إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

منهج تفسير القران بالقران

تقليص
هذا الموضوع مغلق.
X
هذا موضوع مثبت
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • منهج تفسير القران بالقران



    المقدمة

    بسم الله الرحمن الرحيم


    القران الكريم اقدس كتاب عرفته البشرية، فهو الكتاب الذي تحدى به النبي الاعظم محمد (صلى الله عليه واله) العرب بان يأتوا بمثله او بسورة ، ما يعني انه معجزة كبيرة في لغته وموضوعه، فهو لم يكتب بالعربية فحسب انما حمل مفاهيم عدة لحياة الانسان المسلم، لان الكتاب من الله عز وجل وليس من صنع البشر حتى يتعرض للتبديل او التحريف او الزيادة او النقصان، فهذا الدستور حوى مواضيع شتى وجعل الله تعالى آياته بمثابة الكنز للمتأمل والباحث، وقد حث على تدبره واكتشاف مكنوناته العظيمة واسراره العالية، وقد اهتم به الاعلام من المسلمين اهتماماً بالغاً لا سيما بتفسير آياته من اول السور الى آخرها، ومنهم من استخرج الموضوعات العلمية والعقائدية وجلها ضمن كتب خاصة كي يعرف الباحث وجهة القران الكريم حول الموضوع المعين ، فالتوسع الكبير في مفاهيم القران الكريم دفع الكثير لكتابة الاطروحات المختلفة حول المعارف القرآنية، وهذا الامر يرجع الى القران نفسه لما يتسم به من مرونة يتمكن من خلالها الباحث ان يتطرق لموضوعات شتى وبأساليب عدة، كل الامر يرجع الى المنهج وكيف يتعاطى كل مفسر معه، اذ الايمان بالمنهج يتولد من القناعة التامة بكافة تفاصيل المنهج المختار للتفسير ولا ريب انها تعتبر من اعقد الخطوات التفسيرية من هنا تبرز اهمية دراسة مناهج المفسرين المختلفة، والتي يصب كل واحد منها في اناء القران الكريم عظمة ورفعة حسب ما يراه اصحاب كل منهج، لكن هذه المناهج كثيرة يصعب على الدارس الاحاطة بها كلها منها هنا جاء اختيار منهج تفسير القران بالقران، الذي يراه كل دارس منهج لا يمكن اهماله بالمرة، اذ عمل به الرعيل الاول من القادة الالهيين ومن بعده العلماء الربانيين الى يومنا هذا، ولا اعتقد ان الدارس ياتي بشيء جديد في المضمار سوى ترتيب الكلمات والاشارات المتوزعة في الكتب التفسيرية ما يعني ان هنالك التقاطات حول هذا المنهج جمعت في هذا الملف الصغير ابتداء بتعريف التفسير وانتهاء بنماذج الآيات المفسرة بطريقة هذا المنهج.






    المبحث الاول: تعريف التفسير لغة واصطلاحاً
    التفسير في اللغة:
    ـ الاستبانة والكشف ، قال : ( ( ابن دريد ) ) ومنه يقال للماء الذي ينظر فيه الطبيب تفسرة ، وكأنه تسمية بالمصدر ، لأن مصدر فعل جاء أيضاً على تفعله نحو جرب تجربة وكرم تكرمة ، وإن كان القياس في الصحيح من فعل التفعيل ، كقوله تعالى ( وأحسن تفسيراً ) ، وينطلق أيضاً التفسير على التعرية للانطلاق ، قال ( ( ثعلب ) ) تقول : فسرت الفرس عريته ، لينطلق في حضره ، وهو راجع لمعنى الكشف ، فكأنه كشف ظهره لهذا الذي يريده منه من الجري[1]

    ـ وأما التفسير في اللغة ، فهو راجع إلى معنى الإظهار والكشف ، وأصله في اللغة من التفسرة ، الذي وهي القليل من الماء الذي ينظر فيه الأطباء ، فكما أن الطبيب بالنظر فيه يكشف عن علة المريض ، فكذلك المفسر ، يكشف عن شأن الآية وقصصها ومعناها ، والسبب الذي أنزلت فيه ، وكأنه تسمية بالمصدر ، لأن مصدر ( فعل ) جاء أيضا على ( تفعلة ) ، نحو : جرب تجربة ، وكرم تكرمة ، وقال ابن الأنباري : قول العرب : فسرت الدابة وفسرتها ، إذا ركضتها محصورة لينطلق حصرها ، وهو يؤول إلى الكشف أيضا . فالتفسير كشف المغلق من المراد بلفظه ، وإطلاق للمحتبس عن الفهم به ، ويقال : فسرت الشئ أفسره تفسيرا ، وفسرته أفسره فسرا ، والمزيد من الفعلين أكثر في الاستعمال ، وبمصدر الثاني منها سمى أبو الفتح بن جنى كتبه الشارحة حتى ( الفسر )، وقال آخرون : هو مقلوب من ( سفر ) ومعناه أيضا الكشف ، يقال : سفرت المرأة سفورا ، إذا ألقت خمارها عن وجهها ، وهي سافرة ، وأسفر الصبح أضاء ، وسافر فلان ، وإنما بنوه على التفعيل ، لأنه للتكثير ، كقوله تعالى : ( يذبحون أبناءكم ) ، ( وغلقت الأبواب ) ، فكأنه يتبع سورة بعد سورة ، وآية بعد أخرى ، وقال ابن عباس في قوله تعالى : ( وأحسن تفسيرا ) أي تفصيلا وقال الراغب : الفسر والسفر يتقارب معناهما كتقارب لفظيهما ، لكن جعل الفسر لإظهار المعنى المعقول ، ومنه قيل لما ينبئ عنه البول : تفسرة وسمى بها قارورة الماء ، وجعل السفر لإبراز الأعيان للأبصار ، فقيل سفرت المرأة عن وجهها ، وأسفر الصبح
    [2]

    ـ البيان والكشف وفي القرآن الكريم بهذا المعنى ، قال تعالى : ( ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا ) فتفسير الكلام – اي كلام - معناه : الكشف عن مدلوله ، وبيان المعنى الذي يشير إليه اللفظ
    [3]


    التفسير في الاصطلاح:
    ـ التفسير علم يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن ومدلولاتها وأحكامها الإفرادية والتركيبية ومعانيها التي تحمل عليها حالة التركيب وتتمات لذلك
    [4]

    ـ علم يبحث فيه عن كلام الله تعالى المنزل للإعجاز من حيث الدلالة على مراده تعالى
    [5]
    ـ هو بيان ظواهر آيات القرآن حسب قواعد اللغة العربية
    [6]
    ـ علم يبحث فيه عن معاني ألفاظ القرآن وخصائصه
    [7]

    ـ هو علم نزول الآية وسورتها وأقصيصها ، والإشارات النازلة فيها ، ثم ترتيب مكيها ومدنيها ، ومحكمها ومتشابهها ، وناسخها ومنسوخها ، وخاصها وعامتها ، ومطلقها ومقيدها ، ومجملها ومفسرها
    [8]
    ـ هو بيان معاني الآيات القرآنية والكشف عن مقاصدها ومداليلها
    [9]


    المبحث الاول: منهج تفسير القران بالقران
    يعتبر منهج تفسير القران بالقران من اقدم المناهج التفسيرية، واول من اعتمده الرسول الكريم(صلى الله عليه واله)، حيث مارس هذا المنهج عملياً، وذلك انه كان يستعين على تفسير بعض الآيات بآيات أخرى..، وقد تبع الرسول (صلى الله عليه واله) في هذا المنهج ائمة اهل البيت (عليهم السلام) وبعض الصحابة ، وقسم من التابعين ، واستمرت هذه الطريقة في التفسير وحظيت بإجماع العلماء حتى قيل ان (احسن طريق للتفسير ان يفسر القران بالقران فما اجمل في مكان فقد فصل في موضع أخر ، وما اختصر في مكان فانه قد بسط في أخر )
    [10]
    ويعرفه الحيدري: ( ان تكون النصوص القرآنية بعضها مفسراً للبعض واذا ما عرفنا ان التفسير هو الكشف عن معاني ومرادات النص القرآني فانه في ضوء هذا المنهج يكون النص القرآني المراد كشف معانيه منكشفاً ومفسراً بنص آخر)
    [11]
    وتعتبر هذه النظرية في الطرف المقابل لنظرية المحدثين والتي تقضي بعدم امكان التفسير إلا بالرجوع إلى الروايات والأحاديث
    [12]
    هذا المنهج ليس جديداً انما منهج قديم باعتبار اقوال العلماء الكبار من اهل التفسير بانه يعود الى النبي الاكرم (صلى الله عليه واله)، واهل البيت (عليهم السلام) وبعض الصحابة، فلم يظهر جديداً انما أُعيد تفعيله الى الوسط التفسيري فهو لم يأخذ حصته بشكل كبير، سوى انه ورد في بعض التفاسير منهجاً ثانوياً، لأنه هذا المنهج كان قريب من الصدام مع منهج المحدثين ، لكن استمرار العلماء في اهتمامهم بهذا المنهج هو ادى الى ظهوره بين الاوساط الثقافية المختلفة ، وقد نفع كثيراً في عملية التفسير لا سيما وانه برز على ايدي علماء كبار في مجالهم القرآني، كي لا يحصل الشك تجاههم، ومن توزع العمل وانتشر بشكل مكثف، وهو على حيثيات مختلفة تبعاً للمفسر يقول الشيخ محمد هادي معرفة: ( وتفسير القران بالقران على نمطين: منه ما ابهم في موضع وبين في موضع آخر ـ فكان احدهما متناسباً معنوياً او لفظياً ـ كما في قوله تعالى: (حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ)
    [13] وقد جاء تبيين هذه الليلة المباركة بليلة القدر في سورة القدر(إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)، وقد بين في سورة البقرة انها واقعة في شهر رمضان: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)[14] ..

    والنمط الاخر من تفسير القران بالقران ، كان ما جاء فيه البيان غير مرتبط ظاهراُ ولا معنوياً ولا لفظياً مع موضه الابهام من الآية الاخرى ، سوى امكان الاستشهاد بها لرفع ذلك الابهام ، مثال ذلك ايه الشرقة ، حيث ابهم فيها موضع قطع اليد، فقد بين الامام ابو جعفر محمد ابن علي الجوا د(عليه السلام) انه من موضع الاشاجع مستشهداً لذلك بقوله تعالى: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدً)
    [15] حيث ان السارق انما جنى على نفسه فتعود عقوبته الى ما يمسه من الاعضاء وبما ان مواضع السجود لله تعالى، لا يشركه فيها احد، وراحة الكف من مواضع السجود لله ، فلا موضع للقطع فيها)[16]

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


    [1] ـ البحر المحيط: ابو حيان الاندلسي(ت 745هـ) ، تحقيق د. زكريا عبد المجيد النوقي، الناشر دار الكتب العلمية، ط1، 1422ـ 2001م، مطبعة لبنان، ج1، ص121.

    [2] ـ البرهان في علوم القران: بدر الدين بن محمد الزركشي(ت 794هـ)، تحقيق محمد ابو الفضل هاشم، دار احياء الكتب العربية، ط1، 1957، ج2، ص146.

    [3] ـ علوم القران: السيد محمد باقر الحكيم، (ت1425هـ)، مجمع الفكر الاسلامي، ط3، ص217.

    [4] ـ البحر المحيط: ج1، ص121.

    [5] ـ مجمع البحرين: الشيخ فخر الدين الطريحي، ط2، ج 3، ص438.

    [6] ـ الذريعة الى تصانيف الشيعة: اغا بزرك الطهراني(ت 1389هـ)، الناشر دار الاضواء بيروت ـ لبنان، ج4، ص232.

    [7] ـ التفسير الكاشف: الشيخ محمد جواد مغنية(ت 1400هـ) ، نشر دار العلم للملايين بيروت لبنان ـ ط3، 1981م، ج1،ص9.

    [8] ـ البرهان في علوم القران: ج2، ص148.

    [9] ـ الميزان في تفسير القران: السيد محمد حسين الطباطبائي( ت 1402هـ) ، مؤسةة النشر الاسلامي قم ـ ايران ، ج1، ص4.

    [10] ـ ينظر: منهج فهم القران عند الشهيد الصدر: الدكتور احمد الازرقي، الناشر منشورات المحبين، مطبعة الكوثر ، ط2، 2011م، ص308.

    [11] ـ مناهج تفسير القران الكريم: الدكتور طلال الحسن تقريراً لابحاث السيد كمال الحيدري، مؤسسة الهدى للطباعة والنشر ، بيروت لبنان، ص39.

    [12] ـ الامامة الالهية: تقرير لابحاث الشيخ محمد السند، ط1، 1427هـ ، منشورات الاجتهاد قم ـ ايران، ج1، ص39.

    [13] سورة الدخان: 3.

    [14] ـ سورة البقرة: 158.

    [15] ـ سورة الجن: 18.

    [16] ـ ينظر: التفسير والمفسرون في ثوبه القشيب: الشيخ محمد هادي معرفة، مؤسسة الطبع والنشر في الاستانةالرضوية، قم ـ ايران، ط2، 1426هـ ، ج2، ص541ـ542.

  • #2
    المبحث الثاني: كلمات العلماء حول منهج تفسير القران بالقران

    ـ سؤال 1322 : تفسير القرآن بالقرآن ما تقولون فيه ؟ وهل يصح فهم بعض الآيات من خلال آيات أخرى ؟
    الخوئي : أحسن التفسير تفسير القرآن بالقرآن حيث يمكن فهم معنى الآية من خلال آيات أخرى ، والله العالم
    [1]
    وجواب السيد الخوئي ينم عن تبحره في التفسير ونظرته العميقة للمناهج، اذ من المعروف عن المحقق الخوئي شدة تشدده بالمنهج العلمي ويلوح ذلك لكل باحث في آرائه في العلوم المختلفة كالرجال والفقه والاصول بل يظهر منه حتى في تفسيره البيان الذي لم يكمله.
    ـ إنّ من أبرز مزايا أسلوب الشيخ المفيد - ره - في تعامله مع الآية القرآنية هو اعتماده على النصوص الأخرى في تفسيرها وتحديد أبعادها ، فهو لا يترك آية يتناولها في تفسير وبيان إلَّا وجمع إليها ما يناسبها ويتّصل بها من آي القرآن الكريم ، ثم يستخرج المعنى الأوفى الذي تتّحد عليه كافة النصوص قيد البحث
    [2]
    ـ من يتتبع طريقة أهل البيت ( عليهم السلام ) في تفسير القرآن يلمس عندهم طريقة متميزة ومبتكرة في تفسير القرآن بالقرآن ، وهذه الطريقة من أفضل الطرق لفهم القرآن ، فإن القرآن خير دليل على القرآن ، وقد جرى على هذه الطريقة في عصرنا الفقيد العلامة الطباطبائي ( رحمه الله تعالى ) ، وأخرج تفسيره القيم ( الميزان ) على هذا الأساس المتين
    [3]
    ـ ان هذا المنهج من أسمى المناهج الصحيحة الكافلة لتبيين المقصود من الآية كيف وقد قال سبحانه : ( ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ ) فإذا كان القرآن موضحا لكل شئ ، فهو موضح لنفسه أيضا
    [4]
    ان هذه الكلمات القيمة من هؤلاء الاعلام تفتح امام الباحث القرآني ابواباً كبيرة للتعرف على منهج تفسير القران بالقران والعمل بدافع قوي يضمن منه السلامة الفكرية في الاتجاه والمنهج وهو يضفي بدوره على الساحة التفسيرية ولا سيما المنهج المطروح، ولصغر حجم البحث لم يؤتى بكل كلمات العلماء والباحثين في هذا المجال، لكن هذا القدر فيه الكفاية ان شاء الله تعالى.


    المبحث الثاني: المصنفات في منهج تفسير القران بالقران

    1ـ فتح الرحمن في تفسير القرآن بالقرآن: إبراهيم بن محمد بن إسماعيل الحمزي الحسني الهاشمي المعروف بالأمير ( 1141 - 1213 ه‍ ) واعظ ، مفسر ، من متصوفي الزيدية ، نعته صاحب نيل الوطر بعالم الدنيا وحافظها وخطيب الأمة وواعظها . ولد وتعلم في صنعاء ، ودعا إلى اتباع السنة زاجرا عن الطريقة المذهبية ورحل إلى مكة مرات ثم استقر إلى أن توفي فيها
    [5]
    2ـ اضواء البيان في تفسير القران بالقران : محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي : مفسر مدرس من علماء شنقيط ( موريتانيا ) ، ولد وتعلم بها ، وتوفي بمكة . له كتب ، منها ( أضواء البيان في تفسير القرآن)
    [6]
    3ـ مفاتيح الرضوان في تفسير القرآن بالقرآن – للسيد إبراهيم بن محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير الصنعاني الزيدي المتوفى سنة 1213هـ.
    3ـ الميزان في تفسير القران : السيد محمد حسين الطباطبائي المفسر الشهير الذي ضاع صيته في ايامانا هذه لما بذل من جهد كبير في خدم القران الكريم والفلسفة الاسلامية ، وهو مبتكر طريقة التفسير الفريدة من نوعها من حيث التنوع المعرفي الذي يدخله الى التفسير مستخرجه من مجموع الآيات المختلفة حول المادة المطروحة، وبذلك عد من مفاخر علماء الاسلام في التفسير في عصرنا هذا، اذ اغنى المكتبة القرآنية بتفسير فريد من نوعه وبابه، وقد اثنى عليه علماء الاسلام ثناء كبيراً ودرس تفسيره وبحث كثيراً وما يزال قبلة محبي علوم القران وتفسيره، وقد اثيرت بعض الاشكالات حول منهج العلامة الطباطبائي اجاب عن بعضها ابرز تلامذته الشيخ محمد تقي اليزدي قائلاً: (لابدّ من فهم مراد العلاّمة (رحمه الله) من منهج تفسير القرآن بالقرآن، وهل إنّ مراده منه هو أنّنا لسنا بحاجة من أجل تفسير القرآن إلى‌ أيّ علم أو شاهد أو قول للأئمّة (عليهم السلام) وأنّه بالإمكان تفسير القرآن بالرجوع إلى نفس القرآن فقط دون الإفادة من سائر العلوم الاخرى؟‌ام إنّ مراده أعمق من ذلك؟
    ممّا لا شكّ فيه أنّ سماحة العلاّمة لا يذهب إلى الادّعاء بأنّ القرآن عندما يطرح مسائل من قبيل الصلاة، وذي القرنين، ويأجوج ومأجوج، وأصحاب الكهف، وما إلى ذلك فإنّ من الممكن فهم أحكام وتفاصيل هذه القضايا من خلال نفس القرآن ومن دون الرجوع إلى أيّ علم آخر)
    [7]
    4ـ الفرقان في تفسير القران بالقران والسنة: الدكتور الشيخ محمد الصادقي، يعد هذا التفسير من التفاسير المهمة المتأخرة التي تعنى بتفسير القران بالقران وهذا المنهج يظهر من تسمية المؤلف لاسم تفسيره، ويمتلك ثناءً كبيراً من المفسر الشهير السيد محمد حسين الطباطبائي جعلها المصنف مفتاحاً لبداية تفسيره، وله جرأة كبيرة في طرح الآراء حتى وان خالفت الكثير من اهل التفسير، ولغته تكاد تكون صعبة لمن يقرأه اول مرة، فهو يتبع اسلوباً ادبياً عصرياً، والتفسير لم يأخذ زاوية الشهرة والعمل البحثي والدرسي بعد رغم قدمه.




    المبحث الثاني: نماذج من تفسير القران بالقران

    ـ قوله تعالى : (ومَا اللَّه يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ) وبعد أن استشهد بخمس من الآيات القرآنية على إنّ اللَّه تعالى إنّما يريد بعباده اليسر ولا يريد بهم العسر قال : " فأمّا ما تعلَّقوا به من قوله تعالى : (فَمَنْ يُرِدِ اللَّه أَنْ يَهْدِيَه يَشْرَحْ صَدْرَه لِلإِسْلامِ ومَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّه يَجْعَلْ صَدْرَه ضَيِّقاً حَرَجاً) فليس للمجبرة به تعلَّق ، ولا فيه حجة من قبل أنّ المعنى فيه :
    إنّ من أراد اللَّه تعالى أن ينعّمه ويثيبه جزاء على طاعته ، شرح صدره للإسلام بالألطاف التي يحبوه بها ، فييسّر لها بها استدامة أعمال الطاعات ، والهداية في هذا الموضع هي النعيم ، قال اللَّه تعالى فيما خبّر به عن أهل الجنة : (الْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي هَدانا لِهذا)اي نعّمنا به وأثابنا إيّاه ، والضلال في هذه الآية هو العذاب ، قال اللَّه تعالى : (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وسُعُرٍ ) ، فسمّى العذاب ضلالا والنعيم هداية . والأصل في ذلك أنّ الضلال هو الهلاك والهداية هي النجاة
    [8].
    ـ قال الله تعالى : ( الله خالق كل شئ ) تكرر مضمون هذه الآية الكريمة في أربعة مواضع من القرآن ، وبحسب هذا المضمون جميع المخلوقات الموجودة في الكون هي من خلق الله تعالى وصنعه ويجب أن لا تغرب عنا هذه النكتة أن في مئات من الآيات صدق موضوع العلية والمعلولية ، ونسب فيها فعل كل فاعل اليه ، واعتبر الأفعال الاختيارية من أفعال الانسان نفسه وخصت الآثار بالمؤثرات كالإحراق بالنار والنبات إلى الأرض والمطر إلى السماء وغيرها ، والنتيجة أن صانع كل شئ وفاعله ينسب فعله وصنعه اليه إلا أن مفيض الوجود والموجد الحقيقي للفعل هو الله تعالى ليس غيره ، ومن هنا نعرف التعميم الذي نجده في قوله تعالى ( الذي أحسن كل شئ خلقه ) ، فلو انضمت هذه الآية السابقة لرأينا الجمال والخلقة قرينين ، فكلما وجد في عالم المخلوقات من خلق كان موصوفا بالجمال
    [9]
    ـ عن زرقان صاحب ابن أبي داود وصديقه بشدة قال : رجع ابن أبي داود ذات يوم من عند المعتصم وهو مغتم ، فقلت له في ذلك ، فقال : وددت اليوم انى قد مت منذ عشرين سنة ، قال : قلت له ولم ذاك ؟ قال : لما كان من هذا الأسود أبا جعفر محمد بن علي بن موسى اليوم بين يدي أمير المؤمنين المعتصم قال : قلت له : وكيف كان ذلك ؟
    قال : ان سارقا أقر على نفسه بالسرقة وسأل الخليفة تطهيره بإقامة الحد عليه ، فجمع لذلك الفقهاء في مجلسه وقد أحضر محمد بن علي عليه السلام ، فسألنا عن القطع في أي موضع يجب أن يقطع ؟ قال : فقلت من الكرسوع قال : وما الحجة في ذلك ؟ قال : قلت : لان اليد هي الأصابع والكف إلى الكرسوع ، لقول الله في التيمم : " فامسحوا بوجوهكم وأيديكم " واتفق معي على ذلك قوم ، وقال آخرون : بل يجب القطع من المرفق ، قال : وما الدليل على ذلك ؟ قالوا لان الله لما قال : " وأيديكم إلى المرافق " في الغسل دل ذلك على أن حد اليد هو المرفق قال : فالتفت إلى محمد بن علي عليه السلام فقال ما تقول في هذا يا با جعفر ؟ فقال قد تكلم القوم فيه يا أمير المؤمنين ، قال دعني مما تكلموا به أي شئ عندك ؟ قال اعفني عن هذا يا أمير المؤمنين قال : أقسمت عليك بالله لما أخبرت بما عندك فيه فقال اما إذا أقسمت على بالله انى أقول إنهم أخطئوا فيه السنة فان القطع يجب أن يكون من مفصل أصول الأصابع فيترك الكف قال : وما الحجة في ذلك ؟ قال : قول رسول الله عليه وآله السلام السجود على سبعة أعضاء الوجه واليدين والركبتين والرجلين ، فإذا قطعت يده من الكرسوع أو المرفق لم يبق له يد يسجد عليها ، وقال الله تبارك وتعالى : " وان المساجد لله " يعنى به هذه الأعضاء السبعة التي يسجد عليها " فلا تدعوا مع الله أحدا " وما كان لله لم يقطع قال : فأعجب المعتصم ذلك وامر بقطع يد السارق من مفصل الأصابع دون الكف قال ابن أبي داود : قامت قيامتي وتمنيت انى لم أك حيا قال زرقان : ان ابن أبي داود قال : صرت إلى المعتصم بعد ثالثة ، فقلت : ان نصيحة أمير المؤمنين على واجبة وانا أكلمه بما أعلم انى أدخل به النار قال : وما هو ؟ قلت : إذا جمع أمير المؤمنين من مجلسه فقهاء رعيته وعلماءهم لامر واقع من أمور الدين ، فسألهم عن الحكم فيه فأخبروه بما عندهم من الحكم في ذلك ، وقد حضر المجلس أهل بيته وقواده ووزرائه وكتابه ، وقد تسامع الناس بذلك من وراء بابه ، ثم يترك أقاويلهم كلهم لقول رجل يقول شطر هذه الأمة بإمامته ، ويدعون انه أولى منه بمقامه ، ثم يحكم بحكمه دون حكم الفقهاء ؟ قال : فتغير لونه وانتبه لما نبهته له وقال : جزاك الله عن نصيحتك خيرا ، قال : فأمر يوم الرابع فلانا من كتاب وزرائه بأن يدعوه إلى منزله فدعاه فأبى ان يجيبه ، وقال : قد علمت انى لا أحضر مجالسكم ، فقال : انى إنما أدعوك إلى الطعام وأحب ان تطأ ثيابي وتدخل منزلي فأتبرك بذلك وقد أحب فلان بن فلان من وزراء الخليفة لقائك فصار إليه ، فلما أطعم منها أحس السم فدعا بدابته فسأله رب المنزل أن يقيم ، قال : خروجي من دارك خير لك ، فلم يزل يومه ذلك وليله في خلفه حتى قبض صلى الله عليه وآله
    [10]

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


    [1] ـ صراط النجاة: السيد ابو اقاسم الخوئي(ت 1413هـ) ، ط1، 1416هـ ، ج1، ص469.

    [2] ـ تفسير القران المجيد: المستخرج من تراث الشيخ محمد بن النعمان المفيد( ت 413هـ) ، مركز الثقافة والمعارف القرآني المساهمون : محمد الفاطمي الابهري ، مهدي القماشي ، هادي الشاهرخي ، مهدي الشاهرخي ، صاحب على المحبي، تحقيق، السيد محمد علي ايازي، ط1، 1424هـ ، الناشر مؤسسة بوستان ـ ايران، ص16.

    [3] ـ الشيخ محمد مهدي الاصفي، من مقدمته لكتاب تفسير البرهان للسيد هاشم البحراني.

    [4] ـ الايمان والكفر في الكتاب والسنة: الشيخ جعفر السبحاني، ص210.

    [5] ـ الاعلام: خير الدين الزركلي(ت 1410هـ) ، دار العلم للملايين بيروت لبنان ، ط5، 1980م، ج1، ص69.

    [6] ـ الاعلام: ج6،ص45.

    [7] ـ الموقع الاعلامي لآثار الشيخ محمد تقي مصباح اليزي المعاصر: من كلمة له في مؤتمر الوطني تحت شعار (المنهج التفسيري للعلامة الطباطبائي).

    [8] ـ تفسير القران المجيد: ص16.

    [9] ـ القران في الاسلام: السيد محمد حسين الطباطبائي، تعريب السيد احمد الحسيني، ص69.

    [10] ـ تفسير العياشي: محمد بن مسعود العياشي(ت 320هـ)، تحقيق السيد هاشم المحلاتي، نشر المكتبة العلمية بطهر ان، ج1،ص320.

    تعليق


    • #3
      جزاك الله خير جزاء المحسنين

      تعليق


      • #4
        المشاركة الأصلية بواسطة فلاح عبد الحسن مشاهدة المشاركة
        جزاك الله خير جزاء المحسنين

        وفقنا الله جميعاً ايها الاخ العزيز
        مرحباً بكم في قسمكم القراني المبارك

        تعليق


        • #5
          ماشاء الله موضوع ثري بالمعلومات المهمه تم اضافتة للمفضلة

          تعليق


          • #6
            اللهم صل على محمد وال محمد

            كم كنت بحاجة الى تبيان هذا الموضوع المهم ..

            والحمد لله لقد وجدت ضالتي هنا..

            جزاك الله خيرا مشرفنا الراقي..جعلنا الله واياكم من التالين كتابه والعاملين به..

            بورك فيك ونور الله دربكم بنور الايمان

            تعليق


            • #7
              المشاركة الأصلية بواسطة متيم علي مشاهدة المشاركة
              ماشاء الله موضوع ثري بالمعلومات المهمه تم اضافتة للمفضلة
              حياكم الله واهلاً بكم في منتداكم القراني
              وفقكم الله لكل خير
              نأمل منكم التواصل مع بقية مواضيع المنتدى

              تعليق


              • #8
                المشاركة الأصلية بواسطة مديرة تحرير رياض الزهراء مشاهدة المشاركة
                اللهم صل على محمد وال محمد

                كم كنت بحاجة الى تبيان هذا الموضوع المهم ..

                والحمد لله لقد وجدت ضالتي هنا..

                جزاك الله خيرا مشرفنا الراقي..جعلنا الله واياكم من التالين كتابه والعاملين به..

                بورك فيك ونور الله دربكم بنور الايمان
                حياكم الله ووفقكم لكل خير
                الحمد لله على هذه النعمة ان يكتب الله لنا خدمة المؤمنين الموالين
                اسال الله لكم دوام العافية بحق النبي واله الطاهرين

                تعليق


                • #9
                  بخصوص تفسير القرآن

                  بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين وعلى آله الطيبين الطاهرين
                  وبعد:
                  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                  سيدي الكريم: جاءت لفظة تفسير في القرآن مرة واحدة فقط وهي في الآية التالية: (وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً [الفرقان : 33]) أما ما جاء في القرآن من أجل فهم المعنى فهو لفظة التأويل وقد وردت هذه اللفظة (17) مرة، وأن لفظة التأويل قرآنياً جاءت بمعنى الوصول لكنه الشيء وحقيقته، ولكن نحن من خلال القرآن وتدبره وبخاصةً إذا كان الفهم من القرآن وليس بواسطة الرجال والمفسرين فيمكن لنا أن نتلمس بعض معاني القرآن.
                  والله أعلم
                  التعديل الأخير تم بواسطة مضر أحمد حسن; الساعة 01-04-2016, 06:16 PM.

                  تعليق


                  • #10
                    بخصوص تفسير القرآن

                    بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين وعلى آله الطيبين الطاهرين
                    وبعد:
                    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

                    سيدي الكريم: جاءت لفظة تفسير في القرآن مرة واحدة فقط وهي في الآية التالية: (وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً [الفرقان : 33]) أما ما جاء في القرآن من أجل فهم المعنى فهو لفظة التأويل وقد وردت هذه اللفظة (17) مرة، وأن لفظة التأويل قرآنياً جاءت بمعنى الوصول لكنه الشيء وحقيقته، ولكن نحن من خلال القرآن وتدبره وبخاصةً إذا كان الفهم من القرآن وليس بواسطة الرجال والمفسرين فيمكن لنا أن نتلمس بعض معاني القرآن.

                    والله أعلم

                    تعليق

                    يعمل...
                    X