إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

القاص ابراهيم سبتي في رحاب المنتدى

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • القاص ابراهيم سبتي في رحاب المنتدى

    القاص ابراهيم سبتي في رحاب المنتدى
    لا اعتقد ان ادارة اللقاء بمبدع من السهولة كما يتصورها البعض، حيث تكمن صعوبته في فاعليته الوجدانية؛ وخاصة حين يكون الفجر مشعّا بأديب مثقف، وفنان قصصي معروف هو المبدع (ابراهيم سبتي). وأعتقد ايضا ان مثل هذا الكاتب؛ لايحتاج مني الى تقديم شخصيته المعروفة... وحين اقترب الفجر عرفت انه كثير السهر، ومحترف؛ يعرف كيف يخب الليل حنينا وألفة...
    المحاور:ـ لماذا نكتب؟
    ابراهيم سبتي:ـ شعور انساني يكابد كل مثقف ليؤدي منجزا جميلا، وهذا السؤال بطبيعته سيأخذنا الى سؤال آخر لمن نكتب، للنخبة ام للناس؟
    المحاور:ـ المسألة اصبحت اعمق؛ إذ صورت لنا وكأن العملية الابداعية عبارة عن فعل ارادي؟
    ابراهيم سبتي:ـ يحتاج التشخيص الى مدركات تأملية كي لاتختلط المفاهيم؛ الكتابة فعل ارادي، تمسك القلم لتكتب، هذه المسألة بديهية؛ لكن الكتابة كفعل ابداعي لانستطيع التحكم بها، فالأمور بعيدة عن المعنى الاختياري وغير معنية بأفعال الأمر، فهي عبارة عن مجموعة دوافع لأحاسيس ومشاعر وفكر تقود العملية التدوينية برمتها.
    المحاور:ـ هل عملية الكتابة مرادفة لعملية القراءة، على اعتبار أن القراءة مبكرة على عملية الكتابة؟
    ابراهيم سبتي:ـ دعني اولا احور السؤال لأصل الى المعنى المطلوب... هل القراءة الواعية تؤهل المتلقي للكتابة؟ فلا يمكن لأي كاتب ان يكتب بذاكرة بيضاء، وهي (اي القراءة) باستطاعتها تأهيل من يمتلك الموهبة. يرى (يافت) في (لذة النص): ان النص تناص نصوص مقروءة و(دوران بيرت) ينطلق من منطلق نفسي وانساني، فيقول: ان الكاتب يكتب من خزين الذاكرة؛ أي مجموع قراءات... وفاصل زمني بين فعلي (القراءة ـ الكتابة).. هو وقت تأهيل واستعداد.. والعجيب ان هناك قراءات كثيرة دون كتابات، وبالمقابل هناك كتابات دون قراءات لكنها بالتأكيد ستنضب بالتكيد ستنضبثققثستنضب سريعا، وكان نجيب محفوظ يجالس الشباب في مقهى (الريس) في حي الجمالية كي يمدونه بالروح، ويقول (برناردشو) اشعر باللذة حين أرى من يقرأ ما كتبت...
    المحاور:ـ إذن كيف ترى ذوبان الشعرية داخل انماط ابداعية اخرى كالقصة والرواية؟
    ابراهيم سبتي:ـ ألا ترى ان المسألة تصبح في غاية الصعوبة؛ لأن عملية كتابة الشعر ليست مشكلة ـ لكن المشكلة في تحميل القصة لغة شعرية، فهذه تحتاج فعلا الى براعة من يكتب... العملية ليست عبثية اطلاقا. البعض يشعر انه لابد من توصيل شعري الى المتلقي عبر القصة او السرد القصصي عبر الشعر لو نتـأمل الآن من يكتب السرد العادي (الواقعية السحرية) التي اخرجها (ماركيز) او كتاب امريكا اللاتينية، ونسأل: كيف وصلت لنا ونحن في اقاصي الجنوب العراقي؟ وصلت لأنها كتبت بلغة شعرية، لذلك سميت بالواقعية السحرية، وجاء الروس وكتبوا الواقعية الاشتراكية... القص الحديث يمتلك وعيا متفردا ـ دلالات ـ افكار ـ رؤى.. لاطاقة للشعر لتحملها ـ فالقص الستيني كان محملا بثقافات وقراءات محملة برؤى... ولابأس بشيء من الشعرية التي لاتأخذ من هوية القاص بل تضيف اليه، ولذلك نجد ان السرد العراقي يختلف عن القص المصري أو التونسي او السوري.. وأغلب الأصدقاء العرب من القصاصين تدهشهم القصة العراقية لما تحمل من معاني ودلالات ورمزية وشعرية ساحرة، واعتقد ان القص السحري ابتكار عراقي وخاصة وهو ينفتح على وسائل الثقافة الرقمية...
    المحاور:ـ هذا يعني انك تضع القصة العراقية في مقدم القص العربي؟
    ابراهيم سبتي:ـ القصة العراقية هي قصة رواد... عرف العراق عربياً بأنه مركز مهم جداً للقصة القصيرة؛ اذ بدأت في العشرينيات من القرن المنصرم على يد (محمود أحمد السيد) الرائد الأول لها ثم جاءت نخبة ممتازة جداً في كتابة القصة التي ممكن أن نعتبرهم أعمدة القص العربي حسب مواصفات تلك الفترة لكونها كانت تفتقر الى الكثير من الأمور الفنية، فهي كانت وعظية ارشادية تنصح الناس في كثير من الأمور باعتبار أنها كانت تؤدي عملاً أخلاقيا، وكان السردُ بسيطا جداً يعني كان (محمود أحمد السيد) ومن بعده جيل أنور شاؤول، وجعفر الخليلي، وعبد الملك نوري، وغانم فرمان، وبعدها جاء (فؤاد التكرلي) الذي تميز عنهم بحداثة مشروعه؛ إذ كان تجريبيا كتب أروع ما كتب في الستينيات وبداية الخمسينات قصص قصيرة كانت ممتازة جداً، وكانت القصة العراقية بداية تقليدا لما يكتبه القصاصون المصريون او اللبنانيون، فبدأ التفكير جديا بكتابة قصة عراقية بهوية مستقلة، فكانت البداية الحقيقية على يد المحامي الراحل (أنور شاؤول) الذي كتب مجموعة قصصية كاملة بعنوان حكايات، ولو كان هذا القاص كتب قصة قصيرة جداً لاعتبر العراق رائد في كتابة القصة القصيرة جدا، ولكن الباحثين والمؤرخين والنقاد اعتبروا مجموعة أنور شاؤول مجموعة حكايات وليست قصص قصيرة جداً، واعتبر توفيق يوسف عواد هو رائد القصة القصيرة العربية وبالتالي يحسب العراق الريادة في مجالات أخرى؛ كالريادة في القصة القصيرة المعاصرة.
    المحاور:ـ وهل المعاصرة تعني تلك التفاصيل اليومية التي تحرص على تدوينها في ابداعاتك التدوينية؟
    ابراهيم سبتي:ـ اعتقد ان التفاصيل اليومية مطلوبة؛ لأن البلاد التي نحن فيها لا تشبه أي بلاد، فما حدث في العراق لم يحدث في أي بلاد اخرى، ولذلك أي حدث يومي هو توثيق ممكن للقاص الحاذق او الكاتب المتأمل ان يدون هذه الأحداث اليومية التي ستضيف له ثراء لغويا؛ فالتفاصيل اليومية العراقية مهمة لكونها عجيبة تشكل لك رؤيا درامية او سردية او شعرية هي (الكنز) والملهم الابداعي وهكذا كان يفعل (ادغار الن بو) رائد القصة الامريكية القصيرة حيث كان يدون مشاهداته اليومية.
    المحاور:ـ حقا أود ان أسأل عن سر عناية (ابراهيم سبتي) بالحيوان؛ حيث هناك الكثير من الرموز الحيوانية في قصصه؟
    ابراهيم سبتي:ـ لدي قصة عنوانها (ليلة بكاء الكلب) كان العنوان مثيرا، ونشرت في جريدة الصباح بداية، وكانت القصة حصلت على ردود أفعال كثيرة جداً... أعتقد أن مجموعة من القصّاصين العراقيين قرأوها تأثروا بها كثيراً لماذا ليلة بكاء الكلب؟ بعد سقوط النظام توجهنا الى منطقة قريبة من مدينتي وجدوا بها مقبرة جماعية وعندما رأينا الأجساد والجثث التي أخرجت أو العضام إن صح القول، وجدنا جثة كلب أي عظام كلب مدفون مع الجثث، فعرفنا ان هذا الكلب له دور من القصة، تخيلت الحادثة ولم أسأل أحدا لأن القاص من حقه ان يتخيل وان يعمر هذه المساحة بحدث هو اقرب الى الحقيقة كلب ينبح أزعج القتلة واخافهم الصخب فقتلوه.. قصة مؤثرة حقا، ولذلك انا اؤمن بأن فاعلية الابداع هو ما ينبض بالحياة.
    كنت طالبا في المرحلة المتوسطة احفظ قصائد (السياب) قبل المقرر، وكانت (انشودة المطر) تشكل عندي تأثرا واضحا فقرأت لابراهيم ناجي، وديوان محمد الماهود، ثم قصائد لأبن معن بن أوس المزني، وقرأت لطرفة والنابغة والشعراء الفحول العرب... وكان شقيقي الراحل الشاعر (كمال سبتي) ينصحني بأن ابتعد عن كتابة الشعر (سبحان الله) وكأنه تنبأ بالمستقبل؛ قال لي: سيتهمونك بأني من يكتب لك!! وإذا تركت أنا تراثا شعرياً وأنت تنثر الشعر سيقولون هذا لأخيك ليس لك... أغرب عن هذا العالم، إذهب الى عالم آخر تجده بعيداً عني فذهبت الى القصة... عوالم الآن لو تتأملها ستجدها مؤونة قصص كبيرة.
    المحاور:ـ هل نستطيع ان نقول ان القصة العراقية اخذت المنحى التعبوي، وبعدها تطورت الى مصاف الرؤى الاعلامية واقصد الاعلانية لتستغل سياسيا؟
    ابراهيم سبتي:ـ لا.. لا ابدا لايمكن أن تصبح القصة القصيرة وسيلة اعلامية؛ لأنها منجز ابداعي، والمنجز الابداعي لا يمكن ان يتجزأ، ولا يمكن أن يكون واجهة اعلامية بعكس القصيدة الشعرية التي لها مرونة وفعلا استخدمت لعهود مضت كواجهة اعلامية، ولذلك ترى الشعر يقرأ في جميع المناسبات، وهذا يعني ان القصة لها محدودية غير مطواعة اعلاميا. في ثمانينيات القرن المنصرم سيَّسوا القصة الى تعبوية لترضي الدكتاتور الذي كان يتلذذ بالعناوين المكتوبة عنه. اما الفترة الستينية التي مر بها العراق؛ كانت فترة فاعلة وساخنة بكل أجزائها، يعني فترة نضوج حراك الادب العراقي وليس القصة، بدليل سعدي يوسف، فاضل عزاوي... وشعراء آخرون كبار ظهروا في هذه الفترة، فشكلوا رصانة منجز...
    المحاور:ـ هل توقفت فترة الثمانينيات عندما احيل الابداع الى تعبئة؟
    المثقف العراقي عاش الكارثة؛ ولذلك اعتقد أن بعد انتهاء الحرب وانتهاء الحالة التي كانت تفرض على الادب العراقي، التأمت الفجوة. إذن كانت الفجوة من السبعينيات الى التسعينيات، فهذه فجوة كبيرة، أنت ترى ان معظم الكتاب السبعينيين هاجروا العراق وتركوا البلد نهائياً لأمور نعرفها جميعا؛ لأنهم لم يكتبوا حالة تعبوية، فرفض النظام وجودهم في العراق، فأمّنوا على أنفسهم بالهجرة؛ هذه الهجرة التي صارت هي هجرة الثقافة العراقية، أدت الى ان يتكون محور جديد من محاور الادب العراقي، ومحور مابعد الحرب... الادب العراقي مابعد الحرب له ملامح وسمات، وله عناصر ومقومات اختلفت جذريا عما كان سائدا في الستينيات والسبعينيات... كيف؟ لأن القصة العراقية او القصيدة الشعرية العراقية بدأت تنحى منحى الهم، الوجع، الألم، المعاناة، الحالة المأساوية التي يعيشها الفرد العراقي وهو تحت المطرقة، الادب العراقي حمل هموماً لم يحملها الادب طيلة حياته، ولذلك أعتقد ان الادب العراقي منذ فترة التسعينيات بدأ يتسم بأنه أدب محمل بالآلام والآهات مع انه ابداعي، ولكن صفاته هذه غلبت عليه، بدليل أنك عندما تقرأ أي منجز ستجده محملا بالهموم والآلام والتمنيات التي لا يجدها المواطن العراقي، وهكذا يعني أنها تأثيرات مابعد الحرب تأثيرات مأساوية صارت سلبا على الادب الذي أتى بعد الحرب.
    المحاور:ـ أجد في قصصك بعض شطحات فلسفية، فهل هناك طموح لايجاد قصة فلسفية عراقية؟
    ابراهيم سبتي:ـ لا نستطيع تسمية هذه الشطحات بالتخصص الفلسفي؛ فالقصة بطبيعتها تتمحور حول اغراض فلسفية؛ هناك القص الواقعي، وهناك التخيلي ومنه الانتقادي، ولكن يبقى مسعى القص الفلسفي في العراق مسعى قديم. أعتقد أن رواية (جلال خالد) الذي كتبها محمود أحمد السيد هي قصة فلسفية، وذنون أيوب كتب روايات قد تكون فلسفية فيها معاني فلسفية ممكن دراستها على انها تتمحور على الجانب الفلسفي. في العصر الحديث هناك عدة روائيين مثل عبد الرزاق المطلبي سنة 1967 كتب رواية أعتقد أنها تخلدت رغم أنها رواية بسيطة؛ ولكنها تحوي فلسفة معمقة تحكي عن كيفية اختبار ارادة الانسان عن طريق التصارع مع ارادة الاخرين، هذه (فلسفة الفلسفة)؛ إذ ان الشيخ او بطل الرواية حكيم وفيلسوف من طراز مبسط، رجل ريفي ولكنه اعتقد أنه يمكن ان يغير الوضع العام، الرواية تدور حول الجفاف... الجفاف ضرب القرية فهاجر من هاجر وترك القرية بعضهم، واخرون قرروا البقاء منتظرين المطر وبقي بطل الرواية في القرية، واستطاع أن يبني ويحفر بئراً، وينجح في مسعاه، هذه فلسفة مبسطة استطاع عبد الرزاق المـــــطلبي أن يجسدها في هذه الرواية.
    المحاور:ـ لا استطيع ان انهي اللقاء الفجري دون ان اذكر منجم المبدعين في الفكر والسياسة والادب والصحافة والاعلام والرياضة والتربويات في الناصرية؟
    ابراهيم سبتي:ـ لا اعتقد انك تحتاج لصياغة سؤال بعد الذي قلته؛ فالناصرية مدينة كبيرة بكل شيء، ولكنها صغيرة بشيء واحد انها لا تشرب من نهر يمر بها أسمه الفرات، تشرب من فرع يأتي من دجلة بعيد عنها نشرب من هذا الجدول الصغير، وهذا النهر الكبير الذي يقسم المدينة الى قسمين لا نشرب منه؛ لأنه مالح. هذه المفارقة البسيطة جعلت الكثير من الكتاب ان يستمدوا هذا الحدث في اعمالهم. الناصرية مدينة الغبار اليومي، لا يأتي صيف الا وهو محمل بالغبار بحيث لا ترى أكثر من نصف متر في كل أيام الصيف... هذه المدينة التي قارعت في يوم من الايام أحد القواد الانكليز بعدما استسهلها وسخر من أهلها بعد أن سيطر على أبي الخصيب والبصرة، قال: أنها سأضعها في جيبي، ولكنه فوجئ بأن سراي الحكومة العثماني صعد عليه المواطنون العشائريون، وقاموا بصدهم بطريقة ادهشت العالم... مقاومة عراقية حقيقية يعني هذه المدينة غريبة بكل شيء؛ تصور لدينا شارعان في هذه المدينة، شارع خرج منه 48 كاتبا وهو شارع صغير يحوي على 200نفر، وأستطيع أن أعدد لك هؤلاء ال48 نفرا تذهل لأنهم جزء مهم من ركائز الأدب العراقي. الشارع الآخر شارع الناس؛ الناس الفقراء الطيبين تحول أسمه من (عگد الهوى) الى شارع الحبوبي، من هو الحبوبي؟ أحد المجاهدين في ثورة العشرين، وهو ليس من مدينة الناصرية، لكنه عندما أستشهد أقيم له استذكار بإسم (شارع الحبوبي).
    الناصرية مدينة أعتقد ولدت فيها مختلف الحركات السياسية، وفيها النهج الديني المفتوح على آخره، وفيها فقر مدقع، ويوجد فيها ناس تحت خط الفقر، وبها أغنى أغنياء العراق، فيها آثار تدل على عظمة هذا البلد حيث كل آثار سومر في الناصرية؛ حضارة اربعة او خمسة الاف سنة موجودة في مدينة صغيرة هي منجم المبدعين وهي غريبة، تحب من يهجرها.
    المحاور:ـ الآن لنتحدث عن جوهرة التأريخ، عن كربلاء، ماذا يعني لك ان تدعى إلى مهرجان ثقافي عالمي في هذه المدينة الصغيرة؟
    ابراهيم سبتي:ـ الاديب هو انسان له عقيدة وله مشاعر وعواطف وله انتماءات وله فاعلية فكرية يسعى لأن يحتفي بعبادة لها طقوس ابداعية فكرية ثقافية تحمل وجدان الدين هذه المهرجانات تحمل رؤى خاصة لها الكثير من الحيوية وتخلق الالفة التي افتقدها الكاتب العراقي... وهي حقا إرادة قوية ان يقام مهرجان عالمي بهذه السمات.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X