شرح دعاء الافتتاح (21)
- (وَصَلِّ عَلَى الصِّدّيقَةِ الطّاهِرَةِ فاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِساءِ الْعالَمينَ..)..
ووصلنا في حديثنا عن دعاء الافتتاح، إلى الصلاة على المعصومين واحداً واحداً.. ومن المناسبة التي تجعل الإنسان يتفأل بذلك خيراً، بأن ذكر فاطمة (عليها السلام) في من نسلم عليهم، أصبح مقارنًا لليالي القدر المباركة.. ومن المعلوم أن ليلة القدر من مصاديق الكوثر، والزهراء (عليها السلام) من مصاديق الكوثر أيضًا..
هذه المرأة الجليلة التي يكفي في حقها أن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) -وهو الذي لا ينطق عن الهوى-، يقول عنها: (فداها أبوها)، و(فاطمة أم أبيها).. فإن هذه التعابير من النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) لم تنطلق من منطلق الأبوة المحضة، بل هذه التعابير من موقع الرسالية.. النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما يقول: (فداها أبوها)، فهو يعني ما يقول.. ولو لم تكن فاطمة بهذا المستوى، لما عبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عنها بهذه التعابير، التي لم نجد لها نظيراً في كلام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، بالنسبة إلى أي بشر ذكرًا كان أم أنثى.. فاطمة (عليها السلام) بعبارة واحدة مركزة، هي أمة الله.. فالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) شرفه وكرامته وامتيازه، أنه عبد الله، كما نقول في التشهد: أشهد أن محمد عبده ورسوله، وكذلك الزهراء (صلى الله عليه وآله وسلم) شرفها وكرامتها، أنها أمة الله عزّ وجل..
فاطمة (عليها السلام) لها أبعاد ثلاثة: من حيث النفس، ومن حيث العمل، ومن حيث الحديث والمنطق؛ وهي كانت متميزة على الأبعاد الثلاثة..
فأما منطقها فيتجلى من خلال خطبتها الفدكية، عندما وقفت أمام المسلمين لتفلسف لهم الدين، وتبين أحكام الرسالة، مع خلفياتها التي خفيت عن باقي المسلمين، يوم وقفت للدفاع عن إمام زمانها، وعن ولي أمرها، علي (صلى الله عليه وآله وسلم)..
وأما من حيث العمل: فقد عبدت رب العالمين حتى تورمت قدماها، حيث كانت تقف في محراب العبادة، وتسيح في عالمها الذي لا نحيط بذلك كنهاً..
وأما من حيث النفس: يكفي هذا القول لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (رضا الله من رضا فاطمة، وغضبه من غضبها).. إن رب العالمين يرضى لرضا فاطمة، ويغضب لغضب فاطمة؛ ومن هنا استدل العلماء على عصمتها بالإضافة إلى آية التطهير.
مركز الدراسات التخصصية ف الامام المهدي عليه السلام
تعليق