شرح دعاء الافتتاح (16)
- (اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي مِنْ خَشْيَتِهِ تَرْعَدُ السَّماءُ وَسُكّانُها، وَتَرْجُفُ الأْرْضُ وَعُمّارُها، وَتَمُوجُ الْبِحارُ وَمَنْ يَسْبَحُ في غَمَراتِها..)
إن هذه من الفقرات التي تجعل الإنسان يعيش حالة كونية، ويسيح في عالم الوجود؛ عندما يتذكر هذا التنوع الهائل في مخلوقات هذا العالم.. ومن هنا من المناسب للإنسان بعد مشاهدة الأفلام الطبيعية، أن يستحضر هذه المناظر الكبرى الهائلة المذهلة، عند مناجاته وحديثه مع الرب؛ ليلقن نفسه بأن الذي نستجديه في قنوتنا، وبأن الذي نسجد له في صلواتنا، هو صاحب البحار ومن يسبح في غمراتها..
ومن المعلوم أن الرعد بظاهره ما هو إلا حركة التقاء السحب، وتفريغ الشحنات الكهربائية، وهذا الصوت المرعب، وهذا البرق الخاطف، ولكن القرآن الكريم يقول: ?وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ?.. نحن البشر نسمع صوت الرعد، كحركة من حركات الوجود، كظاهرة طبيعية، ولكن واقع الأمر هنالك تسبيح، ونحن لا نفقه هذا التسبيح..
وهناك بحث بين العلماء حول تسبيح الكائنات :
فمنهم من يقول: بأن التسبيح هو تسبيح تكويني.. فالموجودات بلسان حالها بما لها من نظام دقيق، تعكس كمال الموجد جل وعلا، ونزاهته من كل عيب ونقص.
ومنهم من يقول: بأن التسبيح هو باعتبار الملائكة الموكلة بهذه الأمور.
وهنالك رأي يقول: بأن التسبيح هو تسبيح ذاتي، بنحو من أنحاء التسبيح.. إذ كل موجود له نوع من الإدراك والعقل والشعور، بحسبها.. ولهذا القرآن الكريم يقول: ?وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ?..
على كل، الإنسان في تعامله مع الوجود، عليه أن يستذكر هذه الحقيقة الكبرى.. فالوجود يسبح، والحيتان والدلافين وأسماك البحار كلها تسبح، فلماذا هو لا يكون من المسبحين؟..
الإمام الصادق (عليه السلام) رأى إنساناً يغني على دابته، فاستنكر عليه ذلك قائلاً: أما يستحي أحدكم أن يغنّي على دابته وهي تُسبّح؟!.. فالوجود كله يسبح، ومن القبيح أن يخالف الإنسان هذه الحركة الكونية، ليكون عاصياً لربه!.
مركز الدراسات التخصصية ف الامام المهدي عليه السلام
تعليق