إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الوظائف الثقافية

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الوظائف الثقافية

    الوظائف الثقافية
    تمهيد

    إلى جانب الوظيفة الجهادية التي يقوم بها المجاهد على ثغور الإسلام والتي تصون الإسلام من الغزو العسكري، وتدافع عن كرامة أهله، هناك وظيفة في الجانب الآخر وهو المجتمع وثقافة أهله، وهو أمر مناط بكل مؤمن وبالمجاهد بشكل أخص، وهي الوظائف الثقافية التي يقوم بها، من الدعوة لله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر...


    الدعوة إلى القيم

    يقول الله تعالى:
    ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ1.

    إذا كان الجهاد في سبيل الله تعالى لحفظ الدين وأهله، فإن الدعوة إلى القيم والنهي عن المنكر، من مقومات حفظ الدين عن الإمام علي عليه السلام: "قوام الشريعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقامة الحدود"2.


    91
    وذلك أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يحصن الداخل "داخل الأمة" من اختراقها من خلال إفساد أفرادها وانحرافهم عن الخط الإلهي.

    ولو راجعنا التاريخ لوجدنا أن من أهم أسباب هزائم المسلمين كانت بسبب انحراف المجتمع، إذ كان العدو وقبل أن يغزو أرض الإسلام يحاول أن يفكك لحمة المجتمع التي يقوّيها التدين والالتزام.

    فمن هنا على المجاهد في مجتمعه أن يكون ملتزماً بوظيفة الدعوة للقيم، والتي يمكن لنا أن نسميها بالجهاد الثقافي، والنقطة المحورية فيها هي مسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

    ولا يظن المجاهد أن الجهاد بحد ذاته يغنيه عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل عليه أن يجمع الفضيلتين في آن معاً ، فعن الإمام علي عليه السلام: "وما أعمال البرّ كلها والجهاد في سبيل الله عند الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إلا كنفثة في بحر لجيّ"3.

    وعن الإمام الصادق عليه السلام، لما سئل عن قول الله سبحانه
    ﴿وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً...4: "من أخرجها من ضلال إلى هدى فكأنما أحياها، ومن أخرجها من هدى إلى ضلال فقد قتلها"5.



    الدعوة إلى وحدة الكلمة

    يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ6.

    فهذه الأمة هي أمة واحدة يجمعها الإسلام ديناً ومحمد صلى الله عليه وسلم نبياً، والقرآن كتاباً سماوياً لم ينله أي تحريف ولا نقصان، والعبادات واحدة، فلمَ نسمح لأعداء الأمة بالتفريق بيننا، من خلال إثارة النعرات المذهبية، بينما كتاب الله تعالى يصرخ


    92
    بين ظهرانينا بالدعوة للتوحد، يقول الله تعالى في محكم قرآنه: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ7.

    إن الآية الشريفة تتحدث بوضوح لا يقبل التأويل عن التوحد ونبذ الاختلاف بين المسلمين، حيث تدعوهم للاعتصام أي التمسك جميعاً بحبل الله، والاعتصام يكون طلباً للعصمة وهي الحفاظ والغطاء، وهذا يعني أن في ترك هذا الاعتصام الهلاك الحتمي
    ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ8.

    كما أن الله سبحانه وتعالى يمنُّ علينا بنعمة الإسلام هذا الدين الذي يجمعنا جميعاً، رغم اختلافاتنا، في دائرة واحدة، بعد أن كانت تفرقنا القوميات والعشائر والمناطق والشعوب، فحين هدى الله تعالى الناس برسوله الأكرم صلى الله عليه وسلم، أخرجهم من ظلام هذه القواقع الفارغة إلى رحابة الإسلام دين الإنسانية والرحمة والسلام، وهذا من أكبرِ نعم الله تعالى علينا.

    وشكر هذه النعمة الكبرى إنما يكون بالاعتصام بهذا الحبل، وعدم توفير الأرضية المناسبة لمخططات الطاغوت المتمثل بالنظام الأمريكي، ونحن نشاهد مخططاتهم وفتنهم التي يزرعونها بين المسلمين.

    عن أمير المؤمنين عليه السلام: "احذروا ما نزل بالأمم قبلكم من المثلات بسوء الأفعال وذميم الأعمال، فتذكروا في الخير والشر أحوالهم، واحذروا أن تكونوا أمثالهم، فإذا تفكّرتم في تفاوت حالهم فالزموا كلّ أمر لزمت العزة به شأنهم "حالهم"، وزاحت الأعداء له عنهم، ومدّت العافية به عليهم، وانقادت النعمة له معهم، ووصلت الكرامة عليه حبلهم: من الاجتناب للفرقة، واللزوم للألفة،


    93
    والتحاضّ عليها، والتواصي بها. واجتنبوا كل أمر كسر فقرتهم، وأوهن متنهم، من تضاغن القلوب، وتشاحن الصدور، وتدابر النفوس، وتخاذل الأيدي، وتدبروا أحوال الماضين من المؤمنين قبلكم... فانظروا كيف كانوا حيث كانت الأملاء مجتمعة، والأهواء مؤتلفة، والقلوب معتدلة، والأيدي مترادفة، والسيوف متناصرة، والبصائر نافذة، والعزائم واحدة، ألم يكونوا أرباباً في أقطار الأرضين، وملوكاً على رقاب العالمين؟! فانظروا إلى ما صاروا إليه في آخر أمورهم حين وقعت الفرقة، وتشتت الألفة، واختلفت الكلمة والأفئدة، وتشعبوا مختلفين، وتفرقوا متحاربين، قد خلع الله عنهم لباس كرامته، وسلبهم غضار نعمته، وبقي قصص أخبارهم فيكم عبراً للمعتبرين"9.



    اجتذاب الشباب

    يقول الإمام الخميني قدس سره: "أولئك الشباب الذين هم حقاً بحسب خطتهم "الأعداء" يجب أن يكون لديهم تلك المفاسد وتلك الأدمغة، تحولوا دفعةً واحدة إلى أدمغة نورانية، إنسانية إسلامية، ولو لم يحصل ذلك لما استطاعت هذه الأمة تحطيم هذه القوة العظمى وهذه القوى الشيطانية".

    إن الشباب الناشىء ينبغي أن يحظى من المجاهد بالاهتمام والرعاية، والتركيز على اجتذابه لخط الإيمان والجهاد، وهذا ما أوصانا به أئمة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، فعن الإمام الصادق عليه السلام يتحدث مع أحد أصحابه: "أتيت البصرة؟

    قال: نعم.

    قال عليه السلام: كيف رأيت مسارعة الناس في هذا الأمر ودخولهم فيه؟

    فقال: والله إنهم لقليل، وقد فعلوا وإن ذلك لقليل.

    فقال عليه السلام: عليك بالأحداث، فإنهم أسرع إلى كل خير10.

    وما ذلك إلا لأن قابلية الناشئة والشاب لتلقي الدين والأفكار المستقيمة وهمّته العالية


    94
    يجعلانه أقدر من غيره على أداء المهام الموكلة إليه، بل إن فترة الشباب هي فترة العطاء، لأن الشاب يكون في كامل قوته البدنية، وفي أعلى درجة من الاندفاع والهمة العالية.

    يتحدث الإمام الخميني قدس سره عن نماذج من الشباب المؤمن، الشباب المندفع واصفاً حالتهم بالقول: "عندما أشاهد هؤلاء الشباب الأعزاء في عنفوان الشباب الذين يطلبون مني مع البكاء، أنا المقصّر، الدعاء لأجل الشهادة، أيأس من نفسي وأخجل منهم".



    خطر ترك المسؤولية الثقافية

    إن ترك المسؤولية الثقافية الملقاة على عاتق المؤمن والمجاهد له آثار سلبية في الدنيا والآخرة، فترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر موجب لانتشار الفساد وطغيان أهله، وفساد جيل الشباب، وهو يوجد ثغرة تنادي العدو ليدخل منها بكل يسر وسهولة.

    ومما ورد عن الإمام علي عليه السلام من وصيّته للحسنين، بعد أن ضربه ابن ملجم: "لا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولى عليكم شراركم ثم تدعون فلا يستجاب لكم"11.

    وعن الإمام الباقر عليه السلام: "أوحى الله تعالى إلى شعيب النبيّ: إني معذّب من قومك مائة ألف: أربعين ألفاً من شرارهم وستين ألفاً من خيارهم.

    فقال: يا رب، هؤلاء الأشرار، فما بال الأخيار؟!

    فأوحى الله سبحانه إليه: داهنوا أهل المعاصي فلم يغضبوا لغضبي
    "12.


    95
    خلاصة الدرس
    إلى جانب الوظيفة الجهادية التي يقوم بها المجاهد على ثغور الإسلام، هناك وظيفة في الجانب الآخر تتعلق بالمجتمع وثقافة أهله، وهو أمر مناط بكل مؤمن وبالمجاهد بشكل أخص.

    إذا كان الجهاد في سبيل الله تعالى لحفظ الدين وأهله، فإن الدعوة إلى القيم والنهي عن المنكر، من مقومات حفظ الدين.

    إن الوحدة بين المسلمين والدعوة إليها تعني الاعتصام بما يجمع ونبذ ما يفرق، وهذا ما ينبغي على المجاهد في سبيل الله تعالى أن يلتفت إليه.

    إن الشباب الناشىء ينبغي أن يحظى من المجاهد بالاهتمام والرعاية، والتركيز على اجتذابه لخط الإيمان والجهاد، وهذا ما أوصانا به أئمة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام.

    إن ترك المسؤولية الثقافية الملقاة على عاتق المؤمن والمجاهد له آثار سلبية في الدنيا والآخرة.
    أسئلة حول الدرس
    1- ما المقصود بالجهاد الثقافي؟
    2- هل الدعوة للقيم مهمة ولماذا؟
    3- لماذا كانت الدعوة لوحدة الكلمة؟
    4- لماذا كان علينا اجتذاب الشباب؟
    للحفظ
    عن أمير المؤمنين عليه السلام: "احذروا ما نزل بالأمم قبلكم من المثلات بسوء الأفعال وذميم الأعمال، فتذكروا في الخير والشر أحوالهم، واحذروا أن تكونوا أمثالهم، فإذا تفكّرتم في تفاوت حالهم فالزموا كلّ أمر لزمت العزة به شأنهم "حالهم"، وزاحت الأعداء له عنهم، ومدّت العافية به عليهم، وانقادت النعمة له معهم، ووصلت الكرامة عليه حبلهم: من الاجتناب للفرقة، واللزوم للألفة، والتحاضّ عليها، والتواصي بها. واجتنبوا كل أمر كسر فقرتهم، وأوهن متنهم؛ من تضاغن القلوب؛ وتشاحن الصدور، وتدابر النفوس، وتخاذل الأيدي، وتدبروا أحوال الماضين من المؤمنين قبلكم... فانظروا كيف كانوا حيث كانت الأملاء مجتمعة، والأهواء مؤتلفة، والقلوب معتدلة، والأيدي مترادفة، والسيوف متناصرة، والبصائر نافذة، والعزائم واحدة، ألم يكونوا أرباباً في أقطار الأرضين، وملوكاً على رقاب العالمين؟! فانظروا إلى ما صاروا إليه في آخر أمورهم حين وقعت الفرقة، وتشتت الألفة، واختلفت الكلمة والأفئدة، وتشعبوا مختلفين، وتفرقوا متحاربين، قد خلع الله عنهم لباس كرامته، وسلبهم غضار نعمته، وبقي قصص أخبارهم فيكم عبراً للمعتبرين".
    فقه الجهاد
    من أحكام الجهاد

    * قد يضطر المجاهد في بعض الحالات الحرجة أن لا يخلع حذاءه وثيابه المتلوثة بالدم ولا سيما حال اشتداد المعركة فهنا لا يجب عليه أن يخلعها بل تصح الصلاة فيهما ولا شيء عليه13.
    * قد يضطر بعض المجاهدين إلى التصرف في أموال الآخرين وممتلكاتهم كالنوم في بيت له مالكون ولكنه فارغ، وغير ذلك من الأمثلة فهل يجوز لهم ذلك ومتى؟
    يجيب الإمام الخميني قدس سره على هذا السؤال بأنه إذا اقتضت ضرورة الدفاع عن الحق مثل هذا التصرف فإنه لا يلزم إجازة المالك14.
    للمطالعة
    قبّله الإمام الحسين عليه السلام - 2 -

    أفقت فجأة على صرخة قوية صدرت منه.

    جاؤوا، جاؤوا، جاؤوا...

    إحتملت أنهم اليهود فتناولت بندقيتي وزحفت صوب الباب، وعند ذلك شعرت بحالة جديدة تنتابني وأخذ جسمي يرتعش، فاقتربت منه وقلت له: من هم الذين جاؤوا؟ فأجابني: إنهم الأئمة عليه السلام!! إعتقدت أنه يهذي فأردت العودة إلى مكاني ولكنه قال لي: انتظر انتظر.. فوجئت بجوابه، إذن هو واعٍ! جلست إلى جانبه ووضعت يدي على يده فإذا هو يشد عليها بقوة لم أعهدها فيه بعد إصابته.. وهنا كررت عليه عبارة: من هم؟ فقال: الإمام المهدي والإمام الحسين، "اقتربوا.. اقتربوا.. اقتربوا".. قلت: إلى أين؟ أين هم؟. قال: وصلوا إلى الشهيد فلان حضنوه، قبّله الإمام الحسين، وضع خدّه على خدّه.. تركوه.. وجاؤوا إلى الشهيد فلان وحضنوه، قبّله الإمام الحسين، وضع خدّه على خدّه، وتركوه.. وهنا فوجئت بكلامه، فهو لا يعرف أسماء الشهداء ولا أسماء آبائهم بل بعضهم ليس من منطقته أبداً وقد تعرّف عليهم في الليلة التي التقينا فيها ولم يعرف أسماءهم الحقيقية ونحن لا نصرّح بأسمائنا الحقيقية، حتى إذا كنا نعرف بعضنا فإننا لا نتخاطب إلا بالأسماء الرمزية... واستمر يذكر أسماء الشهداء واحداً واحداً، وكيف أن الإمام المهدي والإمام الحسين يتوجهان إلى الشهيد فيحتضنانه ثم يتركانه ويذهبان إلى الآخر. حتى أتى على ذكر جميع الشهداء.. وعندما انتهى من تعدادهم.. قال: لقد جاؤوا إليّ ليأخذوني.. وخَفَتَ صوته.. ولكنه فاجأني مرة أخرى، فقد رفع ظهره عن الأرض وقعد وجعل ينظر باتجاه الباب وأخذ يردد: يا زينب جينا نعزّيكِ، يا زينب بالشهيد أخيكِ، يا زينب مظلوم حسيناً، جاؤوا جاؤوا جاؤوا.. نظرت إلى الباب فلم أرَ أحداً وأخذ يردد، فازدادت حيرتي.. ولكنني أقسم بالله العظيم أنني أحسستُ بشيء لم أره ولم ينقصني سوى رؤيته بعيني... وهنا قال: وصلوا ونزلوا عن أحصنتهم، جاؤوا إليّ "وصرخ بأعلى صوته" ها قد جاء الإمام الحسين عليه السلام وهو يقترب مني. كنت أنظر في وجهه وهو يتكلم، فكنت أرى في صفحة وجهه علامات مَنْ يخاطب أحداً أمامه ويتكلم معه فكأنني كنت أسمع حواراً ولكنني كنت لا أسمع الكلام إلا من طرفٍ واحد، وقد كنت متأكداً أنهم أمامه هنا في الغرفة، وذلك بسبب نظرته المحددة إلى مكان محدد أمامنا.. وهنا استعجلت وطلبت منه أن يطلب منهم الشفاعة لي عند الله تعالى وأن يغفر لي الله تعالى، فأجابني: انتظر، انتظر، وبدأ يتكلم معهم، أسمع أنا سؤاله وجوابه ولا أسمع ما يقولون. طلب الشفاعة له ولوالديه ولإخوته ولجميع المجاهدين في المقاومة الإسلامية، فأخذت أكرر عليه أن يطلب الشفاعة لي أيضاً وبخصوصي فقال لهم: إنه يطلب الشفاعة منكم، وسكت برهة ثم قال: يقولون لقد شفعنا لفلان ابن فلانة. وأنا أقسم أني لم أقل له إسمي أبداً ولا حتى اسم والدتي، وقد فاجأني بذكر اسم والدتي مع اسمي، وقطعت حينئذٍ أنهم هنا أمامي.

    وأخذ يذكر قضايا كاملة ويحكيها لي عنهم. يخاطبونه فينصت قليلاً ثم يتكلم معي ليفهمني ما يقولون، ثم ينصت ثانية وهكذا. قال: يقولون لي: إن هذا الجبل، "جبل صافي"، لن ينكسر أبداً، لأننا نحن أئمة أهل البيت معكم دائماً، وخصوصاً الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، سوف يمر الإخوة في محنة قوية ولكن النصر سيكون حليفهم بإذن الله بعدها، وسوف يعيشون بعزة وكرامة... وقال: أرسل إلى أهلي وخصوصاً والدتي بأن الإمام الحسين والإمام المهدي قد شفعا لهم وأن الله تعالى قد غفر لهم، هنا فوجئت بطلبه هذا، إذ كيف أرسل لهم وأنا هنا في مثل هذه الحالة، فقلت له: وأنا ؟ ماذا أفعل؟ وإلى أين أذهب؟ فسألهم، وأنصت لهم قليلاً ثم قال لي: يقولون لك إرجع من حيث أتيت!.. لكن لا أعرف الطريق ولا أقدر على السير... يقولون لك إرجع من حيث أتيت، سوف تضيع قليلاً وتضل عن الطريق ولكنك سوف تصل بإذن الله تعالى... ما إن أتمّ كلامه حتى أغمض عينيه فجأةً.. وتلا الشهادتين.. وألقى بظهره على الأرض وفارق الحياة.. فأصغيت الى نَفَسِهِ والى دقّات قلبه، لقد استشهد وهمدت حركته تماماً والتحق بالرفيق الأعلى، كنت أعلم أني بحضرة الإمام الحسين والإمام الحجة سلام الله عليهما، ولكن إتصالي بهما قد انقطع في تلك اللحظة، إلا أنني صمّمت على تنفيذ ما طلباه مني فوضعت بندقيتي على كتفي ونهضت، نعم! نهضت واقفاً، وأنا أنظر إلى نفسي واقفاً مذهولاً، لقد مرّت ثلاثة أيام وأنا لا أتنقّل إلا زحفاً من شدّة الألم في ساقيّ بسبب الشظايا المسمارية التي قطّعت أعصابها بحيث أني لم أكن قادراً على الاعتماد عليهما أبداً، لكنني الآن وقفت، وشعرت فيهما بقوة غريبة، ولم أتردد في مغادرة الغرفة، بعد أن ألقيت على الشهيد النظرة الأخيرة.

    أخذت أمشي وأحثّ السير في الإتجاه الذي أتينا منه وأعتقد أنه هو الإتجاه الصحيح، رغم الظلام والمطر والضباب... لقد كانت هناك قوة غير طبيعية تساعدني على السير الحثيث وصعود المرتفعات وهبوط المنزلقات الخطرة وعبور الماء، وكنت كأنني مسيّر فقد السيطرة على نفسه، تورّمت قدماي من كثرة المسير فلم تعد تقوى على السير أضف إلى آلام الجراح وإلى الثلج الذي أصبح جليداً فلم يعد السير عليهم ممكناً، وأصبحت كل حركة تعني الإنزلاق على الجليد، ولكني كنت أعتمد على بندقيتي فأضربها في الأرض حتى أثبت مكاني وأمنع نفسي من الإنزلاق... وصلت الى طريق معبّدة فأخذت أحثّ السير إلى أن ظهرت بيوت. وما أن وصلت إليها حتى أبصرت شخصين على شرفة منزل فيها يتحادثان ثم رأيت أحدهما يشير إليّ، وهنا انهارت قواي وسقطت على الأرض.. وكأن تلك القوة المستعارة ببركة أهل البيت عليه السلام والتي حملتني وعبرت بي الجبال والوديان من يوم الأربعاء مساءً إلى يوم الجمعة عصراً قد نفدت... سقطت أرضاً من شدة الألم في ساقيّ الجريحتين، وعادت آلامي كما كنت حين أصابتني الميركافا، فأغمي عليّ ولم أحسّ بشيء مما يجري حولي.. وفتحت عيني في المستشفى.

  • #2
    بسم الله الرحمن الرحيم و صلى الله على محمد وآله الطاهرين
    احسنت وأجدت الأخ الفاضل وشكرا لك على النقل القيم والهادف
    الشكر والتقدير لك وتقبل الله منك صالح الأعمال
    مَوالِىَّ لا اُحْصى ثَنائَكُمْ وَلا اَبْلُغُ مِنَ الْمَدْحِ كُنْهَكُمْ وَمِنَ الْوَصْفِ قَدْرَكُمْ

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X