إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

رائــــــــــــ زينب الكبــــــــــرى دة الجهـــــــ وبطلـــــــه كرـبلاء ـــــــاد

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #21
    وفاته
    توفي عبد الله بن جعفر بالمدينة المنورة سنة ثمانين ، وصلّى عليه أبان بن عثمان بن عفان ، ودفن بالبقيع . هكذا ذكره الداودي في كتابه عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب .
    ويروى أنه توفي عام الجحّاف ـ سيل كان ببطن مكة جحف بالناس فذهب بالحاج وأمتعتهم ، والجمال بأحمالها ـ وذلك في خلافة عبد الملك بن مروان ، وصلّى على جنازة عبد الله الإمامُ السجّاد أو الباقر (عليهما السّلام) , وأمير المدينة يومئذ أبان بن عثمان
    sigpic
    إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
    ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
    ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
    لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

    تعليق


    • #22
      أولاده وأولادها
      خلّف عبد الله بن جعفر عدّة أولاد ، وذكر أسماءهم صاحب العمدة , قيل : عشرين ولداً , وقيل : أربعة وعشرين لاُمّهات شتى , ولكن المشهور عند أرباب التاريخ أنّ له من زينب أولاد أربعة ؛ عون الأكبر ، ومحمد , وعلي , واُمّ كلثوم .
      أما محمّد وأخوه عون ابنا عبد الله بن جعفر الطيّار فقد خرجا مع خالهما الحسين (عليه السّلام) واُمّهما زينب الكبرى إلى العراق , وقد أوصاهما أبوهما بخالهما , وأن لا يفارقاه .
      فأقبلا في ركب الحسين (عليه السّلام) إلى الطفِّ , وجاهدا بين يديه يوم عاشوراء وقُتلا , واُمّهما زينب تنظر إليهما .
      وكان قد تقدّم في ذلك اليوم محمّد بن عبد الله إلى خاله الحسين (عليه السّلام) , وأستأذن منه للبراز فأذن له الحسين (عليه السّلام) , فحمل وهو يرتجز قائلاً :
      أشكو إلى الله من العدوانِ فعالَ قومٍ في الردى عميانِ
      قـد بـدّلوا معالم القرآنِ ومُـحكمِ التنزيلِ و التبيانِ
      فقتل عشرة من أهل الكوفة ، وحمل عليه عامر بن نهشل التميمي فقتله ، ومشى لمصرعه خاله الحسين (عليه السّلام) ومَن معه , فحملوه من الميدان وجاؤوا به قتيلاً إلى الخيمة ، وفيه يقول سليمان بن قتّة :
      وسـميِّ النبيِّ غودر فيهم قـد علوه بصارمٍ مصقولِ
      فإذا ما بكت عيني فجودي بـدموعٍ تـسيلُ كل مسيلِ
      قال أرباب المقاتل : واستأذن الحسين (عليه السّلام) من بعده أخوه عون بن عبد الله للبراز فأذن له ، فحمل وهو يقول :
      إن تـنكروني فأنا ابنُ جعفر شهيدِ صدقٍ في الجنان أزهر
      يطير فيها بجناح أخضر كفا بهذا شرفاً في المحشر
      وصار يقاتلهم حتّى قتل منهم ثلاثة فوارس وثمانية عشر راجلاً ، ثمّ علاه بسيفه عبد الله بن قطنة الطائي فقتله ، وفيه يقول سليمان بن قتة :
      عـين جودي بعبرةٍ وعويلِ واندبي إن ندبت آلَ الرسولِ
      سـتّةٌ كـلُّهم لـصلبِ عليٍّ قـد اُصـيبوا وسبعةٌ لعقيلِ
      واندُبي إن ندبت عوناً أخاهمْ لـيس فـيما ينوبهم بخذولِ
      فلعمري لقد اُصيب ذو القربى فـبكي على المصاب الجليلِ
      ودُفنا مع شهداء الطالبيِّين(1) في حفرة واحدة عند رجلي الحسين (عليه السّلام) .
      وربما يتوهم البعض أنّ المرقد الذي بالقرب من كربلاء هو مرقد عون بن عبد الله , أو يزعم البعض أنه مرقد عون بن علي بن أبي طالب (عليه السّلام) , واُمّه فاطمة بنت حزام الكلابية أحد إخوة العباس الثلاثة ، وكلا القولين وهمُ صرف واشتباه ، وإنّما هو قبر عون بن عبد الله بن جعفر بن مرعي بن علي بن الحسن البنفسج بن إدريس بن داود بن أحمد المسوّر بن عبد الله بن موسى الجون بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب (عليه السّلام) , كان في الحائر المقدس الحسيني , وكانت له ضيعة على ثلاثة فراسخ عن بلد كربلاء ، فخرج إليها وأدركه الموت فدُفن في ضيعته ، فكان له مزار مشهور وقبّة عالية , والناس يقصدونه بالنذور وقضاء الحاجات ... إلخ .
      واليوم صار مرقده على الطريق العام الطريق المعبّد ، يقع على الجانب الأيسر لمن يقصد كربلاء المقدسة للقادم من قضاء المسيب ، ويبعد عن كربلاء خمسة أميال .
      وذكر المؤرّخون أنه لمّا ورد نعي الحسين (عليه السّلام) ونعيهما إلى المدينة كان عبد الله بن جعفر جالساً في بيته ، والناس يدخلون عليه يعزّونه ، فقال غلامه أبو اللسلاس : هذا ما لقيناه ودخل علينا من الحسين (عليه السّلام) !
      فحذفه عبد الله بنعله ، وقال له : يابن اللخناء ! أللحسين تقول هذا ؟! والله , لو شهدته لما فارقته حتّى اُقتل معه . والله , إنه لممّا يسخي بالنفس عنهما ويهون عليّ المصاب بهما أنهما اُصيبا مع أخي وابن عمي ، مواسين له صابرين معه .
      ثمّ أقبل على جلسائه ، وقال : الحمد لله , أعزز عليِّ بمصرع الحسين أن لا أكن آسيت حسيناً بيدي فقد آسيته بولدي محمّد وعون .
      وأمّا علي بن عبد الله فهو المعروف بالزينبي , نسبة إلى اُمّه زينب بنت علي (عليه السّلام) . ذكروا أنه كان ثلاثة في عصر واحد ، بني عمٍّ ، يرجعون إلى أصل قريب كلّهم يسمى علياً ، وكلّهم يصلح للخلافة ، وهم : علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السّلام) ـ السجاد (عليه السّلام) ـ , وعلي بن عبد الله بن العباس ، وعلي بن عبد الله بن جعفر الطيار . ولكن إمام المسلمين وقتئذ كان السجاد زين العابدين (عليه السّلام) ؛ يعظّمه القريب والبعيد , وتعنوا له كبار المسلمين .
      وقد تزوّج علي بن عبد الله لبابة بنت عبد الله بن عباس حبر الاُمّة , وكان نسل عبد الله بن جعفر منه . والسادة الزينبيّة كثيرون في العراق وفارس , ومصر والحجاز , والأفغان والهند ، وقد جعل الله البركة في نسل هذه السيدة الطاهرة وطيّب سلالتها .
      وذكر السيد الزبيدي في تاج العروس قال : والزينبيّون بطن من ولد علي الزينبي ابن عبد الله الجواد ابن جعفر الطيار , نسبة إلى اُمّه زينب بنت سيدنا علي (عليه السّلام) , واُمّها فاطمة (عليها السّلام) .
      وولد علي هذا أحد أرحام لآل أبي طالب الثلاثة ، أعقب من ابنه محمّد والحسن , وعيسى ويعقوب ، ومن عقبه أبو الحسن علي بن طلحة بن علي بن محمّد الزينبي ، تولى الخطابة والنيابة بعد أبيه في زمن المستنجد , وتوفي سنة 561 هـ .
      وأمّا اُمّ كلثوم بنت زينب فهي التي خطبها معاوية لولده يزيد كما ذكر ذلك ابن شهر آشوب(2) , وذلك لمّا طلب معاوية بن أبي سفيان من مروان بن الحكم ـ وكان والياً على المدينة من قبله ـ أن يخطب اُمّ كلثوم بنت زينب ، فقال أبوها عبد الله بن جعفر ؛ إنّ أمرها ليس إليّ , إنّما هو إلى سيدنا الحسين (عليه السّلام) , وهو خالها .
      فأخبر الحسين (عليه السّلام) بذلك ، فقال : (( استخير الله تعالى . اللهمَّ وفّق لهذه الجارية رضاك من آل محمّد )) .
      فلما اجتمع الناس في مسجد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أقبل مروان حتّى جلس إلى الحسين (عليه السّلام) ، وقال : إن أمير المؤمنين ـ يعني معاوية ـ أمرني بذلك , وأن أجعل مهرها حكم أبيها بالغاً ما بلغ ، مع صلح ما بين هذين الحيِّين , مع قضاء دينه .
      واعلم أنّ من يغبطكم بيزيد [أكثر ممّن يغبطه بكم . والعجب كيف يستمهر يزيد](*) وهو كفؤ من لا كفؤ له ، وبوجهه يستسقى الغمام ! فرد خيراً يا أبا عبد الله .
      فقال الحسين (عليه السّلام) : (( الحمد لله الذي اختارنا لنفسه ، وارتضانا لدينه ، واصطفانا على خلقه ... إلى آخر كلامه (عليه السّلام) , ثمّ قال : يا مروان ، قد قلت فسمعنا ؛ أمّا قولك : مهرها حكم أبيها بالغاً ما بلغ ، فلعمري لو أردنا ذلك ما عدونا سنة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في بناته ونسائه وأهل بيته ، وهو اثنتا عشرة أوقية ، يكون أربعمئة وثمانين درهماً .
      وأمّا قولك : مع قضاء دين أبيها ، فمتى كنّ نساؤنا يقضين عنّا ديوننا ؟!
      وأمّا قولك : صلح ما بين هذين الحيِّين ، فإنّا قوم عاديناكم في الله , ولم نكن نصالحكم للدنيا ؛ فلعمري لقد أعيا النسب , فكيف السبب ؟!
      وأمّا قولك : والعجب كيف يستمهر يزيد ! فقد استمهر مَن هو خير من يزيد , ومن أبِ يزيد , ومن جدِّ يزيد.
      وأمّا قولك : إنّ يزيد كفؤ مَن لا كفؤ له ، فمَن كان له كفؤ قبل اليوم فهو كفؤه اليوم ، ما زادته إمارته في الكفاءة شيئاً .
      وأمّا قولك : وجهه يستسقى به الغمام ، فإنما كان ذلك وجه رسول الله .
      وأمّا قولك : مَن يغبطنا به أكثر ممّن يغبطه بنا ، فإنّما يغبطنا به أهلُ الجهل , ويغبطه بنا أهلُ العقل )) .
      ثمّ قال (عليه السّلام) : (( فاشهدوا جميعاً أني قد زوّجت اُمّ كلثوم بنت عبد الله بن جعفر من ابن عمِّها القاسم بن جعفر على أربعمئة وثمانين درهماً ، وقد نحلتها ضيعتين بالمدينة ـ أو قال : أرضي بالعقيق ـ , وإنّ غلتها بالسنة ثمانية آلاف دينار ، ففيها لها غنى إن شاء الله تعالى ))(3) .
      قال الراوي : فتغيّر وجه مروان ، وقال : أغدراً يا بني هاشم ؟ تأبون إلاّ العداوة !
      فذكّره الحسين (عليه السّلام) خطبة الحسن عائشة وفعله ، ثمّ قال : (( فأين موضع الغدر يا مروان ؟ )) .
      فقال مروان :
      أردنـا ودّكـمْ لـنجدّ ودّاً قد اخلقهُ به حدثُ الزمانِ
      فـلمّا جـئتكمْ فجبهتموني وبحتم بالضمير من الشنانِ
      فأجابه ذكوان مولى بني هاشم :
      أمـاط اللهُ عنهم كلَّ رجسٍ وطـهّرهم بذلك في المثاني
      فـمالهمُ سـواهم من نظيرٍ ولاكـفؤٍ هـناك ولا مداني
      أتـجعل كـلَّ جـبّارٍ عنيدٍ إلى الأخيار من أهل الجنانِ
      فتزوّج اُمَّ كلثوم القاسمُ بن محمّد بن جعفر وأولدها فاطمة .
      قال أحمد بن طيفور(1) : فاطمة بنت القاسم تزوجت طلحة بن عمر بن عبيد الله بن معمر فولدت له رملة , تزوّجها هشام بن عبد الملك فلم تلد له ، فقال لها هشام : أنت بغلة لا تلدين .
      فقالت له رملة : يأبى كرمي أن يدنّسه لؤمك .
      ـــــــــــــــــــــ
      (1) انظر السيد جعفر بن السيد محمد الأعرجي المتوفّى سنة 1333 هـ [في] مناهل الضرب في أنساب العرب (مخطوط) ، وتوجد نسخة منه لدى حفيده الاُستاذ السيد باقر الأعرجي حاكم [بلدية] البصرة اليوم , واُخرى عند العلامة آقا بزرك الطهراني .
      (2) انظر المناقب لابن شهر آشوب 2 / 171 , الطبعة الاُولى .
      (*) ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل , وقد جئنا به من المناقب نفسها . (موقع معهد الإمامين الحسنَين)
      (3) وروي أنّه أنحلها ( البغيبغات ) , وهي ثلاث عيون في ينبع , يقال لإحداها : خيف ليلى , وللثانية : خيف الأراك , وللثالثة : خيف البعاس
      sigpic
      إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
      ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
      ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
      لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

      تعليق


      • #23
        أسفارها
        أجمع المؤرّخون على أنّ السيدة زينب بنت الإمام علي بن أبي طالب (عليه السّلام) سافرت أوّلاً مع أبيها أمير المؤمنين (عليه السّلام) من المدينة إلى عاصمة حكمه الكوفة (العراق) , ورجعت إلى مسقط رأسها المدينة المنورة مع أخيها الحسن سيد شباب أهل الجنة وأول السبطين (عليهما السّلام) .
        وفي عام ستّين للهجرة سافرت مع أخيها الحسين (عليه السّلام) ريحانة رسول الله إلى كربلاء ـ العراق ـ للمرة الثانية , واُخذت من العراق بعد واقعة الطفِّ إلى الكوفة أسيرة مع السجاد زين العابدين (عليه السّلام) , وعيالات الحسين ومَن معهنّ من نساء الهاشميِّين والأنصار , ومنها سيّرت إلى دمشق الشام ، ومكثت بالشام أسيرة ، وبعدها رجعت إلى العراق مع السجاد زين العابدين (عليه السّلام) ـ إلى كربلاء ـ لتجديد العهد بزيارة أخيها الحسين والشهداء معه من آل رسول الله (صلوات الله عليهم أجمعين) ، ورجعت منها إلى المدينة في حالة مشجية .
        والسفرة الأخيرة كانت مع زوجها عبد الله بن جعفر (رحمه الله) حين جاء بها إلى دمشق ليتعاهد اُمور ملكه في قرية راوية , وفي هذه السفرة توفّيت ودفنت في راوية من أعمال دمشق ، والتي تبعد عنها من الجهة الشرقية الجنوبية ما يقرب من سبعة كيلو مترات ، وتُعرف اليوم بقرية قبر الست ، ولم يحدّثنا التاريخ عن غير هذه السفرات للسيدة زينب (عليها السّلام) .
        ـــــــــــــــــــــ
        (1) انظر أحمد بن أبي طاهر بن طيفور ـ بلاغات النساء / 143 , طبع مصر .
        sigpic
        إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
        ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
        ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
        لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

        تعليق


        • #24
          بعض ما قيل فيها شعراً
          قصيدة للاُستاذ الكبير الشاعر الفحل السيد محمود الحبوبي نظمها أثناء طوافه حول ضريح السيدة الجليلة عقيلة الهاشميِّين زينب ابنة أمير المؤمنين علي (عليه السّلام) , وذلك عام 1950 هـ .
          هذا ضريحكِ يابنتِ الزهراءِ أم روضــةٌ قـدسـيةُ الأشـذاءِ
          جـئـنا لــه مـتبرّكين بـلثمهِ وبـه حـططنا الـيوم كلَّ رجاءِ
          حـرمٌ عـليه مـن الـنبوة هيبةٌ تـحنى لـديها أرؤسُ الـعظماءِ
          مـهـما سـعينا حـوله فـكأننا نـسعى حـيال الكعبةِ الـغرّاءِ
          ولـقد نـجا الـمتمسكون بـبابهِ مـن كـلِّ شـرٍّ طـارقٍ وبلاءِ
          غـمرت جوانبَه القداسةُ فاعتلى شـرفاً تـجاوز موطن الجوزاءِ
          نـورُ الـرسالة والإمامة ساطعٌ مـنه سـطوعُ الكوكب الوضّاءِ
          طـفنا به فأعاد ذكرى كربلا مـخضوبة مـنكم بـخير دماءِ
          لـله يـوم الطفِّ قلبك بعدما شـاهدتِ مـصرع سيّدَ الشهداءِ
          وبـجـنبه أبـناؤه وصـحابه كـالبدر حـاطته نـجوم سماءِ
          وحُملتِ بعدُ إلى دمشق أسيرةً وأجـلّ مـن اُنـجبن من حواءِ
          ولـقيتِ صـابرةً أمضّ فجيعة بـالإخـوة الأطـهار والأبـناءِ
          خُلقٌ من الهادي الأمينِ ورثتِهِ ومـن الوصي وآلك الاُمناءِ
          فتركتِ يا فخر العقائلِ في الملا أسـمى فـخارٍ خـالدٍ وعـلاء
          ترعاه عينُ الله فهو على المدى بــاقٍ بـروعته بـقاء ذُكـاءِ
          وعـليك مـنه صلاتُه وسلامُه فـي كـلِّ صبحٍ مشرق ومساءِ


          تيهي جلالاً يا بقاع الراوية
          تـيـهي جـلالاً يـا بـقاع ( الـراويه) وتـطاولي شـرفاً بـمثوى ( الـزاكيه)
          أدريــتِ مَـن حـلّت ربـاكِ فـطهّرتْ مـنك الربوعَ مـن الـكلابِ الـعاويه
          تـلـك مـن حـلت العقيلة «زيـنب » تنمى إلى شرف يطول على السماء الساميه(*)
          فـلَـبضعة الـزهراء كـانت اُمّـها حـدبت عـليها وهـي تُـدعى الـحانيه
          وإلـى عـليٍّ وهـو خـيرُ اُرومـةٍ نـسـبٌ تـبـلّج كـالـسماء الـضاحيه
          والـجدّ أحـمدُ مـن أتـى بـشريعةٍ تـهـدي الـبـرايا لـلـقيامة بـاقـيه
          اِروي الـحديث وأنت بعضُ شهودِه فـالقول منك مصدّق يا «راويه»
          وتـحدّثي لـلجيل عن قومٍ مضوا فـالجيل هـذا العصر اُذنٌ صاغيه
          كـم بـالشئام عـجائبٌ مرت بها بـالنافعات عـن القرون الماضيه
          تـلك اللـظات تقصّ بعض حديثها عـن زمـرةٍ حكمت فكانت طاغيه
          قـرن مـن الأعـوام أثقل كاهلي بـالفادحات فـعدتُ مـنها خـاويه
          كـم ذا لـقيت مـن الإساءة والعنا مـن صـبية ذرئـت لـنار حاميه
          فـالخمرة الـصهباء مـلءُ بطونِها وأكـفّها خـضبت دمـاءً زاكيه
          نـزو القرود على منابر أحمدٍ جهدت تـعيد الـشرك فيهم ثـانيه
          قصرت بها الأنساب أقصى فخرها شـيخٌ كـفور أو عـجوزٌ زانيه
          صـخر وهـند والـفروع بأصلِها هذا النجار وذي الاُصول كما هيه
          يـا «راويـة» فاروي الحديثَ لاُمّةٍ مـكبوتةٍ وتـعيش ظـمأى صاديه
          وتـحدّثي عـن ذي القصور ولهوِها أيـن الـقصورُ مضت وأين اللاهيه
          قـالت مـعالمها دويـنك مـا ترى يـكـفيك مـنّي مـا تـراها بـاقيه
          فـاضرب بـطرفك أين بانيَ مجدها ثــاوٍ بـأيـةِ حـفرة أو زاويه
          فـإذا الـقصور ولا بـقاء لـرسمها وإذا الــرؤوس ولا رمـيم بـاليه
          وانـظر إلى القبر المشيد ضريحه سامي الضراح علا بمثوى الزاكيه
          ذيّــاك حـكـمُ الله يـأبي عـدله إلاّ الإطـاحة بـالعروش الـخاويه
          وتـكون عـقبى الـدار تـبقى دائماً لـلـمـتّقين ولـلـعتاة الـهـاويه
          يـا« راويـة» والقلب ماضٍ جرحُه بـالفادحاتِ مـن الـمآسي الـقاسيه
          وأشـدها وقـعاً مـصائب كـربلا شــمُّ الـجبال لـهولها مـتداعيه
          شاد الحسينُ صروح دين هُدّمت وزيـنبٌ أوصـت تـتم الـباقيه !
          فشقيقة السبطين خفّت بالذي عن حمله كلُّ الرواسي واهيه
          قد قابلت كلَّ الخطوب بصبرها مهما تحيط بها الظروف العاتيه
          وأتـمّت الـصرح الذي لبناتهُ قـامت عليها فهي اُسُّ الزاويه
          بـدماء زمـرتها تـشيّد اُسّه وتـشيد أعـلاه دموعٌ جاريه
          فـمحت بـها أثـار ملك أميةٍ من دارها طرّاً فأضحت خاليه
          كم موقفٍ بالشام لم تضرع به صكّت به أسماع ذاك الطاغيه
          وأذلّـت الـنفر الـلئام بقيلها فـعنت لها بالذلِّ تلك الناصيه
          وسـمتهمُ الـعار الشنار بسبّةٍ حتّى هووا أعجاز نخلٍ خاويه
          فصل الخطاب ويا له من حجةٍ صـعقت لها تلك الجباه العاتيه
          فحروف خطبتِها حروفٌ زاهية وبـليغ حجتها صواعقُ داويه
          إيها ربوع الشام هذي زينبٌ وطئت ثراك وهي ليست راضيه
          فـتعجّلت كـفُّ المنون بقبضها لـمّا دعـت أن لا تـراكِ ثانيه
          فـتُعيدي للنفس الجريحة مشهداً يـحكي لها ذكرى المآسي الداميه
          لـكنّ ربّـك وهـو عـدلٌ حاكمٌ يقضي لتقضي في جوارك ناحيه
          كـم حـكمةٍ لـله فـي تـقديرِه فـتبين واضـحة واُخرى خافيه
          فـأسيرة الـماضي تحطّم هيكلاً ذرّ الـرماد فـماله مـن بـاقيه
          وتـقـيم قـبّتها بـرغمِ اُنـوفهمْ في أرضهم حيث القطوف الدانيه
          وتدرّ زينب حيث يهمي فضلها ثـرّاً عليك فعدت منها «راويه»
          وتخط زينبُ للخلود سطورَها ومـدادها تـلك الـدموع الغاليه
          وطـوت يـدٌ بيضاء كلَّ صحيفةٍ لاُمـيةٍ قـد سـوّدتها عـاصيه
          هـذا هـو الفتح المبين بنصرةِ الـ ـدين الحنيف وتلك عقبى الباقيه
          وختامُ شعري في نشيد القافيه تيهي جلالاً يا بقاع «الراويه»

          كلمة الاُستاذ الكبير أحمد فهمي محمّد المصري وشعره
          السيدة زينب بنت علي (عليهما السّلام) ، العقيلة الطاهرة ، والزهرة الناضرة ، والكريمة الباتعة ، والروضة اليانعة ، سبطة الرسول (صلّى الله عليه وآله) , وبضعة البتول , ونجيبة سيف الله المسلول ، السيدة المباركة زينب بنت علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) .
          هـي زيـنب الـمفاخر والـعلا(*) وكـريـمةٌ آبـاؤهـا كُـرمـاءُ
          هي ربّة الشورى وغوث ضريعها وهـي الـعياذ ولـلعفاة رجـاءُ
          وله أيضاً :
          لـذ بالعقيلة بضعة الزهراءِ مـتـوسّلاً بـكريمة الآبـاءِ
          فهناك مهبطُ رحمة تحظى بها وهـناك ما ترجو من الآلاءِ
          وافتح بفاتحةِ الكتاب ضريحَها واقـرأ سلامك ضارعاً بدعاءِ
          حـتّى تنال الخير من نفحاتها وتـرى شـعاعَ جلالةٍ وبهاءِ
          فمزارها حرمٌ ومهبطها حمىً وهـي الـلياذ لنا من اللأواءِ
          فجوارحي تصبو لزورة قبرِها وجـوانحي تـهفو لها بولاءِ
          فالله شـرّف قـدرها ومقامَها والله يـوفي الـخير للسعداءِ
          وله أيضاً :
          نـورُ الـعقيلة في الآفاق وضّاءُ حـلّت دمشق فعم القطر أضواءُ
          نـورُ الـنبوّة موصولٌ بمهبطها والـنور فـي جنبات القبرِ لألاءُ
          حـفّت بـه بركاتٌ فاض صيّبها ونـفحةُ الله بـالروضات فيحاءُ
          يا ساكني الشام بشراكمْ بمهبطِها فـفي حـفافـيه لـلعافين آلاءُ
          وقـبرُها حـرمٌ من يستجير به تـنجاب عـنه بفضلِ الله لأواءُ
          * * * *
          ولبعضهم :
          هـذا ضـريح شقيقةِ القمرينِ بـنتِ الإمـامِ شريفة الأبوينِ
          وسـليلةِ الزهراء بضعة أحمدٍ نـورُ الـوجود وسيّد الثقلينِ
          نـسبٌ كريم للفصيحة زينبٌ شمس الضحى وكريمة الدارينِ
          * * * *

          للمرحوم الشيخ حسن سبتي :
          عـيـبةُ عـلمٍ غـير أنّ عـلمَها غـريـزةٌ ولـم يـكن مـكتسبا
          عـالـمـةٌ عـامـلـةٌ لـربِّـها طول المدى سوى التقى لن تصحبا
          تـقيةٌ مـن أهـل بـيت عصمةٍ شـقيقةُ الـسبط الحسينِ المجتبى
          صـدّيقةٌ كـبرى وجـمّ عـلمِها طـاشت بـها الألبابُ والفكر لبا
          فـيا لـها داعـيةٌ إلى الـهدى فـي حـلِّ كـلِّ مشكلٍ قد صعبا
          ذات فـصـاحةٍ إذا مـا نـطقتْ حـيناً تـخال المرتضى قد خطبا
          سـل مجلس الشام وما حلَّ به مُذ خطبت ماج بهم واضطربا
          * * * *

          وللمرحوم الشيخ أحمد الكناني من مقطوعة :
          لـذ فـي الـشدائد بابنةِ الزهراءِ واقـصد حـماها فـوق كلِّ عناءِ
          هـي زيـنبٌ ذات المقامات العلا وكـريـمةُ الأجــداد والآبــاءِ
          هي ربةُ الشورى وغوث مَن التجى بـنت الإمـام وفـارس الـهيجاءِ
          اُخـت الحسين وجدُّها خيرُ الورى وهـمُ إذا عـزَّ الـرجاءُ رجـائي
          * * * *

          للمغفور له الشيخ حسن سبتي :
          لمّا أصابت ( يثرباً) مجاعةٌ وشـدةٌ وعـامهم قـد قطبا
          فسار عبد الله ينحو الشام في عـياله يـحملهم و (زينبا )
          لـكنّ وعثاءَ الطريق أثّرت بـها فـكابدت عناءً نصبا
          وعـنـدما تـذكّـرت دخـولَها للشام حسرى وهي في أسر السبا
          حـمت ومـا زالت تعاني سقماً وسـقمها فـي جسمها قد نشبا
          وعـام خـمسةٍ وخمسين قضت صـابرةً بـالصبر حـازت رتبا
          وقـد قـضت في رجب بنصفِه يـاليت أنّـا لـم نـشاهد رجبا
          * * * *

          ولبعضهم :
          نـفسي الفداء لمشهدٍ أسرارُه مـن دونها سترُ النبوّة مسبلُ
          ورواقُ عـزٍّ فيه أشرف بقعةٍ ظلت تحار لها العقولُ وتُذهلُ
          تغضي لبهجته النواظر هيبةً ويـردّ عـنه طرفه المتأمّلُ
          حسدت مكانته النجوم فودّ لو أمسى يجاوره السماك الأعزلُ
          وسـما عـلوّاً أن تقبّل تربَه شـفةٌ فـأضحى بالجباه يُقبّلُ
          sigpic
          إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
          ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
          ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
          لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

          تعليق


          • #25
            للعلامة السيد مسلم الحلي (أيّده الله) :
            أزيـنب هـذي نـدبةٌ عزّ وقعها على منطقي إذ موقع الرزء هائلُ
            أذاقـكِ أنـواعَ المصائب موقفٌ بـه الـسبط مـثكولٌ وإنك ثاكلُ
            فـيا مـوقفاً ما كان أسماه موقفاً بـه لـذوي الألباب لاحت دلائلُ
            جـهادُ لـسانٍ قد حكى في جلالِه جـهادَ سـنان والـجهادُ مراحلُ
            رميت بني حرب بحرب صواعقٍ قـنابلُ قـولٍ دونـهنّ الـقنابلُ
            تـحطّم فـيه عـرشُهم وعريشهمْ وهُـدّت حـصونٌ منهمُ ومعاقلُ
            كـذا فليكن مَن كان للدين ناصراً تـهونُ عـليه نـفسه والعواملُ
            * * * *

            للعلامة الشيخ حسن نجل الحجة الشيخ مرتضى أسد الله الكاظمي :
            زينب بنت علي (عليهما السّلام)
            تسيل دموعُ العين حزناً وتسكبُ إذا ذُكـرت اُمُّ المصائب زينبُ
            هـي الـمثل الأعـلى لـكلِّ فضيلةٍ وفي فضلها الأمثال في الناس تضربُ
            تـقـوم لـها الـعليا وتـقعد كـلّما تـبين لـها الـذكر الـحميد وتعربُ
            وكـم حـيّرت فـي ذكرها كلَّ كاتبٍ ومَـن أخـذته حـيرةٌ كـيف يكتبُ
            وكـم أعـجزتْ في مدحها كلَّ شاعرٍ وإن كـان يـحلو الشعر فيه ويعذبُ
            فـمَن جـدّها أو مَـن أبـوها واُمّها ومَـن أخـواها حـين تنمى وتنسبُ
            قــد اكـتسبت أخـلاقها وتـأدّبتْ بـآدابـهم يـا نـعم هـذا الـتأدّبُ
            مـبـاركةٌ فـي كـلِّ أرض تـحلّها فـتخضرّ منها الأرض يمناً وتخصبُ
            وعـالـمةٌ لـكـن بـغـيرِ تـعـلّمٍ وذا خـبرٍ يـروى ولـيس يُـكذّبُ
            لـقـد أودعـت أسـرار آل محمّدٍ فـتأخذ مـنها كـلَّ عـلم وتـكسبُ
            وتـحبو بـها عـلماً وتوهب حكمةً وطـوبى لـمن يُـحبا بهذا ويوهبُ
            تـفـوق نـساء الـعالمين شـجاعةً ومـنها رجـال الـعالمين تـعجبّوا
            فـمـا تـرتاب الـبلايا جـميعها ! ولا هـي من أعيائها تتهيبُ
            تـشقّ عـلى الـناس الـصعاب وإنّما يهون عـليها ما يشقّ ويصعبُ
            ألـمّت بـها الأرزاء وهي كثيرةٌ كـقطر السما ليست تُعدّ وتحسبُ
            ولـله مـن قـلبٍ تـحمّل ثـقلَها ولـو حـلّ قـلباً دونـه يتشعبُ
            وما حُصرت في خطبة يوم روعِها ويحصر يوم الروعِ مَن فيه يخطبُ
            لـقد حـملت يوم الطفوفِ رسالةً يـنوء بـها حـملاً سواها وينصبُ
            فـأعطت جميعَ الواجبات حقوقَها ومـا قـصرت فيها يحقُّ ويوجبُ
            فـقامت بـأعباء الـرعاية كـلِّها ومـا فـاتها فـي الأمر ما يتطلّبُ
            لـها وقـفاتٌ صـامداتٌ صـليبةٌ أشـد مـن الطود العظيم وأصلبُ
            ولـيست تـبالي لـو تلوم عدوَّها ولـو هـو مغتاظ عليها ومغضبُ
            ومـا أظهرت شكوى إلى أحد ولو ألـمّ بـها مـا لا يظن ويحسبُ
            ولـم نـر مـغلوباً على كلِّ أمره يـغالب بـالقول الـعدو فـيغلبُ
            وإنّ وقـوع الـقول فوق نفوسِهمْ أشـدّ عـليهم من سهامٍ وأصعبُ
            تـجنبت الـشيء الـمخلّ بشأنها وإنّ الـكريم الـحرَّ مَـن يتجنبُ
            وكـم أغلظت بالقول دون تريّبٍ أمـام الـذي مـن أمرها متريّبُ
            أمـام عـبيدِ الله طـوراً وتـارةً أمـام يـزيدٍ حـين قامت تؤنّبُ
            فـيالَ مـقامٍ لـو يـقوم مـقامها سواها قضى رعباً به حين يرعبُ
            فـتلهب بـاللفظ النفوسِ حماسةً وما هـي إلا جـمـرة تـتلهبُ
            لـقد أنـشبت حرباً عليهم طويلةً مداها وما زالت مدى الدهر تنشبُ
            ولـو لـم يـكن إقدامُها وجهادُها لـما كـان شـيء للوقيعة ينسبُ
            ويـعجب مـن إقدامها كلُّ معشرٍ ولا عـجبٌ مـنه إذا منه يعجبُ
            تـقلّبت الأحـداثُ نصب عيونِها ومـا أعـظم الأحداث إذ تتقلّبُ
            فـمـنظر قـتلاها أمـام عـيونِها وهـل مـنظرٌ مـنه أشـدّ وأرهبُ
            فـهذا عـلى وجـه الـصعيدِ معفّرٌ تـريبٌ وهـذا بـالدماء مـخضبُ
            ومـا بـرحت طـول الحياة حزينةً تـنوح عـلى قتلى الطفوف وتندبُ
            فما الرزء ينسى لا ولا الحزن ينتهي ولا النفس تسلو لا ولا الدمع ينضبُ
            فـفي كـلِّ يـوم فـي السماء مآتمٌ وفـي كـلِّ عـينٍ عـبرةٌ تتصبّبُ
            وإنّ بـعـين الله كــلَّ وقـيـعةٍ يـطيح بـها آلُ الـرسول ويعطبوا
            فـتطعن بـالسمر العوالي صدورها وأعـنـاقها بـالمشرفية تـضربُ
            وإنّ بـعـين الله كــلَّ عـقـيلةٍ لـهمُ فـي يد الأعداء تُسبى وتسلبُ
            فطوبى لأرضِ الشام حيث تنزّلت بـها بـركاتٌ تربها ليس يجدبُ
            تـحلّ بـها من نسوةِ الوحي حرّةٌ مـباركةٌ مـيمونةٌ هي «زينب»
            تطيّب تُربُ الأرضِ من طيبها وكمْ تـضوّع طـيباً تـربُها المتطيّبُ
            فـمرقـدُها فـي كلِّ قلبٍ معظّمٍ ومـشهدُها فـي كـلِّ نفسٍ محببُ
            وتـختلف الـزوّارُ نـحو مزارِها تـجيء إلـيه كـلَّ يـوم وتذهبُ
            فـلا فـاته روحٌ مـن الله طـيّبٌ ولا جـازه قطرٌ من السحب صيّبُ
            ــــــــــــــــــــ
            (*) هكذا ورد البيت في النسخة التي بين أيدينا , ولا يخفى ما فيه من خلل عروضي واضح . (موقع معهد الإمامين الحسنَين)
            (*) لا يخفى ما في المصراع من خلل عروضي بيّن . (موقع معهد الإمامين الحسنين)
            sigpic
            إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
            ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
            ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
            لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

            تعليق


            • #26
              تحقيق حول مشهدها الشريف في الشام أو في مصر
              لا ريب أنّ الفاطميِّين هم من السلالة الطاهرة , ومن أبناء العلويِّين الذين ينتمون إلى الإمام علي بن أبي طالب (عليه السّلام) , وعلى رغم ما فعلته السلطة الجائرة من إنكار نسبهم الشريف , وقد قيل :
              ولا تضرّ كلابُ السود أن نبحتْ على الاُسود وأبدت كامنَ الضغنِ
              فهذا ابن عمهم الشريف الرضي (رضوان الله عليه) يصدّق نسبهم بقوله :
              أَلبَسُ الذُلَّ في دِيارِ الأَعادي وَبِمِصرَ الخَليفَةُ العَلَوِيُّ
              مَن أَبوهُ أَبي وَمَولاهُ مَولا يَ إِذا ضامَني البَعيدُ القَصِيُّ
              لَفَّ عِرقي بِعِرقِهِ سَيِّدا النا سِ جَميعاً مُحَمَّدٌ وَعَلِيُّ(*)
              وقد جهد الفاطميّون في عهدهم على أن يجعلوا مصر شيعية محضة موالية لآل الرسول (صلّى الله عليه وآله) ومَن وجبت على الخلق محبتهم ، وقاموا بأشياء توطئة لقصدهم , منها جلبهم الصندوق الذي فيه رأس الحسين (عليه السّلام) من عسقلان(1) إلى مصر , وبنو عليه مسجداً فخماً , وحتّى اليوم يزار مسجد رأس الحسين (عليه السّلام) .
              ذكر الشيخ عبد الوهاب الشعراني في طبقات الأولياء عند ترجمته للحسين (عليه السّلام) , قال : دفنوا رأسه ببلاد المشرق ، ثمّ رشى عليه طلايع بن رزيك بثلاثين ألف دينار ونقله على مصر ، وبنى عليه المشهد الحسيني ، وخرج هو وعسكره حفاة إليه نحو الصالحية من طريق الشام ينقلون الرأس الشريف , ثمّ وضعه طلايع في كيس من الحرير أخضر على كرسي آبنوس وفرشوا تحته المسك والعنبر والطيب قدر وزنه مراراً .
              وممن قال : إنّ الرأس الشريف بالمشهد الذي بالقاهرة اليوم ، نقل إليها من عسقلان ، علي بن أبي بكر المشهور بالسائح الهروي , المتوفّى سنة 611 هـ , قال [في] الإشارات إلى أماكن الزيارات عند كلامه على عسقلان : وبها مشهد الحسين (رضي الله عنه) ، كان رأسه بها ، فلما أخذتها الفرنج نقله المسلمون إلى مدينة القاهرة سنة 549 هـ .
              وذكر مجير الدين الحنبلي في (الأنس الجليل) عند ذكر ه لعسقلان ، قال : وبها ـ أي بعسقلان ـ مشهد عظيم بناه بعض الفاطميِّين من خلفاء مصر على مكان زعموا أنّ فيه رأس الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السّلام) .
              كما وأنّهم شيّدوا مرقد السيدة نفيسة , ونوهوا بنسبها وعظم شأنها , وهو يزار حتّى اليوم ، وكذلك شيدوا أيضاً قبر اُمّ كلثوم الملقّبة بزينب الصغرى , ونوّهوا بأنّ هذا هو مرقد السيدة زينب عقيلة بني هاشم .
              وهاك ما كتب على باب المرقد : بسم الله الرحم الرحيم ، (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً) ، هذا ما أمر به عبد الله ووليه أبو تميم أمير المؤمنين الإمام العزيز بالله (صلوات الله تعالى عليه وعلى آبائه الطاهرين , وأبنائه المكرمين) , أمر بعمارة هذا المشهد على مقام السيدة الطاهرة بنت الزهراء البتول ، زينب بنت الإمام علي بن أبي طالب (صلوات الله تعالى عليها وعلى آبائها الطاهرين ، وأبنائها المكرمين).
              وقد أخذ المؤرّخون على ما وجدوا من الكتابات على جدران مرقدها , والتي رقمت في أيام الفاطميِّين بعين الاعتبار , وجاء مؤلف كتاب (العدل الشاهد في تحقيق المشاهد) ، مشاهد مصر , فذكر أنّ هذا هو قبر زينب الكبرى ، وتبعه المتأخّرون وأثبتوا ذلك في مؤلفاتهم , وهذا المقريزي(2) لم يذكر لزينب الكبرى مشهداً في مصر ، وجلّ قوله في ما كان يعمل في يوم عاشوراء من سنة ثلاث وستين وثلاثمئة ، قال : انصرف خلق من الشيعة وأشياعهم إلى المشهدين ؛ قبر اُمِّ كلثوم ونفيسة ، ومعهم جماعة من فرسان المغاربة ورجالاتهم بالنياحة والبكاء على الحسين (عليه السّلام) ... إلخ .
              وعند ذكره للشيعة(3) , وقد كانت مصر لا تخلو منهم في أيام الإخشيدية والكافورية في يوم عاشوراء عند قبر اُمّ كلثوم وقبر نفيسة ... إلخ , ذكر واقعة الطفِّ ومقتل الحسين في نفس المصدر , ويذكر زينب الكبرى ومواقفها يوم عاشوراء .
              فالحقيقة هي أنّ المشهد الذي في مصر هو مشهد اُمّ كلثوم بنت علي (عليه السّلام) , والمشهد الذي بالشام هو مشهد زينب الكبرى ، وقد تسلمته الشيعة عن بعيد ، وجيلاً عن جيل ، إذاً لا يرتاب أحد في ذلك أبداً .
              وهذا الحجة الأكبر وإمام عصره سيدنا السيد عبد الحسين شرف الدين , فإنّ رأيه الصواب , وقوله الفصل يرى أنّ هذا هو مشهد العقيلة زينب الكبرى ، وله مقالة مسهبة بمناسبة وصول الضريح الأثري الذي تبرّع به المرحوم محمّد حبيب الباكستاني ، ونصب على قبر السيدة زينب في قرية الست من ضواحي الشام , وذلك بعد أن ذكر (عطّر الله مرقده) طرفاً من ترجمتها ، والمقالة ذات فصول ، وهذا عنوان مشهدها (مشهد العقيلة) .
              وهذه اُمّ المصائب عقيلة الوحي والنبوة , وخفرة علي وفاطمة (عليهما السّلام) , زينب , بلغ من عناية الله تعالى بها وكرامتها عليه أن كان مشهدها هذا منذ حلّت رمسه ، كلّ سنة هو أفخم وأعظم منه في سابقتها ، حتّى بلغ اليوم أوج العظمة والعلاء ، يطوف المسلمون بهذا المشهد ، ويعتصمون به ، فإذا هو على الدوام أمل الراغب الراجي عفو ربّه [عن] ذنوبه ، وأمن الراهب التائب الراجي في ستر عيوبه , ويقضي حوائجه ، متوسلاً إليه تعالى باُمّ المصائب في سبيله (عزّ وجلّ) .
              هذا شأن المخلصين لله تعالى في حفظ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في عترته من بعده ، يعظمون شعائر الله تعالى : (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)(4) .
              وذكر المغفور له الحجة السيد حسن الصدر (نوّر الله رمسه) ، في كتاب (نزهة أهل الحرمين) ، زينب الكبرى بنت أمير المؤمنين (عليه السّلام) , وكنيتها اُمّ كلثوم ، قبرها قرب زوجها عبد الله بن جعفر الطيار خارج دمشق الشام معروف .
              جاءت مع زوجها عبد الله بن جعفر أيام عبد الملك بن مروان إلى الشام سنة المجاعة , ليقوم عبد الله بن جعفر في ما كان له من القرى والمزارع خارج الشام حتّى تنقضي المجاعة ، فماتت زينب هناك ، ودُفنت في بعض تلك القرى .
              قلت : واليوم تعرف القرية التي فيها مرقدها باسمها , قرية الست زينب . انتهى .
              وجاء في كتاب (لواقح الأنوار) : توفيت زينب بنت علي بن أبي طالب (عليه السّلام) بدمشق الشام في سنة أربع وسبعين هجرية . انتهى .
              وذكر ياقوت الحموي في معجم البلدان 4 / 216 عند ذكر (راوية) : قرية من غوطة دمشق , بها قبر اُمّ كلثوم ... إلخ .
              وجاء في رحلة ابن بطوطة عند سرده للقبور التي حوالي دمشق الشام , قال : وبقربه قبلي البلد , وعلى فرسخ منها مشهد اُمّ كلثوم بنت علي بن أبي طالب من فاطمة (عليهم السّلام) ، ويقال : إنّ اسمها زينب ، وكنّاها النبي (صلّى الله عليه وآله) اُمّ كلثوم ؛ لشبهها بخالتها اُمّ كلثوم بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) , وعليه مسجد كريم , وحوله مساكن , وله أوقاف ، ويسمّيه أهل دمشق قبر الست اُمّ كلثوم .... إلخ .
              وذكر ابن جبير في رحلته عند عرض ذكره للمشاهد والقبور في دمشق الشام ، قال : ومن مشاهد أهل البيت (رضي الله عنهم) مشهد اُمّ كلثوم ابنة علي بن أبي طالب (رضي الله عنهما) ، ويقال لها : زينب الصغرى , واُمّ كلثوم كنية أوقعها عليها النبي (صلّى الله عليه وآله) ؛ لشبهها بابنته اُمّ كلثوم (رضي الله عنها) , والله أعلم بذلك .
              ومشهدها الكريم بقرية قبلي البلد تُعرف بـ (راوية) , على مقدار فرسخ , وعليه مسجد كبير , وخارجه مساكن , وله أوقاف ، وأهل هذه الجهات يعرفونه بقبر الست اُمّ كلثوم . مشينا إليه وبتنا به , وتبرّكنا برؤيته نفعنا الله بذلك .
              وذكر الشيخ الشبلنجي في كتابه القيّم (نور الأبصار/ 238) ط العثمانية , في مناقب السيدة رقية المدفونة بدمشق الشام ، قال : وقد أخبرني بعض الشوام أنّ للسيدة رقية بنت الإمام علي (كرّم الله وجهه) ضريحاً بدمشق الشام , وأنّ جدران قبرها كانت قد تعيبت ، فأرادوا إخراجها منه لتجديده , فلم يتجاسر أحد أن ينزل من الهيبة ، فحضر شخص من أهل البيت يدعى السيد ابن مرتضى , فنزل في
              الصفحة (71)
              قبرها ، ووضع عليها ثوباً لفّها فيه ، وأخرجها فإذا هي بنت صغيرة دون البلوغ . وقد ذكرت ذلك لبعض الأفاضل , فحدّثني به ناقلاً عن أشياخه . انتهى كلام الشبلنجي .
              قلت : لم يذكر التاريخ أن رقية بنت علي (عليه السّلام) مدفونة بالشام ، وإنّما المأثور والمنقول أنّ هذه هي الطفلة رقية بنت الحسين بن علي (عليه السّلام) التي توفيت بالخربة ، والذي يؤكّد ذلك قول الشبلنجي نفسه : (إذاً هي بنت صغيرة) , وقبرها اليوم في سوق الشام في الجامع المعروف باسمها ، يزار ويتبرك به ، وقد جدّدوا ضريحه قبل أعوام ، وأرّخت عام تجديده (حول ضريح رقية) .
              وأمّا السيد [الذي] نزل في قبرها وأخرجها , ووضع عليها ثوباً لفّها فيه ثمّ دفنها بمكانها ، هو جد الأسرة السادة آل مرتضى , وهم سدنة مرقد السيدة زينب بنت الإمام علي (عليه السّلام) المدفونة في قرية (راوية) , وتُعرف اليوم بقرية الست زينب (عليها السّلام) .
              وسدانة هذا المرقد تقوم به اليوم هذه الأسرة العلوية والدوحة الهاشمية منذ مئات الأعوام ، السادة أل مرتضى يتوارثون هذه السدانة وخدمة هذه العتبة المشرفة يداً عن يد , ويتسلّم مفاتيح هذه الروضة المباركة الخلف بعد السلف .
              ولقد وفّق الله تعالى في الآونة الأخيرة حضرة الوجيه , والتاجر الشهير , المحب للخير , والقائم بشعائر الدين الحاج مهدي البهبهاني فكرّس أوقاته لتشييد وتعمير هذه العتبة ،وأمره مطاع لدى أرباب الخير وأبناء الإسلام , وتلّمذ عليه بهذه الخدمة الشريفة السيد الجليل السيد رضا الكاظمي , فحيّا الله منه هذه الشهامة الهاشمية ، ووفّقه إلى أعمال البر والخير .

              ـــــــــــــــــ
              (*) وردت الأبيات هنا في غير هذا النحو , وفيها من الأخطاء العروضية والتغيير والتبديل الشيء الكثير , وقد أثبتنا ما هو موجود من أصل الديوان . (موقع معهد الإمامين الحسنَين)
              (1) عسقلان : مدينة كانت على ساحل بحر الشام من أعمال فلسطين ، وكان يقال لها : عروس الشام ؛ لحسنها ، وهي ذات بساتين وضياع ، بها مشهد رأس الحسين (عليه السّلام) , وهو مشهد عظيم ، وفيه ضريح الرأس والناس يتبركون به ، وقد نقل الفاطميّون رأس الحسين منها إلى مصر .
              (2) انظر الخطط المقريزيّة 2 / 289 .
              (3) المصدر نفسه / 290 .
              (4) سورة الحج / 32 .
              sigpic
              إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
              ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
              ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
              لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

              تعليق


              • #27
                موالاة آل البيت (عليهم السّلام)
                قال أبو الأسود الدؤلي (رضي الله عنه) :
                اُحـبّ مـحمّداً حـبّاً شديداً وعـباساً وحـمزة والوصيّا
                هوىً اُعطيته منذ استدارت رحى الإسلام لم يعدل سويّا
                بـنو عـمِّ الـنبي وأقربوه أحـب الـناس كـلهمُ إليّا
                فـإن يك حبُّهم رُشداً اُصبه ولست بمخطئٍ إن كان غيّا
                وقال الكعبي (رحمة الله عليه) :
                آلُ الرسول ونعم أكفاء الـ ـعـلا آلُ الـرسولِ
                خـيرُ الفروع فروعُهم واُصولُهم خيرُ الاُصولِ
                هم حبل الله , مَن اعتصم بهم نجا ، وهم سفن النجاة لمحبيهم , يصل المحب لهم إلى شاطئ السعادة , وقد قال (صلّى الله عليه وآله) : (( مثلُ أهل بيتي كسفينة نوح ؛ مَن ركبها نجا , ومَن تخلّف عنها غرق وهوى ، وزجّ في النار زجاً )) .
                وهم الذين مدحوا بآية التطهير ، قال (جلَّت آلآؤه) : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)(1) , والمراد بأهل البيت فاطمة وبعلها علي ,وولداهما الحسن والحسين (عليهم السّلام) .
                ولقد ذكر أرباب التفسير أن آية التطهير نزلت على الرسول الأعظم وهو في بيت اُمِّ سلمة , ويروى عن اُمّ سلمة قالت : لما نزلت هذه الآية الشريفة على النبي (صلّى الله عليه وآله) جلل على الحسن والحسين وعلي وفاطمة كساءً , وقال : (( اللهمَّ هؤلاء أهل بيتي وحامّتي ، اذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً )) .
                فقلت : يا رسول الله ، وأنا معهم ؟
                قال (صلّى الله عليه وآله) : (( أنت مكانك , وأنت على خير )) .
                وذكر الفخر الرازي في تفسيره قال : إنّ أهل بيته (صلّى الله عليه وآله) ساووه في خمسة أشياء ؛ في الصلاة عليه وعليهم في التشهّد ، وفي السّلام , يقال في التشهد : السلام عليك أيها النبي (صلّى الله عليه وآله) , وقال تعالى : (سَلاَمٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ) , وفي الطهارة ، قال تعالى : (طه) , أي طاهر , وقال تعالى : (وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) , وفي تحريم الصدقة ، وفي المحبة ، قال تعالى : (فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ) , وقال تعالى : (قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى)(2) .
                وقال (صلّى الله عليه وآله) : (( أحبوا الله لما يغذوكم به ، وأحبوني لحبِّ الله ، وأحبوا أهل بيتي بحبي )) .
                وقال (صلّى الله عليه وآله) : (( لا يحبّنا أهل البيت إلاّ مؤمن تقي ، ولا يبغضنا إلاّ منافق شقي )) .
                ولقد كان (صلّى الله عليه وآله) يمرّ بباب فاطمة إذا خرج إلى صلاة الفجر ، ويقول : (( الصلاة يا أهل البيت , إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً )) .
                وقد قال علي (عليه السّلام) في بعض خطبه : (( نحن شجرة النبوة , ومحط الرسالة , ومختلف الملائكة , ومعادن العلم , وينابيع الحكم ؛ ناصرنا ومحبّنا ينتظر الرحمة ، وعدوّنا ومبغضنا ينتظر السطوة )).
                وإليك ما نظمه الشافعي محمّد بن إدريس (رحمه الله) :
                يـا آل بـيت رسولِ الله حبكمُ فرضٌ من الله في القرآن أنزلهُ
                كـفاكمُ مـن عظيم الفخر أنّكمُ مَن لم يصلِّ عليكم لا صلاة لهُ
                * * * *
                وله أيضاً :
                همُ القوم مَن أصفاهم الودَّ مخلصاً تمسّك في اُخراه بالسبب الأقوى
                مـوالاتهمُ فـرضٌ وحبُّهم هدىً مـحاسنهمْ تُحكى وآياتهم تُروى
                وله أيضاً :
                يا راكباً قفْ بالمحصبِّ من منى واهتف بساكنِ خيفها والناهضِ
                سحراً إذا فاض الحجيجُ إلى منى فـيضاً كملتطم الفراتِ الفائضِ
                إنْ كـان رفـضاً حبُّ آل محمّدٍ فـليشهد الـثقلان أنّي رافضي
                * * * *
                ولزبينا بن إسحاق النصراني :
                عـديٌ وتـيم لا اُحـاول ذكرهم بـسوءٍ ولـكنّي مـحبٌّ لـهاشمِ
                ومـا يـعتريني في عليٍّ ورهطه إذا ذكـروا فـي الله لـومةُ لئمِ
                يـقولون ما بال النصارى تحبُّهمْ وأهـلُ النهى من أعربٍ وأعاجمِ
                فـقلتُ لـهم إنّـي لأحسبُ حبّهمْ سرى في قلوب الخلق حتّى البهائمِ
                * * * *
                وهذا ابن عباس حبر الاُمّة , جاء من طريقه أنه لمّا نزل قوله تعالى : (قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) , قالوا : يا رسول الله , مَن قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم ؟
                قال : (( عليٌّ وفاطمة وابناهما )) .
                وقد قال (صلّى الله عليه وآله) : (( إنّ الله جعل أجري عليكم المودة في أهل بيتي , وإنّي سائلكم غداً عنهم )) .
                وقال (صلّى الله عليه وآله) : (( الزموا مودتنا أهل البيت ؛ فإنّه مَن لقي الله (عزّ وجلّ) وهو يودّنا دخل الجنة بشفاعتنا . والذي نفسي بيده , لا ينفع عبداً عمله إلاّ بمعرفة حقّنا )) .
                وللشيخ محي الدين بن عربي (قدّس سره) :
                رأيـت ولائـي آلَ طـه فريضةً على رغمِ أهل البُعد يورثني القُربا
                فما طلب المبعوث أجراً على الهدى بـتبليغه إلاّ الـمودة فـي القربى
                * * * *
                والحديث المأثور ذكره أرباب الحديث والصحاح , (( مَن حفظني في أهل بيتي فقد اتّخذ عند الله عهداً )).
                وقال (صلّى الله عليه وآله) : (( استوصوا بأهل بيتي خيراً ؛ فإني اُخاصمكم عنهم غداً , ومَن أكن خصمه أخصمه ، ومَن أخصمه دخل النار )) .
                هؤلاء هم آل رسول الله الذين وجبت على الناس محبتهم وولاؤهم والصلاة عليهم .
                كان جابر بن عبد الله الأنصاري (رحمه الله) يقول : لو صلّيت صلاةً لم اُصلِّ فيها على محمّد وعلى آل محمّد ما رأيت أنها تُقبل .
                وقد سُئل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) كيف الصلاة على أهل البيت , قال (صلّى الله عليه وآله) : (( قولوا : اللهمَّ صلِّ على محمّد وعلى آل محمّد كما صلّيت على إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميد مجيد ، وبارك على محمّد وعلى آل محمّد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد )) .
                فسلام الله على آل رسول الله الطيّبين الطاهرين ، وسلام الله على عقيلة آل النبي الأمين , وابنة علي بن أبي طالب (عليه السّلام) أمير المؤمنين , زينب الكبرى ورحمة الله وبركاته .
                تاريخ الباب الذهبي لحرم العقيلة زينب الكبرى (عليها السّلام)
                حرمُ العقيلة زينبٍ حرمُ الهدى بـفنائهِ زمـرُ الملائك عكّفُ
                والـناسُ تـلثم منه عتبةَ بابِه وجميعهم أرّخ « به تتشرفُ »
                الكاظمية ـ علي الهاشمي الخطيب
                والحمد لله ربِّ العالمين والصلاة والسّلام على محمّد وآله الطاهرين

                ـــــــــــــــــــــ
                (1) سورة الأحزاب / 33 .
                (2) سورة الشورى / 23
                sigpic
                إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
                ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
                ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
                لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

                تعليق


                • #28
                  العلاقات الودّية بين السيدة زينب وأخيها الإمام الحسين
                  إن روابط المحبة ، والعلاقات الودية بين الإخوة والأخوات كانت من قديم الزمان ، حتى صارت يضرب بها المثل في المحبة والمودة بين اثنين ، فيقال : كأنهما أخوان ، أو كأنهما أخ وأخت.
                  ولكن العلاقات الودية وروابط المحبة بين الإمام الحسين وبين أخته السيدة زينب ( عليهما السلام ) كانت في القمة وكانت تمتاز بمزايا ، ولا أبالغ إذا قلت : لا يوجد ولم يوجد في العالم أخ وأخت تربطهما روابط المحبة والوداد مثل الإمام الحسين وأخته السيدة زينب. فإن كلاً منهما كان قد ضرب الرقم القياسي في مجال المحبة الخالصة ، والعلاقات القلبية.
                  وكيف لا يكونان كذلك وقد تربيا في حجر واحد وتفرعا من شجرة واحدة ؟!
                  ولم تكن تلك العلاقات منبعثة عن عاطفة القرابة فحسب ، بل عرف كل واحد منهما ما للآخر من الكرامة ، وجلالة القدر وعظم الشأن.
                  فالسيدة زينب تعرف أخاها بأنه :
                  سيد شباب أهل الجنة وريحانة الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وتعلم بأن الله تعالى قد أثنى على أخيها في آيات كثيرة من القرآن الكريم ، كآية المباهلة ، وآية المودة ، وآية التطهير ، وسورة « هل أتى » ، وغيرها من الآيات والسور.
                  بالاضافة إلى أنها عاشت سنوات مع اخيها في بيت واحد ، وشاهدت ما كان يتمتع به اخوها من مكارم الأخلاق والعبادة والروحانية ، وعرفت ما لأخيها من علو المنزلة وسمو الدرجة عند الله عزوجل.
                  وتعلم انه إمام منصوب من عند الله تعالى ، منصوص عليه بالإمامة العظمى والولاية الكبرى من الرسول الأقدس صلى الله عليه وآله وسلم.
                  مع توفر شروط الإمامة ولوازمها فيه ، كالعصمة ، والعلم بجميع أنواع العلوم ، وغير ذلك.
                  وهكذا يعرف الإمام الحسين ( عليه السلام ) أخته السيدة زينب حق المعرفة ، ويعلم فصائلها وفواضلها وخصائصها.
                  ومن هنا يمكن لنا أن نطلع على شيء من مدى الروابط القوية بين هذا الأخ العظيم وأخته العظيمة.
                  وقد جاء في التاريخ : أن الإمام الحسين ( عليه اسلام ) كان يقرأ القرآن الكريم ـ ذات يوم ـ فدخلت عليه السيدة زينب ، فقام من مكانه وهو يحمل القرآن بيده ، كل ذلك احتراماً لها. (1)
                  ________________________________________
                  1 ـ كتاب ( ذخيرة المعاد ) للشيخ زين العابدين المازندراني.
                  sigpic
                  إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
                  ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
                  ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
                  لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

                  تعليق


                  • #29
                    السيدة زينب مع أخيها الإمام الحسن المجتبى
                    إن الاحترام اللائق ، والتقدير الرفيع كان متبادلاً بين السيدة زينب الكبرى وبين أخيها الأكبر ، وهو السبط الأول لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : الإمام الزكي ، الحسن المجتبى عليه السلام.
                    إن السيدة زينب كانت تنظر إلى أخيها الامام الحسن من مناظرين :
                    1 ـ منظار الأخوة.
                    2 ـ منظار الإمامة.
                    فمن ناحية : يعتبر الإمام الحسن الأخ الأكبر للسيدة زينب ( عليها السلام ) ومن المعلوم أن الأخ الأكر له مكانة خاصة عند الإخوة والأخوات ، وقد ورد في الحديث الشريف : « الأخ الأكبر بمنزلة الأب » (1)
                    ومن ناحية أخرى : يعتبر الإمام الحسن ( عليه السلام ) إمام زمان السيدة زينب بعد شهادة الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ولهذا فإن احترامها لاخيها كان ينبعث من هذين المنطلقين.
                    وتجدر الإشارة إلى أن كل ما سنذكره ـ من الروابط القلبية بين السيدة زينب والإمام الحسين ـ فهي ثابتةً بينها وبين أخيها الإمام الحسن أيضاً.
                    وإذا كان التاريخ قد سكت عن التفاصيل فإن أصل الموضوع ثابت.
                    ونكتفي ـ هنا ـ بما ذكر في بعض الكتب من موقف السيدة زينب حينما حضرت عند أخيها الإمام الحسن ساعة الوفاة :
                    « ... وصاحت زينب : وا أخاه ! وا حسناه ! وا قلة ناصراه ! يا أخي من الوذ به بعدك ؟!
                    وحزني عليك لا ينقطع طول عمري ! ثم إنها بكت على أخيها وهي تلثم خديه وتتمرغ عليه ، وتبكي طويلاً ». (2)
                    ________________________________________
                    1 ـ الحديث مروي عن الإمام علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ). ذكر في كتاب « بحار الأنوار » ج 75 ، 335 ، طبع لبنان عام 1403 هـ.
                    2 ـ معالي السبطين ، للمازندراني ، ج 1 ، المجلس التاسع.
                    sigpic
                    إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
                    ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
                    ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
                    لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

                    تعليق


                    • #30
                      السيدة زينب في عهد والدها أمير المؤمنين
                      بعد أن وصل الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) من البصرة إلى الكوفة ، واستقر به المكان ، إلتحقت به العوائل من المدينة إلى الكوفة.
                      ومن جملة السيدات اللواتي هاجرن من المدينة إلى الكوفة هي السيدة زينب ( عليها السلام ) وقد سبقها زوجها عبد الله بن جعفر ، حيث كان في جيش الإمام لدى وصوله إلى البصرة.
                      والمستفاد من مطاوي التواريخ والأحاديث أن الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ـ بعد انقضاء مدة من وصوله إلى الكوفة ـ نزل في دار الامارة ، وهو المكان المعد لحاكم البلدة ، ومع تواجد الإمام في الكوفة لم يكن هناك حاكم أو أمير غيره ، فلماذا لا ينزل في دار الإمارة ؟
                      ويتبادر إلى الذهن أن دار الامارة كانت مشتملة على حجرات وغرف عديدة واسعة ، وكان كل من البنات والأولاد ( المتزوجين ) يسكنون في حجرة من تلك الحجرات ، والسيدة زينب كانت تسكن مع زوجها في حجرة أو غرفة من غرف دار الإمارة. (1)
                      ومكثت السيدة زينب ( عليها السلام ) في الكوفة سنوات وعاصرت الأحداث والإضطرابات الداخلية التي حدثت : من واقعة صفين إلى النهروان ، إلى الغارات التي شنها عملاء معاوية على بلاد الإمام أمير المؤمنين عليه السلام.
                      إنقضت تلك السنوات المريرة ، المليئة بالآلام والمآسي ، وانتهت تلك الصفحات المؤلمة بالفاجعة التي اهتزت منها السماوات والأرضون ، وهي حادثة استشهاد الإمام أمير المؤمنين عليه السلام.
                      لقد كانت العلاقات الودية بين الإمام أمير المؤمنين وبين أولاده وبناته على أطيب ما يمكن ، وفي جو من الصفاء والوفاء ، والعاطفة والمحبة.
                      والإمام أمير المؤمنين هو السلطان الحاكم على نصف الكرة الأرضية ، ومعه عائلته المصونة وأبناؤه المكرمون ، ولكنه ـ في شهر رمضان من تلك السنة ، وهي السنة الأخيرة والشهر الأخير من حياته ـ كان يفطر ليلة عند ولده الإمام الحسن ، وليلة عند ولده الإمام الحسين ( عليهما السلام ) وليلة عند السيدة زينب التي كانت تعيش مع زوجها عبد الله بن جعفر ، (2) كل ذلك تقويةً لأواصر المحبة والتواصل بينه وبين أشباله وبناته.
                      وفي الليلة التاسعة عشر من شهر رمضان ، كانت النوبة للسيدة زينب ، وأفطر الإمام في حجرتها وقدمت له طبقاً فيه رغيفان من خبز الشعير ، وشيء من الملح ، وإناء من لبن.
                      كان هذا هو فطور الإمام أمير المؤمنين الذي كان يحكم على نصف العالم ، وأنهار الذهب والفضة تجري بين يديه.
                      واكتفى الإمام ـ تلك الليلة ـ برغيف من الخبز مع الملح فقط.
                      ثم حمد الله وأثنى عليه ، وقام إلى صلاة ، ولم يزل راكعاً وساجداً ومبتهلاً ومتضرعاً إلى الله تعالى.
                      ولا أعلم لماذا بات الإمام في حجرة ابنته السيدة زينب ـ تلك الليلة ـ ؟
                      ولعله اختار المبيت في بيتها حتى تشاهد وترى ، وتروي مشاهداتها ومسموعاتها عن أبيها أمير المؤمنين في تلك الليلة ، إذ كانت تلك الليلة تمتاز عن بقية الليالي ، فإنها تحدثنا فتقول :
                      إنه ( عليه السلام ) قال لأولاده : « إني رأيت ـ في هذه الليلة ـ رؤيا هالتني ، وأريد أن أقصها عليكم».
                      قالوا : وما هي ؟
                      قال : « إني رأيت ـ الساعة ـ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في منامي وهو يقول لي : يا أبا الحسن إنك قادم إلينا عن قريب ، يجيء إليك أشقاها فيخضب شبيتك من دم رأسك ، وأنا ـ والله ـ مشتاق إليك ، وإنك عندنا في العشر الآخر من شهر رمضان ، فهلم إلينا فما عندنا خير لك وأبقى ».
                      فلما سمعوا كلامه ضجوا بالبكاء والنحيب ، وأبدوا العويل ، فاقسم عليهم بالسكوت ، فسكتوا. (3)
                      وتقول السيدة زينب ( عليها السلام ) :
                      لم يزل أبي ـ تلك الليلة ـ قائماً وقاعداً وراكعاً وساجداً ، ثم يخرج ساعةً بعد ساعة ، يقلب طرفه في السماء وينظر في الكواكب وهو يقول : والله ما كذبت ولا كذبت ، وإنها الليلة التي وعدت بها. ثم يعود إلى مصلاّه ويقول : اللهم بارك لي في الموت. ويكثر من قول : « انا لله وإنا إليه راجعون » ، « ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم » ، ويصلي على النبي وآله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ويستغفر الله كثيراً.
                      تقول : فلما رأيته ـ في تلك الليلة ـ قلقاً متململاً (4)
                      كثير الذكر والإستغفار ، أرقت معه ليلتي (5) وقلت : يا أبتاه ما لي أراك في هذه الليلة لا تذوق طعم الرقاد ؟
                      قال ـ عليه السلام ـ : يا بنية إن أباك قتل الأبطال وخاض الأهوال وما دخل الخوف له جوفاً ، وما دخل في قلبي رعب أكثر مما دخل في هذه الليلة. (6)
                      ثم قال : إنا لله وإنا إليه راجعون.
                      فقلت : يا أبتاه ، ما لك تنعى نفسك في هذه الليلة ؟
                      قال : يا بنية قد قرب الأجل وانقطع الأمل.
                      قالت : فبكيت ، فقال لي : يا بنية لا تبكي فإني لم أقل ذلك إلا بما عهد إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
                      تقول ( عليها السلام ) : ثم إنه نعس وطوى ساعة ، ثم استيقظ من نومه وقال : يا بنية إذا قرب وقت الأذان فأعلميني.
                      ثم رجع إلى ما كان عليه أول الليل من الصلاة والدعاء والتضرع إلى الله سبحانه وتعالى.
                      فجعلت أرقب وقت الأذان ، فلما لاح الوقت أتيته ومعي إناء فيه ماء ، ثم أيقظته فأسبغ الوضوء ، وقام ولبس ثيابه وفتح باب الحجرة ، ثم نزل إلى ساحة الدار.
                      وكانت في الدار إوز (7) قد أهديت إلى أخي الحسين ، فلما نزل خرجن وراءه ورفرفن وصحن في وجهه ـ ولم يصحن قبل تلك الليلة ـ فقال ( عليه السلام ) : « لا إله إلا الله ، صوارخ تتبعها نوائح ، وفي غداة غد يظهر القضاء ».
                      فقلت : يا أبتاه هكذا تتطير ؟!
                      فقال : « يا بنية ! ما منا ـ أهل البيت ـ من يتطير ، ولا يتطير به ، ولكن قول جرى على لساني ».
                      ثم قال ـ عليه السلام ـ : « يا بنية ! بحقي عليك إلا ما أطلقتيه ، فقد حبست ما ليس له لسان ، ولا يقدر على الكلام إذا جاع أو عطش ، فأطعميه واسقيه وإلا خلي سبيله يأكل من حشائش الأرض ».
                      فلما وصل إلى الباب عالجه ليفتحه ، فتعلق الباب بمئزره ، فانحل مئزرة حتى سقط ، فأخذه وشده وهو يقول :
                      أشـدد حيازيمك للموت ولا تجـزع من الموت كما أضحكـك الـدهر فإن المـوت لاقيكـا إذا حــل بنـاديكـا كذاك الدهـر يبكيكـا
                      ثم قال : « اللهم بارك لنا في الموت ، الله مبارك لي في لقائك ».
                      تقول السيدة أم كلثوم :
                      وكنت أمشي خلفه ، فلما سمعته يقول ذلك قلت : واغوثاه يا أبتاه ! أراك تنعى نفسك منذ الليلى ؟!
                      فقال ـ عليه السلام ـ : « يا بنية ! ما هو بنعاء ، ولكنها دلالات وعلامات للموت .. يتبع بعضها بعضاً ».
                      ثم فتح الباب وخرج.
                      فجئت إلى أخي الحسن فقلت : يا أخي قد كان من أمر أبيك الليلة كذا وكذا ، وهو قد خرج في هذا الليل الغلس ، فالحقه. (8)
                      فقام الحسن ( عليه السلام ) وتبعه ، فلحق به قبل أن يدخل الجامع ، فأمره الإمام بالرجوع ، فرجع.
                      أيها القارئ الكريم :
                      هنا ننقل ما ذكره المؤرخون ، ثم نعود إلى حديث السيدة زينب عليها السلام :
                      لقد جاء الإمام علي ( عليه السلام ) حتى دخل المسجد ، فصعد على المئذنة ووضع سبابتيه في أذنيه وتنحنح ، ثم أذن فلم يبق في الكوفة بيت إلا اخترقه صوته ، ثم نزل عن المئذنة وهو يسبح الله ويقدسه ويكبره ، ويكثر من الصلاة على النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ).
                      وكان يتفقد النائمين في المسجد ويقول للنائم : الصلاة يرحمك الله ، قم إلى لصلاة المكتوبة ، ثم يتلو : « إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ». (9)
                      ... ثم اتجه نحو المحراب وقام يصلي ، وكان ( عليه السلام ) يطيل الركوع والسجود ، فقام ابن ملجم ( لعنه الله ) لارتكاب أكبر جريمة في تاريخ الكون ، وأقبل مسرعاً حتى وقف بأزاء الاسطوانة التي كان الإمام يصلي عندها ، (10) فأمهله حتى صلى الركعة الأولى وسجد السجدة الأولى ورفع رأسه منها ، فتقدم اللعين ورفع السيف وهزه ثم ضرب الإمام على رأسه الشريف ، فوقعت الضربة على مكان الضربة التي ضربه عمرو بن عبدود العامري ، يوم الخندق.
                      فوقع الإمام ( عليه السلام ) على وجهه قائلاً : بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله ، فزت ورب الكعبة ، هذا ما و عد الله ورسوله ، وصدق الله ورسوله.
                      وسال الدم على وجهه الشريف ، وشيبته المقدسة ، وعلى صدره وأزياقه (11) ، حتى اختضبت شيبته وتحقق ما أخبر عنه الرسول الكريم.
                      وفي هذه اللحظة الأليمة هتف جبرئيل ـ بين السماء والأرض ـ ذلك الهتاف السماوي الذي لم يسبق له مثيل في تاريخ الأنبياء والأوصياء.
                      لقد هتف جبرئيل بشهادة الإمام علي ( عليه السلام ) كما هتف ـ يوم أحد ـ بفتوته وشهامته يوم قال : « لا فتى إلا علي لا سيف إلا ذوالفقار ».
                      فقد اصطفقت أبواب المسجد الجامع (12) ، وضجت الملائكة في السماء ، وهبت ريح عاصفة سوداء مظلمة ، ونادى جبرئيل بصوت سمعه كل مستيقظ :
                      « تهدمت ـ والله ـ أركان الهدى ، وانطمست ـ والله ـ نجوم السماء وأعلام التقى ، وانفصمت ـ والله ـ العروة الوثقى ، قتل ابن عم محمد المصطفى ، قتل الوصي المجتبى ، قتل علي المرتضى ، قتل ـ والله ـ سيد الأوصياء ، قتله أشقى الأشقياء ».
                      فلما سمعت السيدة أم كلثوم نعي جبرئيل لطمت على وجهها وخدها ، وشقت جيبها وصاحت : واأبتاه ! واعلياه ! وامحمداه ! واسيداه !
                      ... ثم حملوا الإمام ـ والناس حوله يبكون وينتحبون ـ وجاؤوا به إلى الدار. فاقبلت بنات رسول الله وسائر بنات الإمام ، وجلسن حول فراشه ينظرن إلى أسد الله وهو بتلك الحالة ، فصاحت السيدة زينب وأختها : أبتاه من للصغير حتى يكبر ؟! ومن للكبير بين الملأ ؟!
                      يا ابتاه ! حزننا عليك طويل ، وعبرتنا لا ترقأ. (13)
                      فضج الناس ـ من وراء الحجرة ـ بالبكاء والنحيب ، وشاركهم الإمام ( عليه السلام ) وفاضت عيناه بالدموع.
                      وفي ليلة الحادية والعشرين من شهر رمضان ، في الساعة الأخير من حياة الإمام ( عليه السلام ) كانت السيدة زينب ( عليها السلام ) جالسة عنده تنظر في وجهه ، إذ عرق جبين الإمام ، فجعل يمسح العرق بيده ، فقالت زينب : يا أبه أراك تمسح جبينك ؟
                      قال : يا بنية سمعت جدك رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : « إن المؤمن إذا نزل به الموت ودنت وفاته عرق جبينه وصار كاللؤلو الرطب ، وسكن انينه ».
                      فعند ذلك ألقت زينب بنفسها على صدر أبيها وقالت : يا ابه حدثتني أم أيمن بحديث كربلاء ، وقد أحببت أن أسمعه منك. (14)
                      فقال ( عليه السلام ) : « يا بنية ! الحديث كما حدثتك أم أيمن ، وكأني بك وبنساء أهلك لسبايا بهذا البلد ، خاشعين تخافون أن يتخطفكم الناس ، فصبراً صبراً ».
                      ثم التفت الإمام إلى ولديه الحسن والحسين ( عليهما السلام ) وقال : « يا أبا محمد ويا أبا عبد الله ، كأني بكما وقد خرجت عليكما من بعدي الفتن من ها هنا وها هنا ، فاصبرا حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين.
                      يا ابا عبد الله ! أنت شهيد هذه الأمة ، فعليك بتقوى الله والصبر على بلائه.
                      ثم أغمي عليه وأفاق ، وقال : هذا رسول الله وعمي حمزة وأخي جعفر وأصحاب رسول الله ، وكلهم يقولون : عجل قدومك علينا فإنا إليك مشتاقون.
                      ثم أدار عينيه في وجوه أهل بيته وقال لهم : « استودعكم الله » ، وتلا قوله تعالى « لمثل هذا فليعمل العاملون » (15) وقوله سبحانه « إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون » (16).
                      ثم تشهد الشهادتين وفارق الحياة.
                      فعند ذلك صرخت زينب وأم كلثوم وجميع نسائه وبناته ، وشققن الجيوب ، ولطمن الخدود ، وارتفعت الصيحة في الدار.
                      ... ولما فرغ أولاد الإمام ( عليه السلام ) من تغسيله ، نادى الإمام الحسن أخته زينب وقال : يا أختاه هلمي بحنوط جدي رسول الله ـ وكان قد نزل به جبرئيل من الجنة ـ.
                      فبادرت السيدة زينب مسرعة حتى أتته به ، فلما فتحته فاحت الدار لشدة رائحة ذلك الطيب.
                      أيها القارئ الكريم : هذا بعض ما يرتبط بالسيدة زينب في حياة أبيها العظيم الإمام علي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وقد اقتطفنا ما يرتبط بمقتل أبيها من كتابنا : الإمام علي من المهد إلى اللحد.
                      ________________________________________
                      1 ـ السيدة زينب تعلم تفسير القرآن لنساء الكوفة
                      وجاء في التاريخ أن جمعاً من رجال الكوفة جاؤوا إلى الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وقالوا : إئذن لنسائنا كي يأتين إلى ابنتك ويتعلمن منها معالم الدين وتفسير القرآن.
                      فأذن الإمام لهم بذلك ، فبدأت السيدة زينب بتدريس النساء.
                      ويعلم الله عدد النساء المسلمات اللواتي كن يحضرن درس السيدة .. طيلة أربع سنوات أو أكثر.
                      وذات يوم دخل الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) الدار ، فسمع ابنته زينب تتحدث للنساء ـ في درسها ـ عن الحروق المقطعة في أوائل السور ، وعن بداية سورة مريم بشكل خاص.
                      وبعد انتهاء الدرس إلتقى الإمام بابنته وقال لها : يا نور عيني أتعلمين أن هذه الحروف هي رمز لما سيجري عليك وعلى أخيك الحسين في أرض كربلاء ، ثم بدأ يحدثها عن بعض تفاصيل تلك الفاجعة.
                      المصدر : كتاب ( الخصائص الزينبية ) للسيد الجزائري المتوفى عام 1384 هـ ، ص 68 ، وكتاب ( رياحين الشريعة ) للمحلاّتي ج 3 ص 57. المحقق
                      2 ـ المصدر : الإرشاد للشيخ المفيد ، ص 169 ، وذكر أيضاً في « بحار الأنوار » للشيخ المجلسي ، ج 41 ص 300 ، باب إخباره بالغائبات وعلمه باللغات. نقلاً عن كتاب الخرائج.
                      3 ـ كتاب « بحار الأنوار » للشيخ المجلسي ج 42 ص 277 ، باب 127.
                      4 ـ متململاً : التململ : هو الإضطرات وعدم الإستقرار بسبب الهم أو الألم. وجاء في كتاب ( العين ) للخليل بن أحمد : الململة : أن يصير.
                      الإنسان من جزع أو حرقة كأنه يقف على جمر. وقال الفيروز آبادي في ( القاموس ) : التململ : التقلب .. مرضاً أو غماً. المحقق
                      5 ـ أرقت معه : أي سهرت معه ، الأرق : السهر.
                      6 ـ بناءً على صحة هذه المقطوعة من التاريخ يتبادر إلى الذهن هذا السؤال : لماذا الخوف ؟
                      الجواب : لا شك أن الخوف لم يكن من الموت ، لأن الإمام ( عليه السلام ) يقسم على الله تعالى ـ أكثر من مرة ـ أنه لا يخاف الموت ، وأنه « آنس بالموت من الطفل بصدر أمه » وأنه « لا يبالي أوقع على الموت أم وقع الموت عليه ». وساحات الحرب وميادين القتال تشهد له بصدق كلماته هذه.
                      فلعل سبب الخوف : هو هيبة لقاء الله تعالى والإنتقال من عالم الفناء إلى عالم البقاء. أو الخوف والقلق على مستقبل الأمة بعد غياب الإمام عن ذلك المجتمع ، وبسبب خطر المؤامرات التي كان يحكيها معاوية ضد الإسلام والمسلمين.
                      أو لغير ذلك من الأسباب والله العالم. المحقق
                      7 ـ إوز ـ بكسر الهمزة وفتح الواو وتشديد الزاي ـ : البط ، كما في ( مجمع البحرين ) للطريحي. وقيل : الإوز : طائر يشبه البط في شكله العام ولكنه اكبر منه حجماً وأطول عنقاً. كما في كتاب ( المعجم الوسيط ).
                      8 ـ الغلس ـ بفتح اللام ـ : ظلمة آخر الليل كما في ( القاموس ) للفيروز آبادي. وقيل : ظلام آخر الليل إذا اختلط بضوء الصباح. كما في كتاب ( مجمع البحرين ) للطريحي.
                      9 ـ سورة العنكبوت ، الآية 45.
                      10 ـ الأسطوانة : العمود الذي يعتمد عليه سقف البناء. وكلمة « أسطوانة » معربة من اللغة الفارسية ، وأصلها : « ستون » أو « أستون ». المحقق
                      11 ـ أزياق ـ جمع زيق .. بالكسر ـ : زيق القميص : ما أحاط بالعنق من القميص. كما في كتاب القاموس وتاج العروس. وبتعبير آخر : زيق ، فتحة القميص التي يدخل الإنسان رأسه منها. المحقق
                      12 ـ إصطفقت : ضربت بعضها ببعض ، ضرباً يسمع منه الصوت.
                      13 ـ لا ترقأ : لا تنقطع ، أو لا تجف.
                      14 ـ سوف نذكر لمحة سريعة عن أم أيمن ، في فصل ( بعض ما روي عن السيدة زينب عليها السلام ).
                      15 ـ سورة الصافات ، الآية 61.
                      16 ـ سورة النحل ، الآية 128.
                      sigpic
                      إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
                      ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
                      ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
                      لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

                      تعليق

                      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                      حفظ-تلقائي
                      Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
                      x
                      يعمل...
                      X