شرح دعاء الافتتاح (15)
- (اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي يُؤْمِنُ الْخائِفينَ، وَيُنَجِّى الصّالِحينَ..)..
هذه الأيام -وليس هذا بقول مستنكر أو غريب- أغلب الناس تعيش حالة من حالات القلق والخوف من المستقبل، والاكتئاب المزمن وغير المزمن؛ فكل هذه العوارض النفسية، تنغص على الناس حياتهم وهم في ذروة المتاع المادي؛ ترى إنسان لا ينقصه شيء من متاع الدنيا، ولكن يعيش مجموعة من هذه الأمراض النفسية، التي قد تجر البعض إلى ما لا يحمد عقباه.. فالناس إما خوفهم من المستقبل، أو حزنهم على الماضي الأسود الذي لا يرجع.. فأما الحزن على الماضي: هب أن الله عزّ وجل غفر لإنسان وقد كان له ما كان، ولكن العمر الذي ضاع في الباطل وفي المعصية، فإن هذا العمر لا يرجع؛ ومن العبث، بل من الخسران أن يضيع الإنسان ما بقي من عمره أيضاً فيما لا يفيده!.. وإما الخوف من المستقبل: أن تأخذ الإنسان حالة من القلق على المستقبل المجهول كأفراد أو كأمة، فهذا أيضاً يفوت عليه حاضره.. ومن هنا لا يهنأ بحاضره، من يفكر في ماضيه أو مستقبله!.. ولكن القرآن الكريم يذكر لنا فئة من الناس وينفي عنهم الخوف والحزن، ألا وهم أولياء الله، حيث يقول تعالى: ?أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ?.. فهؤلاء جنس الخوف وجنس الحزن منفي عنهم.. جعلنا الله تعالى منهم!..
الرب هو الذي يؤمن الخائفين، وينجي الصالحين.. ولو أعملنا الفكر قليلاً، ونظرنا في تصرف رب العالمين مع أوليائه، وكيف ينقذهم من حيث لا يحتسبون: ترى هل كان يدور في خلد نبي الله موسى الكليم (عليه السلام) عندما وصل إلى شاطئ النهر أو البحر، حيث العدو من ورائه والبحر من أمامه، هل كان يخطر بباله، أن الله عزّ وجل سوف يحول قاع البحر إلى طريق سالك، ينجو من خلاله، ثم يعود بحراً، ليغرق فرعون ومن معه؟!.. والنبي المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) يدخل الغار، وإذا بالعنكبوت -كما في النقل المعروف- تنسج بيتها على باب ذلك الغار.. فيا للعجب!.. أضعف المخلوقات -صاحب أوهن البيوت-، يحفظ أشرف المخلوقات من أعين الظالمين!.. وهذا الطوفان غمر الأرض وغمر الكون، ولكن الله عزّ وجل هيأ سفينة النجاة لنبيه نوح..
الذي يعرف رب العالمين بهذه الصفات، وبهذه القدرات، سوف يقر عينه، ويهدأ قراره في أحلك الظروف.. الرب هو الرب، والمعاملة هي المعاملة، والسنة هي السنة، ولن تجد لسنة الله تبديلا.
مركز الدراسات التخصصية ف الامام المهدي عليه السلام
تعليق