي)، (آل عمران: 15) فالذي كل همه وتفكيره بحلول وقت الافطار، ويشعر بالارتياح عند إفطاره وكأنه انتهى من عذاب الصيام، لا يصل إلى الحرم الإلهي، ولا إلى لقاء الله عز وجل، فإلى جانب أحكام الصيام وآدابه الخاصة به، هناك سر وهو لقاء المحبوب ألا وهو الله عز وجل.
      هذا الحديث يوجد الشوق في الإنسان ومن ثم يجعله عاشقاً فالإنسان بغير الشوق لا يتحرك ولا يسعى، عندما يكون الصيام لله، فماذا يعطى للصائم؟ إن الله نفسه يعطي الصائم ثوابه، وبتعبير المرحوم.
      يقول محمد تقي المجلسي ـ قدس الله نفسه الزكية ـ في كتاب روضة المتقين في شرح كتاب من لا يحضره الفقيه ـ الذي هو من كتب الإمامية القيمة ـ، [روضة المتقين: ج3، ص225] إن الله عز وجل لم يكتف بالقول (الصوم لي) بل قال: (وأنا أجزي به) وهنا قدم ضمير المتكلم على الفعل، ولم يقل وأجزي به، بل قدم نفسه تعالى وقال: الصوم لي وأنا أجزي به، أنا أعطي ثواب الصائم، فالله سبحانه لا يقول للملائكة: أدخلكم الجنة ولكن يقول: أنا أجازي الصائم، فكيف يجازي الله الصائم؟ إنه يقول لمجموعة من البشر: (فادخلي في عبادي وادخلي جنتي)، (الفجر: 30) فهي لأولئك الأولياء الربانيين الذين يصومون الصيام المستحب، ويعطون إفطارهم لليتيم والمسكين والأسير، وأولئك تكون (جنات تجري من تحتها الأنهار)، باختيارهم وتحت تصرفهم، لأنهم يسعون لمطلب أسمى، أما الذي يصوم لكي يدخل الجنة ويأكل من فاكهتها، فلا يحصل إلا على فائدة واحدة فقط.

      تعليق


      • #4
        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
        اللهم صل على محمد وال محمد
        *********************
        جواب السؤال الحادي عشر
        ***************
        روي عن الإمام علي(عليه السلام) قوله(إنّ صيام القلب خيرٌ من صيام اللّسان وصيامَ اللّسان خيرٌ من صيام البطن) ومن هنا ورد تفاوت في تأثير درجات الصوم وبناء عليه فقد قسّم علماءُ الأخلاق الصوم الى ثلاثة أقسام هي:
        1-الصوم العام.
        2-الصوم الخاص.
        3-الصوم خاص الخاص.
        الصوم العام: هو الكف عن المفطرات المذكورة في الكتب الفقهية والرسائل العملية من الأكل والشرب والكذب على الله ورسوله، والارتماس في الماء والبقاء على الجنابة حتى الفجر والتقيؤ عمداً وغيرها من الأمور التي إن لم يلتزم بها المرء لا يصدق عليه أنه صائم.
        أما الصوم الخاص: ـ وهو أرقى من الأوّل وأرفع درجة ـ فهو الكف عن المحرمات كلها إضافة إلى ما ذكر، أو ما يسمى بصوم الجوارح مثل: كف السمع عن محرمات السمع كالاستماع إلى الغيبة وكف البصر عن محرماته كالنظر إلى المرأة الأجنبية بريبة، وكف اللسان عما لا يحل له كالكذب واغتياب الآخرين، وهكذا.(عن الإمام الصادق(عليه السلام) قوله: (إذا صُمتَ فلْيصُمْ سمعُك وبصرُك وشعرُك وجلدُك...).
        وأما الصوم خاص الخاص: فلا يتوقف حتى عند هذا الحد بل يترقى ليشمل النوايا والفكر أيضاً. فالصائم في هذه المرتبة لا يقتصر على الكف عن المفطرات وعموم المحرمات فحسب بل لا يفكر فيها ولا تحدّثه نفسه بها.
        أي أن هناك فريقاً من الناس لا يتورعون عن المعصية ويكفون عنها وعن المحرمات فحسب بل يتورعون عن التفكير فيها أيضاً، فهم يصومون عن المفطرات العامة، وتصوم جوارحهم عن ارتكاب الذنوب، كما تصوم جانحتهم عن التفكير فيها. وهذا صوم خاص الخاص. وهو أعلى مراتب الصوم (يقول الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)مَن طلب شيئاً ناله أو بعضه.
        لو أن أحداً صمم وعزم على الالتزام بالقسم الثالث والمرتبة الأعلى من الصوم أي نوى الكف عن المفطرات وسائر المحرمات وكذلك التفكير فيها أيضاً، فإنه قد يوفق لبلوغ المرتبة الثانية أي ترك المحرمات وصوم الجوارح إلى جانب ترك المفطرات العامة للصوم، فلو راجع نفسه بعد شهر رمضان لرأى أن فكره لم يكن صائماً وأنه ربما تخلف عدة مرات وفكّر في الحرام، لكن جوارحه قد صامت والحمد لله.قال الامام الصادق عليه السلام تفكر ساعة خير من عبادة ستين سنة.
        ولنحدد المحرمات التي تواجهنا كما علينا أن ننظر ما هي محرمات البصر وما هي محرمات السمع وما هي محرمات اللسان ثم نصمم على الكف عنها ونحاول ذلك.ففي بعض الأدعية:إلهي خلقتني سميعاً فطالما كرهت سماعي وأنطقتني فكثر في معاصيك منطقي وبصّرتني فعمى عن الرشد بصري وجعلتني سميعاً بصيراً فكثر فيما يرديني سمعي وبصري
        التعديل الأخير تم بواسطة خادمة الحوراء زينب 1; الساعة 16-05-2019, 11:11 PM.

        تعليق


        • #5

          اللهم صل على محمد وال محمد

          تعليق


          • #6
            اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
            تقبل الله صيامكم وقيامكم


            روي عن الإمام علي(عليه السلام) قوله: (إنّ صيام القلب خيرٌ من صيام اللّسان، وصيامَ اللّسان خيرٌ من صيام البطن) ومن هنا ورد تفاوت في تأثير درجات الصوم وبناء عليه فقد قسّم علماءُ الأخلاق الصوم الى ثلاثة أقسام هي:



            الأوّل: صوم خاصّ الخاصّ: وهو صيام القلب والعقل والنفس والمشاعر في السرّ والعلن، عن الهمم الدنيّة والأفكار الدنيويّة وكفّه عمّا سوى الله بالكليّة، ويحصل الفطر في هذا الصوم بالتفكّر فيما سوى الله واليوم الآخر، وبالتفكّر في الدنيا إلّا دنياً تُراد للدين، فإنّ ذلك زاد الآخرة، فيشمل هذا الصوم كفّ القلب وتحصينه عن كلّ ما يشغله سوى الله تعالى حلالاً كان الشاغل أم حراماً.


            الثاني: صوم الخاصّ: وهو أرقى وأرفع درجةً من الصوم العامّ، فهو إضافةً إلى ترك المفطّرات المذكورة في الصوم العام، أن تصوم معه جوارحُه عن المآثم والمكروهات والمشتبهات وعن جميع ما لا يُحمد ولا يَحسُنُ بالعبد المطيع من الأقوال والأفعال والحركات، ومن هنا ورد عن الإمام الصادق(عليه السلام) قوله: (إذا صُمتَ فلْيصُمْ سمعُك وبصرُك وشعرُك وجلدُك...).
            وصوم الجوارح يعني أن تُمنع وتُصان كلّ جارحة من المحرّمات والمكروهات والمشتبهات التي تأتي من قبلها، فيكفّ اللّسانُ عن الكلام غير المرضيّ، والسمع عن الغيبة، والبصر عن النظر إلى المرأة الأجنبية بريبة، وغيرها من الاُمور.



            الثالث: صومُ العام: وهو الكفُّ عن المفطِّرات المذكورة في الكتب الفقهيّة والرسائل العمليّة للفقهاء المجتهدين، وهذا القسم من الصوم يشترك بالإتيان به كلُّ المكلّفين، حيث يؤدّون الفرض الواجب عليهم ويبتغون به نيل المثوبة والرضا من الله تعالى وامتثال أمره. وهذا القسم من الصوم أدنى الأقسام في المنزلة. إذ قد يصوم الإنسان ويكفّ نفسه عن المفطّرات إلّا أنّه يطلق لنفسه ارتكاب المحارم والمآثم التي لم تحكم ظواهر الشريعة بأنّها من المفطّرات، كمن يصوم عن المفطّرات الظاهرة، ولكنّه لا يبالي بالنظرة المحرّمة والغيبة الخبيثة وغير ذلك.
            sigpic

            قال رسول الله (ص):

            (مَن سرَّ مؤمناً ، فقد سرّني ، ومن سرَّني فقد سرّ الله )



            صدق رسول الله

            تعليق


            • #7
              بسم الله الرحمن الرحيم
              اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

              جواب السؤال 11

              ⁉️⁉️⁉️⁉️⁉️⁉️⁉️⁉️⁉️
              هناك ثلاثة اقسام للصوم :

              الأوّل: صوم خاصّ الخاصّ: وهو صيام القلب والعقل والنفس والمشاعر في السرّ والعلن، عن الهمم الدنيّة والأفكار الدنيويّة وكفّه عمّا سوى الله بالكليّة، ويحصل الفطر في هذا الصوم بالتفكّر فيما سوى الله واليوم الآخر، وبالتفكّر في الدنيا إلّا دنياً تُراد للدين، فإنّ ذلك زاد الآخرة، فيشمل هذا الصوم كفّ القلب وتحصينه عن كلّ ما يشغله سوى الله تعالى .

              ➿➿➿➿➿➿➿

              الثاني: صوم الخاصّ: وهو أرقى وأرفع درجةً من الصوم العامّ، فهو إضافةً إلى ترك المفطّرات المذكورة في الصوم العام، أن تصوم معه جوارحُه عن المآثم والمكروهات والمشتبهات وعن جميع ما لا يُحمد ولا يَحسُنُ بالعبد المطيع من الأقوال والأفعال والحركات، ومن هنا ورد عن الإمام الصادق(عليه السلام) قوله: إذا صُمتَ فلْيصُمْ سمعُك وبصرُك وشعرُك وجلدُك

              وصوم الجوارح يعني أن تُمنع وتُصان كلّ جارحة من المحرّمات والمكروهات والمشتبهات التي تأتي من قبلها، فيكفّ اللّسانُ عن الكلام غير المرضيّ، والسمع ، والبصر .

              ➿➿➿➿➿➿

              الثالث: صومُ العام: وهو الكفُّ عن المفطِّرات المذكورة في الكتب الفقهيّة والرسائل العمليّة للفقهاء المجتهدين، وهذا القسم من الصوم يشترك بالإتيان به كلُّ المكلّفين، حيث يؤدّون الفرض الواجب عليهم ويبتغون به نيل المثوبة والرضا من الله تعالى وامتثال أمره.


              ⛓⛓⛓⛓⛓⛓⛓⛓

              تعليق


              • #8
                المشاركة الأصلية بواسطة صدى المهدي مشاهدة المشاركة


                بسم الله الرحمن الرحيم
                الاسماء التي شاركت معنا هم


                صادق مهدي حسن 10 نقطة
                خادمة ام ابيها 10 نقطة
                فداء الكوثر10 نقطة
                خادمة الحوراء زينب 10 نقطة
                حمامة السلام 10 نقطة

                ام كرار 10 نقطة

                روضة الزهراء 6 نقطة
                محبة الزهراء 1 نقطة


                السؤال 11


                لقد قسَّم علماء الأخلاق الصوم إلى ثلاثة أقسام
                الأوّل: الصوم العام.
                الثاني: الصوم الخاص.
                الثالث: الصوم خاص الخاص
                وضح معنى انواع الصوم هنا واسنده بالاحاديث القدسية لاهل البيت عليهم السلام

                انتظر اجاباتكم الكريمة
                موفقين يارب ف الدنيا والاخرة


                اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
                السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                تقبل الله صيامكم و طاعاتكم
                الصوم بذاته كعبادة منظمة منظَّم إلى أقسام ثلاثة ـ وفق المتخصصين في علم الأخلاق ـ وهي الصوم العام والخاص وخاص الخاص, فالإنسان المكلف يرتقي من قسم إلى آخر بغية التكامل النفسي والأخلاقي حيث يبتدأ بالصوم العام وكما يعِّرفه سماحة المرجع الشيرازي هو:*«الكف عن المفطرات المذكورة في الكتب الفقهية والرسائل العملية من الأكل والشرب والكذب على الله ورسوله, والإرتماس في الماء, والبقاء على الجنابة حتى الفجر, والتقيؤ عمداً وغيرها من الأمورالتي إن لم يلتزم بها المرء لا يصدق عليه انه صائم».

                وإذا ترقى إلى مرتبة تكاملية أعلى فنوع صومه يختلف ما يعرف بالصوم الخاص وحوله يعقب سماحة المرجع بقوله:*«وهو أرقى من الأول (أي من الصوم العام) وأرفع درجة ـ فهو الكف عن المحرمات كلها إضافة إلى ما ذكر, أو ما يسمى بصوم الجوارح مثل: كف السمع عن محرمات السمع كالاستماع إلى الغيبة, وكف البصر عن محرماته كالنظر إلى المرأة الأجنبية بريبة, وكف اللسان عما لا يحل له كالكذب واغتياب الآخرين, وهكذا».

                ثم تتسامى النفس بتكاملها فتصوم صوماً يعرف بخاص الخاص عاكساً صفاء النفس وشفافيتها وعلو شأنها وفي هذا النوع من الصوم يبلغ الإنسان تكاملاً من صنف خاص يعقب سماحته حوله قائلاً:*«وأما الصوم خاص الخاص: فلا يتوقف حتى عند هذا الحد ـ أي المرتبة الثانية وهي الصوم الخاص ـ بل يرتقى ليشمل النوايا والفكر أيضاً. فالصائم في هذه المرتبة لا يقتصر على الكف عن المفطرات وعموم المحرمات فحسب بلا يفكر فيها ولا تحدثه نفسه بها.

                أي أن هناك فريقاً من الناس لا يتورعون عن المعصية ويكفون عنها وعن المحرمات فحسب بل يتورعون عن التفكير فيها أيضاً, فهم يصومون عن المفطرات العامة, وتصوم جوارحهم عن ارتكاب الذنوب, كما تصوم جوانحهم عن التفكير فيها, وهذا الصوم خاص الخاص وهو أعلى مراتب الصوم وأقسامه».


                فقد روي عن الإمام علي(عليه السلام) قوله: (إنّ صيام القلب خيرٌ من صيام اللّسان، وصيامَ اللّسان خيرٌ من صيام البطن).
                التعديل الأخير تم بواسطة محبةالزهراء١٢; الساعة 17-05-2019, 11:59 AM.

                تعليق


                • #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة صادق مهدي حسن مشاهدة المشاركة
                  الرد
                  ===
                  الصوم على ثلاثة أنواع : صوم العوام وصوم الخواص وصوم خواص الخواص .
                  أما صوم العوام : فهو الإمساك عن الأكل والشرب والجماع وغيرها من المفطرات التي يأتي بيانها ، وبه يؤدي الواجب ظاهرا .
                  وأما صوم الخواص : فهو زيادة على ذلك الإمساك صوم الأعضاء والجوارح والحواس الظاهرة عن المنهيات الشرعية ، فتصوم العين عن المحرمات ويغض النظر إلى ما حرم الله عليه في القرآن والسنة ، وتصوم السامعة عن استماع الغيبة والبهتان وأنواع الأغنية المحرمة ، ويصوم اللسان عن الغيبة والافتراء والفحش وسوء الكلام وأمثالها ، واليد عن البطش على الضعفاء من غير حق ، والرجل عن السعي إلى مجالس اللهو واللعب وغيرها من المحافل الغير المشروعة .
                  وأما صوم خواص الخواص : فهو زيادة على ما ذكر من صوم العوام والخواص ، صوم القلب عن غير ذكر الله تعالى وبالأخص عن الرذائل الأخلاقية من البخل والجبن ، والغل والحقد والحسد والبغضاء والشحناء والقساوة وأمثالها .
                  وقد جاء فيما ذكر أحاديث وروايات عن المعصومين عليهم السلام وتفاصيل من الحكماء وعلماء الأخلاق وأذكر هنا رواية واحدة تيمنا وتبركا :
                  عن جراح المدائني عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( إن الصيام ليس من الطعام والشراب وحده . ثم قال : قالت مريم ( إني نذرت للرحمن صوما ) أي صمتا ، فإذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم وغضوا أبصاركم ، لا تنازعوا ولا تحاسدوا . قال : وسمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم امرأة تسب جاريتها وهي صائمة ، فدعا رسول الله بطعام فقال كلي ، فقالت إني صائمة ، فقال كيف تكونين صائمة وقد سببت جاريتك . إن الصوم ليس من الطعام والشراب ) . قال وقال أبو عبد الله عليه السلام : ( إذا صمت فليصم سمعك وبصرك من الحرام والقبيح ، ودع المرأة وأذى الخادم وليكن عليك وقار الصيام ولا تجعل يوم صومك كيوم فطرك ) .
                  أقول : وفي الواقع شهر الصيام شهر العبادة وشهر الرياضة وشهر التمرين حتى يكون الصائم صحيحاً سالما في الجسد والروح وإنسانا كاملا في صفاته وحركاته وسعيدا ناجحا في جميع أوقاته وطول حياته .
                  ======
                  صوم العوامّ : وهو بترك الطعام والشراب والنساء على ما قرّره الفقهاء من واجباته ومحرّماته .
                  وصوم الخواصّ : وهو ترك ذلك مع حفظ الجوارح من مخالفات الله جلّ جلاله .
                  وصوم خواصّ الخواصّ : وهو ترك ما هو شاغل عن الله من حلال أو حرام .
                  ولكلّ واحد من المرتبتين الأخيرتين أصنافها كثيرة لا سيّما الأولى فإنّ أصنافه كثيرة لا تحصى بعدد مراتب أصحاب اليمين من المؤمنين بل كلّ نفس منهم له حدٌّ خاصٌّ لا يشبه حدّ صاحبه ومن أهل المراتب أيضاً من يقرّب عمله من عمل من فوقه ، وإن لم يكن منه .
                  هذا من جهة ما يصام عنه ، وأمّا من جهة قصد الصيام ، فينقسم الصائمون أيضاً على أصناف :
                  بعضهم ما قصدوا بصومهم قصداً صحيحاً يكفي في عدم بطلان عملهم ، بل صاموا لغير الله من خوف الناس ، ومن أجل جلب النفع منهم ، أو لمجرّد العادة المعمولة بين المسلمين .
                  وبعضهم يكون صومهم مشوباً مع ذلك بشيء من خوف عقاب الله ورجاء ثوابه .
                  وبعضهم يتمحّض قصدهم لأجل خوف العقاب أو الثواب الثاني قليل ، والأغلب من هذا الصنف يشترك في قصده جهة دفع العقاب ، وجلب الثواب .
                  وبعضهم يدخل مع ذلك في قصدهم كونه مقرّباً إلى الله وموجباً لرضا الله .
                  وبعضهم يتمحّض قصدهم في جهة القرب والرضا .
                  وقد يقال : الأولى أن يتمحّض قصد بعض الكاملين في كونه تعالى أهلاً لأن يعبد ويخلص من شوب الرغب والرهب رأساً حتى الوصول إلى لقائه والزلفى لديه ، كونه موافقاً لرضاه ، ويعدّون العمل من جهة الرغبة في الوصال ناقصاً ورأيت من عبّر عن مثل هذا العمل بأنّه عبادة النفس .
                  أقول : لا أظنّ نبيّاً ولا وليّاً ولا ملكاً مقرّباً يخلص جميع أعماله من ذلك وعدّ العمل بقصد أنّه موصل إلى رضا الله وقربه وجواره عبادة النفس كما في كلمات بعض أهل المعرفة إفراط ، نعم لا بأس بأن يكون لأولياء الله في بعض حالاتهم وتجلّياتهم حال يصدر منهم العمل لمجرّد كونه تعالى أهلاً له ، مع نسيان جهة القرب والرضا ، ولكن لا أقول بإمكان دوام ذلك لأحد من الأنبياء فضلاً عن غيرهم أو وقوعه بل ولا أفضّل العمل لذلك على العمل لشوق الوصول إلى جوار الحبيب تعالى ، كيف ولا مرتقى فوق عبادة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين عليه السلام ؟ والأخبار كاشفة عن كون بعض أعمالهم أو أغلبها لمجرّد تحصيل رضا الرب تعالى وقربه .
                  بل وأجسر وأقول : لا بأس أن يكون خوف العقاب أيضاً داخلاً في بعض الأحيان في قصودهم كيف ومن غلب عليه خوف عقاب الله بحيث غشي عليه من ذكر جهنّم لا يمكن أو يتعسّر أن لا يؤثّر ذلك في أعماله أصلاً ؟
                  بل وظنّي أنّ أحوال الأنبياء والأولياء حتّى سيّدهم نبيّنا صلى الله عليه وآله وسلم ، كانت مختلفة ، وسبب اختلافها اختلاف تجلّيات أسماء الله تعالى لهم على وفق حكمة الله جل جلاله في تربيتهم وترفيع درجاتهم ، وتقريبهم من جواره ، وكان الله هو المتولّي لرياضة قلوبهم بذلك حتّى يكملوا كما في بعض فقرات الزيارة «مواليَّ لكم قلوب تولّى الله رياضتها بالخوف والرجاء» تارة يتجلّى لهم بالأسماء الجماليّة فيستأنسون لربّهم وتمنّون عليه بل يمنّون على غيرهم بالتصرّف في ملك مالكهم وسيّدهم ، أُخرى يتجلّى لهم بالأسماء القهريّة الجلاليّة ، فتراهم عند ذلك يتضرّعون ويستغفرون ويبكون ، ويناجونه بهذه المناجاة التي أغلبها الاستغفار والعوذة ، وطلب النجاة من جهنّم والنار كيف واختلاف أحوال الأنبياء شيء لا يخفى على من له أدنى مماسة بأخبارهم .
                  وقد روي لنا عن حالات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه كان في بعض حالاته يقول : كلّميني يا حميراء ، ومع ذلك قد كان ينتظر وقت الصلاة ويقول أرحني يا بلال ، وكان في بعض الأوقات يتغيّر لونه وحاله عند نزول الوحي ، وكان في بعض الأوقات يخاف عند هبوب الرياح من نزول البلاء ، وكلّ ذلك كاشف عن اختلاف الأحوال ، وهو لا يجتمع مع أن يتمخّض قصد العامل في جميع حركاته وسكناته عن جميع الوجوه إلا كونه تعالى أهلاً للعبادة ، هذا .
                  ولا يبعد أن يكون المراد من قصد كونه تعالى أهلاً للعبادة في لسان العظماء من أهل العلم معنى يجتمع مع قصد قربه ورضاه ، فإنّ قصد قرب الحبيب أيضاً قد يكون لكونه أهلاً للتقرّب إليه لا للتنعُّم من عطائه ونعمه ، ولا للفرار من عقابه ، هذا أحد معنيي كون العمل لأنّه أهل للعبادة ، كما يشعر بذلك كلام سيد الأولياء أمير المؤمنين عليه السلام حيث يقول : «ماعبدتك خوفاً من نارك ، ولا طمعاً في جنّتك بل وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك» فإنّه عليه السلام جعل قصد كونه أهلاً للعبادة مقابلاً للعبادة من خوف النار وطمع الجنّة لا ما يعمّ الوصول إلى رضاه وقربه فكيف كان ، نسأل الله جل جلاله أن يمنّ علينا بتوفيق قصد قربه ورضاه ، بل ويكرّمنا بمعرفة المقصود من قربه ، بل التسليم لإمكانه إجمالاً ، أما ترى جماعة من أجلّة أهل العلم ينكرون تصوّر معنى لقربه تعالى ويقولون : معنى قصد القرب هو قصد أمره تعالى ، وما زاد على ذلك فهو يخاف تنزيهه تعالى ، وإن كانوا في هذه العقيدة غير مصيبين .
                  ثمّ لا يذهب عليك أنّ القول ببطلان العبادة من جهة خوف العقاب أو طمع الجنّة وإن صدر عن بعض الأجلّة ولكنّه صادر عن الغفلة ولا غرو في وقوع أمثال هذه الغفلات والعثرات من الأجلّة والأعيان لحكمة إلهيّة في ابتلائهم بأمثاله .
                  ولا يذهب (عليك) أيضاً أنّ ما حكم به سيّدنا قدّس الله نفسه الزكيّة في إقباله بأنّ من عبد الله لمجرّد دفعه العقاب فهو من لئام العبيد ؛ إنّما هو كما صرّح به (قده) لمن كان ممّن لا يعبد لولا خوف العقاب ، فهو كما قال : يخالف كرائم الصفات ، بل مقصوده (قده) من لا يرى الله جل جلاله أهلاً للخدمة وهذا البتّة من لئام العبيد بل هذا الاعتقاد إنّما هو قذى في عين الإيمان والإسلام ، هذا .
                  وقد يزيد المخلصون في السوم على أنفسهم ـ زيادة على عدم شغلهم بغير محبوبهم ـ بكمال الجدّ في الأعمال الشاقّة ، ولو رأوا عملين متساويين في الفضل لاختاروا أشقّهما على أنفسهم ، أولئك هم المقرّبون حقّاً ، ولله درّهم كما حكي ذلك صريحاً عن أمير المؤمنين عليه السلام هذا .
                  وقد يقتسم الصائمون من جهة طعامهم وشرابهم إلى صنوف :
                  منهم : من يكون مأكله ومشربه من الحرام المعلوم هذا مثله في بعض الوجوه مثل حمّال يحمل أثقال الناس إلى منازلهم فالأجر لمالك الطعام ، وله وزر ظلمه وغصبه ، أو مثله مثل من ركب دابّة مغصوبة إلى بيت الله وطاف بالبيت على هذه الدابّة المغصوبة .
                  ومنهم من يكون (مأكله) ذلك من الشبهات : وهو على قسمين قسم يكون أخذ هذا المشتبه بالحرام الواقعيّ محلّلاً في الظاهر ، وقسم لا يكون محلّلاً ولو في الظاهر والأوّل يلحق في حكمه بمن يكون مأكله ومشربه من الحلال وإن كان دونه بدرجة ، والثاني بمن ياكل الحرام المعلوم وإن كان فوقه بدرجة .
                  ومنهم : من يكون مأكله حلالاً معلوماً ولكن يترف في كيفيّته بالألوان
                  الكثيرة ، وفي مقداره على حدّ الامتلاء ، ومثله مثل خسيس الطبع الذي يشتغل في حضرة حبيبه بالالتذاذ بما يكرهه ، وهو متوقّع أن لا يلتذّ بشيء غير ذكره وقربه وهذا عبد خسيس لا يليق بمجالس الأحبّاء ، بل حقّه أن يترك وما يلتذّ به ، وهو لأن يعدّ عبد بطنه أولى من أن يعدّ عبد ربّه .
                  ومنهم : من يكون حدّه في الكيفيّة والمقدار فوق الاتراف ويلحق بالاسراف والتبذير هذا أيضاً في حكمه ملحق بمن يأكل الحرام المعلوم وهو أيضاً بأن يعدُّ عاصياً أحقّ من أن يعدّ مطيعاً .
                  ومنهم : من يكون مأكله ومتقلّبه كلّها محلّلة ولا يسرف ولا يترف بل يتواضع لله في مقدار طعامه وشرابه عن الحدّ المحلّل وغير المكروه ، وهكذا يترك اللذيذ ويقتصر في الأدام على لون واحد ، أو يترك بعض اللذائذ وبعض الزياد .
                  فدرجاتهم عند ربّهم المراقب لحفظ مجاهداتهم ومراقباتهم محفوظة مجزية مشكورة ، ولا يظلمون فتيلاً فيجزيهم ربّهم بأحسن ما كانوا يعملون ، ويزيدهم من فضله بغير حساب ، فلا تعلم نفس ما أُخفي لهم من قرّة أعين بل ولا خطر على قلب ، هذا .
                  واقتسموا أيضاً من جهة نيّات الإفطار والسحور على أصناف :
                  منهم : من يأكل فطوره وسحوره بلا نيّة غير ما يقصده الآكلون بالطبع لدفع الجوع أو لذّة المأكول .
                  ومنهم : من يقصد مع ذلك أنّه مستحبٌّ عند الله وأنّه عون على قوّة العبادة .
                  ومنهم : من لا يكون قصده من الإفطار والتسحّر إلا كونهما مطلوبين
                  لسيّدهم ومولاهم ، وعوناً على عبادته ، ويراعون مع ذلك آدابه المطلوبة من الذكر والعبر والكيفيّات ، ويقرأون ما استحبّ من قراءة القرآن والأدعية والحمد قبل الشروع وفي الأثناء وبعد الفراغ .
                  ومن أهمّ ما يقرأ بعد البسملة فيهما قبل الشروع سورة القدر ، ومن أجلّ ما يقرأ قبل الإفطار الدعاء المرويّ في «الإقبال» بإسناده إلى مفضّل بن عمر ، عن الصادق عليه السلام قال : «إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لأمير المؤمنين ـ عليه الصلاة والسلام ـ : يا أبا الحسن ! هذا شهر رمضان قد أقبل فاجعل دعاءك قبل فطورك فإنّ جبرئيل جاءني فقال : يا محمد من دعا بهذا الدعاء في شهر رمضان قبل أن يفطر استجاب الله دعاءه وقبل صومه عنه وصلاته ، واستجاب له عشر دعوات ، وغفر له ذنبه ، وفرّج غمّه ، ونفّس كربته ، وقضى حوائجه ، وأنجح طلبته ، ورفع عمله مع أعمال النبيّين والصدّيقين وجاء يوم القيامة ووجهه أضوأ من القمر ليلة البدر فقلت : ما هو يا جبرئيل ؟ فقال : اللهم ربّ النور العظيم إلخ .
                  ثمّ إنّ الذي في الأخبار هو كون الغيبة والكذبة والنظرة بعد النظرة والسبّ والظلم قليلها وكثيرها مفطراً ، وأن ليس الصوم من الطعام والشراب فقط ولكن إذا صمتَ فليصم سمعك وبصرك ولسانك وفرجك وبطنك ، واحفظ يدك ورجلك وأكثر السكوت إلا من خير ، وارفق بخادمك ، وأنّه إذا صمت فليصم سمعك وبصرك من الحرام والقبيح ، ودع المراء وأذى الخادم ، وليكن عليك وقار الصيام ، ولا تجعل يوم صومك كيوم فطرك ، وقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إنّ أيسرما افترض الله على الصائم في صيامه ترك الطعام والشراب ، وفتوى الفقهاء بصحّة صوم بعض هؤلاء إنّما يلتئم إذا أُريد من
                  كلام الفقهاء في معنى الصحّة ما يكون مسقطاً للقضاء ومما في الأخبار ما يكون موجباً للقبول .
                  وبالجملة الصوم الصحيح الكامل الذي شرّع الله تعالى لحكمة تكميل نفس الصائم ، هو ما يكون لا محالة تركاً لعصيان الجوارح كلّها فإن زاد الصائم مع ذلك ترك شغل القلب عن ذكر غير الله ، وصام عن كلّ ما سوى الله فهو الأكمل وإذا علم الانسان حقيقة الصوم ودرجاته وحكمة تشريعه ، فلا بدّ له من الاجتناب عن كلّ معصية وحرام لأجل قبول صومه لا محالة ، وإلا فهو مأخوذ مسؤول عن صوم جوارحه وليس معنى إسقاط القضاء أمراً ينفع الانسان يوم القيامة عن المؤاخذة ، هذا .
                  وقد ورد في فضل شهر رمضان وبسط رحمة الله فيه من الأخبار أمر عظيم نافع جدّاً
                  «لِمَن كان له قلبٌ أو ألقى السمعَ وهو شهيد» (ق : 37) .
                  منها : أنّ لله تعالى في كلّ ليلة من شهر رمضان عند الافطار سبعين ألف ألف عتيق من النار كلا قد استوجب النار ، فإذا كان آخر ليلة من شهر رمضان أعتق فيها مثل ما أعتق في جميعه .
                  وفي رواية أخرى : إذا كان أوّل ليلة من شهر رمضان غفر الله لمن شاء من الخلق ، إذا كانت الليلة التي تليها ضاعفهم ، فإذا كانت التي تليها ضاعف كلّما أعتق حتّى آخر ليلة في شهر رمضان يضاعف مثل ما أعتق في كلّ ليلة .

                  لسيّدهم ومولاهم ، وعوناً على عبادته ، ويراعون مع ذلك آدابه المطلوبة من الذكر والعبر والكيفيّات ، ويقرأون ما استحبّ من قراءة القرآن والأدعية والحمد قبل الشروع وفي الأثناء وبعد الفراغ .
                  ومن أهمّ ما يقرأ بعد البسملة فيهما قبل الشروع سورة القدر ، ومن أجلّ ما يقرأ قبل الإفطار الدعاء المرويّ في «الإقبال» بإسناده إلى مفضّل بن عمر ، عن الصادق عليه السلام قال : «إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لأمير المؤمنين ـ عليه الصلاة والسلام ـ : يا أبا الحسن ! هذا شهر رمضان قد أقبل فاجعل دعاءك قبل فطورك فإنّ جبرئيل جاءني فقال : يا محمد من دعا بهذا الدعاء في شهر رمضان قبل أن يفطر استجاب الله دعاءه وقبل صومه عنه وصلاته ، واستجاب له عشر دعوات ، وغفر له ذنبه ، وفرّج غمّه ، ونفّس كربته ، وقضى حوائجه ، وأنجح طلبته ، ورفع عمله مع أعمال النبيّين والصدّيقين وجاء يوم القيامة ووجهه أضوأ من القمر ليلة البدر فقلت : ما هو يا جبرئيل ؟ فقال : اللهم ربّ النور العظيم إلخ .
                  ثمّ إنّ الذي في الأخبار هو كون الغيبة والكذبة والنظرة بعد النظرة والسبّ والظلم قليلها وكثيرها مفطراً ، وأن ليس الصوم من الطعام والشراب فقط ولكن إذا صمتَ فليصم سمعك وبصرك ولسانك وفرجك وبطنك ، واحفظ يدك ورجلك وأكثر السكوت إلا من خير ، وارفق بخادمك ، وأنّه إذا صمت فليصم سمعك وبصرك من الحرام والقبيح ، ودع المراء وأذى الخادم ، وليكن عليك وقار الصيام ، ولا تجعل يوم صومك كيوم فطرك ، وقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إنّ أيسرما افترض الله على الصائم في صيامه ترك الطعام والشراب ، وفتوى الفقهاء بصحّة صوم بعض هؤلاء إنّما يلتئم إذا أُريد من
                  المراقبات 123

                  ومنها : أنّك إذا عرفت المراد من جعل الصوم وإيجابه تعرف بذلك ما يكدّره وما يصفيه وتعلم معنى ما ورد فيه من أنّ الصوم ليس من الطعام والشراب فقط ، فإذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك حتّى ذكر في بعضها الجلد والشعر .
                  ومنها : أنّك تعرف أنّ النيّة بهذا العمل لا يليق أن يكون لدفع العقاب فقط ، ولا يليق أن يكون لجلب ثواب جنّة النعيم وإن حصلا به ، بل حقّ نيّة هذا العمل أنّه مقرّب من الله وموصل إلى قربه وجواره ورضاه ، بل جعل هذا العمل لأنّ من جهة أنّه مخرج للانسان من أوصاف البهيمة ومقرّب إلى صفات الروحانيين نفس التقرّب .
                  وإذا عرفت ذلك تعرف بأيسر ما تفطّن أنّ كلّ ما يلحقك من الأحوال والأفعال والأقوال المبعّدة لك عن مراتب الحضور فهو مخالف لمراد مولاك من تشريفك بهذه الدعوة والضيافة ، ولا ترضى أن تكون في دار ضيافة هذا الملك الجليل المنعم لك بهذا التشريف والتقريب ، العالم بسرائرك وخطرات قلبك ، غافلاً عنه وهو مراقب لك ، ومعرضاً عنه وهو مقبل عليك ، ولعمري إنّ هذا في حكم العقل من القبائح العظيمة التي لا يرضى العاقل أن يعامل صديقه بذلك ، ولكن كان من رفق الله وفضله لم يحرّم مثال هذه الغفلات ، وسامح عباده وكلّفهم دون وسعهم هذا ، ولكنّ الكرام من العبيد أيضاً لا يعاملون (ذلك) مع سيّدهم عند كلّ واجب وحرام بل يعاملونه بما يقتضيه حقّ السيادة والعبوديّة ، ويعدّون من اقتصر بذلك من اللئام .
                  وبالجملة يعملون في صومهم بما وصى به الصادق عليه السلام وهي أمور : منها أن يكون حالك في صومك أن ترى نفسك مشرفاً للآخرة ، ويكون حالك حال الخضوع والخشوع ، والانكسار والذلّة ، ويكون حالك حال عبد خائف

                  المراقبات 124

                  من مولاه وقلبك طاهراً من العيوب ، وباطنك من الحيل والمكر ، وتتبرّأ إلى الله من كل ما هو دونه ، تخلص في صومك ولايتك لله ، وتخاف من الله القهّار حقّ مخافته ، وتبذل روحك وبدنك لله عزّ وجلّ في أيّام صومك وتفرغ قلبك لمحبّته وذكره ، وبدنك للعمل بأوامره وما دعاك إليه ، إلى غير ذلك ممّا أوصى به من حفظ الجوارح من المحذورات والمخالفات ، ولا سيّما اللسان ، حتّى المجادلة واليمين الصادقة ثمّ قال في آخر الرواية : إن عملت بجميع ما بيّنت لك فقد علمت بما يحقّ على الصائم ، وإن نقصت من ذلك فينقص من فضل صومك وثوابه بقدر ما نقصت ممّا ذكرت .
                  أقول : فانظر بما في هذه الوصايا من وظائف الصائم ثمّ تأمّل في تأثيراته فاعلم أنّ من يرى نفسه مشرفاً للآخرة ، يخرج قلبه من الدنيا ، ولا يهتمّ إلا بتهيئة زاد للآخرة ، وهكذا إذا خضع قلبه وكان منكسراً وذليلاً بعد عن الفرح بغير الله والميل إليه ، ومن بذل روحه وبدنه لله وتبرّأ من كلّ شيء دون الله يكون روحه وقلبه وبدنه وكلّه مستهتراً في ذكر الله ومحبّة الله ، وعبادة الله ، ويكون صومه صوم المقرّبين ، رزقنا الله بحقّ أوليائه هذا الصوم ولو يوماً في عمرنا .
                  وكيف كان مراتب الصوم ثلاثة :
                  صوم العوامّ : وهو بترك الطعام والشراب والنساء على ما قرّره الفقهاء من واجباته ومحرّماته .
                  وصوم الخواصّ : وهو ترك ذلك مع حفظ الجوارح من مخالفات الله جلّ جلاله .
                  وصوم خواصّ الخواصّ : وهو ترك ما هو شاغل عن الله من حلال أو حرام .

                  المراقبات 125

                  ولكلّ واحد من المرتبتين الأخيرتين أصنافها كثيرة لا سيّما الأولى فإنّ أصنافه كثيرة لا تحصى بعدد مراتب أصحاب اليمين من المؤمنين بل كلّ نفس منهم له حدٌّ خاصٌّ لا يشبه حدّ صاحبه ومن أهل المراتب أيضاً من يقرّب عمله من عمل من فوقه ، وإن لم يكن منه .
                  هذا من جهة ما يصام عنه ، وأمّا من جهة قصد الصيام ، فينقسم الصائمون أيضاً على أصناف :
                  بعضهم ما قصدوا بصومهم قصداً صحيحاً يكفي في عدم بطلان عملهم ، بل صاموا لغير الله من خوف الناس ، ومن أجل جلب النفع منهم ، أو لمجرّد العادة المعمولة بين المسلمين .
                  وبعضهم يكون صومهم مشوباً مع ذلك بشيء من خوف عقاب الله ورجاء ثوابه .
                  وبعضهم يتمحّض قصدهم لأجل خوف العقاب أو الثواب الثاني قليل ، والأغلب من هذا الصنف يشترك في قصده جهة دفع العقاب ، وجلب الثواب .
                  وبعضهم يدخل مع ذلك في قصدهم كونه مقرّباً إلى الله وموجباً لرضا الله .
                  وبعضهم يتمحّض قصدهم في جهة القرب والرضا .
                  وقد يقال : الأولى أن يتمحّض قصد بعض الكاملين في كونه تعالى أهلاً لأن يعبد ويخلص من شوب الرغب والرهب رأساً حتى الوصول إلى لقائه والزلفى لديه ، كونه موافقاً لرضاه ، ويعدّون العمل من جهة الرغبة في الوصال ناقصاً ورأيت من عبّر عن مثل هذا العمل بأنّه عبادة النفس .

                  المراقبات 126

                  أقول : لا أظنّ نبيّاً ولا وليّاً ولا ملكاً مقرّباً يخلص جميع أعماله من ذلك وعدّ العمل بقصد أنّه موصل إلى رضا الله وقربه وجواره عبادة النفس كما في كلمات بعض أهل المعرفة إفراط ، نعم لا بأس بأن يكون لأولياء الله في بعض حالاتهم وتجلّياتهم حال يصدر منهم العمل لمجرّد كونه تعالى أهلاً له ، مع نسيان جهة القرب والرضا ، ولكن لا أقول بإمكان دوام ذلك لأحد من الأنبياء فضلاً عن غيرهم أو وقوعه بل ولا أفضّل العمل لذلك على العمل لشوق الوصول إلى جوار الحبيب تعالى ، كيف ولا مرتقى فوق عبادة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين عليه السلام ؟ والأخبار كاشفة عن كون بعض أعمالهم أو أغلبها لمجرّد تحصيل رضا الرب تعالى وقربه .
                  بل وأجسر وأقول : لا بأس أن يكون خوف العقاب أيضاً داخلاً في بعض الأحيان في قصودهم كيف ومن غلب عليه خوف عقاب الله بحيث غشي عليه من ذكر جهنّم لا يمكن أو يتعسّر أن لا يؤثّر ذلك في أعماله أصلاً ؟
                  بل وظنّي أنّ أحوال الأنبياء والأولياء حتّى سيّدهم نبيّنا صلى الله عليه وآله وسلم ، كانت مختلفة ، وسبب اختلافها اختلاف تجلّيات أسماء الله تعالى لهم على وفق حكمة الله جل جلاله في تربيتهم وترفيع درجاتهم ، وتقريبهم من جواره ، وكان الله هو المتولّي لرياضة قلوبهم بذلك حتّى يكملوا كما في بعض فقرات الزيارة «مواليَّ لكم قلوب تولّى الله رياضتها بالخوف والرجاء» تارة يتجلّى لهم بالأسماء الجماليّة فيستأنسون لربّهم وتمنّون عليه بل يمنّون على غيرهم بالتصرّف في ملك مالكهم وسيّدهم ، أُخرى يتجلّى لهم بالأسماء القهريّة الجلاليّة ، فتراهم عند ذلك يتضرّعون ويستغفرون ويبكون ، ويناجونه بهذه المناجاة التي أغلبها الاستغفار والعوذة ، وطلب النجاة من جهنّم والنار كيف واختلاف أحوال الأنبياء شيء لا يخفى على من له أدنى مماسة بأخبارهم .

                  المراقبات 127

                  وقد روي لنا عن حالات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه كان في بعض حالاته يقول : كلّميني يا حميراء ، ومع ذلك قد كان ينتظر وقت الصلاة ويقول أرحني يا بلال ، وكان في بعض الأوقات يتغيّر لونه وحاله عند نزول الوحي ، وكان في بعض الأوقات يخاف عند هبوب الرياح من نزول البلاء ، وكلّ ذلك كاشف عن اختلاف الأحوال ، وهو لا يجتمع مع أن يتمخّض قصد العامل في جميع حركاته وسكناته عن جميع الوجوه إلا كونه تعالى أهلاً للعبادة ، هذا .
                  ولا يبعد أن يكون المراد من قصد كونه تعالى أهلاً للعبادة في لسان العظماء من أهل العلم معنى يجتمع مع قصد قربه ورضاه ، فإنّ قصد قرب الحبيب أيضاً قد يكون لكونه أهلاً للتقرّب إليه لا للتنعُّم من عطائه ونعمه ، ولا للفرار من عقابه ، هذا أحد معنيي كون العمل لأنّه أهل للعبادة ، كما يشعر بذلك كلام سيد الأولياء أمير المؤمنين عليه السلام حيث يقول : «ماعبدتك خوفاً من نارك ، ولا طمعاً في جنّتك بل وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك» فإنّه عليه السلام جعل قصد كونه أهلاً للعبادة مقابلاً للعبادة من خوف النار وطمع الجنّة لا ما يعمّ الوصول إلى رضاه وقربه فكيف كان ، نسأل الله جل جلاله أن يمنّ علينا بتوفيق قصد قربه ورضاه ، بل ويكرّمنا بمعرفة المقصود من قربه ، بل التسليم لإمكانه إجمالاً ، أما ترى جماعة من أجلّة أهل العلم ينكرون تصوّر معنى لقربه تعالى ويقولون : معنى قصد القرب هو قصد أمره تعالى ، وما زاد على ذلك فهو يخاف تنزيهه تعالى ، وإن كانوا في هذه العقيدة غير مصيبين .
                  ثمّ لا يذهب عليك أنّ القول ببطلان العبادة من جهة خوف العقاب أو طمع الجنّة وإن صدر عن بعض الأجلّة ولكنّه صادر عن الغفلة ولا غرو في وقوع أمثال هذه الغفلات والعثرات من الأجلّة والأعيان لحكمة إلهيّة في ابتلائهم بأمثاله .

                  المراقبات 128

                  ولا يذهب (عليك) أيضاً أنّ ما حكم به سيّدنا قدّس الله نفسه الزكيّة في إقباله بأنّ من عبد الله لمجرّد دفعه العقاب فهو من لئام العبيد ؛ إنّما هو كما صرّح به (قده) لمن كان ممّن لا يعبد لولا خوف العقاب ، فهو كما قال : يخالف كرائم الصفات ، بل مقصوده (قده) من لا يرى الله جل جلاله أهلاً للخدمة وهذا البتّة من لئام العبيد بل هذا الاعتقاد إنّما هو قذى في عين الإيمان والإسلام ، هذا .
                  وقد يزيد المخلصون في السوم على أنفسهم ـ زيادة على عدم شغلهم بغير محبوبهم ـ بكمال الجدّ في الأعمال الشاقّة ، ولو رأوا عملين متساويين في الفضل لاختاروا أشقّهما على أنفسهم ، أولئك هم المقرّبون حقّاً ، ولله درّهم كما حكي ذلك صريحاً عن أمير المؤمنين عليه السلام هذا .
                  وقد يقتسم الصائمون من جهة طعامهم وشرابهم إلى صنوف :
                  منهم : من يكون مأكله ومشربه من الحرام المعلوم هذا مثله في بعض الوجوه مثل حمّال يحمل أثقال الناس إلى منازلهم فالأجر لمالك الطعام ، وله وزر ظلمه وغصبه ، أو مثله مثل من ركب دابّة مغصوبة إلى بيت الله وطاف بالبيت على هذه الدابّة المغصوبة .
                  ومنهم من يكون (مأكله) ذلك من الشبهات : وهو على قسمين قسم يكون أخذ هذا المشتبه بالحرام الواقعيّ محلّلاً في الظاهر ، وقسم لا يكون محلّلاً ولو في الظاهر والأوّل يلحق في حكمه بمن يكون مأكله ومشربه من الحلال وإن كان دونه بدرجة ، والثاني بمن ياكل الحرام المعلوم وإن كان فوقه بدرجة .
                  ومنهم : من يكون مأكله حلالاً معلوماً ولكن يترف في كيفيّته بالألوان

                  المراقبات 129

                  الكثيرة ، وفي مقداره على حدّ الامتلاء ، ومثله مثل خسيس الطبع الذي يشتغل في حضرة حبيبه بالالتذاذ بما يكرهه ، وهو متوقّع أن لا يلتذّ بشيء غير ذكره وقربه وهذا عبد خسيس لا يليق بمجالس الأحبّاء ، بل حقّه أن يترك وما يلتذّ به ، وهو لأن يعدّ عبد بطنه أولى من أن يعدّ عبد ربّه .
                  ومنهم : من يكون حدّه في الكيفيّة والمقدار فوق الاتراف ويلحق بالاسراف والتبذير هذا أيضاً في حكمه ملحق بمن يأكل الحرام المعلوم وهو أيضاً بأن يعدُّ عاصياً أحقّ من أن يعدّ مطيعاً .
                  ومنهم : من يكون مأكله ومتقلّبه كلّها محلّلة ولا يسرف ولا يترف بل يتواضع لله في مقدار طعامه وشرابه عن الحدّ المحلّل وغير المكروه ، وهكذا يترك اللذيذ ويقتصر في الأدام على لون واحد ، أو يترك بعض اللذائذ وبعض الزياد .
                  فدرجاتهم عند ربّهم المراقب لحفظ مجاهداتهم ومراقباتهم محفوظة مجزية مشكورة ، ولا يظلمون فتيلاً فيجزيهم ربّهم بأحسن ما كانوا يعملون ، ويزيدهم من فضله بغير حساب ، فلا تعلم نفس ما أُخفي لهم من قرّة أعين بل ولا خطر على قلب ، هذا .
                  واقتسموا أيضاً من جهة نيّات الإفطار والسحور على أصناف :
                  منهم : من يأكل فطوره وسحوره بلا نيّة غير ما يقصده الآكلون بالطبع لدفع الجوع أو لذّة المأكول .
                  ومنهم : من يقصد مع ذلك أنّه مستحبٌّ عند الله وأنّه عون على قوّة العبادة .
                  ومنهم : من لا يكون قصده من الإفطار والتسحّر إلا كونهما مطلوبين

                  للهم صل على محمد وال محمد
                  احسنتم ويبارك الله بكم
                  شكرا لمواصلتكم الاجابات المباركة معنا
                  جزاكم الله خيرا

                  ا

                  تعليق


                  • #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة خادمة ام أبيها مشاهدة المشاركة
                    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                    اللهم صلي على محمد وال محمد
                    â*گً?§?‍♂ï¸?â*گً?§?‍♂ï¸?â*گً?§?‍♂ï¸?â*گً?§?‍ ♂ï¸?â*گ

                    قسّم علماء الأخلاق الصوم إلى ثلاثة أقسام هي:1. الصوم العام.2. الصوم الخاص.3. الصوم خاص الخاص.الصوم العام: هو الكف عن المفطرات المذكورة في الكتب الفقهية والرسائل العملية من الأكل والشرب والكذب على الله ورسوله، والارتماس في الماء، والبقاء على الجنابة حتى الفجر، والتقيؤ عمداً وغيرها من الأمور التي إن لم يلتزم بها المرء لا يصدق عليه أنه صائم.
                    يقول الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): «مَن طلب شيئاً ناله أو بعضه»[3].
                    â*گâ*گâ*گâ*گâ*گâ*گâ*گâ*گâ*گ
                    أما الصوم الخاص: ـ وهو أرقى من الأوّل وأرفع درجة ـ فهو الكف عن المحرمات كلها إضافة إلى ما ذكر، أو ما يسمى بصوم الجوارح مثل: كف السمع عن محرمات السمع كالاستماع إلى الغيبة، وكف البصر عن محرماته كالنظر إلى المرأة الأجنبية بريبة، وكف اللسان عما لا يحل له كالكذب واغتياب الآخرين، وهكذا.
                    أدب الصوم




                    رُوِيَ عن الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ) أنهُ قَالَ : " إِذَا صُمْتَ فَلْيَصُمْ سَمْعُكَ وَ بَصَرُكَ مِنَ الْحَرَامِ وَ الْقَبِيحِ ، وَ دَعِ الْمِرَاءَ وَ أَذَى الْخَادِمِ ، وَ لْيَكُنْ عَلَيْكَ وَقَارُ الصِّيَامِ ، وَ لَا تَجْعَلْ يَوْمَ صَوْمِكَ كَيَوْمِ فِطْرِكَ " 1 .


                    â*گâ*گâ*گâ*گâ*گâ*گâ*گâ*گâ*گ
                    الصوم خاص الخاص: فلا يتوقف حتى عند هذا الحد بل يترقى ليشمل النوايا والفكر أيضاً. فالصائم في هذه المرتبة لا يقتصر على الكف عن المفطرات وعموم المحرمات فحسب بل لا يفكر فيها ولا تحدّثه نفسه بها.أي أن هناك فريقاً من الناس لا يتورعون عن المعصية ويكفون عنها وعن المحرمات فحسب بل يتورعون عن التفكير فيها أيضاً، فهم يصومون عن المفطرات العامة، وتصوم جوارحهم عن ارتكاب الذنوب، كما تصوم جانحتهم عن التفكير فيها. وهذا صوم خاص الخاص. وهو أعلى مراتب الصوم وأقسامه

                    قال (ع) يقول الله تبارك وتعالى: "الصوم لي وأنا أجزي به"، [روضة المتقين ج3، ص225
                    ولعبارة (الصوم لي)، خصوصية يريد الله أن يبينها، فالصيام ملك الله سبحانه والإنسان يمسك منذ الفجر حتى الإفطار، وهذه درجة للصائم، بها يسعى لئلا يحترق بالنار وأن يدخل الجنة، (جنات تجري من تحتها الأنهار)، (آل عمران: 189) الجنة التي يقول عنها (فادخلي في عبادي وادخلي جنتي)، (آل عمران: 15) فالذي كل همه وتفكيره بحلول وقت الافطار، ويشعر بالارتياح عند إفطاره وكأنه انتهى من عذاب الصيام، لا يصل إلى الحرم الإلهي، ولا إلى لقاء الله عز وجل، فإلى جانب أحكام الصيام وآدابه الخاصة به، هناك سر وهو لقاء المحبوب ألا وهو الله عز وجل.
                    هذا الحديث يوجد الشوق في الإنسان ومن ثم يجعله عاشقاً فالإنسان بغير الشوق لا يتحرك ولا يسعى، عندما يكون الصيام لله، فماذا يعطى للصائم؟ إن الله نفسه يعطي الصائم ثوابه، وبتعبير المرحوم.
                    يقول محمد تقي المجلسي ـ قدس الله نفسه الزكية ـ في كتاب روضة المتقين في شرح كتاب من لا يحضره الفقيه ـ الذي هو من كتب الإمامية القيمة ـ، [روضة المتقين: ج3، ص225] إن الله عز وجل لم يكتف بالقول (الصوم لي) بل قال: (وأنا أجزي به) وهنا قدم ضمير المتكلم على الفعل، ولم يقل وأجزي به، بل قدم نفسه تعالى وقال: الصوم لي وأنا أجزي به، أنا أعطي ثواب الصائم، فالله سبحانه لا يقول للملائكة: أدخلكم الجنة ولكن يقول: أنا أجازي الصائم، فكيف يجازي الله الصائم؟ إنه يقول لمجموعة من البشر: (فادخلي في عبادي وادخلي جنتي)، (الفجر: 30) فهي لأولئك الأولياء الربانيين الذين يصومون الصيام المستحب، ويعطون إفطارهم لليتيم والمسكين والأسير، وأولئك تكون (جنات تجري من تحتها الأنهار)، باختيارهم وتحت تصرفهم، لأنهم يسعون لمطلب أسمى، أما الذي يصوم لكي يدخل الجنة ويأكل من فاكهتها، فلا يحصل إلا على فائدة واحدة فقط.


                    للهم صل على محمد وال محمد
                    احسنتم ويبارك الله بكم
                    شكرا لمواصلتكم الاجابات المباركة معنا
                    جزاكم الله خيرا

                    تعليق

                    يعمل...
                    X