حفل تشييع !!
لم يكن يوما عابراً كباقي الأيام التي مرت عليه ، بل كان يوماً استثنائياً ضمَّ بين لحظاته خليط مشاعر فرح وألم؛ لأنه آخر أيامه في مهنته الممتعة الشاقة بعد أن قضى مدة تربو على الثلاثين عاماً في تدريس اللغة العربية، كان قد بدأها في منتصف السبعينات وانتهى به المطاف قبل أيام قلائل..
شاءت الأقدار أني كنت مدعواً في حفل أقامته المدرسة لتكريمه وتوديعه، وبعد أن أعدوا العدة للحفل الذي كان مفاجأة له حيث لم يعلم به إلا في حينه.. جاء به المدير إلى قاعة الاحتفال فارتفعت الأصوات بالصلاة على محمد وآله الطاهرين، دخل القاعة وصافحنا جميعاَ شاكراً هذه المفاجأة.. وعندما وصل به المطاف إلى المنصة رفع يديه طالبا السماح وارتجل كلمة مؤثرة أخذت بألباب من حضر من الزملاء المدرسين.. ولا أخفي سرَّا ًخنقتني عبرة ثقيلة ولكني حبست دموعي بعد جهاد مرير، وكان مما قال :"أشكر لكم بادرتكم الكريمة بإقامة هذا الحفل (لتشييعي) إلى حياتي التقاعدية.. أخوتي وأخواتي يا أصحاب أشرف مهنة :ما زلت أذكر ذلك اليوم الذي تأبطت فيه حقائبي مسافراً إلى أربيل حيث كانت أول محطات التعيين، فانطلقت مسرورا مصحوباً بدعاء عجوزين قد هدهما الكبر وتعب السنين، وها أنا بينكم اليوم أحط رحالي لأنهي مشوار حياتي الأطول.. وما بين يومي الأول ويومي الأخير مرت أيام ٌ وأيام، فمنها ما كان سعيداً بهيجاً بطعم العسل ،ومنها ما كان أليماً بطعم الزرنيخ .. ولكن الأيام أجمعها بما تخللها من أفراح وأتراح، من عذوبة وعذاب قد مرَّت.. وهكذا تدور رحى السنين ما إن ينتهي مشوار حتى يبدأ مشوار آخر ولابد للسفر من نهاية وكما قال الجواهري :
أرح ركابك من أينٍ ومن عثرِ *** كفاكَ جيلانِ محمولاً على خطرِ
ومع هذه الكلمات تذكرت ما روي عن أطول الأنبياء عمراً نوح عليه السلام، حيث أخبر الله تعالى عنه أنه لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما، فلما دنا أجله قيل له: كيف رأيت الدنيا؟ فقال: كدار ذات بابين، دخلت مِن باب وخرجت من الباب الآخر..
لم يكن يوما عابراً كباقي الأيام التي مرت عليه ، بل كان يوماً استثنائياً ضمَّ بين لحظاته خليط مشاعر فرح وألم؛ لأنه آخر أيامه في مهنته الممتعة الشاقة بعد أن قضى مدة تربو على الثلاثين عاماً في تدريس اللغة العربية، كان قد بدأها في منتصف السبعينات وانتهى به المطاف قبل أيام قلائل..
شاءت الأقدار أني كنت مدعواً في حفل أقامته المدرسة لتكريمه وتوديعه، وبعد أن أعدوا العدة للحفل الذي كان مفاجأة له حيث لم يعلم به إلا في حينه.. جاء به المدير إلى قاعة الاحتفال فارتفعت الأصوات بالصلاة على محمد وآله الطاهرين، دخل القاعة وصافحنا جميعاَ شاكراً هذه المفاجأة.. وعندما وصل به المطاف إلى المنصة رفع يديه طالبا السماح وارتجل كلمة مؤثرة أخذت بألباب من حضر من الزملاء المدرسين.. ولا أخفي سرَّا ًخنقتني عبرة ثقيلة ولكني حبست دموعي بعد جهاد مرير، وكان مما قال :"أشكر لكم بادرتكم الكريمة بإقامة هذا الحفل (لتشييعي) إلى حياتي التقاعدية.. أخوتي وأخواتي يا أصحاب أشرف مهنة :ما زلت أذكر ذلك اليوم الذي تأبطت فيه حقائبي مسافراً إلى أربيل حيث كانت أول محطات التعيين، فانطلقت مسرورا مصحوباً بدعاء عجوزين قد هدهما الكبر وتعب السنين، وها أنا بينكم اليوم أحط رحالي لأنهي مشوار حياتي الأطول.. وما بين يومي الأول ويومي الأخير مرت أيام ٌ وأيام، فمنها ما كان سعيداً بهيجاً بطعم العسل ،ومنها ما كان أليماً بطعم الزرنيخ .. ولكن الأيام أجمعها بما تخللها من أفراح وأتراح، من عذوبة وعذاب قد مرَّت.. وهكذا تدور رحى السنين ما إن ينتهي مشوار حتى يبدأ مشوار آخر ولابد للسفر من نهاية وكما قال الجواهري :
أرح ركابك من أينٍ ومن عثرِ *** كفاكَ جيلانِ محمولاً على خطرِ
ومع هذه الكلمات تذكرت ما روي عن أطول الأنبياء عمراً نوح عليه السلام، حيث أخبر الله تعالى عنه أنه لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما، فلما دنا أجله قيل له: كيف رأيت الدنيا؟ فقال: كدار ذات بابين، دخلت مِن باب وخرجت من الباب الآخر..
تعليق