إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الحج مدرسة التقوى

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الحج مدرسة التقوى

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين




    جعل الله تبارك وتعالى لكل شيءٍ علامة وسمة تدل عليه ، فتكون له ميزاناً ، فكانت حرارة الجسد ونبضات القلب وحركة الأعصاب وجميع أعضاء البدن لها معاييرها وسمتها الخاصة بها ، فإذا أختلّ واحد منها تمكَن الأطباء ـ عبر تلك المعايير والسمات ـ من اكتشاف ذلك الخلل بأدلة واضحة ، كوضع المحرار في الفم أو تحليل الدم أو وضع السماعة على القلب ، وهكذا . .
    وفي مقابل كل ذلك ، ترى ما هو معيار التقوى التي ما جئنا إلى الحج إلاّ للتزود منها ، حيث قال ربنا العزيز الحكيم : ﴿ ... وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ 1؟
    لقد قصدنا الحج ، وها نحن نعود إلى أهلينا ، ومع كل فرد منا زاد من التقوى ، ليكون لنا بمثابة الوقود في رحلتنا إلى الآخرة واستقبال رحمة الله وعدله في يوم القيامة . .
    وأساساً لنتساءل أساساً عماذا تعني التقوى ؟ وما هو القدر الكافي من التقوى الذي أمرنا الله تعالى بالتزود منه ، نظراً إلى أن الناس متفاوتون في نسبة التزود ، تبعاً لتفاوتهم في درجة الإيمان ، والورع والتصديق . . فقد يكون شخصان أو أخوان قد أدّيا فريضة الحج مترافقين في كل موقع وحركة . . إلاّ أنك تجد أحدهما تزود بنسبة ضئيلة من التقوى ، بينما تجد الثاني قد عاد إلى أهله بجبال من الورع والتقوى . فكيف تريد أنت أن تكون ؟ فهذا السؤال مطروح عليك دون غيرك ، وأنت مسؤول عن الإجابة عليه دون غيرك ، لأن هذه القضية لا ترتبط برفاقك في الحج ، ولا بالبلد الذي جئت منه ، ولا بالعمل الذي تزاوله . .
    ما هي التقوى ؟

    إن التقوى كلمة مشتقة من الوقاية والتحصن ، بمعنى وجوب أن يكون بين الإنسان وبين نار جهنم حجاباً ، بفعل الخشية من الله سبحانه وتعالى .
    فلقد يولد ابن آدم ، ويولد معه الموت ، وهو يترعرع محاطاً بالنيران ، لا لأن الله عز وجل قد خلقه من أجل إدخاله نار جهنم ؛ فالله قد خلق عباده لينعموا في رحماته الواسعة ، إلاّ أن سوء انتخابهم وذنوبهم وخطاياهم هي التي تدفع بالنيران لتحيط بكل فرد منهم ، وهذه النيران سوف تتأخر بعملية إحراقها للناس إلى بعد هذه الحياة الدنيا ، وهم بحاجة ماسة إلى ما يقيهم ويحصنهم من النار ، ولذلك سميت خشية الله بالتقوى . فإذا كان الإنسان يخشى ربه كان متقياً ، فكانت روح التقوى ـ على هذا الأساس ـ أن يعيش الإنسان المؤمن حالة استشعار حضور الرب في قلبه ، تبعاً إلى أنه لا يذكر الله بلسانه فحسب ، وإنما يذكره بقلبه عند المعصية إذ ينتهي عنها باتجاه المبادرة إلى الطاعة ، ويذكره عند الغضب فيكبح جماح النفس فلا يذهب شططاً . . وكان القرآن الكريم قد أمر المؤمنين بدوام الذكر بكافة أشكاله ، بحيث لا يمنعهم انشغالهم بشيء من أمور الدنيا عن ذكر الله ، وهو القائل : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ 2، وفي آية أخرى يقول الله تعالى : ﴿ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ ... ﴾ 3وذلك في معرض مدحه لمن لا تشغله الدنيا عن الآخرة . . وهذه هي روح التقوى والالتزام العملي بأوامر الله ومناهيه .
    أما مظهر التقوى ومعيارها ، فيتجسد في مستوى حنينك إلى مزاولة العبادة والتحسس بلذة التقرب إلى الله تبارك اسمه ، لا سيما الحنين إلى معاودة الحج وتحسس لذة المناجاة فيه ؛ هذا من جهة ، ومن جهة أخرى أن تحجزك التقوى عن محارم الله ، فتكون قد تزودت بها فعلاً . أما إذا ادعيتً التقوى ولكنك رأيت نفسك موغلة في محرم من محارم الله ، ووجدتها توّاقةً إلى العمل السيء ، فاعلم أن ما ادعيته ليس بالمستوى المطلوب .
    ولكلمة ؛ إن فريضة الحج التي نهى الله عز وجل فيها أشد النهي عن الفسوق ، تعتبر فرصة ثمينة جداً لأعداد نخبة مؤمنة متقية وملتزمة بأوامر الله ، ممتنعة عن نواهيه ، ومن ثم عودتها إلى مجتمعاتها وأوطانها المنتشرة فيها أمراض التنابز بالألقاب والاستعلاء والتفرقة والسخرية والاستهزاء والكراهية واحتقار الآخرين وغير ذلك من الفواحش الظاهرة والباطنة ، تعود النخبة الحاجة المتزودة بالتقوى للمساهمة في إفشاء وتحكيم الصفاء والاحترام والتواضع والتوحد والتعاون والحب والتقدير الذي تعلمته في أرض رسول الله وأهل بيته عليهم السلام ؛ مكة والمدينة . .
    ولا شك إن الالتزام العملي باحترام الطرف الآخرين والاعتراف بكرامته يضمن لنا الكثير من عوامل النجاح في مشاريعنا الفردية والجماعية ، لأنه يجسد قولاً وفعلاً الأرضية المناسبة واللازمة لأي مشروع . . هذا فضلاً عن أن الاعتراف بحقوق الآخرين وبكرامتهم يطرد عن واقعنا عوامل التمزق والانهيار والانغماس في نوع الذنوب التي لا تغفر أبداً ، لأنه بمثابة العلاج الجذري لمشاكلنا وأزماتنا النفسية والروحية 4 .
    المصادر

    1. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 197، الصفحة: 31.


    2. القران الكريم: سورة المنافقون (63)، الآية: 9، الصفحة: 555.


    3. القران الكريم: سورة النور (24)، الآية: 37، الصفحة: 355.


    4. كتاب : " في رحاب بيت الله " و هو مجموعة من خطب و كلمات ألقاها سماحة آية الله السيد محمد تقي المدرسي
    ماذا وجد من فقدك، وما الذى فقد من وجدك،لقد خاب من رضي دونك بدلا

  • #2

    الأخ الكريم ( الصريح )
    بارك الله تعالى بك على هذا الأختيار القيم والموضوع
    المفيد في ميزان حسناتك ان شاء الله .


    ولولا أبو طالب وأبنه * لما مثل الدين شخصا وقاما
    فذاك بمكة آوى وحامى * وهذا بيثرب جس الحماما

    فلله ذا فاتحا للهدى * ولله ذا للمعالي ختاما
    وما ضر مجد أبي طالب * جهول لغا أو بصير تعامى
    كما لا يضر إياب الصبا * ح من ظن ضوء النهار الظلاما

    [/CENTER]

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X